[ذرا عبس]

الدقباسي لـ«الراي»: مستعد لزيارة سورية لا أخشى التهديدات ... والخليج ليس «تركة فارسية»



القاهرة - من شادية الحصري |
أكد رئيس البرلمان العربي الانتقالي عضو مجلس الأمة النائب علي الدقباسي أنه لايزال على موقفه من الأوضاع في سورية، مشيرا الى ضرورة محاسبة المتورطين في سفك دماء أبناء الشعب السوري من نساء وشيوخ وأطفال، ودعا الجامعة العربية لاتخاذ موقف حازم تجاه مايحدث هناك، واتاحة الفرصة أمام جميع وسائل الاعلام لنقل الحقائق كاملة، وقال انه على استعداد لزيارة سورية للوقوف على حقيقة مايحدث هناك.
وأضاف الدقباسي في حوار مع «الراي» ان الأمن المصري قام بحمايته في القاهرة بعد التهديدات التي تلقاها على خلفية حديثه عن الأوضاع في سورية، أثناء فعاليات اجتماعات البرلمان الأخيرة في القاهرة، مشددا على أنه بخير ولايخشى حدوث أي مكروه له.
وجدد الدقباسي رفضه التام وادانته لاستخدام القوة العسكرية في قمع ثورات الشعوب العربية السلمية، وأشار الى أن ما يحدث في ليبيا واليمن من قتل للمدنيين يمثل جريمة كبرى في حق الأبرياء.
ووصف الدقباسي التصريحات والتحركات من قبل المسؤولين في طهران تجاه الخليج بأنها تصريحات استفزازية من شأنها أن تؤثر على أمن واستقرار منطقة الخليج، ومن ثم تهدد الأمن القومي العربي في عمومه. وقال ان «الخليج لن يكون أبدا ارثا فارسيا».
والى نص الحوار:

• أكدت في جلسة البرلمان العربي الأخيرة في القاهرة تعرضك لضغوط وتهديدات بسبب وقفك الرافض لما يحدث في سورية... حدثنا عن تلك التهديدات؟
- أنا أعمل في السياسة والجميع يعلم أن العمل السياسي لايخلو من الضغوط والتلميحات المريبة، وأحيانا التهديد بالايذاء سواء المعنوي أو الجسدي، وبصراحة شديدة تلقيت تهديدات واضحة وتعرضت لضغوط شديدة لاثنائي عن موقفي من أحداث سورية.
• وما نوعية تلك التهديدات؟
- هناك تلميحات باقصائي من منصبي كرئيس للبرلمان العربي الانتقالي وأشياء أخرى تصل لحد الارهاب المرفوض، ولكنني والحمد لله بخير ولم أتعرض لأي سوء، وتولى الأمن المصري حراستي وحمايتي أثناء وجودي في القاهرة.
• وهل جاءت تلك التهديدات من جانب مسؤولين سوريين؟
- أنا لم أفصح عن هوية من هددني ولم أتهم بلدا بعينه بالوقوف وراء هذه التهديدات، وبصفة عامة أنا علي ضغوط شديدة من الصحافة ووسائل الاعلام الأخرى ومنظمات حقوق الانسان.
• ولكن ماحدث من رئيس الوفد السوري في جلسة البرلمان يشير بوضوح الى أن مسؤولين سوريين وراء تهديدك؟
- لقد تجاوزت هذا الموقف، ما كان يهمني هو اتخاذ مواقف صارمة وحازمة لمنع معاناة الشعوب العربية في اليمن وسورية وليبيا وأي بلد عربي آخر.
• اتهمك الوفد السوري بأنك تسعى للظهور، وأن موقفك ماهو الا دعاية انتخابية للحفاظ على كرسيك في مجلس الأمة الكويتي؟
- من الصعب في عصر حرية انتقال المعلومات وتعدد وسائل الاعلام ألا يدرك الناس الحقيقة، وأنا مواقفي واضحة وصريحة ومعلنة أمام الجميع، وأترك الحكم للناس حتى يقرروا ما اذا كنت ساعيا وراء شهرة أو منصب أم لا.
