رفعت سارة رأسها الثقيل عن الوسادة نظرت إلى النافذه ثم غضنت جبينها...رفعت يدها برفق ونظرت إلى ساعتها
والتي كانت تشير إلى السابعه مساءً ..نهضت من السرير بسرعه.."يااااه...أنا نمت كل هالوقت"
أخذت شاور سريع ثم ارتدت جلابيه تركواز خفيفه ...سرحت شعرها وهي تتطلع إلى عينيها الذابلتين
وضعت الفرشاه على التسريحه ثم تنهدت بألم.
فقد مر شهر على خروجها من منزل تركي.وهاهي في منزل أهلها لم تحصل بعد على الطلاق.ولم تسمع شئ عن
تركي.
أغمضت عينيها قائله"الله يسامحك يا تركي...مستحيل أنسى اللي سويته فيني"
نزلت دمعه على خدها وهي تتأمل صورتها بصمت...لقد أحبته حتى أكثر من نفسها...تحملت غطرسة ريم
وكلمات والدته الجارحة وظلمها لها واستخفاف شذى بها...وكانت المكافأة أن قتل أجمل حلم يمكن أن يربط
بينهما.
نهضت ببطء فالذكريات لا تنفع...وكل ما حدث أصبح من الماضي..لقد أغلقت قلبها عن تركي وعن سواه..
حلمها الآن أن تحصل على حريتها وأن تسترد حياتها مره أخرى...
خرجت سارة من غرفتها ثم نزلت الدرج...سمعت أصوات قادمه من مجلس النساء...
غضنت جبينها "مين ممكن يجيها هالحزه؟!..أكيد خالتي أم ماجد" هذا ما همست به لنفسها.
دخلت الغرفه فوقع نظرها على نوره.صرخت بفرح"هلااااا نوير...هلا وغلا"
حضنتها نوره بسعادة ثم نظرت إلى عيني سارة والألم يمزق قلبها "هلا بالغاليه"
سارة"متى وصلتي من ماليزيا؟"
ابتسمت نوره برقه"وصلنا قبل ساعتين..نزلني ماجد عند أهلي وهو راح يسلم على أهله"
سارة"يا قليلة الأدب لك ساعتين هنا ...وما دريت عنك"
رقت نظرات نوره فقالت"يا عمري..والله إني أول من فكرت أشوفها انتي...صعدت غرفتك ولما شفتك نايمه ما
حبيت أزعجك"
سارة"والله ما عندك سالفه...انتي تدرين إني أنتظر رجعتك بفارغ الصبر"
نوره"والله ما حبيت أزعجك..وبعدين لا تهتمين أنا الليله بجلس على قلبك"
سارة"والله......بتسهرين عندنا"
غمزت لها نوره"لا....بنام عندكم الليله"
سارة"وماجد.....ما عنده مانع"
ابتسمت نوره بسعاده"ماجد ما يرفض لي طلب...من طلبته وافق على طول"
تناها إليها صوت نهى من خلفها"أو يمكن يبي الفكه منك"
التفتت إليها نوره قائله بحنق"أقول انطمي"
نهى"ما قلت شي خطأ..لك اسبوعين ناشبه بحلقه"
أم فيصل"نهى...روحي جيبي الكيكه والعصير من المطبخ بسرعه"
قالت نهى بغضب"أها...يعني تصريفه"
تطلعت إليها والدتها غاضبه"أقول بسرعه"
تأففت نهى ثم نهضت واقفة"طيب ...طيب..الواحد ما يقدر ينكت بهالبيت" ثم خرجت مسرعه إلى المطبخ.
قالت سارة"أخبارك نوير وأخبار ماليزيا"
نوره"بصراحه روعه..جو ومناظر وخضره...وتصدقين أكثر ما أعجبني المساجد"
سارة"وكيف ماجد؟"
تنهدت نوره قائله"ماجد يا حبي له...انسان ما له مثيل"
أم فيصل "الله يهنيكم...ومتى تسكنون شقتكم الجديده...؟"
نوره"في الوقت الحالي عند أهله...لين تجهز شقتنا"
تنحنحت سارة ثم قالت"أقول نوره...ما جبتي شي معك من ماليزيا"
غمزت نوره قائله"ولو...هديتك محفوظه..."
ابتسمت سارة"تسلمي يا عمري"
وصلت نهى ومعها الكيكه ومن خلفها إحدى الخادمات تحمل صينيه مليئه بالأكواب وفيها أنواع العصير.
نوره"وااااو...كيكه بالشكولاته"
ابتسمت أم فيصل ثم قالت"لما قلتي انكم قريب..أرسلت السواق لحلويات (سعد الدين)"
نوره"مشكوووره يمه...الا فيصل وهند وينهم؟"
أم فيصل"فيصل يا عمري كان متغدي عندنا اليوم هو وهند..."
