|
خيارات الموضوع | ابحث بهذا الموضوع |
|
الذَوْقُ .. خُلُقُ الصالحين
بقلم : نبيل جلهوم * اللهم إنى أُشهدك أنى أُحب نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , رسول الإنسانية , ومنبع الأخلاق الذكية , وأساس الخيراتالدنيوية والأخروية , والداعى لكل مافيه السعادة والسرور لجميع البشرية , مَنْ جَعلْت منه الرحمة المهداة , وفى إتّباعه الأساس لكل من يرجو النجاة , صاحب الخلق العظيم , والذوق العالى الرفيع , الذى منحته الحياء الجميل فجمّلته به وزينته , فلم تجعله صلى الله عليه وسلم إلا نوراً لكل سالك , وهداية لكل شارد , وجعلت الفخر والكرامة والعزة لكل مسلم فى أن يتّبع ذلك الرسول الإنسان , صاحب أفضل الأخلاق وجميل الخصال الحسان , من كان بالطفل وبالزوجة والبنون والبنات والناس رؤوفاً رحيماً صلى عليه الله النبى المصطفى العدنان . زينته بالحلم وأكرمته بالعلم وفقّهته فى الدين فجعلت منه النور المبين لكل من أراد أن يتخلق بأخلاق الصالحين المؤمنين صلى عليك الله يارسول الله صلاة كاملة وسلاماً تاماً تكونان سبباً فى حل عُقدنا وإنفراج كُربنا وقضاء حوائجنا والفوز بجميل وأحسن الرغائب , وعلى آلكِ وصحبك فى كل لمحة ونفسبعدد كل معلوم عند الله أرحم الراحمين وحبيب سيد المرسلين . لماذا الذوق ؟؟؟ لأنه سلوك غفل عنه كثير من عوام الناس إلا من رحم الله , وكثير كذلك من الملتزمين بالدين , فضاعت ذوقيات التعامل وأصبحنا نرى سلوكيات يندى لها الجبين , قد لا تحدث ممن هم على غير ديانة سيد المرسلين النبى محمد طه الأمين . الذوق والإسلام : ما الذوق فى الإسلام إلا شعار الدين والباعث الحقيقى لكل خُلُق متين والداعى لكل خير وجمال ومتانة فى علاقات الناس أجمعين , فله ترتاح النفوس وبه تزداد المحبة والراحة ويزول كل كرب وهمّ عن المكلوم ومن يحملون ضيقا فى النفوس ومتاعب بالصدور. بالذوق .. ستُحل المشاكل ومُعضلات الأمور . بالذوق .. سيفوز الناس بقلوبِ صافية . بالذوق .. لن نجد بين المسلمين الغلَّ والحقد والحسد . بالذوق .. سترتاح النفوس ولن تجد إلا كل جمال وسعد وتكافل ملموس بين الناس ومحسوس . صدق الله العظيم : صدقت ربى وتعاليت عندما مدحت وأثنيت على نبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم عندما قلت وقولك الحق : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) القلم آية4 . فلم تمتدحه فى هذه الآية الشريفة بعشيرته .. ولم تمتدحه بفتوته .. ولم تمتدحه بشجاعته .. ولم تمتدحه برسالته .. وهذا كله وغيره يستحق المدح به والثناء عليه , إلا أنك ياربنا ياعظيم أردت بهذه الآية البسيطة والمكونة من أربع كلمات .. أردت بها ومنها أن تعطى الإشارات وتنبهنا إلى نبينا العظيم وإلى أخلاقه العظيمة التى لم يبلغها أحدُُ مثله , وكأنك ياربنا ترسل لنا ومضات مُسعدات لنا فى حياتنا لن نجدها إلا إذا كُنّا كحبيبك , بالأخلاق عظماء , وبالذوقيات والسلوكيات علماء , ومُطبقين لها وفقهاء . نَحو ذوقيّات هامة : 1. الإتصالات : قد تجد كثيرا من الناس يتصل بك على الهاتف بطرق لا ذوق فيها ولا أخلاق , يطلبون الرقم ويظلون على الإتصال دون توقف , فى الوقت الذى يجب أن يتوقف بعد مرور ثلاث رنّات على الهاتف , فقد يكون المتصل عليه مشغولا فى أمر هام , قد يكون بعمل أوإجتماع لا يستطيع الرد وقتذاك , قد يكون مريضاً غير قادر على الحديث بالهاتف , قد يكون الهاتف على وضعية الصامت , قد يكون المتصل عليه نائما , قد يكون وقد يكون وقد يكون .. فيا متصلا بالهاتف كثيرا .. لا داعى أن تطيل الاتصال وتكرره كثيرا .. وكن صاحب ذوق وإكتفى بثلاث رنات .. فالذوق جمال ورحمة ... واللبيب بالإشارة يفهَمُ . 