[مبارك الشويلع]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:

إن توحيد الله هو أصل كل عبادة كما أنه أصل الدين ودعوة المرسلين وهو الذي من أجله أوجد الله هذه المخلوقات من الإنس والجن وغيرها ومن أجله قامت السماوات والأرض وقام سوق الجنة والنار ومن أجله بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وبه نعرف الفائزين من الخاسرين وبه يحصل الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فتوحيد الله هو روح كل عبادة وبه شهد جل وعلا وأشهد خاصته {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط}، وقال تعالى {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم} وقال تعالى {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} وقال تعالى {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} وقال تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} فعبادة الله لاتقوم ولا تصح إلا بتوحيده توحيدا خاليا من شوائب الشرك المكدرة لصفاء التوحيد ونقائه ومن جملة هذه العبادات التي معالم التوحيد فيها ظاهرة عند أدنى تأمل (معالم توحيد الله في عبادة الصيام) التي يؤدي المسلمون شعائرها في أيامنا هذه، فمن معالم التوحيد في هذه العبادة وجوب الإخلاص لله رب العالمين حيث ان من قام بهذه العبادة رياء وسمعة وهذا وللأسف يوجد من بعض الناس ممن يكون عنده مقصد من الدنيا يقوم بهذه العبادة ليحمد ويذكر فلن يقبل الله منه وهو في الآخرة من الخاسرين لقوله تعالى في الحديث القدسي (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من أشرك معي غيري تركته وشركه)، وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). الثاني من معالم التوحيد في الصيام معلم المراقبة لله تعالى فلا تصح هذه العبادة الجليلة إلا إذا قام العابد بمراقبة علام الغيوب وهو الله جل في علاه فاعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك فليراقب العبد ربه في خلواته وكلامه وعمله، فلا تنتهك صيامك بشيء من المفطرات في حال خلوك عن أنظار الناس فإن الله يراك وراقب كلامك وعملك لقوله صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). والمعلم الثالث من معالم التوحيد في الصيام حسن التوكل على الله في أداء هذه العبادة كما قال تعالى {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} وقال تعالى {على الله توكلنا} وكلما كان العبد حسن التوكل على الله مستشعرا هذا التوكل كان أحرى بالقبول والإعانة {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} والرابع من هذه المعالم معلم الاستعانة بالله تعالى وذلك بالقيام بهذه العبادة على وجه يرضي الرب جل وعلا فيتجرد العبد من حوله وقوته للقيام بهذه العبادة إلا بحول من الله وقوة فلأجل هذه النكتة اللطيفة والسر الخفي كان المشروع لمن سمع قول المؤذن للصلاة (حي على الصلاة- حي على الفلاح) أن يقول لا حول ولا قوة إلا بالله إشعارا للنفس بأنه لا حول ولا قوة في إجابة النداء والقيام بهذه العبادة على وجه يرضي الله إلا بالاستعانة بمن له الحول والقوة التي لا تضام ولا تقهر وهو الله جل في علاه. والخامس من معالم توحيد الله في الصيام الصبر لله تجاه هذه الطاعة والعبادة التي جمعت أنواع الصبر الثلاثة حيث ان في الصيام الصبر على طاعة الله وهو أعلى أنواع الصبر ثم الصبر عن معصية الله وذلك في عدم الوقوع في شيء في المفطرات، ثم الصبر على أقدار الله المؤلمة من العطش والجوع ونقص في الأنفس والثمرات وبشر الصابرين ومن جمع أنواع الصبر استحق اسم الصابرين الذين قال الله فيهم {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

أخي القارئ الكريم هذه خمسة معالم على عدد أركان الإسلام ذكرتها لك تذكيرا وإعانة على استشعار ما في هذه العبادة من معالم توحيد الله الذي بعث الله به الرسل اللهم اجعل قيامنا وقعودنا وأنفاسنا كلها في الدعوة إلى توحيدك ونبذ الشرك وذرائعه وطرقه وأهله إن ربي جواد كريم.

والحمد لله رب العالمين



كتبه/ فرج المرجي

الموضوع الأصلي: معالم التوحيد في الصيام لـ فضيلة الشيخ فرج المرجي | | الكاتب: مبارك الشويلع | | المصدر: شبكة بني عبس