عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 31-12-2012, 09:57 PM
سعد الرشيدي
ابـو مــحــمـــد
الصورة الشخصية لـ سعد الرشيدي
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 22 / 4 / 2006
عدد المشاركات : 3,276
قوة السمعة : 10

سعد الرشيدي قام بتعطيل خيار تقييم العضوية
غير متواجد
 
الافتراضي
ومن مشاهيرهم:
الحارث بن عوف وهرم بن سنان(): ممدوح زهير بن أبي سلمى – وهما اللذان سعيا لإنهاء حرب داحس والغبراء، وتحملا حمالة الديات في هذه الحرب، وإياهما عنى زهير بن أبي سلمى بقوله:


سَعَى سَاعِيَا غيظ بن مُرّة بعدما


تَبَزَّلَ ما بَيْنَ العَشِيْرَةِ بالدّمِ

فَأَقْسَمْتُ بالبيتِ الذي طَافَ حَوْلَه


رِجَالٌ بَنَوْهُ مِن قُرَيش وجُرْهُمِ

يَمِيناً لَنِعْمَ السَّيدَانِ وُجدْتُما


على كُلِّ حَالٍ من سَحِيْل ومُبْرَمِ

تَدَاركْتُمَا عَبْساً وذُبيان بعدما


تَفَانَوا ودقّو بينهم عِطْرَ مَنْشَمِ()

وَقَدْ قُلْتُما إن ندرك السلم واسعاً


بمَالٍ ومَعْرُوفٍ من الأمْرِ نَسْلَمِ

فَأصْبَحْتُما منها على خَير موطنٍ


بَعِيدَينِ فيها من عُقُوقٍ ومَأثَمِ

عَظِيمَيْنِ في عُليا مَعَدٍّ هُدِيتُما


ومن يَسْتَبِحْ كنزاً من المجد يُعْظَمِ



والجُنَيد بن عبدالرحمن بن خارجه بن سنان بن أبي حارثة، والي خُرسان؛ وكان له عقب بالبيره. والشاعر المشهور أرطاة بن سُهَيّة، والشاعر شبيب بن البرصاء وفي كتاب: "جمرة النسب": وأمه أمامة بنت الحارث بن عوف بن أبي حارثة، يقال أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطبها، فقال أبوها: إن بها بياضاً، يريد البرص، ولم يكن بها شيء، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((ليكن كذلك)) فبرصت، فلذلك سميت البرصاء، واسمُها قِرصافة، وأختها عمرة العوراء، وهي أمُّ عَقِيل بن عُلّفه..). والفاتك أبو الخريف عُبَيد بن نشبه؛ ويقال أنه هو الذي علم الحارث بن ظالم الفتاكة، والنابغة الذبياني، وهو زيا بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ، ويقال أنه له عقب بمصر، وعَقِيل بن عُلّفة، الذي خطب إليه عبدالملك بن مروان بعض بناته، لبعض ولد عبدالملك، فقال له عَقِيل: ((إن كان ولا بُدّ فجنّبني هُجناءك))، وخطب إليه عثمان بن حيّان، وهو أمير المدينة، إحدى بناته؛ فقال: ((أبكرةً من إبلي أيّها الملك)) فأمر بإخراجه على أسوأ أحواله.. وكان يفاخر ابن خالته (البرصاء) شبيب المتقدم ذكره بأنه زوّج ثلاثاً من بناته من بني مروان ملوك الشام، وسيأتي تباعاً ذكرهن في مشاهير نساء بني مُرّة.

والحارث بن ظالم الفاتك المشهور، الذي قتل خالد بن جعفر الكلابي السيد الغطريف في زمانه في بني عامر بن صعصعه، وكان من أمر ذلك أن القتيل كان قد قتل زهير بن جذيمة العبسي، وهو السيد المسود في زمانه على غطفان كُلِّها، فلجأ إلى النعمان ملك الحيرة طلباً لحمايته من غطفان، فكان له ذلك، ولكن غطفان أدركت بسيف ابن ظالم ثأرها منه، وهو تحت القبة التي عدّها النعمان له، وكان للحارث بن ظالم سيف اشتهر بيده، حتى أن جريراً وهو يهجو الفرزدق لا يجد سيفاً بمقام سيف الحارث بن ظالم ويقول هو يهجو الفرزدق ويعيبه في رداءة ضربة سيفه في خصمه:


بسيف أبي رغوان سيف مجاشع


ضربت ولم تضرب بسيف ابن ظالم



ومنهم: مسلم بن عُقبة بن رياح صاحب يوم الحرّة، وكان فاسقاً ومسرفاً في القتل. وهاشم بن حرمله الذي فيه يقول الشاعر:

 

أحيا آباءه هاشم بن حرمله


بين الهباءات وبين اليعمله

ترى الملوك حوله مغربله


يقتل ذا ذنب ومن لا ذنب له



وسنان بن أبي حارثه الذي اجتمعت عليه بنو ذبيان، ومن معهم من الأحلاف() وقادهم على بني عبس بعد مقتل قادتهم يوم جفر الهباءة، وكان حازماً صلباً، ورياح بن عثمان بن حيّان بن عثمان بن معبد بن شداد.. والي المدينة للمنصور، وقد قُتل وولى أبوه عثمان المدينة لبني أميّة، والشاعر الفحل ابن مَيّاده واسمه الرماح بن أبرد بن ثوبان بن سراقه بن حرمله الخ وأمّه مَيّاده، وهي صقلبيّه – بلد في الأندلس – وفي شعره فارسيّة، قال يفخر في نسب أبيه في العرب ونسب أمّه في العجم:


أليس غلامٌ بين كسرى وظالم


بأكرم من نيطت عليه التمائمُ

لو أنّ جميع الناس كانوا بتَلْعَةٍ


وجئتُ بِجَدِي ظالمٍ وابن ظالمِ

لظّتْ رقابُ النّاسِ خَاضِعةً لنا


سُجُوداً على أقدامنا بالجماجمِ



ومن النساء:
البرصاء: أمّ الشاعر المشهور شبيب بن يزيد بن حمزة بن عوف بن أبي حارثة بن مُرّة، وتقدم القول في سبب تسميتها بالبرصاء، وعمرة العوراء، وهي أخت البرصاء، وأمُّ عَقِيل بن عُلّفه، والجرباء بنت عَقِيل بن علّفة: زوجة أمير المؤمنين يزيد بن عبدالملك بن مروان، فولدت له ابناً مات صغيراً، وعمرة بنت عَقيل بن علّفة: زوجة سلمةُ بن عبدالله بن المغيرة المخزومي، فولدت له يعقوب بن سلمة، وأمّ عمرو بنت عَقِيل بن عُلفة: زوجة يحيى بن الحكم بن أبي العاصي بن أميّة، فمات عنها؛ فتزوجها أخوه خالد بن الحكم، ثم مات عنها، فتزوجها أخوهما الحارث بن الحكم.

 
 
2- بنو عبس() بن بغيض بن ريث بن غطفان
ومنهم: بنو رواحة، بنو جذيمة، بنو قطيعة، بنو غالب، بنو المقاصف، بنو عوذ، بنو مالك، بنو بجاد، بنو قارب، بنو حشر، وغيرهم.
قال الجوهري في صحاحه: جمرات العرب ثلاث: بنو ضبة بن أد، بنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر. فطفئت منهم جمرتان: جمرة ضبة؛ لأنها حالفت الرّباب، وجمرة بني الحارث؛ لأنها حالفت مذجح، وبقيت جمرة نمير لم تطفأ؛ لأنها لم تحالف. ثم قال: ويقال: الجمرات: عبس، والحارث، وضبة، وهم إخوة لأم، وذلك أن امرأة من اليمن رأت في المنام أنه خرج من فرجها ثلاث جمرات. فتزوجها كعب بن عبدالمدان؛ رجل من اليمن، فولدت له: الحارث بن كعب بن عبدالمدان؛ وهم أشراف اليمن، ثم تزوجها بغيض بن ريث، فولدت له عبساً؛ وهم فرسان العرب؛ ثم تزوجها أد، فولدت له ضبّة. فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن(). وذكر مثل هذا أبو عبيدة().
 
