************************************************** ********************
كانت ندى في غرفتها تستمع بانتباه إلى ثرثرة ابنة عمها نوف بينما مال قرص الشمس إلى المغيب.
ضحكت ندى ثم قالت"نوف..ما تلاحظين ان هرجك كثر بعد ملكتك على طلال"
كان طلال قد عقد قرانه على نوف بهدوء تام في المحكمه .
تنهدت نوف قائله "ندى والله ماني مصدقه انه خلاص ارتبطت أخيرا بطلال"
ندى"أحيانا أحلامنا تتحقق على أرض الواقع خاصه إذا كنا متمسكين فيها"
نوف"ياااه سنين يا ندى والحلم بطلال ملازمني...دعيني أعبر عما في قلبي من مشاعر"
ندى"يا عيني على الأسلوب...عبري وغردي دام لي آذان مصغيه"
نوف"الحب شي عظيم"
ندى"طبعا وإلا كيف ولد الشعراء والكتاب..."
ابتسمت نوف بعذوبه وهي تتلمس بأناملها العقد الناعم النائم على صدرها.كان على شكل قلب
منقوش بداخله حرف( t)
اقتربت ندى هامسه "الحلوه سرحانه في ايش؟"
تطلعت ندى الى نوف ضاحكه بينما كانت نوف تائهه في عالم آخر فقد سحبتها أمواج الذكريات
إلى تلك الليله بعد الملكه. أرسل لها طلال مسج يقول فيه أنه بالمجلس بمفرده ويريد رؤيتها.
كادت نوف أن تطير فرحا فبعثرت ما في دولابها بحثا عن لباس أنيق وجميل.تنهدت محتاره وهي تتطلع
إلى غرفتها حيث وزعت ملابسها في كل مكان.
دخلت ندى الغرفه واتسعت عيناها وهي تشاهد الفوضى من حولها فسألت نوف ضاحكه"وشعندك على
هالمهرجان لا يكون تبين تتبرعين بملابسك"
تطلعت إليها نوف ثم قالت بحنق"عن التريقه..وساعدني باختيار فستان حلو"
ندى"واااو...فستان حلو اكيد السالفه فيها طلال"
هزت نوف كتفيها بلا مبالاه ثم قالت"زوجي ويبي يشوفني..ولازم أطلع بصوره حلوه"
ندى"اثقلي يا بنت...بعدين تطيحين من عينه"
تنهدت نوف"أطيح من عينه وأستقر بقلبه"
ابتسمت ندى وهي تشاهد لمعان الفرحه يشع من عينيها "الله يوفقك يا رب"
نوف"قولي لي يا ندى ايش أختار؟"
ندى"امممممممم...ايش رأيك بالليلكي روعه"
نوف"لا قديم..امممم راح أختار الفوشي" رفعت نوف فستان جميل وبسيط مصنوع من القطن
ويصل إلى نصف ساقها.
شهقت ندى قائله"هذا قصير يا نوف"
نوف"واذا كان قصير...المهم أكون على الموضه وأسلب قلب طلال"
ابتسمت ندى"المسكين...بتسلبين قلبه وعقله"
ارتدت نوف فستانها بمرح واختارت لها ندى حزام من الجلد وكعب فوشي. وقفت نوف عند المرآه
وجملت وجهها بماكياج خفيف وكثفت الماسكرا على أهدابها.صففت شعرها الحريري القصير
وثبتت على جانبه ورده فوشية اللون ثم وضعت قطرات من عطرها المفضل (جوسي كوتور)
القت نظره أخيره على مظهرها من خلال المرآه ثم التفتت إلى ندى وهي تبتسم فحضنتها
بقوه ثم قبلت خدها وهمست في اذنها"ادعي لي"
هتفت ندى"بالتوفيق"
نزلت نوف بهدوء وهي تتطلع حولها وتدعي الله في سرها أن لا يشاهدها أحد وببطء اتجهت إلى المجلس
وكم هالها أن تشاهد محمد يخرج من المجلس.وقفت بلا حراك وقد ألجمت المفاجأه لسانها.
تطلع محمد إليها بفتور ثم قال "على وين؟"
ترددت نوف ثم قالت بصوت خافت"قالت لي أمي آخذ بعض الأغراض من المجلس"
قال محمد باستهزاء"لا والله..وان شاء الله ناويه تدخلين مجلس الرجال باللبس هذا؟!!"
