[راعي السفاري]

بسم الله الرحمن الرحيم

أحبتي الكرام أعضاء هذا المنتدى ورواده الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد :


عروة بن الورد العبسي شاعر جاهلي من الصعاليك ... شأنه شأن الشنفرى وتأبط شراً وسليك وعمرو بن براق وغيرهم .

كان يلقب بعروة الصعاليك لعطفه عليهم وقيامه بأمرهم .

وله أخبار كثيرة يرجع إليها في كتب الأدب .

وقد أخترت ربط هذا التقرير باسمه لأنه تنقل كثيرا في هذه الحرة التي سأنقلكم إليها في هذا التقرير بإذن الله تعالى

وإليكم هذا الخبر :

قال ياقوت الحموي في معجمه في رسم روضة الأجداد :

(قال الهيثم بن عدي : خرج عروة الصعاليك العبسي وأصحابه إلى خيبر يمتارون منها

فعشروا ( وهو أنهم يرون أنهم إذا خافوا وباء مدينة وأرادوا دخولها وقفوا على بابها وعشروا كما تعشر الحمير

والتعشير نهاق الحمير فيرون أنه يصرف عنهم وباءها )

قال فعشروا خوفا من وباء خيبر وأبى عروة أن يعشر فقال :

وقالوا احْبُ وانهق لا تضرك خيبر == وذلك من دين اليهود ولوعُ

لعمري لئن عشرت من خشية الردى == نهاق الحمير إنني لجزوعُ

فلا وألت تلك النفوس ولا أتت == على روضة الأجداد وهي جميعُ

فكيف وقد ذكيت واشتد جانبي == سليمى وعندي سامع ومطيعُ

لسان وسيف صارم وحفيظة == ورأي لآراء الرجال صروعُ

تخوفني ريب المنون وقد مضى == لنا سلف قيس معا وربيعُ

قال فدخلوا وامتاروا ورجعوا فلما بلغوا إلى روضة الأجداد ماتوا إلا عروة ) انتهى


وروضة الأجداد في بلاد غطفان وقد حددها بعض المعاصرين بأنها هي مايسمى اليوم ( روض بن هادي )

وقد قرنها النابغة بيثقب في قوله :


أرَسماً جديداً من سُعادَ تَجَنَّبُ == عفتْ روضة ُ الأجداد منها فيثقبُ


ويثقب هو جبل أثقب الذي يطل على روضة الأجداد من جهة الجنوب .

قال مرداس بن حشيش التغلبي :

إن الديار بروضة الأجداد == عفّت سوارٍ رسمها وغوادِ
من كل سارية وغاد مدجنٍ == حنق البوارق مونقِ الروادِ


وسواء أصحّ هذا التحديد أم لم يصح فهذه صور لروضة الأجداد على اعتبار صحة ذلك
تجدونها على الرابط التالي :

http://www.mekshat.com/vb/showthread.php?t=173107


أما رحلتنا فوق الحمم فلها قصة أخرى غير قصة عروة بن الورد وذلك أنني أنا وصحبة لي مولعين بهذه الحرات السوداء والحمم المنصهرة ولوع عشاق المطر لسحابة مزمجرة برقها متصل وثعلها غزير .

قبل سنوات قليلة التقيت برجل من أهل الحرة يسكن عندنا في القصيم وحدثني عن كهوف داخل الحرة كانوا يذهبون إليها قبل أكثر من 30 عاما للصيد

وحدثني أنهم كانوا يجدون فيها قرون الوعول وبقايا عظامها مما تتركه السباع عادةً ..

ووصف لي المكان قرب حزمين متجاورين يقال لهما حزم مرصوص وحزم مريصيص

وهذين الحزمين معروفين في حرة الغويطات ( حرة ليلى قديما )

وقد أخبرني هذا الرجل أنه لابد من السير على الأقدام مسافة 10 كيلومترات للوصول إلى هذا المكان نظرا لعدم وجود طرق حيث تقف اللابة عائقا هناك .


وفي العام المنصرم اجتمعت بأخي الحبيب خالد الدخيل ( جمران ) فحدثته بحديث ( الرشيدي ) صاحب الحرة فتحرك من أشجانه مثل الذي تحرك من أشجاني

وعقدنا العزم على الذهاب بحثا عن هذه الكهوف والغيران

وقررنا أن تكون في إجازة عيد الأضحى 12 - 12 - 1432هـ

وفعلا أعددنا العدة لهذه الرحلة وسرنا ومعنا رفقة كرام وهم الإخوة ( صالح الغفيلي وحمد الواصل وعليان العليان ورحال الخبر وائل الدغفق )

ولا عاشَ إلا منْ يصاحبُ فتيةً == غَطاريفَ لا يَعْنيهمُ النَّحْسُ والسَّعدُ

الرحلة شملت عدة مواقع ويصعب الحديث عنها كلها أو إدراجها في تقرير واحد ولهذا سوف أقوم بعرض صور متفرقة من هنا وهناك .