 
 
منازل بني عبس
قال عُرْوَةَ بن الورد العبسي:

وقلتُ لقوم في الكنيف تروّحوا




عشيّة بتنا دون ماوان رُزَّحِ

تنالوا الغنى أو تبلغوا بنفوسكم


إلى مستراح من حِمام مُبرّح

ومن يكُ مثلي ذا عيال ومقتراً


من المال يطرحْ نفسه كُلّ مَطْرَح

ليبلُغَ عُذراً أو ينال رغيبة


ومُبلغُ نفسٍ عُذرها مثلُ منجح


وقال ياقوت: قال ابن السكِّيت: ماوان هو وادٍ فيه ماء بين النّقرة والرَّبذة، فغلب عليه الماء فسمِّي بذلك الماء (ماوان)، قاله في شرح شعر عُرْوَةَ، وكانت منازل عبس، فيما بين أبانين والنقرة وماوان والرّبذة، هذه كانت منازلهم.
ومن هذا التحديد يتضح أن منازل عبس قبل أيام حرب داحس والغبراء كانت منتشرة في الجهة الشمالية الشرقية من أرض الشّرَبّةِ، وهي الأرض التي كان عنترة بن شداد قد أكثر من ذكرها في شعره:


أيا عَلَمَ() السعدي هل أنَا راجع؟



وأَنْظُرُ في قُطْرَيْكَ زهر الأراجِعِ

وتُبْصِرُ عَيْني الرّبوتينِ وحاجراً


وسُكّانَ ذاك الجزع بين المراتِعِ

وتجمعُنا أرضُ الشّرَبّةِ واللوَى()


وَنَرْتَعُ في أكنافِ تلك المرابعِ


أمّا بعد تلك الحرب فتحديدها – من وجهة نظري – يقتضي سعة نظر، فقد أزاحتها تلك الحرب من هذه الأماكن إلى أخرى، في جنوب نجد ثم إلى اليمامة، ثم إلى جهات الأحساء، ثم إلى منطقة القصيم، وربما كان لهم فيها وجود أقدم، كما سنبين ذلك بعد قليل، فمن أوائل من حددوا ديارهم في هذه المنطقة الحسن بن عبدالله الأصفهاني، فقد بسط القول في ذكر منازلهم في القرن الثالث من الهجرة، مبتدئاً بقوله: وأسافل الرّمَة تنتهي إلى القصيم؛ رمل لبني عبس...، ثم أنهى حديثه عن تلك المنازل بقوله: وأهل القصيم يسكنون في خِيَام الخُوصِ؛ وهي منازل بني عبس، وغيرهم. وذكر ما بين هذين النصين عدداً كبيراً من أسماء المنازل لعبس في القصيم، وهي:
1- أبان الأبيض، وقديماً كان لبني جريد من فزارة، وقد ذكر أبو علي الهجري من أهل القرن الثالث والرابع من الهجرة أن فروعاً من فزارة كانوا في منازلهم القديمة حول أبان، وقد تقدم قوله في ديار فزارة والتعليق عليه.
2- قطن: جبل مشهور في القديم والحديث، قال الشاعر:


أين انتهى يا ابن الصُّمَيْعَاءِ السَّنَنْ



ليس لعبس جبل غير قطنْ



ومن مياههم فيه: السُّلَيْعُ، والعاقرة، والثَّيِّله. وفي جبل قطن اجتمعت عبس وذبيان بعد أن اصطلحوا في إنهاء حرب داحس والغبراء بتدخل من سادة بني مُرَّة().
3- الخيمة: وبها ماءة يقال لها الغبارة، وهي أكمة بين وادي الرّمَة عند موازاته جبل أبان الأحمر وجبل قطن.
4- جفر الشحم: ماءة ببطن وادي الرّمة، بحذاء الخيمة. ويرجّح العبودي أنه في المواضع الذي قامت فيه قرية الخُطَيْم اليوم.
5- أُثال: لا يزال معروفاً وقد أصبح قرية عامرة.
6- جوُّ مرامر (القرعاء).
7- تياس (التيس حالياً).
8- ثادق (ثادج) وادٍ ضخم أسفله لعبس وأعلاه لبني أسد.
9- ضلفع (الضلفعه).
10- حَبْجَرى: وادٍ وفيه ماء بهذا الاسم().
ومن منازلهم في القصيم
أ- شرج (شري) قال البكري نقلاً عن قاسم بن ثابت: ماء لعبس بن بغيض، قال زهير:


قد نكَّبَتْ ماءَ شرج عن شمائلها



وجَوُّ سلْمَى على أركانها اليُمُنِ



وقال العبودى: وفي شرح ديوان الحطيئة المروي لعدد من أئمة اللغة: الحطيئة عبسي، ومنازل بني عبس: شرج والقصيم والجواء. وقال: وقال: عمارة بن عقيل: ناظرة حبل من أعلى الشقيق على مدرج شرج، قال: وأقول: وهذا هو الواقع إذ يذهب سيل وادي الترمس الذي فيه "شرج" حتى تقفه رمال "ناظرة"، ثم قال: وقد وقعت حوادث استحقت الذكر من المؤرخين والأدباء في المنطقة التي تشمل شرج "شري" وناظرة المجاورة له منها مقتل عنترة بن شداد العبسي الفارس الخالد في التاريخ، وخبر مبعث نبيّ من عبس يقال له خالد بن سنان.. ثم ذكر أشعار في شرج منها ما أنشده ياقوت لامرأة من كلب ذكرت شرج وقرنت ذكره بذكر نواظر، مع ذكر الشقيق (شقيق عبس) وهو عروق الأسياح، قالت:


سقى اللهُ المنازل بين شرج



وبين نواظر دِيمَاً رِهاما

وأوساط الشقيق شقيق عبس




سقى ربي أجارعَها الغماما

فلو كُنّا نُطاع إذا أمرنا


أطلنا في ديارهم المُقَاما



وقد تقدم قول الأصفهاني: وأسافل الرمة ينتهي إلى القصيم رمل لبني عبس، وأقول: وهذا الرمل هو الشقيق (عروق الأسياح حالياً)().
ب- ناظره قال البكري: ماء لعبس(). وفي "معجم بلاد القصيم: رسم ناظره: 3/2378" توسّع العبودي في ذكر النصوص التي ورد فيها ذكر لناظره، ونقتطف من كلامه قوله: وفي الحديث عن ناظره وشرج الذي يقترن ذكره بذكرها كثيراً لا يقتصر على التشوق والادِّكار، بل تعدى ذلك إلى زعم أكثر إغراقاً في المجد، وسمواً في المنـزلة، فقد زعم بعض الأخباريين القدماء أنه في بني عبس نبيٌّ يقال له سنان بن خالد وزعموا أنه لم يكن في بني إسماعيل نبيٌّ قبله.
ثم قال: وتكفّل أبو عثمان الجاحظ بردِّ هذا الزعم ولكنه أتى على ذكر (ناظره) وشرج، قال بعد أن ذكر زعم الزاعمين أولئك: والمتكلمون لا يؤمنون بهذا ويزعمون أن خالداً كان أعربياً وبريّاً() من أهل شرج و(ناظره) ولم يبعث الله نبياً من الأعراب، ولا من الفدّادين() أهل الوبر، وإنما يبعثهم من أهل القرى وسكان المدن.
وأقول: ما نقل الجاحظ عن بعض الأخباريين القدامى من أن خالد بن سنان كان من أهل شرج (شري) و(ناظرة) يقدم لنا حقيقة يصح القول فيها أن وجود بني عبس في منطقة القصيم كان وجوداً يمتد إلى عصر متوغل في القدم من عصور الجاهلية.

ثم في شمال الحجاز
وفي القرن الحادي عشر من الهجرة نجد أن لعبس وجوداً في شمال الحجاز، وفي مواضع مختلفة من الساحل، وقد ذكرهم في هذه الجهة غيرُ واحد من الرحالين منهم:

محمد بن عثمان السنوسي التونسي
وقد حجّ سنة 1299هـ وعاد منها مع الحاج الشامي ووصف منازل الحج إلى الشام، وذكر (اصطبل عنترة) الواقع بين المدينة والعلاء، وقال: بأن منـزل عنترة بن شداد العبسي في هذه الجهة الواقعة طريق الشام من المدينة()، وقد علّق الشيخ حمد الجاسر على هذا النص وقال: وهناك موضع يسمى (اصطبل عنترة) يقع بين منـزلتي الأزلم والوجه، في الطريق الساحلي للحجاج القادمين من مصر عن طريق البر، وقد توهم بعض الرحالين أنه منسوب إلى عنترة العبسي.
ومنـزل عنترة مع قومه بني عبس ليس في هذه الجهة من الحجاز، بل في نجد في نواحي القصيم، وقد قُتِل شرق منهل شرج بقرب ناظرة من رمال الدهناء.
وأقول: هذا الكلام للجاسر – مع صحته – لا ينفي أن القبيلة العربية في غياب سلطة الدولة قد تمرُّ ببعض الظروف التي قد تدفع مجتمع القبيلة أو بعضه إلى الانتقال إلى مكان آخر بحثاً عن الأفضل، وبنو عبس ليسوا إستثناءً من ذلك، بل ذكرهم في رحلته عبدالسلام الدرعي في الساحل، وهي أقدم من رحلة التونسي بقرن من الزمن، كما سيأتي، ثم أن الجاسر نفسه في تعليقه على ذكر عبدالسلام الدرعي (اصطبل عنترة) في الساحل بين (الأزلم) و(الوجه) قد ألمح إلى أن منازل قوم عنترة قد تكون في عهد المؤلف امتدت إلى بلاد بليّ في الساحل().

جون لويس بركهارت
(
Gohann Ludwig Burckhart)

زار مكة والمدينة، وأقام فيهما، وجدة والطائف وينبع، وتجول في هذه البقاع للفترة من منتصف شهر (تموز) 1814م حتى منتصف شهر (إيار) 1815م، وسجّل ما عنّ له من مشاهدات وانطباعات().
فقد ذكر قبيلة عبس شمال مدينة ينبع، قال: قلّة من أسر هذه القبيلة القديمة المشهورة، التي أنتجت عنتر المشهور، لا تزال تسكن جبل (حساني) على مسيرة ثلاثة أيام شمال ينبع، ويقطنون كذلك الجزيرة المقابلة له المسماه الحرّة. أنهم البدو الوحيدون في بلاد العرب الذين لايزالون يحتفظون باسم عبس على الرغم من وجود قبائل كثيرة تدعي انتسابها لتلك القبيلة العريقة، ولكن يعرفون بأسماء أخرى()... ثم ألمح إلى تغيُّر النظرة إليهم بعدما آلت بهم تقلُّبُ الأحوال إلى حالة من الضعف الشديد، ثم يكمل قائلاً... ولقد كانت قبيلة عبس هذه كثيرة العدد في بداية القرن الماضي (السابع عشر الميلادي): وحتى الآن فإن العوائل القليلة الباقية لاتزال تتقاضى ضريبة الحماية من قافلة الحج المصري، تلك الضريبة التي في الماضي البعيد كان أسلافهم قد فرضوها().
G.W. Murry. Sons of Ismael: A study of the Egyptian Bedouin
London: George & Sons. 1935
(جي. دبليو. موري. أبناءإسماعيل: دراسةعنبدومصر،لندن: جورجروتليدجآنسنس 1935):

عبس: هذه القبيلة المشهورة في الجاهلية والتي بين أحضانها نشأ عنتر، مرت خلال أيام شريرة أغرقتها حتى أصبح الآن اسم عبس يستخدم كلفظ إهانة... وعندما ضعفت عبس، وهي فرع من غطفان، لم يترك أعداؤها بلا شك الفرصة تفوتهم بإساءة تفسير اسمهم. ولقد قابل جنينقر براملي بعض أفراد قبيلة عبس في الشرقية وقبلهم (كلنـزينقر) بين عرب صيادي الأسماك على ساحل قويح وسفاجه حيث اختفوا الآن(). وقد ذكرهم بركهارت كصيادي أسماك على جزيرة حساني().

محمد بن عبدالسلام الدرعي المغربي

وقد حج مرتين: سنة 1196هـ، وسنة 1211هـ وفي الأولى ألّف معظم ما في الرحلتين من علم، وقد ذكر عبس في الحوراء (أمّ لجٍّ حالياً)()، وقال: وسرنا فنـزلنا الحوراء وقد مضى من النهار ساعتان وعشر دقائق، وبتنابها، وسوقنا أعراب: جهينه، وأهل الينبوع()، وبنو عبس؛ وهم فخذ من (...)

