عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 09-03-2007, 04:05 PM
الباحث التاريخي
ضيف شبكة عبس
رقم العضوية : 1051
تاريخ التسجيل : 9 / 3 / 2007
عدد المشاركات : 2
قوة السمعة : 0

الباحث التاريخي بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي لصوص التاريـــخ
ان كل عاقل يستطيع ان يتبين معالم المعركة التي تدور رحاها هذه الايام وانها حضارية دينية وان سعى موقدو نارها لألباسها لبوس السياسة والديموقراطية والمصالح الاقتصادية والدفاع عن حقوق الانسان .



ولما كانت امتنا الاسلامية هي المستهدفة والسهام الصدئة مصوبة كلها اليها ، فكان لا بد لنا نحن المسلمين من اجل ان نصد تلك السهام ونذود عن حياضنا وحمانا ان نكون على فهم وقناعة بحقيقة تلك المعركة ودوافعها ولا تنطلي علينا اكاذيب الساسة وبهرج الاعلام الذي يسعى لقلب تلك الحقائق.
واذا كان من نتائج تلك المعركة وجود الحروب العسكرية التي تقود الى احتلال اراضٍ واغتصاب دول باكملها والاعتداء على الجغرافيا كما حصل في فلسطين وفي افغانستان والعراق فان هناك جبهة حربية مفتوحة منذ زمن تتمثل بالاعتداء على التاريخ وسرقته وتشويهه ليسهل بعد ذلك الاعتداء على الجغرافيا وسرقتها بعد ان تشكل جيل بل اجيال ممن مسخت افكارهم وشوهت معالم حضارتهم وتاريخهم في اذهانهم حتى اصبح تاريخهم وماضيهم وصمة عار يريدون التخلص منها واستبدالها بذلك البريق واللمعان والبهرج الزائف .
لا يكاد كتاب من كتب التاريخ يخلو من الحديث عن ( حملة نابليون وأثرها على النهضة الحديثة في بلادنا ) وعن ( الماجناكرتا الانجليزية وأثرها في مطالبة الشعوب بالتمرد ) وعن ( الثورة الفرنسية وشعاراتها الثلاثة : الأخاء والمساواة والحرية ) .
وطبعا فان اكتشاف امريكا ثم الحرب الاهلية فيها ثم النهضة الصناعية وقيام الامبراطورية الامريكية والحرب الباردة ، واخيرا استفراد امريكا بقيادة العالم وطرح مشروعها الاستعماري ( العولمة ) بقالب تشجيع الديموقراطية وحقوق الانسان كل هذا مما لم ولن يخْلوَ منه كتاب من كتب التاريخ يحملها ابناؤنا على ظهورهم على شكل كتب وتعشعش في عقولهم على شكل افكار ونماذج وتجارب يحذى حذوها .
وفي مقابل هذا كان ولا يزال تاريخنا الاسلامي يحمل كل معاني الظلم والإساءة والتهميش والتشكيك عبر محاولة انشاء ابنائنا واجيالنا على تاريخ معيب وظالم لا يستحق الاعتزاز به .
فالتاريخ الذي يتراوح بين فتن كما حصل بين معاوية وعلي رضي الله عنهما او معارك بين مسلمين كما حصل في صفين ومعركة الجمل ، او التنافس كالذي بين بني امية وبني العباس والقتل وإراقة الدماء كما في مقتل الحسين بن علي ، اقول التاريخ الذي يحصره الاعداء في مثل هذه المشاهد هو بلا شك تاريخ اسود ومعيب ، ولكن هل هذا هو كل تاريخ امتنا؟ ومن الذي حصر التاريخ في مثل هذه المشاهد والاحداث السلبية؟ ولمعرفة الجواب فلا بد ان نشير ونقول :

من يكتب تاريخنا ؟!
1- مؤلفون قدامى :
كتبوا التاريخ ارضاءاً للحاكم والسلطان ، هؤلاء من الذين كانوا يعتاشون من فتات موائد الامراء والحكام وعطاياهم شعارهم النفاق ومنطقهم المديح والتزلف فلا يرون الامة والشعب إلا عبر وجه الامير والسلطان ومعاركه وحروبه فكانت الامة هي السلطان والسلطان هو الامة ، وللاسف فقد مسخ بعض مؤرخي العصر العباسي تاريخ بني امية وجاء الفاطميون فعمدوا الى مؤرخين جعلوا من التاريخ يبدأ من يوم كانوا هم ، وهذا تاريخ بحاجة الى تمحيص .