سارة"يا ليت طلال عندنا اليوم ..هو يموت بكيكة الشكولاته"
نوره"يا حبي له والله اني مشتاقه له...الله يرجعه بالسلامه"
قالت ام فيصل بامتعاض"وهذا ايش جابه على لسانكم...السارق"
قالت نوره بشده"يمه لا تقولين كذا...طلال مستحيل يكون حرامي"
سارة"أكيد الموضوع فيه لبس"
نهى"الوناسه قاطعة البيت من اختفى طلال..كان الوحيد اللي يسمع لي"
قالت أم فيصل بغضب"قفلوا سيرة ولد مويضي..والله من فارقنا والوناسه تحل علينا"
سارة"حرام عليك يمه"
تطلعت نوره إلى والدتها صامته ثم قالت في نفسها"يا خوفي يا يمه انه يكون لك يد بطردت طلال"
تعالى رنين الهاتف فرفعت نهى السماعه وبعد أن تحدثت لدقائق مع المتصل التفتت إلى والدتها
نهى"يمه...خالتي أم ماجد تبي تكلمك"
أم فيصل"هلا أم ماجد...شلونك؟" هذا ما هتفت به بعد أن أمسكت بالسماعه.
أم ماجد"......................"
أم فيصل"الحمد لله أبشرك بخير...الا كيف خالد ماسمعتم أخبار عنه؟"
أم ماجد"..................."
أم فيصل"الله يرده لكم بالسلامه"
أم ماجد"..............."
أم فيصل قالت بهمس ولكن تمكنت الفتيات من سماع ما تقول"ايه الخبر صحيح"
أم ماجد"..................."
أم فيصل"والله ما أقدر أقول لك الحين"
أم ماجد"..................."
أم فيصل"ايه جنبي"
أم ماجد"...................."
أم فيصل"ان شاء الله....مع السلامه"
سارة"خير يمه...ايش فيه؟"
أم فيصل"هاه..ولا شي...خالتك أم ماجد تسلم عليك"
سارة"لا فيه شي...انتي قلتي لها ان الخبر صحيح"
ارتبكت أم فيصل ثم قالت"نهى...يمه...قطعي الكيكه"
قالت نوره بصوت غير متزن"ايوالله....والله ان نفسي فيها من اليوم"
همست سارة بقلق"يمه...نوره...ايش فيكم؟!"
نهى"انتم لمتى تخشون عنها الموضوع...سارة من حقها تعرف"
سارة"أنا عارفه انه فيه شي غريب..أصلا أنا من دخلت وأنتم مو على بعض"
قالت أم فيصل بهدوء"سارة..ما عليك من المطفوقه نهى...ما عندها سالفه"
تطلعت سارة إلى نوره التي التزمت الصمت مطأطأت الرأس...وقد تأكدت أن هنالك أمر خطير.
سارة"نهى...ايش فيه؟"
أم فيصل بصوت يقرب إلى البكاء"سارة..يمه...صدقيني ما فيه شي"
نهى"إلا فيه شي...وخطير بعد"
صرخت أم فيصل"نهى...انقلعي لغرفتك"
نهضت نهى ثم قالت"انتم لمتى تخدعونها..شوفي يا سارة..تركي الليله زواجه على بنت خالته شذى"
أسرعت نهى لتختفي في غرفتها بينما دوت كلماتها كالقنبله على مسامع سارة.
تطلعت نوره ووالدتها مصدومتان إلى سارة والتي علا ملامحها الجمود..
وقفت ببطء ثم قالت بهدوء مميت"عن اذنكم"قبل أن تتوارى في غرفتها.
أم فيصل" حسبي الله عليك يا نهى...ما قدرت تسكر فمها"
نوره"يمه...مصير سارة بتعرف"
أم فيصل"ما قلت شي..لكن مو اليوم..انتي ما شفتيها شلون كانت مستانسه بشوفتك"
نوره"يمه...خليها تدري ..عشان تفقد الأمل"
أم فيصل"حسبي الله عليك يا تركي أنت وأمك"
نوره"يمه..اللي صار قسمه ونصيب"
أم فيصل"والله ما كنت موافقه على الزواج من زمان..لكن ما أحد عطاني وجه"
سكتت لبرهه ثم قالت"تركي لازم يطلق سارة وبسرعه"
نوره"يمه...لا تزيدين النار حطب"
أم فيصل"أجل يخليها كذا معلقه بعد ما ذلها...وبعدها يتزوج عليها بنت خالته المتوحشه..والله ما أكون أم فيصل
اذا ما خليتك يا فيصل تطلق بنتي وذليتك انت وأمك"
************************************************** ***************
نزلت ندى إلى الصاله منتعشه سعيده بعد أن اطمأنت على جدتها عبر جهازها النقال.
كانت ترتدي تنوره جينز وبلوزه قطنيه سماويه وقد رفعت شعرها الطويل إلى أعلى.
كانت تعبر الردهه متجهه إلى الحديقه حين سمعت صوت تلفون المنزل.