 
 
 
تنبيه هام
عدّ المؤلف عبساً كفرع من اتحاد قبلي كبير قوامه في الساحل في عهد المؤلف قبائل: بنو رشيد()، عبس، العوازم، العزايزه()، القزايزه، العرينات؛ ذلك ما يخرج به الباحث من قراءة التاريخ لكل قبيلة منها، سواء أكان ذلك أثناء وجودهم في الساحل الشرقي للبحر الأحمر أم من حيث تواجدهم اليوم في مصر والسودان والشام وفلسطين، مما لا يتسع له المقام لتسليط الضوء عليه في هذه العجالة، ومن ذلك يحسن أن نورد هنا نصاّ للجزيري عن العزايزة؛ لصلته القوية والمباشرة بما نتحدث فيه، ذكر ذلك في حوادث سنة 968هـ 1561م، قال: وفيها كان أمير الحاج عثمان أزدمر باشاه... وأفحش السيرة مع أهل الدرك، فقطع عوائدهم ومرتباتهم، فلم يقابله غالبهم، ومن أتى إليه لم يَفُزْ منه بطائل، وحال بينه وبين عوائده كل حائل، فغضبت بنو عطيه، واستمر عصيانهم، وعصت عربان الأحامده والعزايزه في الذهاب والإياب(). ومما تقدم من نصوص في الرحلات نستخلص:
1- وجود قبيلة العزايزه في الساحل في القرن العاشر من الهجرة، مع ما لهم من شأن كبير من وجود القبائل السابق ذكرها منذ ذلك الحين في الساحل ومن بينها عبس.
2- إن يكون للعزايزه درك لحماية الحاج في ناحية من الساحل في القرن العاشر للهجرة، مقابل مرتبات تدفع لهم من قبل أمير الحاج، ومثل هذا لعبس، وفي منطقة لم تكن جزءاً من ديارهم القديمة دليل على أن اتحاد هذه القبائل نسباً كان أم صلة قرابة أم حلفاً هو الذي – في اعتقادي – مكّن كل قبيلة من هذه التشكيلة أن تكون لها في هذه المنطقة ناحية يحق لهم فيها ما يحق لغيرهم في أي ناحية أخرى من الساحل يبسطون عليها نفوذهم القبلي.
3- إطلاق اسم (اصطبل عنتر)، على موضعين؛ أحدهما في طريق الحاج الشامي، بين المدينة والعلا، والآخر في طريق الحاج المصري، بين (الأزلم) والوجه) يظهر أن بعض الكيانات القبلية، ممن لهم بعنترة رابطة دم، أو صلة من أي وجه كان قد اتخذوا من هذين الموضعين مكاناً لفرض ضريبة على حجاج البر القادمين من مصر والشام، ولهذا أطلقوا عليها هذا الاسم، كرمز من رموز أمجادهم التاريخية القديمة.
4- في جلوة المضابرة – سكان جبلي أبانين – من شمال الحجاز في أوائل القرن الثاني عشر من الهجرة تقريباً وردت إشارة إلى هذا الوجود في غاية الأهمية، فقد ذكر عقيدهم يومئذٍ (بدوي) أنهم استعاضوا عما كان يتقاضونه من ضريبة من الحاج الشامي والمصري بالنخل في جبل (أبان)، فيقول:


يا ناشداً عنّا ترانا هنييه



أبان ركّزْنَا النخل في هضابهْ

حقي من الشامي لعوده مخليه




وحقي من المصري سَلِيم غدابهْ



ويروى أن عودة أخوه وسَلِيم ابن عمه، وفي ذلك دليل على الدور الذي كان لأسلاف بني رشيد في هذه الجهة. ولا تفوت الإشارة إلى أن أباناً كان في القرن الرابع من ديار بني عبس.