2- مستشرقون او مبشرون :
وهؤلاء تخصصوا في الطعن بتاريخنا وتجريح قادتنا في مختلف الميادين واظهروا تاريخنا انه صفحات مشوهة من التطاحن ومواقف رهيبة من التآمر ولعل كتاباتهم اصبحت مراجع ومصادر يعود اليها الكتاب والباحثون من بعدهم ومن اشهر اولئك المستشرقين « بروكلمان وجب وجولد تسيهر ، وجفري لامانس، والفرد جيوم » وغيرهم من الذين تقود كتاباتهم وسمومهم الى الكفر بالقيم والتنكر لكل ما ندعو الشباب اليه والاعتزاز به .
3- مؤرخون طائفيون :
من امثال « جرجي زيدان ، وفيليب حِتِّي » المورخان النصرانيان العربيان ، اللذان اسهما اسهاما رهيبا في تزوير تاريخنا باقلامهم الطائفية وتشويه الحقائق ومسح الصور المشرقة في تاريخنا ، وهنا تجدر الاشارة الى ان الوقاحة بلغت عند اولئك الطائفيين من بعض النصارى العرب ان قام المدعو انيس شودش القسيس العربي المولود في مدينة الناصرة قبل العام 1948 والذي هاجر وسكن في امريكا ثم عمد الى تأليف كتاب مسخ اسماه «الفرقان الحق » عَمِِل عليه مدة سبع سنوات 1992-1999، وبرعاية وتمويل وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات الامريكية التي عمدت الى نشره ، وتوزيعه في مناطق شتى في العالم ، وقد جعل كتابه المسخ في سبع وسبعين مبحثاً وسمى كل مبحث منه سورة وجاء الكتاب في ثلاثمائة وست وستين صفحة في كل صفحة عمودان الايمن بالعربية وبجانبه العمود الثاني بالانجليزية .
4- مؤرخون معاصرون غافلون او حاقدون من بني جلدتنا :
هؤلاء من الذين اما عن جهالة واما عن ضلالة قد عمدوا الى ما بين ايديهم من غث وسمين ومن نافع وضار من كتب على رفوف المكتبات فراحوا ينسخون منها وقدموها للاجيال على انه التاريخ الحقيقي وقد جاءت كتابة ذلك التاريخ في فترة الطفرة القومية والهيصة الشعوبية حيث عملوا على ابعاد الاسلام باسم التسامح ومحاربة الطائفية ، وحصر الاسلام في بعض مظاهر العبادات والطقوس الجافة .


من يُعلم هذا التاريخ ؟!
وإذا كان من كتبوا تاريخنا على هذه الشاكلة من السوء فان من علموا تاريخنا كانوا أسوأ من ذلك حتى أننا نكاد نحصرهم في أربع نماذج :
1- معلم تلقى التعليم في مؤسسات تعليمية عدوة وحاقدة على الاسلام غرست في ذهنه الصورة القبيحة عن الاسلام وهو الذي دخل اليها مثل الكأس الفارغة تمتلىء بكل وافد .
2- معلم تربى وانتمى الى حزب علماني يعتبر الانتماء الى التاريخ الاسلامي منقصة وعيباً .
3- معلم مضبوع بفكر المستشرقين والمبشرين مبهور بحضارة الغرب المادية ومنهاج حياتها.
4- معلم اتخذ العلم وسيلة رزق وليست رسالة يؤديها للبلوغ الى الاهداف السامية فهو لا ينقل الى طلابه الا ما هو مسوّدة به صفحات كتب المنهج سيئة الصيت .
حتى ان كتابا رسميا ومعتمداً للتاريخ في لبنان يتحدث عن قائد عربي عظيم اسمه « القائد كعكة » وبعد التمحيص يتبين ان الحديث يدور عن القائد العظيم ( القعقاع بن عمرو التميمي ) ، وحيث ان المادة منقولة ومترجمة عن كتاب تاريخ باللاتينية وهي التي لا وجود فيها لحرفي العين والقاف فترجم الاسم بدل القعقاع الى كعكة .