عرض سريع للرحلة :



مسار الرحلة موضح على الخارطة باللون الأحمر

=
==
=


بعد الاجتماع ضحى يوم الثاني عشر من ذي الحجة في جبال العلم ( شمال النقرة ) أفطرنا ثم توجهنا إلى الحليفة ثم الحايط ثم الشويمس

ومنها غربا إلى قرية الضروة حيث كان قرارنا أن نبيت قريبا من حزمي مرصوص ومريصيص

دخلنا مع وادي غمرته الحمم البركانية اسمه ( شعيب الجيب )

هذا الوادي عجيب جدا ... حيث يقع بين جالين من الجبال الحمر التي تكثر فيها الرسومات والنقوش

ومجراه مغمور بالحمم البركانية السوداء



عندما خرجنا من الوادي مع طريق صاعد يسمونه ( طلعة الجيب ) كانت الشمس قد غربت

فوقفنا للمبيت غربا من جبل اسمه جبل الجيب أيضا .

وفي الصباح توجهنا للمكان الذي قدّرنا أن نوقف سيارتنا فيه لدخول اللابة مشيا على الأقدام لنصل إلى حزمي مرصوص ومريصيص


وكانت المفاجأة أننا وجدنا الطرق تصل إليهما بلا عناء فوصلنا بالسيارات ولم نجد مايشير إلى كهوف أو غيران ...

وبهذا يكون برنامجنا قد انتهى بهذه السهولة في ساعة باكرة .

فقررنا تغيير الوجهة باقتراح من أبي عبدالرحمن ( جمران )

حيث يوجد في وسط حرة الغويطات منطقة محاطة باللابة من جميع الجهات الأربع

وهذه المنطقة تقع شرقا من حزم مرصوص ومريصيص وهي بجوار حليات المنسف

وفعلا توجهنا ووصلنا إليها بعد صلاة الظهر تقريباً




صورة فضائية لمنطقة حزم مرصوص ومريصيص
والمنطقة التي قصدناها للدخول إليها مشيا على الأقدام

=
==
=




وكان الهدف الدخول إلى هذه المنطقة عبر الحمم المنصهرة ( اللابة ) مشيا على الأقدام ثم المبيت في وسطها بعيدا عن السيارات

كانت استعداداتنا ممتازة جدا وكل شخص يحمل فراشه وعدته وطعامه على ظهره

وكان رحال الخبر يعد لنا مفاجآت غير متوقعة من خلال الوجبات الجاهزة سريعة التحضير والتي يستعملها الرحالة الأجانب في رحلاتهم

لن أخوض في تفاصيل كهذه حتى لايطول التقرير كثيرا

في الصباح قمنا لنكمل دورتنا ثم نعود لسياراتنا بعد أن قطعنا أكثر من 10 كيلومترات مشيا على الحمم السوداء شديدة الوعورة والخطورة

تكمن خطورتها في كونها حجارة هشة متراكم بعضها فوق بعض وكثيرا ماتقف على حجر فيسقط بك أو يتحرك تحت قدميك معرّضاً توازنك للاختلال

ننتقل إلى الصور :






الدخول من أسفل شعيب الجيب للوصول إلى أعلاه عبر مجرى مليءٍ بالحمم

وجمران يستطلع الطريق




شعيب الجيب المغمور بالحمم

حيث تمتزج الصخور الرسوبية الحمراء بالصخور البركانية السوداء

=
==
=



وهذه صورة للموضع الذي نزلت منه الحمم إلى بطن الوادي قادمة من الفوهات البركانية في الأعلى :







سبحان الله ... منظر قد يستوقف الكثيرين

ولكنّ تأثيره سيكون أقوى لو كان يُرى على الطبيعة !!





الوصول لطريق الصعود إلى الحرة ( طلعة الجيب ) حيث يمكنك الإطلالة على الوادي العجيب






ومما يؤسفني أن وصولنا إلى هنا كان في لحظات الغروب مما جعل الصور تبدو غير جيدة




هذه صورة في الصباح لجبل أحمر صغير يسمونه ( حصاة الداب ) يقع شمالا عن مكان مبيتنا




صورة أقرب لحصاة الداب






إحدى فوهات البراكين الكثيرة في حرة الغويطات



فوهة أخرى جميلة



يالروعة المكان









بينما كنا نأخذ دورتنا على حزم مرصوص مررنا بهذه الطلحة التي وَضَعَت حدأةٌ عشها في أعلاها

فقرر قائدنا وكبيرنا رحال الخبر الصعود إلى العش لا ليقوم بالتصوير بل ليثبت لنا أنه لا زال شابا يافعا .