نوف"ايش فيه لبسي؟"
محمد"اسألي نفسك ...اللي يشوفك يقول بتروحين لحفله"
نوف"لا يا شيخ...وانت ما تبيني أتزين"
قال محمد بحنق"تتزينين ببيت زوجك...يالله الحين قدامي غيري ملابسك..وانتبهي تدخلين المجلس
لأن فيه ضيف عندي"
ضربت نوف بحنق كعبها على الأرض أمام عيني محمد المندهش ثم اتجهت مسرعه إلى غرفتها
صادفتها ندى على الممر فقالت بتعجب"رجعتي بسرعه"
لزمت نوف الصمت وهي تتجه إلى غرفتها وكان الغضب مرسوما على محياها..
تبعتها ندى وهي تتساءل في سرها عن سبب انزعاج ابنة عمها.
خلعت نوف فستانها وهي تهدد وتتوعد ثم اتجهت إلى الحمام الملحق في غرفتها وأزالت مكياجها
همهمت نوف غاضبه"والله لأوريك يا محمد...هين شغلك عندي"
ندى"محمد؟!!"
نوف"ايه.... أخوي المحترم..هادم اللذات..عاملي فيها ناصح"
اقتربت ندى من نوف ووضعت يدها على كتف ابنة عمها ثم قالت برقه"ايش اللي حصل؟"
طأطأت نوف رأسها ثم همست"طردني..لكن ما عليه مرده لي...والله ما أنساها لك يا محمد"
ضحكت ندى قائله"أخوكِ ويبي مصلحتك"
نوف"اصبري علي..والله لأعطيه درس على موقفه ما راح ينساه"
ارتدت نوف من شدة حنقها جلابيه بسيطه جدا بنية اللون كانت هديه من جدتها ولم تلبسها نوف أبدا..
جلست نوف على سريرها متنهده"والله ما أدري يا ندى...شكل محمد فاجأ طلال بالمجلس"
وصلت رساله الى جهاز نوف فقرأتها بلهفه (اعتذر منك يا نوف..ومحمد الله يهديه لزقه..أنا بروح
وعلى فكره أنا تركت لك هديه بسيطه في الملحق الخارجي أتمنى تعجبك"
أغلقت نوف جهازها وقد عادت الإبتسامه إلى وجهها فقفزت من مكانها ثم جلست بالقرب من ندى
واحتضنتها ضاحكه قالت ندى مبتسمه"سبحان مغير الأحوال"
نوف"طلال جايب لي هديه..والله انه ذوق...يقول انه تركها لي بالملحق"
ندى"وايش تنتظرين؟!جيبيها بسرعه"
وقفت نوف بنشوه ثم تطلعت إلى ندى "تجين معي؟"
قالت ندى بتردد"لا..أخاف أقابل محمد" وكانت ندى تتجنب الالتقاء مع محمد في الأيام السابقه.
نوف"أجل أنا بروح الحين ودقايق وأكون عندك"
ندى"خوذي جلال الصلاة ممكن تصادفين أحد بطريقك للملحق"
أخذت نوف (الجلال) ثم ارتدته على عجل وأسرعت إلى الملحق...كان الليل قد أرخى ستائره
على مدينة الرياض وكانت نسائم الهواء اللطيفه تداعب وجه نوف.اقتربت نوف من الملحق في قسم الرجال
وكان يضيئه نور خفيف تظهر خيوطه من خلف النافذه.
دخلت نوف الملحق الخالي ووقع نظرها على صندوق صغير من الخشب وقد ازدان بنقوش جميله.
أمسكت نوف بالصندوق وفتحته...نظرت إلى محتوياته بحيره ,كان هنالك منديل قديم عليه بقعة دم,
ورقه مطويه رسم بداخلها وجه بطريقه بسيطه وصندوق صغير فتحته ثم ابتسمت وهي تشاهد عقد الذهب.
ترقرقت الدموع من عينيها وهي ترفع العقد بنعومه..
سمعت صوت طلال الرقيق من خلفها "أتمنى تعجبك الهديه"
شهقت نوف وهي تتطلع إلى نفسها وإلى ملابسها...لم تستطع الالتفاف فلزمت مكانها وغطت وجهها.
كانت تتنفس بصعوبه وهي تسب محمد في سرها.
