[rashidhoa]

السكري في السعودية.. بين مصاب ومهدد

أحمد العمودي**






"السكري من أكثر الأمراض المنتشرة في المملكة العربية السعودية".. هذا ما كشفت عنه تقارير وزارة الصحة السعودية، حيث أوضحت آخر دراسة علمية أن 25% من السكان مصابون بالمرض -أي ربع السكان-؛ وهو ما دفع وزارة الصحة السعودية لبذل الجهد حتى يتم تحجيم المرض وعلاج الحالات بتكاليف قد تزيد عن 4 مليارات ريال سعودي (1.066.666 دولار أمريكي).

من جهته أوضح الدكتور خالد بن محمد مرغلاني المشرف العام على الإعلام والتوعية الصحية بوزارة الصحة السعودية أن مرض السكري صار من الأمراض باهظة التكاليف في علاجها، مشيرا إلى أنه يشكل عبئا ماليا كبيرا، ليس على الشخص المصاب وأسرته، بل على كاهل القطاع الصحي برمته.

حيث أظهرت الدراسات أن إجمالي نفقات مرضى السكري تصل إلى 15% من الميزانيات العامة الموجهة للقطاع الصحي في الدولة. كما أن 16% من ميزانية المستشفيات تنفق على مرض السكري، ولا عجب في ذلك إذا قلنا إن 30% من المرضى المنومين في المستشفيات أصلا لديهم سكري. ويشير مرغلاني إلى أن تلك الأرقام ذات دلالات ومؤشرات خطيرة صحيا واقتصاديا واجتماعيا.

برامج وطنية لمكافحة مرض السكري

وبالفعل طرحت الوزارة مؤخرا 20 مشروعا صحيا جديدا لعلاج مرض السكري، إلى جانب إصدار عدد من الكتيبات التعريفية بالمرض، وأدلة عمل لمساعدة الفرق الصحية على الاكتشاف والتشخيص المبكر للحالات، واتباع تدابير وقائية وعلاجية موحدة، يتم تطبيقها بشكل موسع وفي أوقات متزامنة حتى تتم الاستفادة منها، وسَعت الوزارة أيضا لتكثيف عمليات التدريب للأطباء والهيئات التمريضية المساعدة حول كافة العمليات المتعلقة بالمرض وطرق السيطرة عليه.

يؤكد الدكتور حمد بن عبد الله المانع وزير الصحة السعودي أن خطط التنمية الخمسية المتعاقبة تستهدف مكافحة مرض السكري من خلال برامج وطنية.

وعن أزمة ارتفاع الإصابات بالمرض بين الأطفال يرجع الدكتور مانع ذلك لعدة أسباب، منها العامل الوراثي والنمط الغذائي والثقافة الغذائية الأسرية، موضحا أن سكري الأطفال يحتاج إلى جملة من الاحتياطات التي تمكن ‏الأهل من إحكام المراقبة وتنظيم الحياة اليومية للطفل المصاب بالسكري؛ فلا نشعره بأنه مختلف عن أقرانه عن طريق التأقلم والتعايش مع المرض.

وناشد د. المانع أئمة المساجد والقائمين على الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمدارس والجامعات وكافة القطاعات الحكومية والخاصة القيام بدورهم في مجال التوعية الصحية لمواجهة هذا الخطر.

كما حث جميع الجهات الطبية للوقوف ضد هذا المرض الذي ينعكس سلبا على المجتمع في الجانب الاقتصادي والجانب الصحي، بالإضافة إلى تكثيف ورش العمل لجميع الأمراض المزمنة وعدم اقتصارها على مرض محدد.

انتشار وبائي في الخليج

وأوضح الدكتور مرغلاني أن دراسات المنظمات الدولية أثبتت أن هذا المرض يصيب شخصا بين كل 6 أشخاص، ويبلغ عدد المصابين به حول العالم حوالي 200 مليون شخص، ومن المتوقع أن يصل إلى 350 مليونا في عام 2025، أكثر من 70% من هذا الرقم في الدول النامية، أما في الوقت الحالي فهناك 17 مليون مصاب بالسكري في إقليم شرق المتوسط، كما أظهرت الدراسات أن نسبة الإصابة بالسكري بلغت 23.7% بالمملكة العربية السعودية.

وتفيد الدراسات والإحصائيات في بعض دول الخليج أن مرض السكري انتشر بصورة وبائية جعلت منه خطرا صحيا على المستوى الوطني؛ وهو ما يؤكده المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الدكتور توفيق بن أحمد خوجة في تصريحه لوكالة الأنباء السعودية، موضحا أن نسبة الإصابة قد تجاوزت 10% في سلطنة عمان ومملكة البحرين، أما بالنسبة لمعدلات الإصابة المتوقعة مستقبلا فقد تجاوزت نفس النسبة، مبينا أن النسب تشير إلى أن المجتمع الخليجي سيصاب بالسكري بنسبة تزيد عن 20%.

