عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 13-07-2009, 07:38 PM
ابو بيان
( محمد الرشيدي)
الصورة الشخصية لـ ابو بيان
رقم العضوية : 325
تاريخ التسجيل : 23 / 9 / 2006
عدد المشاركات : 1,471
قوة السمعة : 20

ابو بيان بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي
يحذرهم من أن يكون للطالب عقل معطل عن التفكير كما يفعل شيوخ المتصوفة والرافضة , ويتكلم عن الاحترام بين العالم والمتعلم بدون أن يكون هناك تبعية روحية أو تقليد وتعظيم للذوات , تراه سهل لين يضغط بيد ناعمة على يد السائل, ليحاول إفهامه إذا تعسر عليه الفهم , يجلس على الأرض المفروشة بالسجاد , أو التراب والبسط المتواضعة , أو الأرائك الفارهة كل ذلك سيان عنده , فهو معلم من طبقة الشعب يعيش حياتهم ويتقرب لقلوبهم ولا يتكلف من أجل ذلك شيئاً .

في عدد من المجالس شاهدته يجلس على الأرض ويقترب منه السائلون , فيفسح لهم ليكونوا بجواره , وربما رفع رجله ليجلس متحفزاً ليسع المكان للسائل الذي سيجلس بجواره , فكان بعض علية القوم وكبارهم يتحدثون بصوت خافت إنه لا يعجبهم هذا التنازل للناس ويرون أنه يجب أن يكون له أبهة وهيبة زائدة , أما ابن جبرين فكان هو الرجل المتواضع حقاً بدون تكلف وبدون أن يبحث عن شخص يعظمه أو يقدره , فهو يرى نفسه خادما للناس ولطلبة العلم وليس أكثر من ذلك .

جدول دروسه اليومي أشبه بجامعة مفتوحة مجانية , يدرس الكتب الكثيرة , بدون أن يتألم أو يتوجع أو يتذمر , لا يعرف عنه أنه طرد طالباً أو شتم حاضراً , أو تململ من الحضور وانسحب , أو انقطع فترة طويلة لغير سفره للمحاضرات والدعوة خارج الرياض .

يقضي سحابة يومه بين أهله وكتبه ومسجده وطلبته , ومع ذلك يعجب المرء من عدم تخلفه عن إجابة الدعوات الخاصة والعامة , وتلبية الطلبات الخارجية للمحاضرات والندوات , وتسجيل الحلقات التلفزيونية , وتربية أولاده الذين لا يكادون يفارقونه في أغلب رحلاته وزيارته , فهم يذهبون معه بناء على رغبتهم وبطلبهم وليس إكراهاً منه لهم , فترى فيهم الحب والاحترام وحسن التربية والرغبة لمرافقة أبيهم حيثما ذهب .

*****************

شيوخ وتلميذ :

كما يحب طلابه فهو يحب مشايخه ويرى أن الوفاء أعظم من مدحهم في الوجه أو تقبيل رؤوسهم أو أيديهم , قبل عشر سنوات حضرت جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بمكة , فرأيت الجموع بمئات الألوف وبعد خروج الجنازة من المسجد الحرام توجهت للمقبرة .

وكان بن جبرين من خواص طلابه وأحبابه , ولكثرة الزحام طوّق الحرس المقبرة أثناء الدفن بمئات العسكر حتى لا تتهدم القبور , وحتى لا تسقط الجنازة , وكانت لحظة الدفن حزينة جدا ًعلى الناس , بعد فراغ أهله ومن رافقهم من الأمراء والكبراء من دفنه , كنت أشاهد المنظر من خارج المقبرة على أطم صغير جلست على حافته مثل المئات غيري .