استدارت نوف ثم قالت متلعثمه والصندوق في يدها "ممكن أمر"
ضحك طلال قائلا "للحين تحبين الهرب"
قالت نوف في نفسها "يا ويل قلبك يا نوف..ايش بيقول عنك وانتي في هالحاله..حسبي الله عليك يا محمد"
ابتسم طلال وهو يتقدم"قمر...والله قمر..لكن المشكله مخبيه وجهك عني"
هتفت نوف وهي توجس خيفه من اقتراب طلال"لا تحلم"
اقترب طلال ثم قال هامساً"طول عمري وأنا أحلم"
أمسك طلال بالطرف الآخر من الصندوق ثم رفع المنديل وهو يسألها "ما تذكرين المنديل هذا؟"
غضنت نوف جبينها ثم قالت ببطء"لا...ما أتذكر"
ابتسم طلال قائلا "هذا المنديل له عشر سنوات معي..انتِ طحتي من الجدار وانجرحت رجلك
عطيتك المنديل وبعد ما نظفتي الجرح رميتيه وأنا احتفظت فيه..والوجه هذا انتي رسمتيه لي
لما كان عمرك ثمان سنوات"
انسابت الدموع من عيني نوف ثم همست"معقوله...للحين محتفظ فيهم"
طلال"حتى تعرفين إلى وين وصل حبي لكِ"
عضت نوف على شفتها حتى شعرت بطعم الدم ثم همست"وأنا يا طلال ما توقفت عن حبك"
ابتسم طلال برقه"على كذا لازم نتزوج وبسرعه"
هزت نوف رأسها فقال طلال "بعد شهر ...يناسبك؟"
ولم تمتلك نوف إلا أن تهز برأسها. تطلع طلال إلى رقتها ونعومتها كان جسمها يهتز من الخوف
وكم كان بحاجه إلى احتضتنها إلا أنه تنهد ثم قال بسرعه"روحي يا نوف بسرعه قبل أغير رأيي"
هربت نوف من أمامه وهي تحتضن الصندوق.
أيقضها صوت ندى من أحلامها "ألووووو يا آنسه وين سافرتي؟"
تطلعت نوف إليها ثم قالت برومنسيه" يوووه يا ندى...والله انه يجنن"
ضحكت ندى قائله"خلاص هانت...كلها كم اسبوع وتتزوجين"
نوف"عقبااااالك يا رب"
ابتسمت ندى برقه وهي تتذكر محمد بينما قلبها يهتف باسمه.
سمعت نوف وندى طرقات على باب غرفة ندى ثم فتح الباب لتظهر الجده مبتسمه.
صرخت نوف وندى بسعادة ثم قفزن واحتضن جدتهن..احتضنت ندى جدتها مطولا
وهي تبكي بينما مسحت الجده على رأسها وهي تقول"كيفك يا بنتي؟"
تطلعت ندى إلى وجه جدتها الحبيب وقالت "بخير يا الغاليه...انتي كيفك؟"
قالت الجده بحنان"بخير يا بنتي دامك بخير"
ندى"متى وصلتم؟"
فتحت الجده فمها لكي تتكلم فقاطعها صوت ضعيف من خلفها"من ساعه..لكن حبينا انها تكون مفاجأه لك"
صرخت ندى مبتهجه حين وقع نظرها على جدها الذي رفع يديه لكي يحتضن ندى ونوف.
اختلطت صرخات الفرح بالبكاء وكانت فرحة ندى بوصول جديها لا تضاهيها فرحه.
تطلع إليها ثم قال مبتسما"ماشاء الله يا ندى وجهك مثل البدر"
قالت ندى مبتسمه"وانت رجعت عشرين سنه..ما شاء الله شباب"
همس الجد في أذنها"يعني يمديني على العرس"
قالت الجده حانقه"وانت من يبيك يا الشايب"
ضحكت نوف قائله"اطلبها بالجنه يا جدي"
الجده"وأنا وين أروح"
قال الجد ضاحكا"يعني وراي وراي"
ضحك الجميع ثم تنحنح الجد وقال موجها حديثه إلى ندى"البسي جلالك يا ندو وانزلي تحت"
ندى"ليش؟"
الجد"فيه موضوع خاص ابيك فيه"
همست ندى قائله"ان شاء الله"
خرج الجد وهو يقول"بسرعه...انتظرك"
ازدادت ضربات قلب ندى وهي تتساءل ما سبب طلب جدها إلا أن ابتسامة جدتها أراحتها.
