
01-12-2008, 03:36 AM
|
من شروط قبول الأعمال ( الحج )
فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين :إن الحمد لله ،نحمدهونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتأعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بالهدىودين الحق ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ،فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أمابعد :
أيها الإخوة : فإننا في هذه الليلة نحب أن نتكلم على صفة الحج والعمرة ، وذلك لأننا مأمورونبأمرين هما : الإخلاص لله ، والمتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جميععباداتنا ؛ في الطهارة ، في الصلاة ، في الزكاة ، في الصيام ، في الحج ، في كل عملنتقرب به إلى الله لا بد من هذين الأمرين ، أحدهما : الإخلاص لله ، والثاني : المتابعة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فمن لم يخلص للهفي عبادته فإن عبادته مردودة عليه كما يدل على ذلك كلام الله - سبحانه وتعالى - ،وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الله - عز وجل - : ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاًصَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ . [ الكهف : 110 ]، وقال تعالى : ﴿وَمَاأُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَوَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ . [ البينة : 5 ]، وقال تعالى لنبيه محمد - صلى اللهعليه وسلم - : ﴿فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ . أَلا للهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ . [ الزمر : 2 - 3 ] .
وفي الصحيح منحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشركفيه معي غيري تركته وشركه ) . فالله - سبحانه وتعالى - أغنى الشركاء عنالشرك لا يريد عملاً يكون له فيه شريك ، من عمل عملاً أشرك فيه مع الله ، فإن اللهتعالى يتركه وشركه ، أي : وما أشرك به فلا يقبل منه .
وأما اتباع النبي- صلى الله عليه وسلم - فلابد في كل عبادة منه ، لقول الله - عز وجل - : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُاللهُ﴾ . [ آل عمران : 31 ]، وقال - عز وجل - : ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِلَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ . [ الأنعام : 153 ]،وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من عمل عملاً ليس عليهأمرنا فهو رد ) . أي : مردود عليه .
وإذا كان لابد فيالعبادة من اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه يلزم على كل إنسان يريد أنيتعبد : أن يعرف كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤدي هذه العبادة حتى تتحققله المتابعة ، لأنك لا يمكن أن تتابع الرسول - عليه الصلاة والسلام - وأنت لا تدريكيف يفعل ، لهذا يجب عليك أن تعلم كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ،كيف كان يصلي ، كيف كان يتصدق ، كيف كان يصوم ، كيف كان يحج ؛ حتى تعبد الله - عزوجل - متبعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
أما أن تعبد كمايعبد الناس فهذا لا شك أنه إذا كان الناس على صواب فإنك على صواب لكنك لست مطمئنًاكما ينبغي وأنت لا تدري على أي أساس بنى الناس عبادتهم ، ولهذا قال أهل العلم : إنالعلم فرض عين في كل عبادة يريد الإنسان أن يقوم بها . أي : أنه يجب عليك أن تعلمكيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعبد في العبادة التي تريد أن تقوم بها ،فمثلاً : رجل عنده مال يجب عليه أن يتعلم أحكام الزكاة ، ورجل لا مال عنده لا يجبعليه أن يتعلم أحكام الزكاة ، رجل مستطيع الحج ويريد أن يحج يجب عليه أن يتعلمأحكام الحج ، وآخر لا يستطيع الحج ليس عنده مال فلا يريد الحج فلا يجب عليه أنيتعلم أحكام الحج .
ولهذا ينبغي لكلمن أراد الحج أن يتعلم كيف يحج ؛ إما عن طريق المشافهة عن أهل العلم ، وإما عن طريقالقراءة من الكتب الموثوق بمؤلفيها وليس كل كتاب مؤلف في المناسك أو غيرها يكونموثوقًا ؛ لأن صاحبه قد يكون قليل علم وقد يكون من الناس الذين لا يبالون فيمايتكلمون به .
على كل حال طرقتعلم أحكام الحج ثلاثة : المشافهة ، وقراءة الكتب ، والاستماع إلى الأشرطة المسجلةمن أناس موثوق بهم ، حتى يعبد الإنسان ربه على بصيرة.
منقول.
|