الحلاة الكبرى يمين الصورة تسمى حلاة التّـمر

وهي إلى الشمال الشرقي من حزم مرصوص


=
==
=

الآن وصلنا إلى حدود اللابة وأوقفنا السيارات في الجنوب الغربي من حليات المنسف

عند الاحداثية التالية :

2624047
4010060





الشباب يستريحون قليلا بعد أن سرنا مسافة كيلو متر واحد يعدل عشرة كيلومترات خارج اللابة

وتظهر حلاة المنسف في الخلف




حليات المنسف عبارة عن مجموعة فوهات بركانية متجاورة

وتظهر بعضها خلف اللابة في هذه الصورة





أبو محمد الواصل وجمران رفيقا درب تجمعهما أواصر متينة وكثيرا ما أتعجب من حب كل واحدٍ منهما للآخر

تحدّثني عيني و قد سرتما معا
حبيبان سارا ، أم هما أخوان ؟!

أدام الله المحبة بينكما وجمع شملكما وأظلكما في ظل عرشه يوم تلقون ربكما .





هذه هي المنطقة التي تحيط بها اللابة من جهاتها الأربع

أرض بكر بكل ماتحمله من معنى









هناك تتناثر النقوش على الحجارة

ولكننا لم نأتي لتوثيق النقوش ولا للبحث عنها

ولكن من يبحث هناك فلربما وجدا منها الكثير .








في هذا المكان قضينا ليلتنا بلا ضجيج

نفترش الرمل الأصفر ونتوسد اللابة السوداء

في عالم من الصمت

هذا سر من أسرار عشاق الحرات .




اللابة العظيمة تكاد تغمر الجبال الحمراء بعلوها الشاهق

بل إنها ترتفع في بعض النواحي أعلى من هذه الجبال




الشباب يلملمون أنفسهم ويستعدون لمشوار العودة للسيارات

ولكن من طريق آخر








تأملوا واعجبوا ... أما أنا فلن ينقضي عجبي من هذه الطبيعة العجيبة الغريبة












أنت لم ترفع رأسك فقط يا أبا عبدالرحمن

بل رفعت رؤسنا جميعا

رفع الله قدرك وأعلى منزلتك





انظر كيف انسابت الحمم وغمرت كل ماحولها !!









هذه البقعة المليئة بأحجار الكوارتز في وسط اللابة لو شئت أن أحلف أنها لم تطأها عجلات سيارة قط لما كنت حانثا .

من أين تأتيها السيارات ؟!!





في رحلة كهذه لابد من استخدام أحذية قوية

وإلا لن تستطيع مواصلة المشي .

الموضوع الأصلي: السير فوق الحمم على آثار عروة بن الورد | | الكاتب: راعي السفاري | | المصدر: شبكة بني عبس

[راعي السفاري]

أبو إبراهيم ( رحال الخبر ) يحب رؤية كل شيء

ولو كانت جحور النمل تتسع له لدخل إليها ليرى ما بها

ولديه حب للمغامرة وحب للمعرفة لم أره في غيره

فهنيئا لك ما أعطاك الله يا أبا إبراهيم .





أحد الخفوس المتناثرة في الحرة وجمران تستهويه هذه المناظر كثيرا .




الآن بدأنا نقترب من السيارات نحن الثلاثة

وباقي ثلاثة منا يمشون على مهلهم

فوجدناها فرصة لتجهيز وجبة لا أدري إن كانت غداء أم فطورا

حيث طبخ أبو محمد لحما ورزا وأكلناه قبل الظهر بساعة كاملة

لكن لا لوم علينا فهذا المشي الذي مشيناه لم يبق في أجوافنا شيئا مما أكلناه




هذه خيام قريبة من مكان سيارتنا لأحد سكان الحرة

وكنا بالأمس قد استأذناهم أن نبقي سياراتنا قريبة منهم وأخبرناهم بوجهتنا حتى يطمئنوا هم أيضا .