دخلت ندى الصاله برفقة جدتها وكم كانت دهشتها كبيره حين شاهدت محمد وسلمان جالسان بانتظارها بالاضافه
الى عمها أبو سلمان وعمتها.القت التحيه بصوت منخفظ ثم جلست بالقرب من عمتها أم سلمان.
أبو سلمان"يالله حي بنتنا اللي ما صرنا نشوفها...حابسه نفسها بغرفتها طول الوقت"
شعرت ندى بخفقات قلبها وبالعرق يتصبب من جبينها ثم قالت في نفسها "الله يهديك يا عمي وهذا وقته"
قال الجد بصوت عالي" يا ندى...بدون مقدمات...محمد يبيكِ زوجه له...ونبي رأيك؟"
ازدادت ضربات قلب ندى وشعرت برغبه في الاختفاء والتلاشي "والله الموت أهون علي من هاللحظه
لا ويبي رأيي قدام محمد...والله المشكله"
الجده"تكلمي يا بنتي"محمد مثل أخوك"
همهم محمد قائلا"أي أخوها ...الله يهديك يا جدتي"
أم سلمان"الله يهديكم...انتم فاجأتم البنت..."
أبو سلمان"حنا نبي رأيك يا ندى"
أم سلمان"أرفقوا عليها البنت مستحيه"
الجده"تستحي من أهلها؟!"
أبو سلمان"أنا طلبتك يا ندى عشان تعطينا رأيك بصراحه وبدون مجامله وقدامنا كلنا"
كاد أن يغمى على ندى وهي تستمع إلى أحاديثهم التي اختلطت عليها بينما كان محمد يراقبها وقد علت
وجهه ابتسامه رقيقه.
الجد "هاه وأنا جدك...وشتقولين؟!!"
شدت ندى على طرف (جلالها) ثم هزت رأسها علامة الموافقه..كاد محمد أن يطير فرحا بينما هتفت
أم سلمان"كلووووووش...مبروك يا محمد..مبروك يا ندى"
احتضنت الجده ندى بسعاده في نفس الوقت الذي دخلت فيه نوف مسرعه وهي تهتف"ايش فيه ..
صوتكم واصل لغرفتي"
قال أبو سلمان مبتسما "باركي لأخوك يا نوف...خطبنا له ندى"
صرخت نوف فرحه ثم قفزت واحتضنت ندى وقد ترقرقت الدموع من عينيها"مبرووووك"
سلمان"مبروك يا محمد..مبروك يا ندى..وعلى فكره تكاليف زواجكم علي"
قال محمد مبتسما"ما تقصر يا سلمان" ثم تطلع إلى ندى التي رفعت نظرها إليه وقلبها ينبض بحبه.
سأل أبو سلمان ندى"يا بنتي قولي شروطك اللي تبينها والمهر وأنا تحت أمرك"
الجد"يا أبو سلمان الله يهديك..الأمور هذي ما يبيلها مشاوره"
أبو سلمان"لا اسمحلي طال عمرك...الحق حق...وندى من حقها تطلب المهر اللي تبيه"
تطلعت ندى إلى عمها شاكره ثم أخذت نفس عميق.وقفت برصانه وبدون ارتباك قالت"انت يا عمي
صاحب نفوذ ولك يد بجميع أقسام الدوله...ومهري ان سلطان يتعالج ويدخل مستشفى الأمل"
تطلع محمد إليها بصدمه ثم وقف وقال بتردد "ندى...انتِ...؟"
قاطعته ندى"محمد...اقسم بالله ان اللي بيني وبين سلطان مجرد مشاعر أخوه..ومشاعر وحده
نفسها تنقذ شخص من دمار المخدرات"
شهق الجميع بمن فيهم نوف فهذا الموضوع كان جديدا عليهم إلا أن ندى لم تهتم فما تريده هو انقاذ سلطان.
محمد"لكن يا ندى سلطان ما لنا سلطه عليه"
قالت ندى بصدق وقلبها يخفق"سلطان انسان يتيم وهو ضاع لأن ما فيه يد تدله على طريق الحق..أنا صحيح
أجبرت عليه...لكن هو انسان بحاجه لعطف واهتمام...وبحكم انه كان صديقك يا محمد فأقل شي انك تنتشله
من المستنقع اللي هو فيه"
هتف سلمان قائلا "أصيله يا بنت عمي"
قال الجد بابتسامة فخر"تربيتي"
ابتسم محمد وهو يتطلع إلى ندى وقد ازداد حبا لها وتعلقا فيها وخاصه بعد ان اكتشف عقلها الكبير الذي يوازي
قلبها.
