(السميدع والغراء)
السميدع بن ليث أعرابي يرأس قبيلة بني (ندا)‘له فرس عربية أصيلة غراء حجلاء سريعة الخبب ،إذا انطلقت كأنها الريح .
تدين القبيلة أجمعها بطاعته ، وتنصاع لأوامره ؛لمايمتاز به من صفات منها :النجدة؛ حيث ينطبق عليه قول المثل : (ماسمع هيعة إلا طار إليها)، وإغاثة الملهوف ، وحماية الجار وحفظ الذمار ،الأنفة والشمم 000تساعده فرسه الأصيلة وقومه الأشداء .
مارأى أحد هذه الفرس إلا تمنى أن يكون له مثلها ؛لجمالها وسرعتها ؛ولأنها مع تقدم سنها تزداد قوة وحيوية ونشاطا .
مهمة هذا الفارس حماية قبيلته وجيرانه ،لايطمع طامع مهما كانت قوته وكثرة جيشه وعتاده _ بل لا يفكر مجرد التفكير _بماتحت يده .
خوف أعدائه منه ينصب كله على الفرس ،فكل أعدائه يفكرون بسلب هذه الفرس أو قتلها ؛لأنها عقبة كأداء أمامهم.
تمر الأيام والأيام والسعادة والقوة والشرف تعانق هذه القبيلة بفضل الله ثم بفضل رئيسها القوي الذي لاتلين له قناة .
و كما قال المثل:( دوام الحال من المحال).
تصاب هذه الفرس بمرض بدأ بمنخريها ، ونخرها المرض حتى وصل إلى دماغها ،فبقيت هذه الفرس ولم تمت لكنها لاتستطيع السير .
رأى السميدع فرسه فحزن ولكنه رضي بالواقع . بعد مدة انتقلت العدوى إلى خيول القبيلة كاملة .
تناقلت الركبان هذه الأخبار، فسرت القبائل المعادية بهذه الأخبار وبدأت تتأهب لغزو قبيلة بني ندا .
هاجم بني ندا عدد من القبائل فنهبوا من أموالهم لكنهم لم يوغلوا بل عادوا سريعا ؛لخوفهم من سمعة القبيلة .
اجتمعت القبيلة لتدارس أمرها ولم تخرج بنتيجة ؛لاختلافهم على الطريقة التي ترد بها على هذا الهجوم واستمر الخلاف دون إحراز تقدم .
دبت الخلافات وألغيت رئاسة السميدع ،وعين الأخطل بن ثعلبة بديلا عنه بالإجماع ،فركن السميدع لأمرهم وتنحى جانبا وهو يأمل أن تشفى فرسه ؛ليستعيد ماسلب منه عنوة.
القبائل المعادية تكررت هجماتها بل وزادت ؛ ولأن كثرة الإمساس تبلد الإحساس فقد اعتادت القبيلة (بني ندا) على سلب أموالها بل ومصادرة مراعيها وسبي نسائها، فأصبح الأمر اعتياديا حتى إن الناشئة درجت على ذلك .
وكلما خرج طبيب يريد معالجة( الغراء) استهزئ به ووئدت جهوده ،وكلما خرج مناد ينادي بإعادة السميدع نابذه أفراد القبيلة وعادوه .
اقترح السميدع أن يغير اسمه إلى خذلان صاحب السوداء ، وأن يغير اسم قبيلته إلى قبيلة بني (سلحان) .
وإلى هذه اللحظة والعقلاء من القبيلة يتأملون أن يعود السميدع والغراء إ لى سابق عهدهم (وماذلك على الله بعزيز ).
قصة رمزية (السميدع يرمز إلى المبادئ ، والغراء ترمز إلى الكرامة ) ولن تفلح أمة تهريق كرامتها ، وتنسى مبادئها .
جهد المقل أرجو أن يشنف آذانكم .