[الضرغام]

تمر الصحة النفسية في مأزق وهي على أبواب يومها العالمي المحتفى بها فيه!! مع إطلالة هذه الأيام! فعلى ما يبدو أننا ننفرد عن كل الآخرين بطريقة اعترافنا بالمرض النفسي.. وبأهمية الصحة النفسية! حيث إننا لا نعترف بوجودها وآثارها إلا عند حدوث جريمة أو حدوث أمر خارق للمألوف.. فنصوره على أن مرتكبه أو فاعله (مريض نفسياً)! -ولا أدري- إذا كان الجاني مريضا نفسياً لماذا أعطيت له الفرصة كي يربي أطفاله الصغار في حضانته وإذا كان مريضاً نفسياً خطراً لماذا أصلا تتاح له الفرصة كي يمارس مرضه جريمة؟! لاحظوا في مختلف جرائم العنف الأسري المنشور عنها في وسائل الإعلام معظمها -إن لم يكن كلها- المبرر الأول وراءها أو الدافع للجريمة.. أن مرتكبها مريض نفسياً!! الأب الذي يقتل ابنته ضرباً مريض نفسياً!! والزوج الذي يعتدي على زوجته مريض نفسياً! والمشرّد الذي لا يجد مكاناً يؤويه مريض نفسياً.. وهلم جرا!! ولولا بعض الفطنة التي لازالت متبقية في العقول لقيل وراء كل حادث مروري مريض نفسياً!!
لم «تتمرمط» الصحة النفسية في مكان مثلما «تمرمطت» عندنا!! ولم يُنظر إليها بازدراء كما هو عندنا!! ولم تُهمل مستشفياتها ومراكزها كما هو شائع لدينا حتى الأطباء المتخصصون في أنواع الطب الأخرى -أطباء الجسد- يتحاشون تحويل مريضهم إلى طبيب نفسي حتى لا يفقدوا ثقته فيهم، وحتى لا يزعل عليهم!!
عدا.. أن النظرة الاجتماعية نحو المريض النفسي تصوّره غير صالح للحياة!! وإذا كانت الأمراض مصائب.. مصيبة أهون من مصيبة.. فعندنا المرض النفسي أكبر مصيبة.. يصاحبه شعور بالإهانة والإحباط والازدراء والتقليل من قيمة الذات وخمول الإرادة عن العمل والإنتاج! فالمريض النفسي مهان وهو أحوج ما يكون للحنان!!
الاعتراف بالمرض النفسي نوع من المجازفة التي تجعل المصاب مثل (المعدي) الجميع يحذر التعامل معه ويبعد عنه!! لم يزل الفهم للأمراض النفسية راكداً.. وإذا خطا يخطو خطوة للأمام وعشراً للوراء!! ولم يزل الطبيب النفسي يمارس عمله كطبيب ولديه قناعة أن المرض النفسي إحراج للمرضى يقلل من شأنهم لذا لا يجب ذكر أسماء مرضاه! ولا يجب فضح أنواع الأمراض التي تمر عليه في عيادته.. وكأن المرض النفسي فضيحة!! وبزيارة عابرة لعنابر المرضى النفسيين يمكن إدراك أن دور العناية بهم أقل مستوى من غيرها من المستشفيات التخصصية! ومستشفيات الأمل تنزع الأمل!! ولن يتحقق لمجتمع ما السلامة الصحية ما لم يعترف بالطب النفسي أسوة بباقي الأطباء.. وما لم يكف عن استخدام الصحة النفسية مثل الممسحة لكل الجرائم المرفوضة!
الصحة النفسية بحاجة إلى إنقاذ.. واللبيب تكفيه الإشارة..!!

بقلم// جهير بنت عبدالله المساعد

الموضوع الأصلي: الصحة النفسية = الحياة !! | | الكاتب: الضرغام | | المصدر: شبكة بني عبس

[@كحيلان@]

الله يعطيك ألف عافيه على الطرح الرائع
والله لايهينك