كان التلفون يرن للمره الخامسه حين رفعت ندى السماعه"الو"
أتاها صوته الخشن"ألو مرحبا"
قفز قلب ندى من مكانه "هلا محمد"
محمد"هلا ندو...لو دريت انك أنتي اللي بترفعين السماعه كان أنا متصل من زمان"
ندى"عمي وعمتي مو موجودين"
محمد" خلينا من عمانك...انتي كيفك؟"
همست ندى"أنا بخير...وأنت؟"
محمد"مشتااااااااااق لكم...أمي وأبوي ونوف وبالذات أنتي"
عضت ندى شفتها وهربت الكلمات منها....
محمد"على فكره...أقرب اجازه لي بجي طيران عشان نتزوج وبعدها آخذك معي لندن"
لزمت ندى الصمت..فقال محمد "ألو وين رحتي ندو؟"
تنحنحت ندى قبل أن تقول "معك"
محمد"هاه ايش رأيك؟"
ندى"ما أدري...أعتقد انه بدري على الكلام هذا"
محمد"ندى...أنا ما صدقت"
ابتسمت ندى قائله"أنا وراي كليه"
تنهد محمد قائلا"هذي ما فكرت فيها"
ندى"كيف لندن؟"
محمد"بارده وأغلب الوقت ضباب"
ندى"طيب تبي أنادي لك أحد ...نوف"
محمد"ههههههههههه تصريفه"
ابتسمت ندى فقال محمد"أهم شي تطمنت عليك...يالله مع السلامه"
ندى"مع السلامه"
أغلقت ندى السماعه وكادت أن تطير فرحاً...كانت البهجه تلمع في عينيها
وصلت إلى الحديقه وكان الجو بارداً..جلست على الكرسي...ورغم دخول فصل الربيع إلا أن الجو مازال يحتفظ ببرودته
كانت تتذكر كلمات محمد الأخيره...كم تشعب حبه في قلبها وتمكن...كانت ندى تصدق بنظرية الحب الأول..الا أنها
تعتقد بخطأ هذه النظريه فالحب الأول هو مجرد تعلق غبي بشخصيه خياليه وهو ما قد تصوره عينا الحب الأعمى
أتاها صوت من خلفها"يا عيني على السرحان"
التفتت ندى إلى نوف مبتسمه"هلا نوف..من متى وانتي هنا؟"
جلست نوف على الكرسي المقابل لها...."من شفتك تتسللين للحديقه"
اقتربت نوف هامسه "الحلوه بايش سرحانه؟"
ابتسمت ندى برقه"محمد...كلمني قبل شوي من تلفون البيت"
صفرت ندو ثم قالت"الله...الله...أشوف فيه تطورات"
غضنت ندى جبينها"نوف..ماني فاضيه لمزحك"
نوف"بالعكس أنا في قمة الوناسه...من يتخيل ندى ومحمد"
تنهدت ندى قائله"تصدقين يا نوف..أعتقد اني حبيت محمد من أول نظره...لكن كنت أحاول ابتعد عن مشاعري..
ما أدري... أو كنت أبحث عن حلم مو موجود على أرض الواقع...باختصار كنت أهرب من مشاعري"
نوف"لحظه...ايش الكلام المنمق هذا...أنا ماني قده...ممكن تعيدينه عشان أستفيد منه في المستقبل"
ضحكت ندى قائله"على ذكر المستقبل....للحين ما رسيتي على رأي"
تنهدت نوف قائله"ندى...كيف أتزوج واحد غريب وأنا قلبي مع واحد ثاني"
ندى"نوف...لا تتعلقين بأوهام"
نوف"آه يا ندى...الأوهام اللي تتكلمين عنها كبرت وعاشت معي لسنين"
ندى"لو كان فيه أمل بسيط....صدقيني كان شجعتك...لكن طلال مجرد حلم"
نوف"ندى...القلب ما يتحمل اثنين"
تطلعت إليها ندى برقه ثم قالت"اسمعيني يا ندى واستفيدي من تجربتي...تزوجي اللي يحبك وشاريك ولا تفكري باللي ما اهتم فيكِ"
طأطأت نوف رأسها قائله"انتي ما تعرفين طلال يعني ايش بالنسبه لي"
همست ندى"أعرف يا عمري..لكن ليش تتمسكين بوهم والواقع قدامك..يقولون عصفور باليد ولا عشره على
الشجره"
نوف"ندى..أنا أتكلم عن قلب وانتي تقولين عصفور..صيد هو يا ندى؟!"
ابتسمت ندى قائله"أنا أقول ان الدنيا فرص...يعني واحد يتقدم لك مثل ناصر مركز ووظيفه متدين وأخلاق بعد ليش
تتركينه؟"
نوف"ندوه أنا ما أعرف عنه شي..ولا هو صديق لخواني أو حتى من الجيران"
ندى"ويعني أمي وأمك كانوا يعرفون أزواجهم قبل الزواج؟!..كبري عقلك يا نوف."
هزت نوف كتفيها قائله"ما أدري..أحس اني مخنوقه"
ندى"تبين رأيي ...حكمي عقلك واتركي قلبك"
************************************************** **********