لقد اعجبني المقال ولى عتب على العنوان حيث انه لايليق بالعوان
واطلعت على مقالة من جريدة الرياض ... اليكم
لست بصدد الحديث عن النجاح الباهر الذي حققه برنامج شاعر المليون، باستحواذه على شريحة كبيرة من المشاهدين في العالم العربي والخليجي على وجه الخصوص.فماحققه من جماهيرية تغنيه عن أي إضافة يمكن أن يكتبها قلم أو تستلهمها قريحة كاتب أو كاتبة.
ولكني أحب أن أستنطق ما بين السطور وألفت النظر إلى نقاط مهمة واضحة وضوح العيان ولكننا اعتدناها وألفناها، فماعادت تحرك فينا ساكنا مع أنها تكاد أن تكون مربط الفرس، والخلطة السحرية القادرة على مداواة الكثير من جروح الأمة العربية الملتهبة أو تلك الساكنة المهملة.
في لقاء على قناة الـ "بي بي سي" البريطانية مع أحد منسوبي الصليب الأحمر العائد لتوه من العراق.ذكر ذلك المسؤول بعد سؤاله عن رأيه فيما يدور في العراق وعن الدور الأمريكي والبريطاني هناك، بأن هذا الدور فشل فشلا ذريعا في كل مساعيه لأنه استخدم العلاج الخطأ، باستخدامه لطرق أوروبية ومحاولته تطبيق سياسات ليبرالية ديموقراطية لا تناسب الطبيعة العربية، فبعد ان أمضى مدة ليست بالقصيرة في العراق وخالط فيها شعبها المكلوم بطبقاته وشرائحه المختلفة الطائفية والعشائرية والثقافية.وصل إلى قناعة تامة بأن الديموقراطية الغربية لايمكن أن تنجح في الأراضي العربية.وذكر أمثلة وقصصا عديدة وصل من خلالها لقناعته تلك.
برنامج شاعر المليون بقصد أو بدون قصد برهن على هذه النظرية وليس على الساسة الغربيين سوى متابعته وبحثه ودراسته، ليفهموا الطبيعة العربية والتركيبة المعقدة والمتشابكة التي تتخللها.
لأنه ومن خلال جماهيريته ونجاحه استطاع حل العقدة الخانقة التي تعيشها معظم القنوات العربية في تعاملها مع المزاج العربي المتباين الذي يهرب من همومه المزمنة إلى ما يقدمه له الإعلام العربي بفضائياته المختلفة على أنه تسلية لم تتجاوز حدود الرقص والغناء.
وخروجه عن المألوف عنه في تقليد البرامج الغربية وتقديم نسخ مطابقة لها بالعربية.باستحداثه أفكارا جديدة تخص المجتمع العربي وتتماشى مع الغايات والأهداف المادية التي تعول عليها القنوات الفضائية في استمرارها. قد حقق النجاح في قالب جديد وصارخ يفضح كثيرا من خصوصية المجتمع العربي ويطفو بعوالقها إلى السطح.
فشاعر المليون بمراحله المختلفة استطاع أن يكشف حقيقة النمط الذي تبني عليه المجتمعات العربية ولاءها وأولوياتها والتزاماتها.
تلك الالتزامات التي تربط المواطن العربي بأضداد تقيده وتعيق حركته في معظم الأحيان وتتحكم في توجهاته وولائه. فتجعله أسيرا لالتزامات عدة تجمعه بأشباهه وتفرقه عنهم في ذات الوقت. لأنها في معظم الأحيان تناقض بعضها البعض مع مناقضتها وسيطرتها على رغباته وحرياته.
وصدق موظف الصليب الأحمر عندما قال بأن الفرد العربي مختلف عمن سواه لأنه يعطي ولاءه لدينه وطائفته، ويحاول موازنة هذا الولاء بولاء آخر لوطنه ثم يناقضه أو يقضي عليه باستنهاضه لولاء آخر هو ولاؤه لقبيلته وعشيرته. فيفشل في هذا ويخفق في ذاك بتذبذبه وتنقله المستمر من جانب لآخر بحثا عن ولاء أقوى قادر على لم شتاته.
* نقلا عن صحيفة "الرياض" السعودية