[الضرغام]

يحدث أحيانا أن يتحدث البعض عن وجود أزمة فكر في مجتمع ما، ثم يستطردون في الحديث ليذكروا أننا نحن أيضاً نعاني في مجتمعنا من تلك الأزمة، ويعلم الله كم من مرة توقفت وأنا أقرأ هذا القول لأسأل نفسي عن المعنى المراد (بأزمة الفكر)؟
هل المقصود قلة عدد المفكرين وندرة الكتابات الفكرية المتميزة؟ هل المقصود عدم وجود فلسفة مميزة للمجتمع تنبع من ثناياه ويقودها أبناؤه؟ هل المقصود غياب حرية التعبير والإفصاح عن كل ما يختلج في الأذهان من أفكار؟ هل المقصود هذا التفكك الذي نشهده في موقف المفكرين والمثقفين، حيث لا وحدة تربط بينهم ولا أثر لوجود شيء من التضامن والمساندة لبعضهم البعض عندما تقتضي منهم الحاجة ذلك؟ هل المقصود هذه الكثرة من الاختلافات والتباعد في الرؤى والتوجهات وما تورثه من المصادمات والمشاحنات بين المفكرين والمثقفين؟ هل المقصود هذا البرود واللامبالاة اللذان يتسم بهما سلوك المثقفين أمام ما تمر به أمتهم من أحداث ومواقف وكأن الأمر لا يعنيهم؟
ومن المتسبب في حدوث أزمة الفكر؟ هل هم المفكرون أنفسهم، المتهمون غالباً بالتقصير واللامبالاة وطلب السلامة والبحث عن المنافع الخاصة؟ أم هم السياسيون المتهمون دائماً بوضع القيود بما يشل التفكير، ويعيق حرية التعبير، ويعرض للأذى عند التجاوز لذلك؟ هل هم عامة الناس من الجماهير التي تقف بالمرصاد لتفتك بكل فكر جديد يظهر مخالفاً لما ألفته واعتادت عليه؟
إن الشكوى من وجود أزمة فكر دون تشخيص للعلة وتحديد لأسبابها، لا تؤدي إلى نتيجة، ولا تحدث تغييراً، هي تشير إلى الألم لكنها لا تخفف منه. ولعله مما يساعد على التشخيص أن تكون هناك هيئة أو رابطة أو جمعية ينتمي إليها المفكرون والمثقفون لتخلق بينهم أولاً وقبل كل شيء، روحاً من المودة والتسامح فتخفف من حدة ما هو قائم الآن بينهم من مشاعر العداء والتشكك وسوء الظن، فيلتقون على مبدأ من التضامن في ما بينهم حول الإقرار بحرية التفكير والتعبير، حتى وإن اختلفوا في التوجهات والأفكار والرؤى، فيتساندون وقت الأزمات ويتكافلون عند الشدائد وتتحد كلمتهم حول ما أقروا به واتفقوا عليه من ا

بقلم//د. عزيزة المانع

الموضوع الأصلي: ما المقصود ؟ | | الكاتب: الضرغام | | المصدر: شبكة بني عبس