عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 9  ]
قديم 07-06-2008, 02:54 PM
سعود
عضو مبدع
رقم العضوية : 2953
تاريخ التسجيل : 9 / 12 / 2007
عدد المشاركات : 320
قوة السمعة : 18

سعود بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي


مشروع ناجح يدر المليارات واتمنى ات يمارسه ابناء الرشايده بالتعاوت مع المهندسه الموريتانيه
إعداد - أشرف البربري
شهدت الفترة الأخيرة اهتماما متزايدا بحليب الإبل من جانب دوائر عديدة منها الدوائر الطبية والاجتماعية حيث أكدت العديد من الدراسات الفوائد الغذائية والصحية الكثيرة لحليب الإبل.
وامتد الاهتمام بهذا الحليب ليصل إلى العالم الغربي الذي يشهد عودة قوية إلى الطبيعة.
وعن حليب الإبل في موريتانيا نشرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) تقريرا شاملا قالت فيه:
إنه منذ عشرين عاما عندما كانت الأمور تتأزم كان المواطن الموريتاني محمد ولد طاطي يضطر إلى بيع واحدة من نياقه العزيزة لكي يتم ذبحها وبيع لحمها في النهاية. ولكن الأمور تغيرت اليوم حيث لم يعد محمد ولد طاطي مضطرا لبيع النوق لكي يحصل على المال الذي يحتاج إليه وإنما يكتفي ببيع حليبها الذي زاد الاقبال عليه بصورة كبيرة.
ويتميز لبن الإبل بصفات غذائية تجعله الافضل بين مختلف أنواع الألبان الأخرى. فهو يحتوي على كميات من فيتنامين سي تزيد على الموجودة في لبن البقر ثلاث مرات. وعلى مدى قرون عديدة كان لبن الإبل هو المشروب المفضل للموريتانيين حيث يتم تقديمه للضيوف الذين ينزلون على خيام أهل الدار. كما يتم تقديمه للفقراء الذين يسألون الناس العطاء.
ويقول ولد طاطي (لم نكن نفكر أبدا في بيع الإبل. فقد كان أمرا مخزيا جدا أن نفعل ذلك. ولكن الأمور تغيرت اليوم وأصبح البدو في مختلف الصحاري الموريتانية يقدمون اللبن الطازج إلى مصنع تيفسكي بالعاصمة نواكشوط من أجل تعقيمه وتعبئته وبيعه).
ويضيف أن الأفكار والعادات بشأن بيع لبن الإبل قد تغيرت. ففي الماضي كان اللبن مجرد مشروب لكنه اليوم تحول إلى (ذهب سائل) بالنسبة للبدو في موريتانيا.
باب للثراء
وقد ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) مؤخرا أن حجم السوق العالمية لحليب الإبل يمكن أن يصل إلى عشرة مليارات دولار سنويا الأمر الذي يفتح بابا واسعا للثراء أمام ملايين البدو في الصحاري وبخاصة الصحاري العربية حيث تنتشر تربية الإبل.
وقد كان مصنع تيفيسكي للألبان في العاصمة الموريتانية من بنات افكار المهندسة البريطانية نانسي عبد الرحمن. ففي إحدى زياراتها لموريتانيا كدارسة لفت نظرها أن عددا كبيرا من سكان هذه الدولة الفقيرة يستهلكون الألبان المستوردة في حين أن عدد الماشية والإبل في البلاد يزيد على عدد سكانها. ولذلك قررت عمل شيء لعلاج هذه القضية من خلال إقامة أول مصنع لمنتجات الألبان في الصحراء الإفريقية. كما أن هذا المصنع هو الثاني على مستوى العالم لتعقيم وتعبئة حليب الإبل.
والحقيقة أن هذا المشروع مفيد لجميع الأطراف في هذه الدولة وهي من أشد دول العالم فقرا حيث إن أكثر من ثلثي سكانها يعيشون بدخل أقل من دولارين في اليوم وهو ما يضعهم تحت خط الفقر وفقا لمعايير البنك الدولي.