• اتهموك أيضا بتنفيذ أجندات خارجية، فما تعليقك على هذا الاتهام الخطير؟
- وجهت لي العديد من الاتهامات والانتقادات، وهذه وجهة نظرهم ولا أملك سوى أن أقول دعهم يقولون مايشاؤون، ولكن الواقع يؤكد أن هناك اهدارا لكرامة الشعب السوري ولانقبل به.
• ما هدفك من اثارة الأزمة السورية بهذا الشكل في البرلمان العربي؟
- الهدف هو ارساء قواعد جديدة للعمل العربي المشترك أساسها الشورى والديموقراطية واعلاء رأي الأغلبية. وهذا ماحدث بالفعل في بيان البرلمان عن الأوضاع في سورية.
فالبيان غير ملبٍ لطموحات الشعب السوري، وأنا عارضته، ولكن الأغلبية أقرته فانحزت للأغلبية.
• لو طلب منك أعضاء الوفد السوري زيارة دمشق للوقوف على حقيقة الأوضاع هناك فهل ستلبي الدعوة؟
- نعم ان شاء الله سأزور سورية، ولن أفكر أبدا في أمر التهديدات أو التلميحات بالايذاء التي تعرضت لها.
• كيف ترى مستقبل البرلمان العربي، في ظل هذه المشكلات؟
- البرلمان سيشهد تحولا كبيرا في المرحلة المقبلة، خصوصا في ظل ثورات الشعوب العربية، وأتوقع تغيير أكثر من ثلث الأعضاء خلال الشهور المقبلة بعد تشكيل البرلمانات الجديدة في تونس ومصر، كما أتوقع أن يتغير نمط التفكير في القضايا العربية ذات الاهتمام المشترك.
• هذا ينقلنا الى التساؤل حول موقف البرلمان العربي من ثورات الشعوب العربية في ضوء الأحداث الأخيرة؟
- من حق الشعوب العربية أن تنعم بالحرية، وأن تعيش في هدوء واستقرار، وأن تعبر بشكل سلمي عن مطالبها المشروعة.
وعلى السلطات في كل الدول أن تستمع الى هذه المطالب، وأن تعمل على تنفيذها في حدود امكاناتها، ونحن نرفض وبشكل قاطع اللجوء الى العنف أو استخدام القوة العسكرية في قمع وقتل المتظاهرين سلميا، مثلما يحدث في ليبيا واليمن، وبخصوص ما يحدث في سورية طالبنا باتاحة الفرصة وتسهيل عمل وسائل الاعلام والكشف بشفافية عن حقيقة ما يحدث هناك، واتاحة الفرصة أمام منظمات حقوق الانسان للقيام بعملها دون مضايقة من قبل السلطات.
وأعتقد أن الحوار الوطني الموسع هو الحل الأمثل للأزمة السورية وليس استخدام العنف المرفوض تماما من قبل البرلمان العربي.
• وماذا بالنسبة لموقف البرلمان من الأحداث في الجماهيرية الليبية؟
- بالنسبة للشأن الليبي فالبرلمان العربي الانتقالي له رأي واضح وصريح، حيث طالبت القذافي بالتنحي فورا ووقف نزيف الدم العربي في بلاده، فما يحدث هناك من قتل للمدنيين وتدمير للبنية الأساسية هو جريمة بكل المقاييس.
ولقد التقيت ورئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي واستمعت الى وجهة نظره في ما يحدث في بلاده، وحذرت من أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه في ليبيا سيأتي على الأخضر واليابس ويفتح الباب واسعا أمام تدخل قوات أجنبية بريًّا في البلاد، وأطالب الجامعة العربية وجميع منظمات العمل المدني بسرعة العمل على انقاذ الشعب الليبي، وتقديم جميع أشكال الدعم والمساعدة للاجئين.
وفي الشأن اليمني، أصدرنا بيانا طالبنا فيه الرئيس علي عبدالله صالح وجميع التيارات السياسية هناك بقبول المبادرة الخليجية والعمل على انتقال السلطة بشكل سلمي ومنظم، ونأمل أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن.
ومن وجهة نظري، أرى أن المبادرة الخليجية فرصة عظيمة على جميع الأطراف في اليمن اغتنامها، لأنها المخرج والحل الأنسب للأزمة هناك، وعلى الرئيس علي عبدالله صالح أن يتحمل مسؤوليته وأن يضحي من أجل بلاده.
