السعادة ذلك الشيء المعنوي الذي لا يرى بالعين ولا يقاس بالحجم ولا تحتويه الخزائن ولا يشترى بالدينار ولا بالدولار ولا بالشيكل، السعادة ذلك الشيء الذي يشعر به الانسان بين جوانحه، صفاء نفس، وطمأنينة قلب، وانشراح صدر وراحة ضمير.
ولما ان السعادة هي جنة الاحلام التي ينشدها ويسعى لنيلها كل الناس من المفكر الكبير في قمة تفكيره الى العامي البسيط في قاع سذاجته وبساطته وهي التي يسعى اليها الملك في قصره المشيد ويسعى اليها الفقير في كوخه الصغير.
السعادة ظن البعض انها تتحقق وتتحصل بالمال، وظن البعض انها تكون بالجاه وظن غيرهم انها تكون بوجود الأولاد والأحفاد، وظن آخرون انها تكون بالملك ولكن الحقيقة والواقع يؤكدان ان السعادة الحقيقية ليست في واحدة من هذه وحتى ليس في وجودها واجتماعها كلها، فالسعادة ليست في وفرة المال ، اذ المال ظل زائل، وهي ليست في سطوة الجاه فالجاه نجم آفل، وهي ليست في كثرة الولد فالولد لا يبقى لك وان هو بقي فأنت لن تبقى له، وهي ليست في نيل الملك اذ الملك لا يدوم ولو بقي ودام لغيره لما وصلت اليه، فإن كل ما في الدنيا ومن في الدنيا الى زوال، وكل جمع الى شتات وكل حي الى ممات وكل ملك الى فوات.
هب الدنيا تساق اليك عفوا اليس مصير ذلك الى انتقال
وما دنــــــــــــــــياك الا مثل ظل اظــــــــــــلك ثـــم آذن بالـــــزوال!
ولقد عرف الصادقون وأرباب العقول النيرة والقلوب البصيرة ان السعادة ليست في مظاهر الدنيا الفانية كلها ولا اعراضها الزائلة وانما السعادة الحقة هي فيما يخرج وينبع من شغاف القلوب الطاهرة المتعلقة برب العالمين.
يريد العبد ان يعطى مـــــــــــــــــناه ويأبى الله الا ما يريـــــــــــــــــــــــــــد
يقول العبد : فائدتي ومــــــــــالي وتقوى الله افضل ما يفــــــــــــيد
ولست ارى السعادة جمع مال ولكن التقي هو الســـــــــــــــــــــعيد
ان الطريق الموصل للسعادة وان المفتاح الذي به تفتح دار السعادة هو ان يعرف الانسان دوره في هذه الحياة ومهمته فيها، ان يعرف انه يعيش لغاية كريمة ومثل عليا ويعيش لفكرة نبيلة وهدف سام وعقيدة صحيحة ومبدأ هو الحق.