وبفضل دخول حليب الإبل الموريتاني حيز الاستغلال الاقتصادي أصبح بدو موريتانيا قادرين على الاتصال بالعالم دون أن تلتهمهم آلة العولمة الجبارة.
وتقول نانسي عبدالرحمن: إن المصنع الذي أقامته هو صورة من صور المساعدة الإيجابية للفقراء من أجل الخروج من دائرة الفقر دون أن يضطروا إلى الدخول في دائرة العولمة (سيئة السمعة) حيث إن المصنع لا يفعل أكثر من مجرد الاستخدام الأمثل للموارد والمهارات المتاحة لدى هؤلاء الفقراء دون أن يقدموا أي تنازلات. وتضيف: (أنا فخورة جدا بهذا المشروع. كما أن هؤلاء البدو الرعاة فخورون بصورة أكبر).
يدفع مصنع تيفيسكي 150 أوقية موريتانية بما يعادل 55 سنتا أمريكيا لكل لتر من حليب الإبل للرعاة الرحل وهو يشكل دخلا كبيرا جدا بالنسبة لهؤلاء البدو الذين لا تتيح لهم طبيعة الحياة البدوية فرصا كبيرة لتحقيق أي تحسن في ظروفهم الاقتصادية.
وهؤلاء البدو يحلبون إبلهم أينما اتفق ويرسلون الحليب في دلاء إلى المصنع في حين يستخدم آخرون عربات تجرها الحمير أو الشاحنات الخفيفة لتجميع الحليب ونقله إلى المصنع. وهذه الشبكة تتيح لهؤلاء البدو الاستفادة من خدمات المصنع دون أن يضطروا إلى التخلي عن التنقل والترحال بحثا عن المراعي والمياه حيث يهتدون بالنجوم في السماء ليلا والسحب أثناء النهار.
وهناك فائدة أخرى لهذا المصنع بالنسبة لسكان العاصمة نواكشوط حيث يمكنهم الاستمرار في حياتهم الحضرية اليومية مع الارتباط بجذورهم البدوية وشرب لبن الإبل الذي تربوا عليه في الصغر.
يقول سيدو سال وهو موظف في الجهاز الإداري بالدولة في موريتانيا (نحن جيل الوسط الذي يعيش بقدم في الصحراء حيث حياة البداوة وأخرى في المدينة حيث حياة الحضر).
والحقيقة أن عدد سكان العاصمة الموريتانية يزيد باضطراد حيث ارتفع عدد سكانها من 200 ألف عندما تأسست عام 1960 إلى حوالي مليون نسمة حاليا. من المؤكد أن المزيد من الموريتانيين سيتدفقون على العاصمة خلال الفترة المقبلة بحثا عن المال بعد اكتشاف النفط في موريتانيا.
ونظرا لأن عدد كبير من رجال الأعمال وكبار المسؤولين في الدولة بموريتانيا والذين انتقلوا للحياة في نواكشوط ولدوا وتربوا في خيام القبائل البدوية فإنهم ينتهزون فرصة سقوط الأمطار الغزيرة حيث يجدون لديهم المبرر للذهاب إلى الصحراء ويستأجرون النوق لكي يضمنوا مصدرا منتظما لحليب الإبل الطازج.
ولكن المصنع الجديد سوف يتيح لهؤلاء الأشخاص الحصول على حليب الإبل المعقم دون أن يحتاجوا إلى مغادرة المدينة.
ورغم أن الحليب كان المنتج الوحيد لمصنع تيفيسكي عندما بدأ العمل عام 1989 فإن نشاطه اتسع خلال السنوات الأخيرة ليبدأ في معالجة ألبان الأبقار والماعز أيضا. ويشترى المصنع عادة حوالي 12 ألف لتر من الحليب يوميا. وبمرور الأيام استطاع البدو الرحل تحسين مستوى معيشتهم من خلال هذا المصنع الذي أصبح يقدم لهم المال بشكل يومي مقابل الحليب الذي لم يكن له قيمة اقتصادية بالنسبة لهم في الماضي.