2. البيوت : قد يذهب البعض إلى الناس فى بيوتهم , فيطرقون الباب المرّة وعشرات المرات فى حين أن الاسلام قد حدد فى ذلك مايدلل على جمال الذوق والأخلاق بأن تطرق الباب مرة ثم تنتظر ثم تتبعها الثانية ثم تنتطر ثم الثالثة وتبتعد عن الباب ’ فإذا لم يرد عليك أحدٌ فتوكل على ربك وإرجع هو أقرب للتقوى وأحفظُ لماء وجهك . فقد يكون صاحب الدار نائما وقد يكون على غير إستعداد لأن يقا بلك وقد يكون الدار غير مُنظما ولا مُرتّباً ... وقد يكون وقد يكون وقد يكون ... فيا طارقا لأبواب الناس .. كن صاحب ذوق وتأدب بأداب الاسلام .. فالذوق سعادة . 3 . رسائل الهواتف : قد تجد كثيرا من الناس تصله رسائل على هاتفه المحمول من أناس يحبونه , رغبوا فى تهنئته بمناسبة سعيدة أو بدعاء جميل أو تذكيرا بطاعة , ثم لا تجد من هؤلاء ردا على رسائل الغير , لا مبالاة ولا إهتمام , فى حين أن الأخرين كلفوا أنفسهم بكتابة الرسائل وبقيمتها صغيرة كانت أو كبيرة وعبّروا عن طيب أخلاقهم وجميل ذوقياتهم , إلا أن المرسلة إليهم الرسائل قد قابلوا هذا الحب وذلك الذوق بعدم الرد برسائل مثلها , ناسين قول ربهم : ( واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إناللهكان على كل شيء حسيبا ) النساء36 . وهو ما قد يصيب المُرسِل بضيق وحزن بسبب عدم إهتمام المرسل إليه الذى قد يكون بذلك متكبرا على عباد الله الذين أحسنوا وبادروا وعبّروا عن جميل خلقهم وجمال ذوقياتهم ... فياهذا المتكبر .. لِمَ تتكبر ؟؟ وعلام تتكبر ؟؟؟ أنسيت أنك قد خلقت من منّى يُمنى ؟؟ وستكون عند موتك جيقة لاتُطاق . كن صاحب ذوق وأحسن إلى الناس كما يحسنون إليك .. وهل جزاء إحسانهم إليك تجاهلك لهم ... فالذوق دليل التربية الطيبة والفهم الجميل لمعانى الإسلام .
سبحان الله .. يأمر المولى تعالى بكتابة الديْن ويُوجّه خطابه للذين آمنوا ... أليس فى ذلك مصلحة للذين آمنوا وتطبيقا للشرع وضمانا للحقوق ؟ فلماذا تكون ردود الأفعال الغريبة من جرّاء كتابة الدين . أليس فى كتاب الله دستورا لنا ينظم حياتنا الإجتماعية فيما بيننا ويضمن أموالنا تجاه بعضنا .. ألا من باب أولى أن يشكر المُقترض صاحب القرض على أن يَسّر أمره وفكّ كَربه وأعانه على نوائب الدهر . فيا مقترضا .. كن صاحب ذوق .. فالذوق ضمانة إجتماعية توقف الخلافات والمظانّ السيئة وتضمن الحقوق
فيا مؤذيا للناس .. كن صاحب ذوق .. فالذوق هداية .. والجار حبيب للرسول ووحى الرسول .
فيا أنانيا تحب نفسك ... كن صاحب ذوق .. فالذوق شجاعة .
فكن يا من لاترد السلام أو ترده بغير لطافة وأدب .. كن صاحب ذوق ورُدّ رداً يدلل على إهتمامك .. فالذوق أدب .
فيا مستعيرا بلا أدب ..هل تقابل الإحسان بإساءة .. كن صاحب ذوق .. فالذوق نعمة .
فيا هذا .. تأدب عند دخول البيوت وضع بصرك فى الأرض عند الدخول وأخفض فيه صوتك ولاتجلس فى مكان يكشف عورات البيت وأدعوا لأهل البيت وبارك ولاتسترسل فى السؤال فيما لايعنيك ولاتطيل الزيارة , فمن تلطف فى زيارة الناس أحبّوه وتشوقوا دائما إليه ... فالذوق مشاعر وأحاسيس جميلة .
