![]() |
|
خيارات الموضوع |
|
مظاهر التكريم الإلهي للإنسان للإنسان في الإسلام مكانة عظيمة، فهو من حيث هو إنسانٌ ، أيّاً كان أصله ، أو جنسه، أو لونه ، أو نسبه ، أو منزلته الاجتماعية فهو مكرَّمٌ ؛ كرَّمه الله ، وميّزه عن سائر المخلوقات. ولهذا التكريم مظاهر عديدة ،بيانها في المطالب الآتية: المطلب الأول : الإنسان خليفة في الأرض : لقد شاء الله تعالى ، واختار للإنسان ، أن يَعْمُر الأرض ، بعد أن أنزله إليها ، وكان قبْلُ أبو البشرية آدم – عليه السلام- في الجنة ، في أرغد عيش ، وأهنئه . وقد أخبر الله –تعالى- الملائكة الكرام بـهذا الاستخلاف ، كما قال -سبحانه-: " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة " [البقرة : 30] وتقوم هذه الخلافة على ثلاثة عناصر : 1- الأخذ بالأسباب المادية التي أمر القرآن بها فيما يتعلق بالعمل ، والسعي ، والبحث، والتفكير . 2- الاستفادة من المعطيات الكونية التي سخرها الله –تعالى- للإنسان في الكون ، وما أدّخره له من خيرات الأرض . 3- استخدام المواهب الذاتية ، بدءاً من الحواس ، وانتهاءً بالعقل ، ومروراً بالتعاون والتكاتف ، والاستفادة من سائر الخبرات ، والطاقات . فإذا أضاف الإنسان إلى هذه العناصر الثلاثة : الالتزام بمنهج الله وشرعه ، فهنا : تتحقق الخلافة الكاملة في الكون ، فيظفر بالسعادة الكاملة ، ويحقق الأهداف الواسعة في الحياة ، ويؤدِّي مهمته على خير وجْهٍ . قال تعالى : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون " [النور : 55] . المطلب الثاني : الإنسان محور الرسالات السماوية : الإنسان هو المقصود غاية وهدفاً من ابتعاث الرسل ، وإنزال الكتب ، وقد اقتضتْ حكمة الله –تعالى- ألاّ يخلقه عبثاً ، ويتركه هملاً ، بل خلقه ليقوم بعبادته –تعالى- على الوجه الذي أراده منه ؛ فأنزل الله الكتب ؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ولهدايتهم إلى الطريق المستقيم ؛ كما قال -سبحانه-: " وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان." [آل عمران : 4] . وقال –سبحانه-: "إنّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور" [المائدة : 44]. وقال عن القرآن الكريم :"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً " . [الإسراء : 9] . وقد توالت الرسل ، وتتابعت الأنبياء ، وأُنزلتْ الكتب ؛ لهـداية البـشرية جمعاء، إلى ما يحقق لها السعادة ، ويجلب لها الخير ، في الدنيا والآخرة . فقد جاءت الرسالات تدعو إلى تحرير الإنسان من الشرك ، والزيغ ، والضلال ، ليبلغ الإنسان بذلك المرتبةَ التي يؤدي بها وظيفة الاستخلاف خير أداءٍ . المطلب الثالث : تكليف الملائكة بالسجود لآدم : إن أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم –عليه الصلاة والسلام- لمن أدلّ المظاهر على التكريم الإلهي للإنسان ، وبيان مكانته التي تبوّأها بين الموجودات ، والمنزلة التي بُلِّغها. وكان هذا السجود : تكريماً للإنسان ؛ إذْ نوَّه الله بذكْره في الملأ الأعلى، قبل إيجاده. وقد ذكر الله –تعالى- قصة ذلك السجود في القرآن في أكثر من موضع ، منها : قوله –تعالى-: "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" [البقرة : 34] . قال العلماء : أمرهم بالسجود له على وجه التحية والتكرمة ؛ تعظيماً له ، واعترافاً لفضله ، واعتذاراً عمّا قالوا فيه ، وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم -عليه السلام – وهو سجود تعظيم ، وتسلية ، وتحية ، لا سجود عبادة ( ). المطلب الرابع : تفضيل الإنسان على سائر المخلوقات : ومن مظاهر تكريم الله -سبحانه وتعالى – للإنسان ، تصريحه وتنويهه بذلك التفضيل والتكريم ، كما في قوله – سبحانه- :" ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلاً" .