الحليب مقابل المال
وتقول نانسي عبدالرحمن: إن البدو الذين يحصلون على الأموال مقابل الحليب يشترون المزيد السلع والمنتجات الزراعية وهو ما يعني ضخ المزيد من الأموال في قطاعات أخرى بالاقتصاد الموريتاني.
ولا يقتصر دور هذا المصنع على مساعدة البدو في الاستفادة من قطعان الإبل لديهم ولكنه يقدم مساعدات كبيرة لتجمعات الفقراء في العاصمة من خلال الاستفادة من بقايا الحليب حيث يتم خلط هذه البقايا بالفواكه لإنتاج وجبة غذائية غنية بالكالسيوم وتقديمها لتلاميذ المدارس في المناطق الفقيرة. ويوزع المصنع حوالي 500 عبوة من هذه الوجبات يوميا وعلى هذه العبوات توجد رسائل تعليمية أيضا للتلاميذ مثل (اغسل يديك) أو (نظف أسنانك يوميا).
وهناك أيضا فائدة بيئية للمصنع حيث يتم استخدام مياه الصرف الصناعي للمصنع بعد معالجتها كمخصبات للحدائق المحيطة بالمصنع والتي تشكل في حد ذاتها بقعة خضراء نادرة في هذه المدينة الغارقة في الرمال الصفراء.
تقول منظمة الأغذية والزراعة: إن الطلب على حليب الإبل ينتعش بقوة ولكن لا توجد فرصة كبيرة لزيادة المعروض منه تلبية لهذا الطلب المتزايد حيث إن الجانب الأكبر من إجمالي إنتاج العالم من حليب الإبل يستخدم في إرضاع صغار الإبل. يبلغ إنتاج العالم من حليب الإبل حوالي 4.5 مليون طن سنويا تنتجها حوالي 20 مليون ناقة. وتسعى منظمة الفاو إلى تعليم البدو كيفية زيادة إنتاجهم اليومي بنسبة 400 في المائة ثم إقناع المستثمرين بدخول مجال معالجة حليب الإبل ونقله إلى السوق الغربية الواسعة.
يقول أنطوني بينيت خبير اقتصاديات صناعة منتجات الألبان في منظمة الفاو إن احتمالات نمو هذه السوق كبيرة جدا. والحليب يعني المال. وسوق حليب الإبل في العالم تقدر بحوالي عشرة مليارات دولار سنويا.
وتشير نانسي عبدالرحمن إلى الإنجازات التي حققتها من خلال مصنعها الذي يعمل فيه حاليا 240 عاملا وبإمكانيات محدودة نسبيا. كما تتحدث عن عقبات مازالت تحتاج تجاوزها.
فقد فشلت على سببل المثال محاولاتها لإنتاج الجبن من حليب الإبل. فالمعروف أن لبن الإبل لا يتخمر بشكل طبيعي ويحتاج إلى ظروف جوية محددة منها درجة حرارة منخفضة لكي يتم تحويله إلى جبن وهو ما يتوافر بسهولة في موريتانيا الواقعة على حافة الصحراء الإفريقية الكبرى.
وعندما استطاعت نانسي عبد الرحمن انتاج الجبن اللذيذ من حليب الماعز ووجد سوق رائجة في أوروبا حيث يتم عرضه في كبرى المتاجر مثل (هاردوز) ببريطانيا فإنها اصطدمت بقواعد الاتحاد الأوروبي التي تفرض قيودا على صادرات مصنعها. وتقول إن المفارقة أن تغلق السوق الأوروبية أمام هذا الجبن المنتج خصيصا لها.


Facebook Twitter