منطقهم الاعوج في كتابة التاريخ
ولقد برز منطقهم في كتابة تاريخنا عبر ملامح ومنطلقات حاقدة كلها تصب في جعلنا وابنائنا نكفر بذلك التاريخ وننفضه عنا كما ننفض الثوب الوسخ وبرز ذلك في :
أولا : المنطق القومي العلماني او العروبة الجاهلية اللذان يبرزان التاريخ الجاهلي على انه التاريخ الذي نعتز به ونفاخر وان العرب قبل الاسلام كانوا امة ذات حضارة ومكانة وان الاسلام لم يضف الى تلك المكانة الكثير .
ثانيا : ابراز التاريخ الاسلامي على انه قتال يدور بين الزعماء والامراء من اجل المنصب والجاه والنساء مع اغفال عظمة الاسلام ووحدة المسلمين وأهداف الجهاد وكرامة الشهداء واسباب النصر وعوامل الهزيمة والاشارة في تلك الكتب المشبوهة الى معارك صفين والجمل وكربلاء اكثر من التركيز على بدر واليرموك والقادسية وحطين وعين جالون .
ثالثا : اغفال جوانب التكامل الحضاري والشمول الفكري في تاريخنا وإظهاره على أنّه أيام دموية سوداء واغفال جوانب البناء والجمال والخير والرحمة والعمران .
رابعا : تغذية روح الفرقة بين المسلمين عبر إحياء الآراء والفرق والجماعات المنقرضة التي عرفها التاريخ الاسلامي والاشادة بها مثل الدهرية والمرجئة والمعتزلة والخوارج وتبني والاشادة بثقافة وآراء الطوائف الشاذة كغلاة الشيعة وغلاة المتصوفة والقرامطة واعتبار ما يقولونه ثقافة سوية يجدر الأخذ بها وتقديرها.
خامساً : تسجيل الشبهات والخلافات والتركيز عليها دون تمحيص بالبحث في كتب الاولين الذين كان البعض منهم يتعصّب لهذا الخليفة او ذاك او الاشارة الى بعض سلبيات كانت في شخص او مرحلة على انها سمة العصر وسلوك اهل ذلك الزمان كلهم وان هذا كان سببه الاسلام والدين .
سادسا : التركيز على تاريخ الحكام واغفال دور الشعوب في صنع كثير من الاحداث وكأن الانجازات كانت بسبب عبقرية فلان وليس بسبب روح الانتماء للدين التي سرت بين الناس .

الحصاد المر والثمار الفاسدة
تلك المنهجية وذلك المنطق في كتابة التاريخ رسم ملامح مرحلة طويلة وخرج اجيالا متوالية من اجيال الهزيمة وصنع مجتمعات التمزق والضياع برز ذلك عبر :
1- استطاع لصوص ومزورو ومن نصبوا انفسهم اوصياء على التاريخ الاسلامي ان يفرغوا الاسلام في اذهان الكثيرين من ابنائه من مدلوله الحضاري القيادي العملي وحصره في النطاق اللاهوتي والكهنوتي وعلى انه علاقة بين العبد وربه وليس منهاج حياة متكامل ينظم علاقات المجتمع حتى سيطر مفهوم ( فصل الدين عن السياسة ) ( لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة ) ( دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ) .
2- استطاع لصوص ومزورو التاريخ تشوية كلمة الجهاد واعطاءها مدلولاً بشعا ومرادفا لسفك الدماء واغتصاب الحرمات والنهب السلب وتغييب المدلول الحقيقي للجهاد وللحضارة الاسلامية والانسانية باعلاء كلمة الحق والرحمة ودحر الباطل والانتصار للمظلومين والمستضعفين { ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا } [آية 75 سورة النساء ] .
حتى ان جيل الهزيمة والضياع راح يفلسف كلمة الجهاد ليسميها مقاومة ويسميها نضالاً حتى ان المعركة التي كان عنصر الدين فيها بارزاً وهي حرب 1973 والتي سميت باسم حرب رمضان لانها وقعت في رمضان فقد نزع القوميون والعلمانيون العرب اسمها الديني واسموها « حرب تشرين» بينما حافظ اليهود على نزعتها الدينية فسموها « حرب يوم الغفران » ، لانها وقعت في ذلك اليوم عندهم يوم الغفران والذي تزامن مع شهر رمضان عند المسلمين .
