عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 08-12-2013, 07:29 PM
سعد الرشيدي
ابـو مــحــمـــد
الصورة الشخصية لـ سعد الرشيدي
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 22 / 4 / 2006
عدد المشاركات : 3,276
قوة السمعة : 10

سعد الرشيدي قام بتعطيل خيار تقييم العضوية
غير متواجد
 
الافتراضي هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب
هضب الدياحين يُنازع طخفة الجرير في هضب القليب


يبيّن قدماء المؤرخيين بما لا لبس فيه أن السباق التاريخي الشهير بين داحس و الغبراء قد جرى في هضب القليب من بلاد فزارة في ناحية من الشّربّة وان هذا الهضب بعد أن خلت جوانبه من بني ذبيان أصل قبيلة فزارة أصبح في القرن الثالث من الهجرة يمثّل الحد الفاصل بين بني سليم و بني عامر في عالية نجد ، و كان من أمر ذلك السباق المشؤم أن أشعل الحرب المعروفة بـ "حرب داحس و الغبراء" على ما هو مسطر في أخبار العرب
وأشعارهم القديمة.
فإذا كانت أحداث تلك الحرب قد خلّدت ذكر اسماء عدد كبير من الأبطال الذين خاضوا ضمارها ،و ضربوا في ميدانها الفسيح أروع الأمثلة في الشجاعة و الفروسية من كلا الطرفين فإن هضب القليب بما جرى على أرضة هو الآخر لم يكن أقلّ حظّاً في الخلود والشهرة ممن لمعت أسماؤهم في هذه الحرب ، حتى أن بعض العلماء كان يحدد به بعض المواضع القريبة منه ، كالهمداني عند ذكره معدن الضبيب .
هذا الهضب الذي يحمل من تاريخ العرب في الجاهلية ما لا تحمله ذاكرة مكان آخر ، قد أصبح غير معروف باسمة القديم في هذا العهد ، و لذلك نهض عدد من العلماء المتأخرين ، ليتـثبتوا من تحديد موقعة ، مع معرفة اسم مسمّاه حالياً ، فلنمعن النظر في أقوال العلماء قديماً و حديثاً عن هذا الهضب ، ثم من دراسة النصوص و المشاهدة الميدانية نوضح رأينا في هذه المسألة .

أقوال المتقدمين من العلماء

1- قال ياقوت و هو يستعرض أقوال أهل العلم عن هذا الهضب : هضب القليب علم فيه شعاب كثيرة ، قال الأصمعي : هضب القليب بنجد ، و الهضب جبال صغار، و القليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد ، وهو من أسمائها، و عنده جرى داحس و الغبراء ، قال العامري : هضب القليب نصف بيننا و بين بني سليم ، حاجز فيما بيننا ، و القليب الذي ينسب إليه بئر لهم ... و قال أبو زياد: و بنو وبر بن الأضبط بن كلاب لهم من المياه هضب القليب ، و القليبب ماء ، و لهم هضب كثير .


و في رسم ذات الإصاد قال ياقوت : ذات الإصاد بالكسر : اسم الماء الذي لُطِمَ عليه داحس فرس قيس بن زهير العبسي ، و كان قد أجراه مع الغبراء فرس لحذيفة بن بدر الفزاري ...
و قال أبو عبيدة : ذات الإصاد : ردهه في ديار عبس وسط هضب القليب ، و هضب القليب علم أحمر فيه شعاب كثيرة في أرض الشربه ، وقال الأصمعي : هضب القليب بنجد جبال صغار، و القليب في وسط هذا الموضع يقال له ذات الإصاد،وهو من اسمائها(1) ،والردهة : نقيرة في حجر يجتمع فيها الماء .. و في رسم دارات العرب قال ياقوت: دارة و يقال دارة هضب القليب ، قال جميل :
أشاقك عالجٌ فإلى الكثيب .
إلى الدارات من هضب القليب .
2- قال البكري معلقا على شعرابن مقبل في رسم المضيّح(2):
سَلِ الدَّارَ من جنبي حبرٍ فواهب
إلى ما رأى هَضْب القليب المضّيحُ

هضب القليب لبني قنفذ من بني سليم . و هناك قتلت بنو قنفذالمقصصَ العامري . وفي رسم ذات الإصاد قال : ذات الإصاد بكسر أوله و بالدال المهمله على وزن فعال : موضع ببلاد فزارة،وهو الموضع الذي أقعد فيه حذيفة بن بدر فتياناً من فزارة،لما تغالق هو وقيس ابن زهير على داحس و الغبراء و قال لهم : إن مرّ بكم داحس متقدما فالطموا وجهه و نهنهوه حتى تقدمه الغبراء ، ففعلوا ، ثم مضى داحس حتى لحق غبراء ، قال بشر بن أبي حمام العبسي :

لُطمِنَ على ذات الإصاد و جمعهم يرون الأذى من ذلةٍ و هوان

و قال اليزيدي : ذات الإصاد : أراد ذات حسيٍ. و قيل ذلك الشعب يسمّى شعب الحيس ،لأن حذيفة أطعمهم هناك حيساً .و قال الصولي : وقد أنشد قول أبي تمام :

و غادر في صدور الدهر قتلى بني بدر على ذات الإصاد

ذات الإصاد : الردهة التي قتل عليها قيسُ بن زهير حذيفة بن بدر ، و هي موضع ماء بالهباءة .


