![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
بسم الله و الحمد لله و الصلاة والسلام على أشرف خلق الله
اللهم اعصم أناملنا من أن تخط ما لا يرضيك و اعصم قلوبنا أن يخطر بها سوء ظن بأحد من خلقك .. أستعين بفتح الله في طرح سلسلة من القضايا المتعلقة بالاختلاف و آدابه و تحري أسباب التحجر و التشنج الذي يملك على بعض العقول و القلوب قدراتها فيأسرها في نمط فكري موروث و مسلك اعتقادي ضيق .. و لست أقصد الانتقاص مما ورثناه عن سلفنا الصالح من العطاء و الفهم ..فهم في قلوبنا .. و فهمهم مقدم على تجرؤنا.. و إنما أطرح أوهاما استشرت في الأمة خيل لأصحابها أنها الحق الذي لا حق دونه .. بينما الأمر لا يعدو أن يكون هوى متبعا .. و انقيادا و استسلاما لبرمجة فكرية و وجدانية اختلطت بغيرة أصيلة على الدين .. فأثمرت أناسا ملك عليهم فهمهم و قراءتهم للنصوص كلياتهم في ظروف زمكانية و حالية خاصة .. فطفقوا لا يرون الصواب إلا ما عندهم .. و لا يصدرون إلا عن ما ألقموا من فهم استئصالي يصك الآذان عن السمع و القلوب عن التدبر و العقول عن الإنصاف . أبدأ إن شاء الله بعرض هذه الآية الكريمة التي ترسم معالم الحوار و آداب الاختلاف في صورة إعجازية ربانية ملهمة .. نتأملها ليكون البسط في متعلقاتها في حلقة قادمة بإذن الله .. أما فقه الإقصاء .. و الأنانية المستعلية .. و ذهنية القطيع .. فلا سبيل لها إلى ملامسة هذه اللطائف الربانية .. قال تعالى : " و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين . قل لا تسألون عما أجرمنا و لا نسأل عما تعملون " .. " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها و ما يمسك فلا مرسل له من بعده و هو العزيز الحكيم " اللهم افتح لنا أبواب رحمتك و ألهمنا السداد في القول و العمل .. إن الحوار أيا كان يقتضي وجود طرفين على الأقل و مع كل طرف معطيات يستند إليها في رؤيته لموضوع الحوار .. و المحاور الذي ينطلق بدءا بإيقان من أن ما لديه هو الصواب الذي لا صواب يخالفه و ما لدى غيره هو حتما إن لم يوافقه باطل فهذا يغلق من البداية باب التلاقح و التواصل .. و يحرم نفسه مما يمكن أن يوجد من الحق مع مخالفيه .. و قد يقول قائلهم إن معي الكتاب و السنة .. و هما معصومان من الخطإ .. نقول : ليس تمة أصدق و لا أيقن من الوحي قرآنا و سنة .. و لكن الخلل قد يأتي من اعتقادي العصمة لفهمي أو فهم شيخ من شيوخي أنا للكتاب و السنة . و نحن لا نستهين باجتهاد مشايخنا حفظهم الله و وفقهم و سددهم .. فلهم الأجر أجران إن اجتهدوا فأصابوا .. و لهم أجر الاجتهاد إن اجتهدوا فأخطأوا .. و إنما بغيتنا توسيع دائرة المؤمنين و استيعاب ما يستوعبه الدين من الاختلافات .. فالدين ليس لي و لا لك " ألا لله الدين الخالص " و إنما " شرع لكم من الدين ما وصى به ..." . فإذا كان الله " واسعا حكيما " فدين الله واسع و حكيم . فلم نضيق ما وسع الله ؟ أشعر بما قد ينازل قلوب بعض إخوتنا من الضيق و الحرج من هذا الكلام .. فاعلم أخي إن كان أول ما تتلقى به هذا الخطاب غضب و استشاطة و ازدراء لهذا القول فأنت لا تتوفر على أهلية المحاور و لا حلم المناور .. تمعن قول الله تعالى " و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " ... إن لم نتشرب هذا التوجيه الرباني في سلوكيات حوارنا مع مخالفينا و نعتقد جازمين أن الخطأ قد يكون في فهمنا لأننا معدن النقص فحديثنا عن الحوار هو محض ادعاء .. و تصدرنا للدعوة هو مجرد تطفل و أهواء .. كان كبار أئمة هذه الأمة يقول أحدهم : رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب . و كان الإمام مالك يقول : ما منا إلا راد و مردود عليه إلا صاحب هذا القبر ( مشيرا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ) . و يزداد البيان القرآني تألقا فيرسم للمحاور ملمحا يتهم فيه المحاور الصادق نفسه و يبرئ خصمه : " قل لا تسألون عما أجرمنا و لا نسأل عما تعملون " . أرى أن إكراهات الصفحة تستعجلني لأختصر فقرة اليوم .. فليكن ذلك بهذه