خرج الناس وبقي شيخ نحيل الجسم , مصقول الوجه ذا لحية بيضاء نقية , أمام الألوف المؤلفة بقي هذا الشيخ لوحده وهاهو يقف على القبر , رافعاً يديه ودموعه تسيل على خديه وهو يدعوا لصاحب القبر , وذهب الناس وذهبت المواكب الرسمية , وفتحت المقبرة وبقي هو قائم يدعوا لحبيبه بدون أن يتحرك أو يتأفف من حر الشمس , لم يكن الشخص غريباً على الناس فهو ابن جبرين , كان المنظر مؤثراً مثل تأثير الجنازة نفسها , إنه صادق في حبه وصادق في وفائه وصادق في تعامله .

تراه بعد خمسين سنة على فراق مشايخه يذكرهم , ويدعوا لهم ,يعرف الناس بهم .
فيتكلم عن شيخه محمد بن إبراهيم وهو مفتي الديار السعودية السابق توفي (1389) ويعقد محاضرات للتعريف به وبشخصيته وصفة دروسه , كان ابن إبراهيم من أفذاذا الرجال ولذلك أثرت شخصيه على بن جبرين , فهو صاحب مناصب حساسة وثقيلة , رجل يدير عدة وزارات , ومع ذلك لم يترك التدريس والتعليم في المسجد !! , لكنه مع الناس والعامة قلباً وقالباً , يجده الفقير وطالب العلم في المسجد أو البيت بدون عناء في البحث أو أن يجد مذلة في سبيل الحصول على دقائق للجلوس معه .

يتكلم عن شيخه أبو حبيب الشثري وقد توفي سنة (1387) , فتراه يفيض عند الكلام عنه وعن مواقفه في الأمر بالمعروف والصدع بكلمة الحق , ويسجل رحلاته وأخلاقه وصفاته , أبو حبيب الشثري من كبار رجال الدولة , وله مكانة خاصة في قلب ابن جبرين , فقد عاش معه في القرية ثم أصطحبه للمدينة التي هي العاصمة الكبرى , وبسبب أبي حبيب تعرف ابن جبرين بالمفتي والمشايخ سريعاً فقد كان يصطحبه للمجالس الخاصة معهم أحياناً , فيرون فطنته وذكائه وعبقريته ، ومن العجائب أنه سجل يوميات رحلته مع شيخه أبو حبيب لزيارة قرى وهجر شمال المملكة في عام (1380) , وطبعت هذه الرحلة بعد خمسين سنة , وفن الرحلات لم يكن من الفنون التي يدونها بالتفصيل علماء نجد آنذاك , وهي رحلة ماتعة يذكر فيها معاناة الصحراء , وصفة البدو والقبائل , ويذكر فيها الفوائد العلمية والنفيسة التي مرت بهم في الرحلة .

عندما يتحدث ابن جبرين عن شيوخه فإنما يتكلم عنهم من باب البر والوفاء , فما كان ليجحد فضل أحد عليه , ولا كان ليظهر نفسه بمظهر العصامي في العلم بل كان يدعوا لهم ويذكر محاسنهم , ويجدد ذكراهم للناس .


*********************

حديث الصور والمشاعر :


عندما توفي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز رحمه الله أمير منطقة مكة سنة (1428) وصلي عليه في الرياض , نقلت شعائر الصلاة عليه في القنوات الفضائية ,كان الناس عندنا في السعودية متسمرين عند الشاشات يشاهدون مراسم التشييع والصلاة عليه .

في الجامع الكبير في الرياض حضر مسئولون كُثر من الدول الإسلامية , وجميع أفراد الأسرة الملكية , وجميع الوزراء والمسئولين للصلاة على الأمير عبد المجيد رحمه الله , كان المسجد محاطاً بألوف من العسكر والجنود , وفي لحظة سريعة بدا بين أمام المشاهدين و الحضور خيال ابن جبرين يدخل من الباب الأمامي , اصطفاه وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز ليكون بجواره , فما بينهما من الحب والصفاء أكبر من أن تكدره ظنون وأراجيف الأعداء , أدى السنة وقدّم واجب العزاء في الفقيد وتكلم مع الأمير نايف ثم تحولت الكاميرا عنهم قليلاً .