و أقول :يحسن التنويه هنا إلى أن في قولي اليزيدي و الصولي اللذين أوردهما البكري في كلامه على ذات الإصاد إلتباساً واضحاً من الخلط ،فاليزيدي: خلط بين ذات الإصاد
و ذي حسي ، وبين ذي حسي و شعب الحيس ، فهي أ سماء لثلاثة مواضع مختلفة ، فذات الإصاد : اسم للردهه أو القليب الذي من عندها ذرعت مسافة السباق و إليها منتهى الغاية،وذو حسي:وادٍ قد وقعت فيه إحدى وقائع أيام داحس و الغبراء ،وهو اليوم يعرف بـ"حسوعليا" وفيه بلدة كبيرة بهذا الاسم ، لبني عبد الله من مطير،و شعب الحيس في وسط هضب القليب ، وفيه موضع الردهه و القليب الذي ينسب إليه الهضب ، قال نصر: الحيس : شعب الحيس بالشّربّة من هضب القليب في ديار فزارة ، سُمّي به ، لأن حمل بن بدر ملأ دلاءً من الحيس ووضعها في هذا الشعب ، حتى شرب منها قوم ردوا داحسا عن الغاية.
و قال حمد الجاسر : الحيس : يصنع من التمر و الإقط (3). أما الصولي : فخلط بين مقتل حذيفة بن بدر على ماء جفر الهباءة وماءة ذات الإصاد ، فهما موضعان متغيران.
3- قال الأصفهاني : و هضب القليب: بلاد منقطعة لعمرو بن عبد الله بن كلاب ، و ناحية منها لبني سليم .. قال العامري : و هضب القليب : نصف ما بين بني عامر و بني سليم ، حاجز فيما بيننا و بينهم ، و القليب الذي ينسب إلية الهضب لهم(4).
و أقول : القول في أن هضب القليب لعمرو بن عبد الله بن كلاب لا يتعارض مع قول أبي زياد المتقدم في نص ياقوت في أن هضب القليب من مياة و بر بن الأضبط بن كلاب ، فالحيّان كلاهما من بني كلاب من بني عامر ، فلا أشكال في أن يتجاورا أو يعقب أحدهما الأخر في هذا الموضع .
أمّا أن تكون بلاداً منقطعة :- أي غير متصلة بديار بني عامر – فالأصفهاني لم يوضح السبب ، و لكن أن تكون من مياه وبر بن الأضبط و مشاركة بني سليم لهم فيه دليل على أنها متعالية بجهات حدود بني سليم النجدية الواقعة إلى الشرق من حرّة رهاط ، و لبني محارب ابن خصفة في عهد الأصفهاني منازل كثيرة تقع بين بني سليم وبني الأضبط في هذه الناحية ، فليس من المستبعد أن يكون ذلك هو السبب في أن تكون بلاداً منقطعة ، مثلها في ذلك مثل جبل "فرقين " الذي يمرُّ وادي الشعبة بينة وبين جبل شابه ، فقد عّدة الأصفهاني من جبال ربيعة بن الأضبط من بني كلاب (5) ، فيما بلاد واسعة تتخلّلهاُ جبال و أودية و مياة لبني محارب تقع بين جبل فرقين هذا و بلاد ربيعة بن الأضبط بجهات جبل المضيّح .
4- قال الزمخشري :ذات الإصاد : ردهة وسط هضب القليب ، وهضب القليب علم أحمر في شعابُ كثيرة وهي في نجد .(6)
5- قال الهمداني : وهو يعدد معادن اليمامة و ديار ربيعة : و معدن الضبيب .. عن يسار هضب القليب .(7)
6- روى بن الأثير ما دار من نقاش بين حذيفة بن بدر و قيس بن زهير في الخيل و ميدان السباق و قال ..... قال له قيس : نفّس في الغاية و أرفع في السبق فقال حذيفة : الغاية من "أبلى" إلى "ذات الإصاد" و هو قدر مائة و عشرين غَلوَة و السبق مائة بعير (8) .
و أقول : يكاد متقدموا العلماء يتفقون على أن مسافة السباق كانت مائة غَلوة ،خلافاً لرواية بن الأثير هنا ، و الغلوة : مائة باع ، أو: أبعد مسافة يقطعها السهم ، و الميل ، ألف باع ،
و الفرسخ : ثلاثة أميال ، و للبريد : أربعة فراسخ (9) و على هذا فمسافة مائة غلوه ،هي على أقل تقديرا تتراوح بين 19 إلى 20 كيلاً .
7 – و قال أبو عبيدة : و قد جعلت بنو فزارة كميناً بالثّنِيّة ، فاستقبلوا داحساً فعرفوه ، فمسكوه و هو السابق … حتى مضت الخيل و أسهلت من الثنية ، ثم أرسلوه فتمطّر في آثارها أي : أسرع فجعل يبدرها فرساً فرساً ، حتى سبقها مصليّا ، و قد طرح الخيل غير الغبراء ، و لو تباعدت الغاية سبقها(10) ……



(1) معجم البلدان : 1/205، 2/331، 3/347، 5/ 407

(2) معجم ما استعجم : 1/ 161، 2/ 235

(3) العرب : شعبان / 1408هـ عدد 120

(4) بلاد العرب : 141 - 142

(5) المصدر نفسه : 194

(6) الجبال و الأمكنة و المياة : 147

(7) صفة جزيرة العرب : 291 ، 299

(8) الكامل : 1/346

(9) النحو الوافي : 2/ 254

(10) النقائض : 1/86



آخر تعديل بواسطة سعد الرشيدي ، 08-12-2013 الساعة 07:40 PM.


توقيع سعد الرشيدي
(((مواضيعي المختارة ويشرفني مروركم لها)))


ويشرفنا متابعة قناة بني عبس على الرابط التالي