• وماذا عما حدث في مملكة البحرين، خصوصا أنكم ترون أنه مختلف؟
- الوضع في مملكة البحرين مختلف، وما حدث هناك كان يتطلب التصدي له بكل حسم حتى لا يؤثر على أمن واستقرار المملكة، ومن ثم يؤثر على أمن واستقرار الخليج العربي.
وطالبنا في البرلمان العربي بضرورة استمرار الحوار والاستماع لمطالب الشعب البحريني ومناقشتها بموضوعية بهدف الوصول الى صيغة مناسبة ترضي جميع الاطراف، وشددنا كذلك على حق البحرين في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحفظ أمنها واستقرارها.
• وكيف ترى اتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية الذي وقع أخيرا في القاهرة؟
- هذا الاتفاق خطوة مهمة على الطريق الصحيح في ما يخص القضية الفلسطسنية بصفة عامة، ومن شأنه أن يسهم بفاعلية في توحيد الجهود العربية الهادفة للحفاظ على حقوق الأشقاء في الأراضي المحتلة وانهاء التواجد الصهيوني في القدس الشريف واعادة المسجد الأقصى المبارك الى السيادة العربية.
وأرى في هذا الاتفاق الذي أنهى 4 سنوات من الفرقة والانقسام نصرا عظيما للشعب الفلسطيني ويطوي صفحة مؤلمة من تاريخه ويمنح قادته فرصة عظيمة للتوحد والتوجه نحو اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي هذا الشأن لا ننسى الاشادة بالجهود المصرية المخلصة التي كان لها الأثر الأكبر في انجاز اتفاق المصالحة.
• وماذا عن اعتزام مصر فتح معبر رفح بشكل دائم؟
- القرار المصري في هذا الشأن يستحق الاشادة، وهدفه الأساسي هو رفع الحصار الصهيوني الجائر عن الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة، وهي خطوة مهمة وانجاز رائع يضاف الى انجازات الديبلوماسية المصرية الجديدة، التي ظهرت في أعقاب ثورة 25 يناير، والتي تولي اهتماما كبيرا بالدائرة العربية وقضاياها الملحة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
• كيف ترى تصريحات المسؤولين في ايران، من بينها تصريحات رئيس هيئة الاركان الايراني حسن فيروز آبادي - قبل فترة - المعادية لدول الخليج؟
- هذه التصريحات مستفزة للغاية، ومن شأنها أن تخلق نوعا من التوتر في منطقة الخليج العربي، وفي حالة تكرارها أو الاصرار عليها من الممكن أن تؤثر على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، كما أنها لا تساعد على تهيئة المناخ المناسب للبدء في حوار عربي جاد مع ايران.
والخليج العربي كما أكدت سابقا ليس تركة ايرانية، ولا هو ميراث فارسي كما يزعم آبادي، وانما هو تجسيد حقيقي لعلاقات جوار قائمة على الاحترام المتبادل، وعلى الدول العربية والاسلامية التصدي بقوة لمثل هذه الاستفزازات الايرانية التي تزايدت بشكل لافت في الآونة الأخيرة، حتى لا تؤثر على الأمن القومي العربي بصفة عامة وأمن دول الخليج بصفة خاصة.
وأعتقد أن مثل هذه التصريحات تأتي للتغطية على ما تشهده ايران من مظاهرات لعرب الأحواز واستخدام العنف المفرط من قبل السلطات هناك في قمعها.
• وكيف ترى ما يتردد حول التقارب المصري - الايراني في الفترة الأخيرة؟
- أؤكد دائما أن الأشقاء في مصر يدركون أن أمن منطقة الخليج واستقرارها، هو من أمن مصر واستقرارها، ويعلمون ونعلم جميعا أن أمن هذه المنطقة العربية هو خط أحمر لن نسمح بتجاوزه أبدا.
لذلك فنحن على ثقة تامة في أن مصر لن تسمح بالمساس به، وأن علاقتها بايران لن تكون أبدا على حساب الخليج.
