أحبّائي ...كلنا تقريبا معتاد على رؤية بعض الرجال أو النساء ، وهم جالسين أمام أبواب المساجد أو على أرصفة الشوارع ... يمدون أيديهم للناس رغبة في الحصول منهم على درهم أو دينار ، مصطحبين في بعض الأحيان أطفال صغار ، ومرات يحملون شهادات طبية مدعمين سؤالهم بالبكاء والدعاء !
وإذا كان التسول أمر قديم وقد لا ينتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، لكن أن يتحول هذا الأمر إلى مهنة فهذا هو الأمر الغريب والمحزن ، شباب في مقتبل العمر يتمتعون بصحة جيدة يسألون الناس ويشتكون بعدم وجود العمل !
والحقيقة المرّة أنّ هؤلاء قد وجدوا في مد اليد أو في مهنة التسول الكنز الذي عجزوا على تحقيقه بواسطة العمل ، فبلا متاعب يستطيعون تحقيق أحلامهم ، والدليل على ذلك تمكن رجال الأمن في بعض المناطق من القبض على بعض المتسولين ومعهم الملايين من الدينارات ! وهم يملكون حسابات في البنوك !.
فمع الأسف الشديد جلّ هؤلاء المتسولين الآن كذبة ووجوههم قد نفذت من ماء الحياء كما يقال ، قال أحد الشعراء :
إذا قل ماء الوجه قل حياءه *** و لا خير في وجه إذا قل ماءه
وليتذكر هؤلاء قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: « لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله تعالى وليس في وجهه مُزْعة لحم » .
ومن الأفضل لهم أن يعملوا بحديث الذي لا ينطق عن الهوى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم " لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي الجبل فيجئ بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بثمنها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" .
كما على الجميع أن يجتهد عند إخراج صدقته ، وذلك حتى يضعها في مكانها المناسب ، فهناك الفقراء والمساكين من الجيران والأهل والأقارب وهناك المرضى وهناك وهناك من هم في أمس الحاجة إليها ...ومنهم من يستحي ولا يستطيع أن يمد يده أو أن يسأل الناس كما قال المولى عز وجل (لِلْفُقَرَآءِ الّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ التّعَفّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [سورة: البقرة - الأية: 273].
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال والعبادات