 
 
 
 
 
 
 
 
من مشاهيرهم:
زهير بن جذيمة سيد عبس في الجاهلية

كان في زمانه السيد المسود في عبس وغطفان كلها، قاد الحلف الأعظم بين أسد وغطفان، نظموا له الخرازات، لتتويجه ملكاً على هذا الحلف، وبظل هذا الوضع أصبح ذا نفوذ قوى بين القبائل، ثم كان من سمو المقام أن بسط نفوذه على بعض قبائل قيس عيلان، كهوازن مثلاً، فيفرض عليها إتاوةً سنوية()، ولشرفه وسؤدده تقرّب إليه أحد ملوك الحيرة، وهو النعمان بن امرئ القيس؛ جد النعمان بن المنذر، فتزوج ابنته (المتجردة)، فنال كل واحدٍ منهما عزّاً رديفاً، بهذه المصاهره.
بعد حين من اختفاء ابنه شأس أثناء عودته من الحيرة محملاً من صهره النعمان بن امرئ القيس بالهدايا الثمينة علم زهير بن جذيمة أن ابنه قد قتله رجل من غني على ماء بوادي منعج (وادي دخنه حالياً)، وكان بنو غنى يومئذٍ حلفاء لبني عامر، فأوقع بغني مقتله عظيمة، ثم عظم الشرّ بين عبس وبني عامر، وساءت معاملة زهير بن جذيمة لهم().
ثم أن زهير بن جذيمة كان قد تنحّى عن قومه في أهل بيته، فنـزل النفروات منصرفاً من سوق عكاظ، وهناك التقاهم أخو زوجة زهير وأمّ ولده، وهي تماضر بنت الشريد بن رياح بن يقظه بن عُصَيّه السلميّة وكان قد أصاب دماً فلحق ببني عامر، فبُعِثَ ليكون عيناً لبني عامر علي زهير، فأعلمهم بمكانه وقلّة جمعه. فانطلق فرسان من بني عامر وعلى رأسهم خالد بن جعفر الكلابي، فباغتوهم، فأُصيب زهير بن جذيمة برأسه إصابة بليغة مات من أثرها بعد ثلاث ليالٍ. وحادثة مقتل زهير تُعرف بين أيام العرب بـ (يوم النفروات)؛ وهي أكمات في صحراء ركبه تعرف اليوم بـ (النُّفُر) غرباً من الموية().
وقال خالد يمنُّ على هوازن بقلته زهيراً:


أبلغ هوازن كيف تكفر بعدما



أعتقتهم فتوالدوا أحرارا

وقتلت ربهم زهيراً بعدما




جدع الأنوف وأكثر الأوتارا

وجعلت مهر نسائهم ودياتهم


عقل الملوك هجائناً وبكاراً



وقد علم خالد أن غطفان لن تترك دم سيدها يذهب سدًى. فسار إلى النعمان ملك الحيرة، ليستجير به فأجاره، فضرب له قبّة، ولكن غطفان تمكنت من أخذ ثأرها منه بسيف ابن ظالم، وهو تحت القبّة التي بناها النعمان له.
لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل استعرت نار الحرب بين قبائل العرب في شبه الجزيرة، فكان من جراء ذلك وقعة يوم (أريك)() على بني ذبيان وحلفائهم بني أسد، ثم يوم رحرحان، ثم يوم شعب جبله، وهو أشهر أيام العرب، ثم انتهى المطاف بالحارث بن ظالم أن التجأ إلى يزيد بن عمرو الغساني بالشام، وهناك عدا الحارث على ناقة لمجيره يزيد فنحرها لزوجته، فعلم يزيد بذلك من رجل من بني تغلب يقال له الخمس، فماكان من الحارث إلا أن قتل هذا التغلبي، فأمر يزيد ابن التغلبي المقتول أن يقتل الحارث بن ظالم ويأخذ سيفه، فكان ذلك. وفي سوق عكاظ حضر هذا التغلبيّ، ومعه سيف ابن ظالم، وكان يعرضه على الناس، وهو يتباهى بما فعل، وقد صادف ذلك أن قيس بن زهير في السوق، فما كان من قيس إلا أن أخذ سيف ابن ظالم منه فقتله ثأراً لمقتله الحارث بن ظالم().



توقيع سعد الرشيدي
(((مواضيعي المختارة ويشرفني مروركم لها)))


ويشرفنا متابعة قناة بني عبس على الرابط التالي