ولكن ملايين المشاهدين في السعودية وغيرها تفاجئوا بتغيير مكان ابن جبرين بعد لحظات معدودة , فيكون له مكان جديد في صدر المقام , حيث أصبح بجوار الملك وكبار الأسرة المالكة , ورأى الناس ولاة الأمر يقدمونه على أبنائهم وضيوف الدولة والوزراء والأمراء , وهم فرحين بكونه معهم , فلسان حال الجميع يقول له : ( يا إمام أنت أعلم من يمشي اليوم على وجه جزيرة العرب , فتعال لتدعوا لأميرنا وأخينا الراحل بالرحمة والغفران , فبمثلك من الصالحين تلتمس إجابة الدعوة ) .

لم يكن ابن جبرين مجهول الشكل عند الأمراء الكبار, فهم يعرفونه جيداً ويعرفهم , ولم يكونوا يحملون له إلا الحب الذي يبادلهم إياه , ولم يكن عنيفاً في تعامله أو قاسياً في خطابه , بل كان عالماً ربانياً .

ومجالس عدد من كبار الأمراء ذوي المناصب الرفيعة في السعودية يغشاها العلماء وطلبة العلم , وليس الأمراء كما يصورهم بعض الجهلة بعيدون عن العلم وأهله , ولكن الإعلام العربي والمحلي في واد والحياة الدينية في البلد في واد آخر , فغالب أخبار الإعلام وصوره عن سفلة المغنين وأراذل الناس , وأما أخبار العلم وأهله , وأخبار الدروس العلمية في المساجد وأصحابها فلا تذكر إلا للنقد والتشويه , وأما زيارة العلماء من أهل السنة لولاة الأمر فهي ليست للبهرجة والضجيج الإعلامي كما يظن الناس , بل هناك تلاحم ومودة ومحبة أكبر من زيارة رسمية ربما لا يريدها الضيف , ولذلك تعجب المصورون من هذا المنظر ومن هذا الكهل الذي لا يعرفه أكثرهم ويتغير مكانه أكثر من مرة في محبة وإجلال له , وتداولت معظم الصحف ومواقع الأخبار هذه الصور وكأنهم يشاهدون هذا الرجل لأول مرة .
بقيت هذه الصور في الإنترنت يشاهدها من يرغب في ذلك ويحمدون لولاة امرهم هذا الحب للعلماء الربانيين .

لم يكن ابن جبرين بعيداً عن الناس بل هو محبوب من كل الطبقات , يعرف الجميع أنه صادق , لا يستغل علمه لتلميع نفسه , ولا لبناء شعبية لقومه , ولا للانتصار لحزب معين ضد آخر , وإنما هو يدعوا الناس ليطيعوا ربهم , وأن يطبقوا الشريعة على أنفسهم , فهو معلم ومربي وأب للمجتمع .

عندما سقط بن جبرين مريضاً في المستشفى قبل أربعة أشهر , كان أول الزائرين له الملك , وإذا قيل الملك عبد الله بن عبد العزيز فمعنى ذلك أن هذا المريض يهم أمره الكبراء قبل العامة , وهذا الملك قريب من الناس عطوف على الشعب , وابن جبرين مريض يحمل ضمير الشعب بين جنبيه , وهو مريض يحمل هَمّ الناس أينما كان , كسر الملك قواعد ومثاليات الدول في زيارة الرسميين فقط من الشخصيات أو أصحاب المناصب العليا , وذهب مباشرة ليعود رجلاً يحب الناس ويحبونه ,أجتمعت طيبة قلب الملك خادم الحرمين مع طيبة قلب ابن جبرين , فهما في رقة الطبع وحب الناس يشيركان سوياً , جلس الملك المتواضع على مقعد صغير يرمقه ويدعوا له ويباسطه في مرضه , وبعد أن زاره أمرَ بأن تتكفل الدولة بعلاجه في أرقى مستشفيات العالم .