وأؤكد أن ايران دولة مسلمة جارة لنا ونحن حريصون على خلق حالة من الحوار معها على أسس واضحة ومحددة تخدم مصالح الطرفين، وهذا لا يعني أن نتنازل أو نغفل التحركات الايرانية الهادفة الى زعزعة استقرار دول الخليج، أو نتغاضى عن المفاعلات النووية التي من الممكن أن تتسبب في تلويث مياه الخليج العربي.
• وما أهداف البرلمان العربي الانتقالي في المرحلة المقبلة؟
- هدفنا الأساسي هو تفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة لها، حتى تمارس دورها المرسوم لها سلفا في خدمة جميع القضايا العربية، سواء السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
نحن نريد أن تكون هذه المنظمات قوية ومؤثرة وليس مجرد كيانات جامدة بلا قيمة، وهذا لن يتحقق الا في ظل وجود رقابة ونقد ذاتي وتحديد أوجه القصور وعلاجها.
وبصراحة شديدة فان العمل العربي المشترك حاليا مثل الرجل المريض الذي يرقد في غرفة الانعاش وسنحاول أن نعالجه وننعشه حتى يستعيد كامل عافيته وقوته.
• قمت بجولة في عدد من الدول العربية قبل اجتماعات البرلمان الأخيرة. ما الهدف من هذه الجولة، وما نتائجها؟
- بالفعل زرت كلا من قطر والامارات والبحرين وعمان، والتقيت رؤساء المجالس البرلمانية هناك، وسأقوم بزيارة ممائلة لدول المغرب العربي. وتهدف هذه الجولات الى تفعيل العمل العربي المشترك وتوحيد الجهود في مواجهة جميع المشكلات التي تواجه أمتنا العربية، ومنها مشكلة هجرة العقول العربية الى الخارج، وعدم وجود فرص عمل كافية للشباب العربي ومشكلات الأمية وغيرها.
وحرصت أيضا على عقد لقاءات مع عدد من وزراء الخارجية العرب وشرحت لهم أفكارنا في البرلمان العربي الانتقالي، ووجدت من جميع المسؤولين تفهمًا ودعمًا واضحين.
• تواجه الجامعة العربية تحديات كبيرة في الفترة الحالية، بعد انتهاء فترة الأمين العام واختيار المصري نبيل العربي خلفا لعمرو موسى. فما المطلوب من الجامعة في الفترة المقبلة؟
- بالفعل الجامعة العربية حاليا في اختبار صعب في ظل الثورات العربية والتحولات الجذرية التي تشهدها المنطقة. وبالنسبة للأمين العام عمرو موسى فهو واحد من كبار المسؤولين العرب الذين بذلوا مجهودا كبيرا في خدمة قضايا وطنهم، فاستحق الشكر والثناء من الجميع. كما أنه قدم كل الدعم والمساندة للبرلمان العربي الانتقالي وساهم بشكل فعال في دفعه الى الأمام.
والأمين العام الجديد ذو رؤية وفكر متطورين، وعليه أن يعمل على تفعيل جميع المؤسسات والمنظمات التابعة للجامعة. والمطلوب من الجامعة العربية في المرحلة المقبلة أن تعمل بفاعلية على حل القضايا العربية كافة، وأن تتخذ مواقف حاسمة وواضحة وقوية حتى يشعر المواطن العربي بدورها، ونتمنى أن تزداد مواردها المالية لدعم المنظمات التابعة لها مع مراقبة ومتابعة أوجه انفاق هذه الأموال، للتأكد من أنها استخدمت في الغرض المخصص له.
• متى يتحول البرلمان العربي الانتقالي الى دائم؟
- نستعد حاليا للتحول من برلمان انتقالي الى دائم، وهذا سوف يتحقق بالفعل عندما يكون هناك نشاط حقيقي وفعال على جميع المستويات، بدلا من الاكتفاء بالعمل الروتيني المعتاد المتبع حاليا في العديد من المؤسسات والهيئات التابعة للجامعة العربية.

الموضوع الأصلي: رئيس البرلمان العربي جدد مطالبته الجامعة العربية باتخاذ موقف حازم من دمشق | | الكاتب: ذرا عبس | | المصدر: شبكة بني عبس