الإشارة : إن للحق نور لا تخطئه القلوب الصادقة .. و إن للباطل ظلمة لا يركن إليها إلا قلب استمرأ الباطل من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر .. و تربعت نفسه على عرش قلبه فهي تملي له و هو يصدق .. فاتركوا كلا يعبر عن رأيه .. فلن يكون للباطل دولة و لا قوة إذا ظهر الحق : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق " " ولكم الويل مما تصفون " . " و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه .. و أرنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه .. و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .. منقول ![]()
|
|
ذا كان للفكرة . والكلمة أبعاد في التغيير وإعادة صياغة الواقع .
كما قال ستالين .. الأفكار أكثر قوة من المدافع .. ولن نسمح لأعدائنا ان يمتلكوا المدافع ..لن نسمح لهم بأخذ الأفكار . Ideas are more powerful than guns. We would not let our enemies have guns, why should we let them have ideas. Joseph Stalin ومن هنا كان تصورنا ان كلمة الله أي(القرآن الكريم ) هي المرتكز . في تلك القيامة الفكرية التي نبتغيها على الساحة .. صياغة البنية العقلية للأمة هي بداية الانطلاق . . القرآن دستور الأمة الإسلامية جاء في الحديث: "كتاب الله فيه خبر ما قبلكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل". قال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. الله الذي له ما في السموات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد} [سورة إبراهيم]. جاء في فضائل القرآن للرازي.. ولا يسمح لأحد أن يتخلف عن حفظه أو تحفظه وتلاوته على الدوام إلا عن عذر ظاهر. أهل القرآن هم أهل الله وخاصته :. عن أنس بن مالك – رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن لله أهلين من الناس"، قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: "هم أهل القرآن، أهل الله وخاصته" (ر واه ابن ماجه). القرآن له كلمة الفصل في كل ما هو آت .. (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) (الأنعام : 57 ) وعليه .. لا يمكن . أن تكون إعادة صياغة العالم .. بقوم اتخذوا القرآن ظهريا ومهجورا . (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (الفرقان : 30 ) بل إن السياق يتطلب .. ألا يكون القرآن في بيوتنا .. مهملا .. عليه الغبار .. أو لا يقرأ من رمضان إلى رمضان . لابد ان يكون ثمة ورد يومي لكل مسلم . لابد أن يكون هناك تحولا . فكريا . او قيامة فكرية . إذا صح التعبير . بغية أن يهيمن هذا القرآن على العالم من جديد وتفيء البشرية الى بر الأمان في كنف الله تعالى . ورضاه .. إن إعادة صياغة العالم بالقرآن يحمل مشروعا حضاريا .. بمعايير العدل الالهي . حتى يسود العدل هذا العالم . (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين : 8 )من خلال تطبيق شريعة الله .. كانت البداية العظمى في بنائية الكيان الإسلامي للأمة بالأمس هو القرآن الكريم .. يقول بن خلدون ." اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل الملة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده من آيات القرآن .. وبعض متون الأحاديث وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه بعد ذلك من الملكات وسبب ذلك أن التعليم في الصغر أشد رسوخا وهو أصل لما بعده لأن السابق للقلوب كالأساس للملكات وعلى حسب الأساس يكون حال من ينبني عليه . "عن القرآن قال الرسول .. وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: "كان السلف لا يعلمون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن". نحن الآن بصدد قيامة فكرية عظمى . و كما قال بن خلدون أن الأساس هو القرآن . نعم لن نترك هؤلاء يعيدون صياغة العالم وفقا .. لخيالهم المريض .. الذي نجم عن تصورات نيتشه . أنه لا حقائق ولكنها ثمة تفسيرات .. "There are no facts, only interpretations". Nietzsche وهذا مناقض للسياق الإسلامي . فنحن لا نتعامل مع الموهوم . ان الإسلام هو الحق . نعم إننا لا نتعاطى في العقيده إلا مع الحق المحض... اننا نؤمن بالله .ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا . قال تعالى: (الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (البقرة : 147 ) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (لقمان : 30 ) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الحج : 6 ) إننا لا نتعاطى . إلا مع الحق المحض ..ككيان ومعادلات ..والتي تعني معادلة الحق . في كل أجواء الباطل الكوني . (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (محمد : 2 ) لا سبيل لنا إلا القرآن .. وسنة الرسول الأكرم .. التي تمثل التفصيل .. لكلمة الله (القرآن الكريم ) هذا هو الطريق ولا طريق غيره . بغير ذلك لن تكون هناك صياغة للعالم من قبلنا . ولن يتحول هذا الوضع الزرائبي للعالم الى مدينة فاضلة يسودها الامان وإعلاء لكلمة الله . بدون اعادة صياغة العالم بالقرآن .. لن تزدهر أشجارنا المحترقة . قالوا : ما المجد إلا هادما صنما أو رافعا علما أو باعثا أمما .. كان الأنبياء صلوات الله عليهم .. هم من كانت قضيتهم الكبرى أعادة صياغة الواقع .. فإبراهيم عليه السلام بتكسيره للأصنام ,ومواجهته مع النمرود .. كان يعيد صياغة واقع اجتماعي .. بغية ارساء القضية الكبرى في الكون أن الله هو الحق .. أن ما يدعون من دونه الباطل . (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (لقمان : 30 ) كان يحي في مواجهته مع حاكم ظالم .. هو إعادة صياغة للواقع .. كان محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهته .. مع صناديد قريش .. وأئمة الكفر من أبي لهب وأمية بن خلف .. وتكسيره للأصنام في جنبات الكعبة .. ورفع الظلم .. عن كاهل الواقع الاجتماعي الاقليمي والعالمي .. من كسرى وقيصر . هو اعادة صياغة للواقع العالمي . كما قال . ربعي بن عامر . لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله . ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة . الإسلام هو إعادة صياغة للواقع على أسس من العدل والفضيلة والأخلاق .. كما قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .. بل أن أذكار الصباح والمساء .. وتكرار . لا اله الا الله .. على النفس .. تجديدا للايمان .. واعادة ترتيب الذهن والقلب ايمانيا . نعم كانت مهمة الأنبياء هي إعادة صياغة الواقع الكوني تبعا لشريعة الله ومنهجية السماء . وكان التحول على الواقع العالمي .. كما قال الكاتب الانجليزي .. جون أوستن ..لقد كان محمد في اقل من العام كان هو الحاكم الروحي والفعلي للمدينة ويده على الرافعة التي كان مقدرا لها أن تهز العالم .. In little more than a year he was actually the spiritual, nominal and temporal rule of Medina, with his hands on the lever that was to shake the world. : John Austin نعم.. كان محمد (صلى الله عليه وسلم).. هو الذي غير العالم إلى . الحق والعدل والحرية . لقد كانت رسالة الإسلام هي العدل إلى البشرية كان من بين المواقف التي .. تعبر عن مدى منهجية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في معالجات الواقع بروح العدل .. ما ذكرته كتب التاريخ . عندما أرسل رسول الله صلى اله عليه وسلم عبد الله بن رواحة لجمع خراج خيبر، أهداه اليهود كمية من التمر الفاخر، لعله يخفف عنهم، فقال عبد الله رضي الله عنه: : تطعموني السحت والله لقد جئتكم من عند احب الناس إلى يعني رسول الله ولأنتم أبغض إلى ، ولا يحملني بغضي لكم وحبي إياه أن لا اعدل عليكم فقال اليهود بهذا قامت السموات والأرض.. أي بالعدل والقسط .. قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد : 25 ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة : 8 ) |
|
إ