3- عمل لصوص التاريخ ومزوروه على احلال كلمة العروبة محل الاسلام وكلمة القومية محل الدين لا بل انهم سعوا ولعلهم نجحوا في حالات معينة وكأن هناك عداءاً وتنافساً بين العروبة والاسلام مع ان العرب عزوا بالاسلام والاسلام عزّ بالعرب وان كلاً منهما ظهير للآخر .
4- عمل لصوص التاريخ ومزوروه على صناعة جيل الاحباط واليأس والتشاؤم وان قدرتنا على التخلص من الاجنبي الدخيل غير ممكنة وغير واردة ، واننا لا نستطيع الاستغناء عن الاجنبي في المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية والتربوية واننا يجب ان نظل مرتبطين به ارتباط الطفل او العاجز والقاصر بمن يعوله وإلاّ فان مصيره الضياع مما صنع في بلاد العرب والمسلمين جيلا يائسا تسيطر عليه الهزيمة من الداخل .
5- زرع لصوص التاريخ في نفوس ابنائنا بذرة الخلط بين ( العلم) وبين( الثقافة ) العلم الذي هو للجميع من الجميع بينما الثقافة تعتبر خصيصة كل شعب يتميز بها عن الشعوب الاخرى ، حتى اننا صرنا مطالبين اننا عندما نستورد السيارة والآلة فإننا مطالبون باستيراد نمط الحياة والسلوك والاخلاق ، وحينما نذهب لتعلم الطب او اي موضوع آخر فاننا مع الشهادة يجب ان نرجع بالانبهار والاعجاب بجرأة الفتاة على بناء علاقات مع الشباب ، وان العُري نمط من انماط الحضارة ، وان وجود الصديق قبل الزواج شكل من اشكال المدنية وهكذا اصبحنا في حالة صراع وتجاذب بين المنهج الاصيل الذي يراه ابناؤنا شكلاً من اشكال التخلف والجهل والمنهج المستورد الذي هو رمز العلم والتنور ، فبدل ان نأخذ العلم منهم فقد اخذنا ثقافتهم .
6- رسخ لصوص التاريخ القناعة لدى الكثيرين من ابناء الامة على انعدام القدوة القيادية في تاريخنا سواءاً في مجال القيادة العسكرية او الفكرية او العلمية او الاقتصادية لا بل انهم شوهوا الرموز والاعلام في تاريخنا ، فسموا ابا بكر رائد القومية العربية وسموا ابا ذر الغفاري الاشتراكي الاول ، وطعنوا في نزاهة عمر في قصة السقيفة وعفة خالد بن الوليد بل حتى انهم رموا بالشبهات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل هذا من اجل دفعنا الى خانة اليأس بان من لا ماضي له فانه لا مستقبل له كذلك .
7- حرص لصوص التاريخ على استحداث ما مات من الفرق الهدامة المنقرضة كالخوارج والمعتزلة المرجئة والدهرية ووضعوها في قوالب جديدة وتحت لافتات براقة وباسم حرية التعبير عن الرأي نشروا الافكار الهدامة هذه كالبهائية والقاديانية والاحباش وغلاة الشيعة ولئلا ينسى الاخ القارىء فان القاديانية اي ( الاحمدية ) قد نشأت في ايران والهند حيث الاستعمار الانجليزي ووجدت مرتعاً في فلسطين حيث الاستعمار الانجليزي وكان مقرها الاول في العالم الى الآن في حيفا حيث الحماية الاسرائيلية ومثلها كذلك البهائية.

أمهر اللصوص
كثيرون هم الذين برزوا من بين لصوص التاريخ ومزوريه ، ولكن من اشهر هؤلاء ممن يتكلمون بلغة الضاد كان جرجي زيدان وفيليب حتي اللبناني المتأمرك .
اما جرجي زيدان وللدلالة على مهارته وبراعته في الصوصية التاريخية فانه قد اسس اكبر دار نشر وطباعة وتوزيع في العالم العربي واسماها ( دار الهلال) جرجي زيدان الذي الف كتابه ( تاريخ التمدن الاسلامي ) و ( تاريخ آداب اللغة العربية ) وخلالها كان يدس السم في العسل بذكاء ودهاء متميزين ، انه جورج يختفي حقده خلف الهلال !!!
