![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
بقلم يسري أبو العينين
لم يحتل جزء في الجسد الإنساني مثلما احتلت العين في التراث العربي نثره وشعره وحكاياته .. ولقد كان لطبيعة الحياة العربية القديمة أثرا كبيرا في ظهور ما يسمى بسلوك العين سواء على مستوى اللغة او الإشارة . فالبيئة العربية القديمة ، نلك الصحراء الواسعة القليلة الماء والزرع فرضت على الإنسان العربي طريقة للعيش ، حيث القبائل المتفرقة والمقفولة على أعضاءها .. شديدة العصبية لتقاليدها التي تتناقلها جيلا بعد جيل ، محافظة على شرفها وأنسابها .. وشرف العربي هو حياته ، لا شيىء يحل محله سوى الموت .. هذا شرط للحياة داخل القبيلة ، يتقيد به الكبير و الصغير .. الأمر الذي فرض أنماطا سلوكية على شكل الحياة داخل القبيلة وخاصة على المرأة فجعلتها تبدو كأنها تتحرك داخل حصن منيع .. ولأن الإنسان خلق بغرائزه ، وفى قلبه وضع الله حكمة الارتباط بالمرأة ، كان لابد من اختراق هذا " التابو " بوسيلة اتصال غير محسوسة .. وسيلة لا يراها إلا المعنى بها .. هكذا كانت العين التي شكلت جزءا هاما في التواصل الإنساني الفعال وكانت صاحبة تلك اللغة الخاصة من لغات الجسد التي ساعدت على التواصل غير اللفظي في الذات العربية . وجاءت أشعار العرب تعبر عن هذه اللغة الخاصة بدلالاتها النفسية الاجتماعية . وتناولتها الدراسات الكثيرة بوصفها لغة غير لفظية .. كما أسهم المستشرقون في ذلك إسهاما وافرا ، فقدم " آلن بيز " فى كتابه " لغة الجسد " فصلا عن إشارات العين مبينا أن هناك أساس حقيقي للإتصال ينشأ عندما تنظر العين لعين شخص آخر ، ومؤكدا على أن 87 % من المعاني تأتى عن طريق العين ، و 9 % عن طريق الأذن ، و 4 % عن طريق سائر الحواس . فماذا قال العرب بخصوص العين وكلامها : تعددت الشواهد التي تنقل كلام العين في التراث العربي وتباينت أشكالها بين الشعر و النثر ، وكثر قول العين حتى غدت معها مرادفة للفم في العمل و التواصل . فقال إبن الأعرابي : العين تبدى الذي في نفس صاحبها . . . من الشـــناءة أو ود إذا كانــــا إن البغيض له عين يصـد بهــا . . . لا يستطيع لما في الصــدور كتمانـا العين تنطق و الأفواه ســاكنـة . . . حتى تـــرى من ضمير القلب تبيانـا والعين تخبر بطريقتها وتقول على سجيتها وتتجاوز اللسان في صدق خبرها : متى تك في عدو أو صديق . . . تخبرك العيون عن القلوب والعين تنادى العين ، فتتعدى التعبير الإنفعالي : دعا طرفه طرفي فأقبل مسـرعا . . . فأَثر في خديه فاقتص من قلبي شكوت إليه ما ألاقى من الـهوى . . . فقال على رغم فُتنت فما ذنبي وعمر ابن ربيعة تكلم كثيرا بعينيه بدلا من لسانه ، وفى الساعات العصيبة تزل عينه فى كلامها كما يزل اللسان ، فيفتضح حاله : أيــام هند لا تطيع مُحرشا . . . خطِل المقال وسرنا لا يعلمُ وعشية حَبَسَت فلم تفتح فما . . . بكلامها من كاشح يتنمـمُ نَظَرَتْ إليك وذو شبام دونها . . . نظرا يكاد بسرها يتكلـمُ ويشكو ابن المعتز حزنه من قسوة الحبيبة وعلى الرغم من ذلك يبادل طرفه طرفها الكلام ويتجاذبان أطراف حديث الهوى : يا غزال الوادي بنفسي أنتــــا . . . لا كما بت ليلة الهجر بِتَّــا لم تدعني عيناك أنجو صحيحــا . . . منك حتى حُسبت فيمن قتلنا يوم يشكو طرفي إلى طرفك الحـ . . . ـب إليه أن قــد علمتـا ويذوق ابن الفارض حلاوة النظرة جريا على مذاق حلاوة الكلمة : حديثه أو حديث عنه يطربني . . . هــذا إذا غاب أو هذا إذا حضر كلاهما حَسن عندي أُسر بـه . . . لكن أحـلاهما مـا وافـق النظرا وفى أجمل ما قيل عن كلام العين ، حيث امتزاج الإشارة بالكلمة بالصوت ، فتبدو لغة العين وكأنها لغة حقيقية تسمع وترى كما في قول عمر ابن أبى ربيعة : أشارت بطرف العين خيفة أهلهـا . . . إشارة محزون ولـم تتـكلم فأيقنت أن الطرف قد قال : مرحبا . . . وأهلا وسهلا بالحبيب المُتيم وفى دلائل العين المعبرة ما يبين فصاحة وقدرة تعبير الكلام على فعل العين .. يصور ذلك قول تميم بن المعتز : سبحان من خـــلق الخــدو. . . د شقائقا تتبســــــــمُ وأعارها الألحـــاظ فــهـ . . . ـى بلحظها تتكــــــلمُ __________________ إلهي لا تعذبني فإني ... مقرٌ بالذي قد كان مني ومالي حيلة إلا رجائي ... وعفوك إن عفوت وحسن ظني رفيق القلم
|
|
العين اللغة الساحره
للتواصل مع الاخرين ... تسطيع ان تعرف انطباع الشخص هل هو انسان خايف او متوتر او حزين ... من التغيرات التى تطرا عليه هذا ما عرفه الغرب الان ووضع تحت مسمى وسائل الاتصال ... ولكن العرب اجادوا لغة العيون التى تكبل كل من يعرفها اشكرك اخوي (( أبو هلا )) على موضوعك اتمنى لك مزيد من التقدم والنجاح بإذن الله انتظر جديدك ولكم أجمل تحيه دفء المشاعر |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|