لقد قدم الإسلام للبشرية الكثير ولم ولن ينتهي دوره .. يقول روبرت برفولت .. كان العلم من الاسهامات العظيمة للحضارة العربية الى العالم . Science is the most momentous contribution of Arab civilization to the modern world.. Robert Briffault… Making of Humanity" العظماء في العادة هم من يبحثون عن القضايا الضخمة في الوجود .. ولا يضيعون ثمة وقت في قضايا .. ليست ذات بال . أصحاب التحولات العظمى في العالم . هم الأنبياء . واعادة صياغة العالم . هي قضية الأمة في وقتنا الراهن . فإذا كانت الرسالة السامية للبشر تنطلق .من السمو حيث السمو .والاشتقاق اللغوي يرتبط بمفردة السماء وكلام السماء وشريعة السماء . كلام السماء ... هو قضية العظماء أي الأنبياء . وورثتهم من العلماء .. وكذا الثوار .. القرآن هو القضية الضخمة في هذا الوجود الكوني . وتفعيله في الواقع الحياتي وهيمنته على العالم . من جديد .. هي قضية . من تلقفوا الراية من الأنبياء . القرآن هو تلك القضية الضخمة . (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) (المزّمِّل : 5 ) لهذا قال لها مضى وقت النوم يا خديجة . قضية لا يعتريها فتور ولا مهادنة . ولو كان قمرا على يمينه وشمسا هناك على يساره الشريفه كما قال المصطفى . نعم القرآن هو القضية الضخمة . (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر : 21 ) القرآن له القيمة العظمى . فالحضارة الإسلامية حضارة قرآن . تنعكس إشعاعاته النورانية . على الذهن والعقل . والكيانات الإبداعية والعمرانية . . القرآن هو الآلية العظمى في التغيير . قال تعالى : (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان : 52 ) هو الالية العظمى في تغيير البنية العقلية والذهنية التي تنعكس على حركة المسلم في الحياة وبالتالي تغيير العالم . على أسس من الحق والعدل والحرية والفضيلة . كان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الية من اليات التغير على الواقع الاجتماعي .. ومنها قول الرسول .. وعن أبي سعيد الخدري -رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من رأى منكم منكرا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم بل أن الأمر بالمعروف هو من خصائص هذه الأمة . (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران : 110 ) وهذا عنصر مهم من آليات التغيير وإعادة صياغة للواقع .. أن كلمة حق عند سلطان جائر . عنصر من عناصر التغيير وإعادة صياغة الواقع .. لابد أن نضع في السياق . أن هناك . أبعاد مهمة في مضمار اعادة الصياغة . يتلخص في نقاط .. (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور : 55 ) وهو تحقيق الشرط الأساسي للتمكين . يعبدونني لا يشركون بي شيئا . الاستعانة بالله .. (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة : 5 ). و في قوله عليه السلام لعبد الله بن عباس : ( يا غلام أني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سالت فاسال الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على إن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام و جفت الصحف ) الاستنصار بالله .. (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران : 160 ) التفويض لله .. (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر : 44 ) (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) (غافر : 45 ) ان القرآن بما يحملة من تصورات يحمل مشروعا حضاريا راقيا . تقول .. الليدي ايفيلين كوبولدlady .E cobold " ان أثر القرآن في هذا التقدم الحضاري الإسلامي لا ينكر ..