قال أبو سلمان"أوعدك يا بنتي انه خلال يومين راح أدبر سرير لسلطان في مستشفى الأمل"
تنحنحت ندى ثم قالت"أهله يا ليت ما يدرون...ممكن يقول لهم انه رايح بعثه للخارج أو أي شي..ومهري اللي
كان سلطان معطيني اياه يا ليت يوصل لأهله ويصرفون منه لين يرجع لهم بالسلامه"
هز أبو سلمان رأسه موافقا بينما صفق جدها بمرح.
قال محمد بسرعه"طيب...بما ان اجراءات سلطان ممكن تاخذ وقت فعلى الأقل نسوي اجراءات تحاليل
المستشفى"
ضحك سلمان ثم همس في اذن أخيه"اركد يا محمد"
اقترب محمد قائلا"اللي ايده بالنار......؟؟وبعدين ليش التأخير بنت عمي ووافقت والزواج أبيه وبأسرع وقت"
قال أبو سلمان"هاه...وشقلتي يا ندى"
همست ندى محرجه"أهم شي يدخل سلطان المستشفى..وبعده بكيفكم"
قالت تلك الكلمات ثم خرجت مسرعه تلحق بها نوف بينما جلس محمد يناقش ترتيبات الزواج مع سلمان"
توقفت السياره التي كانت تقل أم تركي,ليلى وسارة عند باب الفله الكبير...تطلعت أم تركي إلى سيارة تركي
وسياره أخرى ثم قالت بقلق"هذا تركي وصل البيت ومعه ضيف"
ليلى"أجل أكيد هو بالمجلس الحين"
سارة"على كذا أنا بروح لجناحي...ويا ليت ما يدري تركي"
ابتسمت أم تركي موافقه"ولا يهمك...شغله عندي"
أسرعت سارة إلى الطابق الاعلى حيث جناحها بينما توجهت ليلى تقود الكرسي المتحرك الذي تجلس عليه والدتها
إلى الصاله.قالت أم تركي "ليلى اتصلي على مطعم...اليوم نبي نحتفل"
ابتسمت ليلى ثم قالت"من عيوني..وعشاكم الليله على حسابي"
توقفت سارة بتردد عند باب غرفتها أغمضت عينيها ثم أخذت نفس عميق..وضعت يدها على مقبض الباب
وفتحته ببطء...كان القسم ينام في ظلام شديد كئيب وكأنه كان يبكي على فراقها.
أغلقت سارة الباب خلفها ثم أنارت الضوء ووقفت تنظر إلى الأثاث شاهقه.
كان كل شي كما تركته...وكأنها لم تبرح هذا المكان أبداً...وقد بدى كل شي نظيف مرتب.
دخلت إلى غرفتها التي شهدت مولد حبها لتركي وقد ترقرقت الدموع من عينيها..
فتحت دولاب ملابسها ولمست أناملها ملابسها المرتبه بعنايه..حتى أدوات الزينه والعطورات مازالت
في مكانها على التسريحه...ابتسمت برقه وأخذت المنشفه لكي تجهز نفسها لحبيب قلبها..
خرجت إلى غرفتها بعد أن أخذت شاور اختارت لباس خفيف لونه وردي ثم جملت وجهها
فوضعت ماسكرا على اهدابها الكثيفه وروج وردي اضفى عليها الكثير من الجمال..
تركت شعرها منسدلاً على ظهرها ووضعت قطرات من عطرها (سكادا)
أضاءت الشموع العطريه وبخرت الغرفه ثم نثرت بعض الورود حول السرير.
اقتربت من السرير ثم جلست عليه ووضعت يدها على الشراشف البيضاء والمزدانه
بخيوط ذهبيه...تمددت على السرير وهي تدفن وجهها في وسادة زوجها وتشم رائحة عطره...
شعرت بالألم وهي تتذكر كيف أنه كان ينام وحيداً في هذه الغرفه بينما ذكرياتها تحيط به.
كانت الذكريات تحاصرها حتى غابت في سبات عميق.
دخل تركي مبتسماً على غير عادته قبل رأس والدته وحيا أخته ليلى بمرح.
قال متسائلاً"دخلت البيت وما لقيتكم...وين كنتم؟!"
