عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 28-08-2008, 04:55 PM
الضرغام
كــاتــب مٌــميز
الصورة الشخصية لـ الضرغام
رقم العضوية : 635
تاريخ التسجيل : 8 / 12 / 2006
عدد المشاركات : 1,820
قوة السمعة : 20

الضرغام بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي قيمة العقل.. وسلطة المعرفة
(1)
لا تقاس حركة التقدم.. ومستوى درجة الوعي، في المجتمع إلا بمدى تأثير الإنسان/ المواطن في جعل هذا المجتمع في حركة دائمة ودائبة.. وفي نمو وتصاعد هذا الوعي ولا تقاس بالمقابل قيمة هذا الإنسان/ المواطن إلا بمدى ما حققه وأنجزه على أرض الواقع.
ولأن هناك وعلى مدى التاريخ ثمة من «يبني» وثمة من «يهدم» وثمة من يضيء الطريق والفضاء والأفق وثمة من يحاول أن يزيد الظلام ظلاماً آخر.. وعتمة أخرى، كان لابد أن تتعزز القيمة الكبرى والعليا للإنسان، والذي هو في سفر دائم بحثاً عما يجعله إنساناً ومواطناً لا تكبر إنسانيته ولا تعلو مواطنيته إلا بشعوره وإحساسه بإنسانيته ومواطنيته على السواء.
أكتب هذه المقدمة الصغيرة التي تتصل اتصالاً مباشراً بما كتبته «هنا» في مقالتي السابقة والمعنونة بـ«حتى لا نصبح خارج التاريخ» التي حاولت فيها وفي محاورها وأفكارها ورؤاها أن أبحث في كيفية الأخذ بسؤال المعرفة، وجعل هذا السؤال هو المفتاح للدخول في لحظة العصر، وفهم ما يجري في هذا العالم، هذا العالم الذي قلت عنه بأنه لم يعد عالماً كبيراً، لقد تحول بفعل سلطة المعرفة وسلطة المال والسياسة وثقافة الصورة إلى عالم «صغير».. فيما كنت أتساءل ضمنياً: أين نحن من هذا العالم.. أين موقعنا.. وأين ينبغي أن نكون؟!
(2)
بعد قرابة ستين عاماً.. وفي خضم التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. وبعد «مخاض» اجتماعي لازلنا نرقب إرهاصاته ونتائجه وتداعياته وفي سياق بحثنا عن تأثير المعرفة في المجتمع المرتبطة بدور وتأثير الإنسان/ المواطن.. يبرز السؤال:
هل ساعدت الجامعات السعودية بمختلف تخصصاتها وتوجهاتها.. وكذلك المؤسسات العلمية والثقافية والتربوية في الإسهام في حركة تقدم وتشكيل مستوى ودرجة الوعي في المجتمع؟!
وأعترف أن الإجابة على السؤال تقتضي فهم وقراءة السياق الاجتماعي وأنساق وآليات التفكير التي تحكم وتتحكم في صعود وهبوط مستوى ودرجة الوعي.. وكذلك قبلاً الشعور بمعنى التقدم، في مجتمع آخذ في الظاهر بكل تجليات الحداثة، واحتلت الواجهة منه كل الرموز التي تشير إلى المدنية فيما هو في العمق أكثر انغماساً وانغماراً في تقليديته -ارتهاناً- إلى ثقافة تظل راسخة ومترسبة في اللاوعي ونتيجة لوقوع المجتمع نفسه بين حالتين، حالة النزوع إلى الانفتاح ومحاولة فتح النوافذ بحذر وخوف على العالم فيما هو أسير الفكر التقليدي والوقوف على أرضية الماضي، وأطلال هذا الماضي، إنه مجتمع يأخذ ويستهلك كل أدوات ومنتجات الغرب فيما هو ناقد لهذا الغرب وناقم عليه.
(3)
إن تأثير الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية والثقافية والتربوية في صياغة المجتمع تستحق وقفة طويلة وقراءة علمية عميقة ينبغي أن يقوم بها المتخصصون والمعنيون بالمسار الحضاري ورسم الخطوط الأولى لهذه القراءة التي عليها أن تذهب عميقاً في هذا القراءة ومن ثم الدخول في أعماق الواقع الاجتماعي من أجل سبر أغواره وفهم أسراره والوصول إلى نتائج أعتقد أنها سوف تكون نتائج مذهلة فيما لو أن فريقاً من العاملين في البحث الاجتماعي والنفسي والاقتصادي تصدّى لدراسة هذا الواقع الاجتماعي والظواهر التي طرأت على هذا الواقع الذي شهد ويشهد تحولات مفصلية تدخل عميقاً -اليوم- في تغيير هويته وتركيبته البشرية والذهنية وفي تشكلاته المختلفة، ووقوف هذا المجتمع بين ما تصنعه إرادة المعرفة وإرادة العولمة والعالم، وبين ما يراه صالحاً لنفسه وما يراه هذا العالم صالحاً له.. إن الإيمان بقيمة العقل هو الذي سوف يقودنا إلى المستقبل حيث ينبغي أن نكون.

منقول // صحيفة عكاظ



( الأربعاء 26/08/1429هـ ) 27/ أغسطس /2008 العدد : 2628
الموضوع الأصلي: قيمة العقل.. وسلطة المعرفة | | الكاتب: الضرغام | | المصدر: شبكة بني عبس




توقيع الضرغام

 

 



Facebook Twitter