[الإسراء : 70]. فمن أوجه هذا التكريم : أن ركّب فيه العقل ، الذي به يفكِّر ويتفكر ، ويدرك ، ويَعِي ، ويختار . ونفخ فيه الروح ، ووهبه إياها ، وخلقه في أحسن هيئة ، وأكمل صورة ، كما قال تعالى :" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " [التين : 4]. وقال :" يا أيها الإنسان ما غرَّك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك" [الانفطار : 7] . قال القرطبي : "والصحيح الذي يُعوَّل عليه : أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف ، وبه يُعرف الله ، ويُفهم كلامه ، ويوصل إلى نعيمه ، وتصديق رسله ، إلاّ أنه لمّا لم ينهض العقل بكلّ المراد من العبد بُعثتْ الرسل ، وأنزلت الكتب ... ( )". لكن لا ينبغي للإنسان أن يتطاول بـهذا العقل ، ويتجاوز به حدَّه ؛ فالعقل مهما تسامى وتنامى فلن يستطيع أن يُدرك كل الحقائق ، أو يحيط بها علماً ، أو يستوعب كل الممكنات ، فهناك أمور يَقْصُر عنها ، وعن إدراكها ، ولذلك كان لا بُدَّ من كبح جماح هذا العقل بالشرع والدين؛ بحيث يكون العقل تابعاً للشرع ، يَصْدُرُ عنه ، ويأخذ بهديه ، ويسترشد به ، وإلاّ تاَهَ، وهلك، وأهلك : وكان وبالاً على صاحبه ، ودماراً . فالإسلام أمر بالتوازن بين العقل ، والجسد ، والروح ، على أساس الدين ، الذي ينظم هذه العلاقة ، ويجعلها تصبّ في مصبِّها الصحيح . المطلب الخامس : تسخير ما في الكون للإنسان : وهذا من مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان ؛ حيث سخَّر له ما في الكون ، ومكّنه من استغلاله على الوجه الذي ينتفع به ، وأقدره على ذلك ، بل أمره بالسعي لطلب هذه المُسخّرات ، وامتنَّ عليهم بها . قال تعالى :" ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" [ لقمان : 20] . وقال :" هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" [الملك : 15]. وقال –تعالى- :" هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً"[البقرة : 29] . قال القاسمي –رحمه الله- : "ومعنى ( لكم ) لأجلكم ، ولانتفاعكم "( ). فالله –تعالى- سخّر الكون للإنسان ،لتحقيق رفاهيته ، وتأمين سعادته ، وتدبير أسباب العيش ، وجني خيرات الأرض ، واستخراج دفائنها ؛ بما يحقق المصلحة والنفع ، ويتّجّه بها نحو الخير ،والصلاح . المراجع تفسير القرطبي "(10/294) ، نشر : دار الكتاب العربي ، القاهرة ، سنة : 1387هـ - 1967م ."تفسير القاسمي": (2/90 ).
آخر تعديل بواسطة الاجهر ، 15-12-2007 الساعة 04:02 AM.
|
|
الحمد لله الذي فضلنا على كثير من خلقه
بالكثير من النعم اهمها نعمة العقل لقد يسر لنا الخالق امورا كثيره وجب علينا حمده سبحانه عليها سلمت اخي على هذا الطرح القيمه لا عدمنا مواضيعك المميزه تقبل مروري المتواضع اختك طيف المشاعر
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|