ابتسمت أم تركي ثم قالت"أخذتني ليلى للمستشفى عشان بعض التحاليل"
تركي"وان شاء الله التحاليل زينه"
ليلى"أم تركي ما فيها إلا العافيه...واليوم بالذات صحتها مثل الحصان"
تركي"الله يجعله كل يوم"
أم تركي"من الضيف اللي عندك قبل شوي؟!"
ابتسم تركي وهو يتطلع إلى أخته ثم قال "الدكتور بدر"
شعرت ليلى ببروده في جسمها وبصعوبه بالتنفس ثم سمعت والدتها تقول "هذا الدكتور
المشرف على حالة ريم الله يرحمها"
تركي"نعم...واليوم جاي يطلب يد ليلى"
عضت ليلى شفتها وهي تشعر بالاحراج الشديد...كان بدر قد أرسل إليها احدى الممرضات يستشيرها
وكان ذلك قبل وفاة أختها ريم وقد قالت ليلى في وقتها أنها ستفكر...
هتفت أم تركي بسعاده"يا عساه يوم المنى اللي أشوف فيه ليلى عروس"
تركي"هاه يا ليلى ايش رأيك"
همست ليلى قائله"وأمي؟!!"
نهرتها أم تركي قائله"ما عليكِ مني..ولا تفكرين فيني..أهم شي حياتك"
تركي"وأمي ايش فيها...عايشه معززه مكرمه في بيت ولدها..عندها خدامه تحت أمرها
وأنا راح أطلب لها ممرضه تلازمها"
قالت ليلى بهدوء"الله يسامحك يا أخوي...تطلب لأمي ممرضه..وأنا وين أروح؟!"
أم تركي"أنتي تشوفين حياتك يا بنتي مع زوجك"
وقفت ليلى وقالت بصوت صارم"ايش تفيدني الشهاده اذا ما قدرت أخدم امي
وبعدين انت تضمن الممرضه تكون عند أمي لما تحتاجها..أو تتوقع انها بتكون أحن مني على أمي"
تنهدت تركي قائلا"شوفي يا ليلى..انتي بتكونين قريبه من أمي ومتى ما حبيتي تشوفيها ما راح يمنعك
بدر...لكن مسألة انك تربطين مصيرك بمصير أمي هذا اللي أنا ما أسمح فيه"
ليلى"اسمع يا أخوي رأيك على عيني وعلى راسي...لكن شرطي يا ان امي تعيش معي وأنا بنفسي
أقوم بخدمتها أو مو لازم أتزوج من أساسه"
تركي"ليلى...لا يكون راسك يابس...ما انتي أكثر اهتمام لأمي مني"
ليلى"هذا رأيي وانتم بكيفكم"
تنهدت أم تركي ثم قالت بهدوء"وأنا موافقه يا بنتي"
التفت تركي إلى والدته منزعجا"موافقه على ايش يمه؟!"
ابتسمت أم تركي قائله"تركي...بصراحه أنا من زمان ودي أوقول لك اني بعد ريم ما أقدر
أسكن بالبيت هذا...كل زاويه منه تذكرني فيها...وليلى بنتي.... وأنا ما صدقت انها تتزوج
وتكون في بيت زوجها...لا تحرمني من الشي هذا يا ولدي"
اتسعت عينا تركي ثم قال"اذا على البيت أغيره...ابيعه وأدور واحد ثاني..واذا على شرط
ليلى..انتي تقدرين تعقلينها"
ليلى"تركي ليش تبي تحرمني من رعاية أمي..انت أكثر وقتك بالشغل..وأنا بكون حولها
أراقبها وأخدمها...وبصراحه شرطي هذا يدري عنه بدر وهو ما عنده مانع.."
تركي"أنا ما أرضى أمي تسكن في بيت واحد غريب عنها"
أم تركي"لا يا ولدي...بيكون بيت بنتي وبدر مثل ولدي"
قالت ليلى برجاء"تكفى يا تركي...اذا كنت فعلا مهتم بأمي وبمستقبلي"
تركي"يعني لازم تمسكيني مع الايد اللي توجعني"
أم تركي"طيب أنا عندي لكم حل..الفله اللي جنبنا معروضه للبيع..ممكن الدكتور بدر يشتريها
وبكذا بكون في في بيت بنتي وقريبه منك...هاه ايش قلت"
تركي"بشرط..انا اللي أشتري الفله ..ويكون هديه زواج ليلى...ويكون بيننا باب داخلي"
ابتسمت ليلى وهي تتطلع إلى والدتها بينما ترقرقت الدموع من عيني أم تركي وهي تحمد الله في سرها.