ويشير الدكتور خوجة إلى أن الإحصائيات والدراسات تؤكد ما أوضحته اللجنة الخليجية لمكافحة داء السكري، حيث جاء فيها أن ما بين خُمس إلى ربع مواطني دول مجلس التعاون إما مصابون أو سيصابون بالسكري خلال السنوات القليلة القادمة، مؤكدا أن خطورة هذا المرض لا تنبع من كونه منتشرا بصورة وبائية في المجتمع الخليجي، بل من ارتفاع نسبة الإصابة بمضاعفاته المزمنة؛ وهو ما رفع التكاليف الإجمالية لهذا الداء على المستوى الوطني.

أسباب الزيادة

فيما أوضح الدكتور عبد العزيز التويم استشاري ورئيس قسم أمراض السكري وسكري الأطفال أن مرض السكري من الأمراض المزمنة، وأوضح أن نسبته زادت إلى معدلات مرتفعة في دول العالم خصوصا دول الخليج؛ ففي المملكة العربية السعودية كانت نسبة الإصابة بمرض السكري 2.5% عام 1970م ثم زادت النسبة إلى 5% عام 1980م ثم زادت في عام 1990م إلى 14.4% ووصلت إلى 24% من عدد السكان ممن هم فوق سن الثلاثين حسب الإحصائية التي نشرت في عام 2004م.

ويعزو التويم أسباب هذه الزيادة إلى زيادة أعداد السكان وتغير أسلوب الحياة المعاصرة، مشيرا إلى أن حالات السكري بنوعيه الأول والثاني قد زادت بنسبة مقلقة في الأطفال والبالغين.

أما استشاري علاج السمنة الدكتور أحمد عبد المنعم الذي أجرى دراسة علمية حول السمنة فأوضح أن الدراسة بينت أن خطر الإصابة بالسكري يهدد البدناء ممن يزيد لديهم مؤشر كتلة الجسم عن 30، حيث يزيد خطر الإصابة لديهم بمعدل 53 مرة عن أقرانهم من ذوي الوزن الطبيعي، وأن الأشخاص الذين لم يصلوا إلى مرحلة البدانة أكثر عرضة للإصابة بداء السكري بمعدل 10 أضعاف عن ذوي الوزن الطبيعي خاصة إذا كانت السمنة في منطقة الخصر.

زيادة الوعي والتثقيف الصحي

وتحرص دول الخليج العربي على تشجيع الشباب للمشاركة في الأنشطة البدنية، وأن تصبح مزاولتها جزءا من نظام الحياة اليومي.

ويوضح الدكتور إبراهيم سالم السكار مدير إدارة البرامج الرياضية والصحية في وزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة أن انتشار الأمراض بين أفراد المجتمع كالسكري وأمراض القلب يعود إلى الاعتماد على النمط المعاصر في الحياة، والذي يعتمد على قدر محدود من الحركة، مشيرا إلى أنه أصبح من الضروري تكاتف المؤسسات المجتمعية للحد من انتشار هذه الأمراض.

وأضاف: "بدورها أولت وزارات التربية والتعليم اهتماما واسعا بهذا الشأن ورأت قياداتها ضرورة تأسيس وحدة إدارية خاصة تهتم بالبرامج الصحية، تهدف إلى رفع الوعي الصحي للطلبة وأولياء الأمور، وذلك من خلال خطط وبرامج تطبق بالميدان التربوي، وكانت البداية من خلال طرح منهج متطور للتربية الرياضية والصحية يعزز السلوكيات الصحية للطلبة ويشجعهم على ممارسة أسلوب حياة نشط عن طريق ممارسة مختلف الأنشطة البدنية بالمدرسة وخارجها".

وتقيم العديد من المستشفيات في السعودية أياما مجانية لتوجيه ورعاية مرضى السكري من خلال القيام بعمل الفحوصات والتحاليل اللازمة للمرضى بالمجان، بالإضافة إلى توزيع نشرات وكتيبات توعوية عن مرض السكري بجانب محاضرات لأطباء استشاريين في مختلف التخصصات لتوعية المرضى بأخطار المرض وطرق التعامل معه.

يشار إلى أن حقن الأنسولين أصبحت منظرا مألوفا في أوساط السعوديين، خاصة كبار السن الذين ترافقهم الحقن في كل مكان، حيث تقوم الجهات الصحية على تعليمهم كيفية الوخز حتى يصبحوا قادرين على التعامل مع أزمات السكري التي تنشأ عن ارتفاع أو انخفاض معدلات السكر في الدم؛ وهو ما يعني ضرورة تعويض النقص بحقنة سريعة للمحافظة على توازن الجسم من أي اعتلالات على وظائف الجسم

الموضوع الأصلي: السكري في السعودية.. بين مصاب ومهدد | | الكاتب: rashidhoa | | المصدر: شبكة بني عبس