فلقد ركز جرجي زيدان على تأثر المسلمين وتقليدهم للفرس والروم في مظاهر الابهة وبهارج الملك حتى يظهر صورتهم بانهم طلاب ملك ودنيا ، واظهر المجتمعات الاسلامية انها كلها مجتمعات رق وعبيد وجواري والآثار السلبية على المجتمع لهذه الفئة ولم يظهر كيف عمل المنهج الاسلامي لاذابة هذه الشريحة داخل المجتمع المسلم عبر وسائل كثيرة منها ما ورد ذكره في القرآن ولا مجال للتفصيل فيها الآن ، وأظهر جرجي زيدان حياة الامراء والملوك بانها مجالس لهو وخمر وندماء وكأس ورقص وغواني وليست حلقات علم ومحاربين وفتوحات ،وأبرز التفنن في انماط الثياب ثياب التبرج ولم يشر الى مظاهر الحشمة والتدين والوقار في عالم المرأة المسلمة المتعلمة والمتعبدة والمجاهدة انه الذي كتب كثيرا عن الحجاج بن يوسف وظلمه وقسوته ولم يكتب عن عمر بن عبد العزيز ورحمته وعدله، ولا عن الوليد بن عبد الملك وفتوحاته او هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما ، وانه الذي رمز وأشار الى ان انتصارات المسلمين في معاركهم ما كانت لتتمَّ لولا دخول عنصر غير اسلامي فرداً كان أوْ مجموعة الى ميدان المعركة يكون هو عنصر الحسم وغالبا ما كان هذا العنصر هو المسيحي كما في قصته ( شارل وعد الرحمن) او قصة ( ارمانوسة المصرية ) .
واما اللص الثاني صاحب اليد البارعة والخفيفة في سرقة التاريخ كبراعة اللص الذي يسرق الاشياء والحاجات بخفة دون ان يشعر به او يحس به احد انه فيليب حتي انه الذي تلقى تعليمه الابتدائي على يد قسيس كنيسة شملان في لبنان ثم اكمل دراسته في الكلية السورية الانجيلية ببيروت ثم كانت البعثات تتوالى عليه بسبب نبوغه وذكائه وتزكية المدرسين الامريكان له حتى وصل به المقام الى جامعة برنستون في ولاية نيوجيرسي وفيها انشأ قسم الآداب السامية وقسم دراسات الشرق الادنى فيليب حتى الذي الف كتابه المشهور ( تاريخ العرب )، بتكليف من الحكومة الامريكية التي وزعته على افراد القوات المسلحة وفيه تشويه لحضارتنا وإساءة لعقيدتنا حيث يقول ( على ان الاسلام الذي فتح اراضي الشمال لم يكن الدين بل الدولة ، والعرب الذين فأجأوا العالم وانقضوا عليه انما كانوا مدفوعين بعامل قومي فالفوز الاول كان للقومية العربية لا للدين الاسلامي).
يقول فيليب حتي مشككاً في بالقرآن الكريم ( ومن يتحرّ القرآن يجد ان لسوره ترتيبا سطحياً مبنيا على نظام الطول والقصر ، فالسور المكية وهي نحو تسعين راجعة لعهد الجهاد في حياة النبي وتمتاز بانها قصيرة جادة حماسية ، ذات اسلوب ناريٍّ مليئة بالمعاني النبوية ) ، وفي هذا اشارة الى تدخل النبي صلى الله عليه وسلم في سُور القرآن ليس فقط معانيها ومضامينها بل وترتيبها بينما نعتقد نحن المسلمين ان القرآن كله من عند الله وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه مرتب بشكل توقيفي من الله سبحانه ويقول ذلك اللص مشككا برسول الله صلى الله عليه وسلم ( ومع انه ليس بين انبياء العالم من ولد في ضوء التاريخ سوى محمد فأن نشأته محاطة بالغموض فليس لدينا عن سعيه في طلب الرزق ومحاولاته لبلوغ آماله وادراك الغرض الذي يرمي اليه وما قاساه من المشقة والألم في سبيل تحقيقه سوى قليل من الاخبار الموثوقة ) ، انه إسفين يحاول ذلك اللص ( المؤرخ المشبوه ) ان يضرب به في صرح النبوة المطهرة الموثوقة وعن الصلاة يقول ( ولقد نجح الاسلام في ترتيب صلاة الجمعة على منوال اليهود في عبادتهم بالكنيس الا انه تأثر من بعد بطقوس صلاة الاحد التي يمارسها النصارى ) وعن الحج يقول ( ولعله في الاصل ظاهرة من عبادة الشمس كان القوم يحيون عيداً لها في الاعتدال الخريفي فكان العيد بمثابة توديع لقيظ الشمس وسيطرتها الغاشمة واستقبال لقزح اله الرعد والخصب ، ولقد استن محمد في السنة السابعة للهجرة عادة الحج القديمة فأضافها الى الاسلام بما فيها من مراسم العبادة المتركزة في مكة وعرفة فتمّ للاسلام بتلك الفروض اعظم تراث له من جاهلية ) .