صالح الغفيلي

لا أظن أن شبرا في الحرة لا يعرفه

دمت لنا ولحرتك يا أبا عبدالرحمن







أبو محمد الواصل يقدم وجبته لنا بين هذه الحجارة السوداء

والحمد لله أننا خرجنا سالمين من هذا المكان قبل أن نتحول نحن وجبة غداء للذئاب






عندما تغدينا ركبنا متجهين إلى مورد ماء يسمى ( كمب ابن براك )

ومررنا في طريقنا بهذه المناظر الجميلة


















ويقع كمب ابن براك غرب قرية انبوان

عند الاحداثية التالية :

2624476

4015485


وهذه صورة لكمب ابن براك ومزرعته :




وقد صلينا فيها الظهر والعصر جمعا .


=
==
=

وبعدها توجهنا لحرة خيبر مرورا بروضة الأجداد ( روض ابن هادي )

ومرورا بالحائط ( فدك )

ثم الدخول إلى حرة خيبر والمبيت عند حلاة المنبطحة ( شرق جبل القدر )

حيث كان هدفنا غدا أحد الكهوف الكبيرة تحت الأرض




الشباب يستعدون للإفطار في الصباح استعدادا للانطلاق إلى الكهف



في هذا اليوم الرابع عشر من ذي الحجة انضم إلينا مجموعة جديدة مؤلفة من أربعة أشخاص

قدموا من الحج

حيث رغبوا مشاركتنا في الرحلة قبل أن ينصرفوا إلى أهلهم

فأهلا وسهلا ومرحبا بحجاج بيت الله .











الرأس الأبيض يلوح لنا

وتلوح لنا عروس الحرة البيضاء

من خلف اللابة





الشباب يرتاحون قليلا عند خزان الماء هذا جنوب جبل العاقر الذي ترونه

=
==
=




هذه روضة الهيرة وخلفها جبل صهلوج

واللابة تكاد تلتهم الروضة التهاما




وهذه فوهة حلية المنسف

وهي فوهة كبيرة تصعد إليها السيارات وتدخلها بسهولة





هنا معاذ الخنيني على جوانب فوهة حلية المنسف وكان قبل أيام على جبل عرفة





من جوانب حلية المنسف نشاهد العاقر والرأس الأبيض ( سقفا نجد )





وسط الفوهة الكبيرة







بعد ذلك خرجنا من فوهة حلية المنسف متجهين إلى الكهف الذي ننوي دخوله هذا اليوم

ومررنا بهذا الجبل الجميل الذي يتكون كله من الرماد البركاني






فوهة أخرى جميلة




جبل حمرون الهائل

ولو كان لدينا متسع من الوقت لذهبنا إليه وصعدناه





هذه لابة حمرون







فوهة صغيرة في لابة حمرون

وقد دخلت أنا وجمران في وسطها

بينما صعد الآخرون إلى أعلاها من جهة أخرى









الشباب ينزلقون من أعلى الفوهة

وهذا هو السبيل الوحيد للنزول

حيث أن الحجارة متحركة .




=
==
=


بعد ذلك توجهنا للكهف الذي يقع بين حليات خديجة وحليات قرينات الضمران جنوبا من جبل العاقر

وهو كهف عظيم ينحدر انحدار شديدا

ثم يتوسع توسعاً هائلاً في الأسفل

حتى يصبح ارتفاع سقفه عالياً ربما يصل إلى ارتفاع مبنى مكون من خمسة أدوار

ثم يبدأ بالتطامن حتى لا تستطيع المشي إلا منبطحاً على الأرض

وحتى قدرنا طوله بأكثر من 600 متر

ويوجد في وسطه حفرة لجمع الماء ( بئر صغير )

وقد جئنا إلى هذا الدحل بمعرفة سابقة من خبير الكهوف في الحرات صالح الغفيلي

وإليكم الصور





منظر للدحل من الخارج



فتحة الكهف

[راعي السفاري]

الدخول للكهف






بداية الدخول















هنا يبدأ الاتساع لهذا الدحل








لاحظ ارتفاع سقف الدحل هنا


فتحة في السقف وفوقها تجويف كبير

وكل هذا في باطن الآرض




أرضية الدحل طينية صلبة رطبة


البئر في آخر الدحل قبيل نهايته بقليل


وهذا وسطه وهو يمتلء بالماء في موسم الأمطار












الآن بدأ الدحل يتطامن كلما تعمق في باطن الأرض








أحبتي الكرام

اعذروني على الإطالة عليكم

واستروا إن وجدتم خللاً واصفحوا إن رأيتم زللاً

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تقرير من اعداد محمد الشاوي مكشات

[عبس404]

ما شاء الله
تقرير رائع
والله يعطيك العافيه

[ابن اخزيم]

تقرير رائع جدا
وصور جميله ومميزة الله يعطيك العافيه ياراعي سفاري عل النقل
الراااائع

[الصبحي]

ماشاء الله تبارك الله

تقرير رائع

والله يعطيك العافيه