تنهد تركي ثم قال متعباً "أنا بروح ارتاح شوي بغرفتي.."
قالت أم تركي مبتسمه وهي تغمز لليلى"براحتك يا يمه..وترانا طالبين من المطعم.."
تركي"والله مالي نفس للعشا"
ضحكت ليلى قائله"لا..ان شاء الله بتنفتح نفسك"ثم مسكت لسانها في آخر ثانيه.
قالت أم تركي بسرعه "روح يا يمه..وليلى راح توصل طعامك لغرفتك"
قال تركي باستسلام"اذا كان على كذا فلا بأس"
صعد تركي السلم بتكاسل ثم دخل إلى القسم الذي كان يجمعه مع سارة.
وقف بجمود وهو يشم الروائح العطريه المنبعثه من غرفته.أصابته الحيره وكان يتوقع
أن ليلى دخلت في غيابه وقامت بتنظيف القسم . تقدم بهدوء وقد فاحت رائحة الفانيلا
المنبعثه من الشموع المنتشره في الزوايا ابتسم تركي بتعب وهو يقول في نفسه "شموع
الدنيا كلها وأنوارها ما تجي جزء من نور سارة"
دخل غرفته ثم رفع نظره إلى السرير وعندها وقف مصدوماً..كان صدره يعلو وينخفض
بسرعه وقد اختلجت أنفاسه في حلقه...أغمض عينيه وفتحهما أهو يحلم أم ما يراه واقع
استند على الجدار خلفه وهو يتأمل سارة النائمه بهدوء وسلام...اقترب منها ثم وقف في مكانه
حائراً...يخاف أن يصل إليها فتتحول إلى سراب...ولكنه يراها أمامه كالحلم ينام بهدوء ملائكي.
تنهد بعذاب ثم اقترب منها وجلس على طرف السرير يتأملها.
أحست سارة بيدين قويتين تهزانها برقه..إلا أن دافعا غريزيا حثها على ابقاء عينيها مغمضتين
في نوم مزيف. فقد كانت تلوم نفسها في سرها على نومها السريع في حين كان تركي يكلمها
وينطق باسمها في لهفة...مال نحوها ليقول بصوت منخفض"يا حلوتي...اصحي"
فتحت سارة عينيها فجأه وخفق قلبها وهي تتأمل الجسد الرياضي الرائع ونظرات الشوق
المطله من عيني زوجها...وجدت صعوبه في السيطره على اللون الزهري الذي أخذ يزحف إلى وجهها.
ركز عينيه على وجهها...كان يجب أن يقضي على السكون لذلك قال"انتي حلم..اذا كنتي كذا فما ودي أصحى"
تصاعد البكاء إلى حنجرة سارة دون أن تستطيع السيطره عليها "تركي...أنا"
قاطعها تركي وهو يمسح الدموع التي انسابت بحريه على خدها "تكفين اسكتي وخليني أتأملك"
همس وعيناه تجولان على وجهها "خسرت الدنيا لما خسرتك..سامحيني يا أغلى مخلوقه على وجه الأرض
سامحيني وأوعدك اني ماراح أسمح لدموعك بالنزول مره ثانيه..سامحيني وما راح أسمح للزعل بيني وبينك"
ابتسمت سارة برقه ثم قالت"اللي يحب لابد يسامح وأنا أحبك يا تركي"
أمسك تركي بيدها برقه شديده خوفا من أن يخدش نعومتهما كان صوته عميق منخفض أجش"وأنا ما حبيت
غيرك ومستحيل راح أحب"
سارة"أوعدني يا تركي انك راح تكون لي للأبد"
قال تركي بلهفه "أوعدك انك بتكونين لوحدك في قلبي إلا اذا...؟؟"
تطلعت إليه سارة ثم قالت بحيره "إلا اذا....؟!"
ضحك تركي ثم قال" إلا اذا وصل ولي العهد"
ابتسمت سارة ابتسامه أخذت بقلب تركي الذي همس"حنا لازم ننسى الماضي ونعوض اللي فات"
سمع طرقات خفيفه على باب جناحهما فقال تركي بمرح "هذا المطعم...تراي ميت جوووع.."
ابتسمت سارة قائله "وأنا بعد"
تركي"أجل يالله نتعشى ولا ليلى بتروح ويروح علينا العشاء"
سارة"أوكي"