وكأنه يقول بلسان حاله المهم أن أستمتع وأولادى وحدنا فقط ولا يهمنى إذا كان فى ذلك إتعابا لجارى أو راحة له . فيا جار السوء ... إعلم أنك لجارك مؤذياً ولمشاعره مُجرّحاً ولراحته مُضيّعاً .. فتكون بذلك له ظالماً .. قد تنالك منه الدعوات الحارقة فتصبح بسببها فى تيه وتعب بسبب حماقتك وعدم رشدك وأنانيتك . قال الله تعالى : ( وَاعْبُدُوااللَّهَوَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) [النساء: 36] وعن إبن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) متفق عليه (126) . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : (( يا أبا ذر ، إذا طبخت مرقة ؛ فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك )) رواه مسلم (127) . وفي رواية له عن أبي ذر قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني : (( إذا طبخت مرقاً فأكثر ماءه ، ثم انظر أهل بيت من جيرانك ، فأصبهم منها بمعروفٍ )) (128) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن )) ! قيل : من يا رسول الله؟ قال : (( الذي لا يأمن جاره بوائقه !)) متفق عليه (129) . وفي رواية لمسلم : (( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه )) فياجار السوء .. إن لم تستطع أن تُسعد جارك , فلا تكن مصدر شقاء وتعب له . وكن صاحب ذوق ... فالذوق راحة لك ولجارك .. وتدبّر ما قاله ربك ورسوله عن الجار , الذى قد يجعلك إما إلى جنة أو إلى نار .
فالذوق رجولة وحياء .
فيا مُعطّلا للناس مصالحهم ... كن صاحب ذوق ... وإتق الله فى الناس , فقد يكون من وقفت بسيارتك خلفه قد يكون فى حالة تستدعى ولادة زوجته أو طفلاً له مريضاً يريد أن يسعفه أو ميتاً يريد أن يشارك فى جنازته أو صلاة فى المسجد جماعة يريد ألا تفوته أو إرتباطاً بوظيفة ومواعيد حضور يريد أن يلتزم بها . فيا صاحب هذا السلوك ... هل ترضى ذلك لنفسك .. هل تقبل من أحد أن يُضيّع عليك موعدا أو يتسبب فى مشكلة لك فى بيتك أو وظيفتك أو يحرمك من لزوم الجماعة بالمسجد أو المشاركة فى تشييع الميت ... بالطبع لن ترضى ... فكن صاحب ذوق ... فالذوق عبادة . خاتمة : اللهم وَفّر حظّ المسلمين من خيرٍتُنـزِّله أو إحسانٍ تتفضل به عليهم أو بِرٍّ تُنشِرُهُ لهم أو رزق تبسطه أو ذنبتغفره أو خطأ تستره عليهم . يا إلهي يا من بيده ناصيتنا يا عليماً بضرنا وأخلاقنا وسلوكياتنا ومسكنتنا , يا خبيراً بفقرنا وأحوالنا وسلوكياتنا وفاقتنا , نسألك بحقك وقدسك وأعظم أسمائك وصفاتك أن تجعل أوقاتنا في الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة وتعاملاتنا فيما بيننا جميلة مُرْضية مقبولة .. يامن إليه شكوناأحوالنا وسلوكياتنا , نسألك أن تقوِّ على خدمتك جوارحنا وتهذب بفضلك أخلاقنا وتُجمّل برحمتك سلوكياتنا وتشددبالعزيمة جوارحنا , وهب للمسلمين جميعا الجدّ في خشيتك والدوام على الاتصال في خدمتك والإسعاد التام لخلقك ولكل من تشرّف بعبادتك, حتى نخافك مخافة الموقنين وإجمعنا في جوارك مع المؤمنينأصحاب الذوق والسلوكيات والخلق المتين . اللهم إقذف رجائك في قلوبنا وإقطع رجائنا عمن سواك حتى لا نرجو أحداً غيرك فأنتمولانا وَ وَلِيِّنا في الدنيا والآخرة يا ذا الجلالوالإكرام. اللهم يا عظيم نسألك باسمك العظيم أن تَكْفِنَا كلأمر عظيم وأن تٌجمّلنا بكل عظيم من الأخلاق العظيمة التى زينت بها حبيبك ونبيك وصفوة خلقك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . * كاتب إسلامى .
|
|
|
جزاكي الله خير وأحسن إليكي فيما قدمتي دمتي برضى الله وإحسانهـ وفضلهـ
|
|
الله يعطيك العافيه على النقل
تحيتي لك
|
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | الكاتب | القسم | الردود | آخر مشاركة |
حياة الصالحين هي الحياة الحقيقية..للدكتور العريفي | نهاب | المنتدى الإسلامـــي | 2 | 03-09-2010 03:27 AM |
مات وهو يحتضن رياض الصالحين | مبارك الشويلع | المنتدى الإسلامـــي | 7 | 29-10-2009 06:04 AM |
مجالس الصالحين وجليس السؤ | ابوعبدالكريم | المنتدى الإسلامـــي | 7 | 22-07-2009 02:05 PM |
:: كـتـاب (( رياض الصالحين )) كااامل :: | شاعر عيونك | السمعيات والمرئيات الإسلاميه | 9 | 14-01-2009 07:07 AM |
مــن قصص الصالحين | بشير العايضي | المنتدى الأدبــــــــــــي | 2 | 20-03-2007 12:09 PM |