عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 01-03-2009, 11:43 PM
الاجهر
كبير المـراقـبـيـن
الصورة الشخصية لـ الاجهر
رقم العضوية : 146
تاريخ التسجيل : 27 / 8 / 2006
عدد المشاركات : 12,470
قوة السمعة : 30

الاجهر بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي وفي ذروة جبل علم بني عبس يرقد عنترة العبسي
في ذروة العلم قبر عنترة:
كتب / زحل السبيعي - مقتطفات من جريدة الرياض :.
إن ما تقوم به فرق الآثار من بحث وتنقيب وما تُسفر عنه من مفاجآت جميلة في منطقة حائل بشكل عام وفي حرة بني رشيد بالذات الواقعة في جنوبها الغربي وهي المعروفة في العصر الجاهلي ب (حرة النار) والتي تحظى بغزارة فائقة من مواقع الآثار، وقد تتميز في كثير من آثارها، وهي في حاجة ماسة إلى زيادة جهود البحث الكثيف والمتواصل ليواصل العلم جهده ويعبئ طاقته لمعرفة الكثير عما حباه الله هذه الأرض الطيبة من حضارات وحملها من رسالات وبوأها من درجات الريادة والقيادة عبر التاريخ. وما كشف عنه مؤخراً من آثار وتراث في حرة بني رشيد كما هو الحال في آثار الشويمس والقور والعلم والحائط والحويط المعروفتين في التاريخ بواحتي فدك ويديع من بلاد فزارة ومرة وكافة غطفان بفرعيها الكبيرين عبس وذبيان. ومن ما كشف عنه حتى الآن من اللوحات الفيزيقية في الشويس أحد أهم مواقع الحرة التي قيل عنها أنها نقلة في تاريخ آثار الجزيرة. حيث تشير الدراسات إلى أن استيطان الشومس في الحرة يعد ثاني أقدم موقع استيطان في العالم.

وجبل العلم من المواقع السياحية والأثرية الهامة لما يحتوي بين جنباته من موروث غزير من الثقافة والتاريخ ويقع على بعد 265 كم من مدينة حائل وهو عبارة عن العديد من القرى المأهولة بالسكان كما تضم من الآثار أساسيات لقصور تعود للعهود المتقدمة وكتابات كوفية كما عثر فيها على أميال بريدية وفي ذروة جبل علم بني عبس يرقد عنترة العبسي هو من مواطن قومه وقد قال فيه عنترة:

يا بارقاً عرضت من جانب الحمى

فحي بني عبس على العلم السعدي

وقال أيضاً وهو في طريقه إلى العراق في طلب النعمان :

أيا علم السعدي هل لنا راجع

وأنظر في قطريك قطر الأراجع

وتبصر عيني الربوتين وحاجرا

وسكان ذاك الجزع بين المراتع

وتجمعنا أرض الشربة واللوى

ونرتع في أكناف تلك المرابع

وقال أيضاً وهو في طريقه للعراق:

أرض الشربة شعب ووادي

رحلت وأهلها في فؤادي

يحلون فيه وفي ناظري

وإن أبعدوا في محل السوادي

وأرض الشربة هي كل ما بين وادي الرمة ووادي الجرير يتوسطها ذلك الجبل الأشم علم بني عبس المعروف بالعلم السعدي نسبة إلى بني سعد بن قيس عيلان. انظر شرح ديوان عنترة بن شداد - ص 71 من منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت - لبنان، وانظر معجم البلدان لياقوت الحموي. والعلم يوالي لحرة بني رشيد من الشرق.

وقد أجمع كافة محققي ديوان عنترة على ما جاء في رواية الأصمعي التي تؤكد إصابته غدراً على ضفاف الفرات على يد الرهيص من بني نبهان حيث أوصى عنترة أن يُدفن بين قبري الملك زهير بن جذيمة وصديقه مالك في ذروة جبل العلم هذا ما أورده الأصمعي في روايته. ومن المعروف أن عبدالملك بن قريب أبا سعيد الأصمعي غني عن التعريف فهو أحد ألمع العربية وأدبائها ومن أشهرهم في الأسماع وأكثرهم ذكراً في الكتب وجرياً على الألسنة لعلمه وفضله وأدبه ونوادره وظرفه وآثاره وكتبه.

كما ضمت دفاتره وأوراقه قدراً كبيراً من أخبار العرب في صدر الإسلام والعهد الأموي حتى أيام بني العباس، العصر الأول الذين عاصرهم، ولم يدع خليفة ولا قائداً ولا والياً ولا شاعراً إلا ذكر نبذة عن شخصيته.

