بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تفسير سورة الكافرون
سورة الكافرون مكية عدد آياتها ستة .
سبب نزولها :
نزلت ردا على اقتراح تقدم به بعض المشركين و هم الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل السهمي و الأسود بن المطلب و أمية بن خلف , مفاده أن يعبد النبي صلى الله عليه و سلم معهم آلهتهم سنة و يعبدون معه إلهه سنة مصالحة بينهم و بينه و إنهاء للخصومات في نظرهم , و لم يجبهم الرسول صلى الله عليه و سلم بشيء حتى نزلت هذه السورة ( قل يا أيها الكافرون ) .
فضلها :
جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ... " و قل يا أيها الكافرون " تعدل رُبع القرآن ) حسن لغيره . صحيح الترغيب و الترهيب ( 2 / 1477 ) .
( قل يا أيها الكافرون ) شمل كل كافر على وجه الأرض , و لكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفار قريش .
( لا أعبد ما تعبدون ) أي تبرَّأ مما كانوا يعبدون من دون الله , ظاهرا و باطنا .
( و لا أنتم عابدون ما أعبد ) لعدم إخلاصكم لله في عبادته , فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة .
( و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد )
" و لا أنا عابد " أي فيما أستقبل " ما عبدتم " أي فيما مضى " و لا أنتم عابدون " أي فيما تستقبلون أبدا " ما أعبد " أي الآن و فيما أستقبل , هكذا فسره الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى , ثم قال : و إنما قيل ذلك كذلك , لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين , قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا , و سبق لهم ذلك في السابق من علمه , فأمر نبيه صلى الله عليه و سلم أن يؤيسهم من الذين طمعوا فيه و حدثوا به أنفسهم , و إن ذلك غير كائن منه و لا منهم في وقت من الأوقات , و آيس نبي الله صلى الله عليه و سلم من الطمع في إيمانهم , و من أن يفلحوا أبدا , فكانوا كذلك لم يفلحوا و لم ينجحوا , إلى ان قتل بعضهم يوم بدر بالسيف , و هلك بعضٌ قبل ذلك كافراً .
( لكم دينكم و لي دين )
" لكم دينكم " تقرير لقوله تعالى ( لا أعبد ما تعبدون ) و قوله تعالى ( و لا أنا عابد ما عبدتم ) كما أن قوله تعالى " و لي دين " تقرير لقوله تعالى ( و لا أنتم عابدون ما أعبد ) و المعنى أن دينكم , الذي هو الإشراك , مقصور على الحصول لكم , لا يتجاوزه إلى الحصول لي أيضا , كما تطمعون فيه , فإن ذلك من المحالات , و أن ديني الذي هو التوحيد , مقصور على الحصول لي , لا يتجاوزه إلى الحصول لكم , فلا مشاركة بينه و بين ما أنتم عليه .