فالقرآن هو الذي دفع العرب الى فتح العالم ومكنهم من أنشاء إمبراطورية فاقت إمبراطورية الاسكندر الأكبر. والإمبراطورية الرومانية سعة وقوة وعمرانا " يقول لوبون : ان هذا الكتاب القرآن تشريع ديني وسياسي واجتماعي وأحكامة نافذة منذ عشرة قرون " وترتبط القضية بالفكر . فالفكر الذي بمنأي عن القرآن .. ليس له في سياق التغيير .. وتحقيق أبعاد المجد .. نصيب . يقول المفكر الفرنسي :فنساي مونتاي .F. Montague.. ان مثل الفكر العربي والاسلامي البعيد عن تأثير القرآن كمثل انسان فارغ من دمه . وهي كلمة قالها المصطفى . صلى الله عليه وسلم " إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب " رواه الترمذي لذلك قال تعالى . (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الشورى : 52 ) كثير من المفكرين . يبجثون عن حياة لأفكارهم . أي يريدون . بحثا ذو صيرورة تاريخية . على مر التاريخ تضمن لهم البقاء والخلود . وتجاوز المراحل .. والحقب الزمنية . أي يخافون أن يصيب فكرهم بعد مائة سنة . رائحة النفتالين . من هنا . كان الفكر المغموس في نورانية وإشعاعات القرآن يتميز .. بالنورانية على المدى البعيد وتعاقب الأجيال جيل بعد جيل . ويتميز فكر البشر .. بصيرورته التاريخية . حال انعكست نورانية كلام الله على كلام أولئك المفكرين . من هنا قال علماءنا في الماضي . انه لا يخلق على كثرة الرد .. أي لا يصيبه ما يصيب أي كلام آخر . من فقدان القيمة أو استشعار الملل من كثرة الترداد . وهذه القيمة الكبرى . استوعبها حتى الأجانب . تقول الباحثة الايطالية . L.Veccia vagliere "ان هذا الكتاب الذي يتلى كل يوم في طول العالم الإسلامي وعرضه لا يوقع في نفس المسلم أي أحساس بالملل ،على العكس انه من طريق التلاوة المكرورة انه يحبب نفسه الى المؤمنين اكثر فأكثر.. انه يوقع في نفس من يتلوه أو يصغي إليه حسا عميقا من المهابة والخشية .",,. ان القرآن آلية التغيير في الكون . وهو .. المرتكز . في تكوين البنية العقلية والحياتية . بل كان مثار التغيير وإعادة صياغة العالم من أبعاد الكفاح .. والثورات ضد الاستعمار . يقول E. Derminghm " سيكون القرآن حافزا للجهاد يردده المؤمنون كما يردد غيرهم أناشيد الحرب ، محرضا على القتال جامعا لشؤونه محركا لفاتري الهمم فاضحا للمخلفين مخزيا للمنافقين واعدا الشهداء بجنات عدن " قال تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزّمِّل : 4 ) فمن خلال ترتيل القرآن يتم الصياغة الفكرية للقارئ ويستقى التصورات .. (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (صـ : 29 ) ومن خلال التدبر لأيات القرآن .. يتم الاستيعاب واعادة صياغة البنية العقلية والفكرية . القرآن هو حياة الأمة وعزها ومجدها . وهو الذي لابد به من أعادة صياغة الواقع حينما يتم تفعيله . في واقع الحياة . ,وأوليات التفعيل . هو أن تحكم شريعة الله اليابسة الإسلامية ومن بعدها يتم هيمنته على العالم . في فكر الناس وتصوراتهم ومعالجتهم الحياتية .سلوكا ومعاملات وكفاحا وجهاد.. لابد ان تكون شريعة الله نافذه وفاعلة وحاكمة على واقع الحياة والناس .. (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء : 65 ) وقال تعالى. (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة : 44 ) (وَكَتَبْنَ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة : 45 ) (وَلْيَحْكُمْ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة : 47 ) القرآن وإعادة صياغة العالم . فيه خير الأمة .. وفيه .. مجدها .. وتتزل به عليها الرحمات .. (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ) (المائدة : 66 ) لقد آن للأمة ان تقيم القرآن . لتأكل من فوقها ومن تحت أرجلها . هل أن الأوان لتلك الأمة أن تستوعب الآية الكريمة(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (الزخرف : 44 ) فهل آن الأوان لرجال الفكر والجهاد والكفاح أن يعيدوا بالقرآن صياغة هذا الواقع الكوني .. من جديد . |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
بسبب الاختلاف على المخدرات شرطة حفر الباطن تفك لغز "جريمة البئر" | عايد2001 | المنتدى الإعلامــــي | 2 | 14-12-2009 08:31 AM |
درجات الاختلاف تتصاعد واحنا السبب | معرف جماعته | منتدى الحوار الهادف | 7 | 07-08-2008 12:13 AM |
فن الاختلاف وفن الحوار ( كيف نتفق وكيف نختلف ) | ابو عبدالعزيز | منتدى الحوار الهادف | 8 | 22-04-2008 06:55 PM |
الاختلاف بالراي والمثاليه | احمد سند | منتدى الحوار الهادف | 11 | 28-11-2007 01:42 AM |