قبل بضع سنوات في عام (1426) وفي مدينة جدة , عندما سمع ابن جبرين أن شيخ الحجاز ( سفر الحوالي ) قد مزق المرض جسمه النحيل , وأنه طريح الفراش في المستشفى وفي غرف العناية الخاصة , أصرّ ابن جبرين على مقابلته والاطمئنان على حالته , وذهب بتواضع الزهاد ليعوده وينظر في حاله , فهو يعلم أنّ الحوالي رجل أمة ورجل علم , رجل لم يكن ليعيش لنفسه فقط , وهي صفات اشترك فيها العظيمان بطل الصحراء وبطل الجبال .

كان ابن جبرين يحضنه ويقبله كأب يخاف أن يفقد ولده الحبيب ,كان يمسح بيده على جسمه ليخفف مصابه ومصاب أهله , تسير أصابعه الجميلة على أطراف جسمه ووجهه وهو يدعوا له , يحاول أن يرفع من عزيمته وأن يبشره بثواب الله ورضوانه , ينظر ابن جبرين للحوالي كما ينظر لأسد سقط وخارت قواه بإرادة الله لا بإرادة الناس , يفكر في الوعي العلمي الذي نشره وأوذي بسببه , كأنه يقول في نفسه لقد أوذيت أنا وأنت , وهاجمنا الكتاب والناس , لقد حملت همّ أمتك ودينك ولكنك سقطت قبلي على السرير الأبيض.

وتناقل الناس حديث الزيارة التي صورها بعض المحبين بدون أن يكون مع ابن جبرين فريق من الإعلاميين والصحافيين , لكنها صُورٌ التقطت بعفوية مفاجأة من بعض أقارب الحوالي ممن حضر اللقاء ونشرها في الإنترنت وتداولها الناس .

لم يمض وقت طويل حتى رأينا المرض يعصف بابن جبرين نفسه , وينام على سرير المرض ترقبه عيون محبيه , وهي دامعة خاشعة لمصابه وألمه , وتصبح أخباره وسفره لألمانيا حديث الناس .

وهي سنة الله في أعلام الأمة وقادتها , يُقّطعهم المرض كما يقطع غيرهم من الناس, يتألمون ونتألم لألمهم , يحملون همّ الناس وربما حمل بعض المخلصين همومهم , يشاركون الناس أفراحهم وأحزانهم , يعملون أعمالاً عظيمة لوجه ربهم الكريم بدون أن يطلبوا من حطام الدنيا شيئاً , بذلوا أوقاتهم وأنفسهم لخدمة هذا الدين , ضحوا بأنفس ما يملكون من المال والجاه و الوقت لتكون كلمة الله هي العليا , ولن يكون مرضهم عائقاً أمام انتشار الخير والعلم بإذن الله , فأمة أنجبت من قبلهم عظماء ولازالت تنجب عظماء لن تكون عقيمة بإذن الله تعالى .

خضر بن صالح بن سند

جدة 11/6/1430


توقيع ابو بيان
الطيب اللي تطيب الناس من طيبه @ولى الردي لو فزع ربعه يفشلها
حبيب العازمي
..............................................
المال مايغني ردي والطيب مامثله حصيل
والجود ماله شغل في كثر الفلوس وقلها
والله ماعنزها على الضلع القصير والهزيل
واللي عقد روس الحبال المبهمات يحلها
مساعد الرشيدي
...............................
بعض البشر طبعه مقدر ومحشوم
وبعض البشر عيبً عليك إحترامه
اللي ستر عيبه عن الناس بهدوم
وش يستره لا صار عيبه كلامه
هلال المطيري
.........................
اليـا أنـعـدم مـبـدى العقـيـده بالانـسـان
يـقــدر يـســوي مـايـسـوي الـيـهـودي

ولأهل الوفا والصدق شكراٍ وعرفـان
وتـحــيــةٍ عــطـــره وبــاقـــة ورودي
عيد بن مربح