مصرع البطل عنترة:

من ملحمة العرب - سيرة عنترة بن شداد - دار الحرف العربي للطباعة والنشر - بيروت، تحقيق الدكتور رحاب عكاوي لسيرة عنترة برواية الأصمعي رضي الله عنه الجزء التاسع والأربعون من المجلد الثامن - المكتبة العلمية الحديثة، وهي المصدر الأول والأهم. يقول الدكتور عكاوي: كان وزر بن جابر الملقب بالأسد الرهيص من ألد أعداء عنترة وقد ظهر في بني نبهان، ولما كانت جنايات الأسد الرهيص قد كثرت، أمر عنترة شيبوباً أن يعذبه عذاباً أليماً، ثم فتقت له الحيلة، فأمر شقيقه أن يكحل عينيه فكحله وأعماه وذات ليلة وعلى ضفاف الفرات خرج عنترة من الخباء وخرج معه شقيقه، وراحا يتحدثان عن سبب هذا النباح، فسمع الأسد الرهيص صوت عنترة وقد كان يرصده، فسدد سهماً من سهامه إليه، وشاء القدر أن يقع السهم في جزء حساس من جسده، فلم يحمل عنترة همه، وصرخ بأعلى صوته غاضباً، فسمع الأسد الرهيص صوته، فظن أن السهم لم يصل إليه فمات لساعته، وقضى من الخوف نحبه بعد أن شقت مرارته. وتبادر إلى عنترة الرجال والنساء يسألونه عن حاله.. فأعلمهم أنه أصيب بسهم لا يدري من أين أتاه، فخرج شقيقه ليتحرى الخبر، فوجد الأسد الرهيص ميتاً والقوس والنبال بجانبه، فعرف أنه هو من رمى عنترة بالسهم، وأنه قد مات بعد ذلك فعاد إلى عنترة وأخبره بالخبر.

عند إذ يئس عنترة من نفسه وعلم أنه هالك لا محالة، فجمع أهله وأمرهم بالاستعداد للرجوع إلى أرض الوطن، وسار في هودج إلى دياره وهي العلم التي ورت في شعره أنها ديار قومه، ثم وأمر عنترة رفاقه بالإسراع في السير إلى أرض الوطن، وأن يتركوه وشأنه لأنه سيموت حتماً، وأن يعود الفرسان بعد ذلك، فيأخذوا جثمانه ليُدفن في أرض بني عبس.

وعندما أعلنوا موت عنترة، أرسل الملك قيس بن زهير ملك عبس وكافة غطفان جماعة من الفرسان لحمل جثته إلى أرض الوطن، فساروا فلما بلغوا المكان وشاهدوا آثار التراب والحفر حفروا الأرض فوجدوا عنترة مسجى في حفرته، فلفوه في الحرير وحملوه على الجمال وساروا به عائدين إلى ديارهم. قلت: والنص كما هو في أصل رواية الأصمعي «فنبشوا عليه وأطلعوه وهو ملفوف في ثيابه من غير أكفان فأدرجوه في قطع من الأديم الطائفي كانوا قد اتخذوه لهذا الشأن ثم حملوه على الجمل وعادوا راجعين إلى الأوطان» انظر أصل الرواية ص 184.

وفي أرض الوطن، وبين قبري الملك زهير والأمير مالك صديقه وهي وصيته، قلت: وكما ورد النص في أصل الرواية «.. حفروا له قبراً بجانب قبر أبيه وقبر صديقه مالك بن جذيمة وهما على ذروة العلم السعدي وتلك المسالك..» (انظر ص 184 من أصل السيرة): وكما في أصل الرواية أيضاً ص 318 «صارت العرب تتلاحق ببعضها البعض وتقصد أرض الشربة والعلم السعدي..». يقول الدكتور عكاوي: وفيها أقاموا عليه المأتم، وجاءت العرب من جميع الأقطار تعزيهم بفقده، وتنشد الأشعار على قبره، وتذبح الذبائح فوق الأرض التي ينام تحت ترابه. هذا مما ورد في سيرة عنترة للأصمعي المصدر الأول لمحققي سيرة عنترة. أما الأصمعي فقد امتدحه صفوة العلماء والأدباء والشعراء وأكثروا في إطرائه، فالإمام الشافعي يقول: ما رأيت بذلك العسكر أصدق من الأصمعي. وفي وصف آخر له قوله: ما عبَّر أحدٌ عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي، والإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يثنيان عليه، وشهادة هؤلاء الثلاثة الأئمة ترفع قدر الأصمعي درجات. ويقول إسحاق الموصلي: لم أر الأصمعي يدعي شيئاً من العلم فيكون أحداً أعلم به منه. هذا مما جاء عن أخبار نهاية عنترة في تلك الرواية المشهورة عن أبي الفوارس عنترة.وهكذا ودع بطل العرب وفارس الصحراء دنيا الناس، وهذا ما لزم إيضاحه منعاً للبس. والله ولي التوفيق.

ـــــــــــــــــــــ

منقول من موضوع في جريدة الرياض يوم الجمعة 27 / 3 / 1426 هـ

كاتب الموضوع أحد الباحثين من قبيلة بني رشيد



آخر تعديل بواسطة الاجهر ، 01-03-2009 الساعة 11:49 PM.


توقيع الاجهر