انهم اللصوص ليس فقط انهم اخذوا بغيتهم وانصرفوا بل انهم الذين ولغياب من يرد كيدهم فانهم راحوا وهم مطمئنون ينقبون ويبحثون ليعلموا من الحبة قبة ، فذهب اللصوص المزورون يركزون على تعدد الزوجات في حياة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ليظهروه شهوانيا مزواجاً يبحث عن المرأة ليقضي منها وطره ويغفلون الاسباب التي دعت لذلك ، سواءاً ما كان منها تألفا لقلوب او اكراما لزوج شهيد او حادثا لسن تشريع مما وضحه العلماء وأدرك سرّه الحكماء ، وان بعض ازواجه صلى الله عليه وسلم كنّ في سن الشيخوخة التي لا يُرجى منها شهوة ولا يبحث عندها رغبة في جسد ، وانه صلى الله عليه وسلم بقي مع السيدة خديجة وحدها اكثر من خمسة وعشرين عاما دون ان يفكر في غيرها وهو في اوج شبابه وذروة عنفوانه.
* وانهم اللصوص الذين همزوا ولمزوا عن وجود ومصطلحات ومواقف وسلوكيات اباحية في الاسلام حيث وبذكاء ودهاء اعتمدوا كتاب ( الف ليلة وليلة ) وكأنه من الكتب الاسلامية وهو الذي يضم بين دفتيه اساطير خيالية وصوراً من الحياة الاجتماعية الهابطة التي لا علاقة لها بالاسلام والمسلمين مع ان كتاب الف ليلة وليلة يعتمد الاساطير الفارسية والوثنية .
* انهم لصوص التارخ لا يذكرون هارون الرشيد الا وهو جليس ابو نواس شاعر الخمرة والغزل ومعهم الجواري حتى يتصور لنا ولأجيالنا ان خليفة المسلمين هو ماجن يمضي ايامه ولياليه في اللهو والعبث الذي لا طائل تحته ، وبخبث ومكر فانهم لا يذكرون هارون الرشيد الخليفة الذي يتحدى السحابة فيقول لها ( امطري او لا تمطري فحيثما تمطري فان خراجك آت اليّ ) ولا هارون الرشيد الذي كان يحج عاما ويغزو عاما ولا هارون الرشيد الذي فرض هيبته حتى على شارلمان ملك فرنسا.
انهم لصوص التاريخ الذين شوهوا صورة العثمانيين الاتراك المسلمين وما قدموه في خدمة الاسلام حتى اوصلوه الى أواسط اوروبا وحاصروا عاصمة النمسا ينا وانهم الذين حَمَوا بيضة الاسلام ما يزيد على اربعمائة عام .
نعم انهم احسنوا وأساؤوا وانهم اصابوا وأخطأوا وانهم استقاموا وانحرفوا فليس من الانصاف ان تذكر مظالمهم وتنسى فضائلهم وليس من العدل ان يذكر بعض الظلمة من ولاتهم امثال جمال باشا وانور باشا ولا يذكر فاتح القسطنطينية محمد الفاتح رحمه الله ولا يذكر السلطان « المفترى عليه » عبد الحميد الثاني وموقفه المعروف يوم طرد عميد الصهيونية العالمية هرتزل من مجلسه لما جاء يطالبه بالسماح لليهود بالهجرة والاستيطان في فلسطين فقال له مبينا ان فلسطين ليست مزرعة من مزارعه ولا بيتا من ممتلكاته حتى يتنازل عنها لليهود وانما فلسطين قد جبلت بدماء الصحابة والشهداء وليس له ان يتنازل عنها مهما كلفه ذلك من ثمن .
وانها اعظم لصوصية في التاريخ قام بها اللصوص المعاصرون من الذين تغاضوا عن لصوصية السياسيين الذين سرقوا انجازات المشايخ والعلماء واهل الدين الذين كانوا السبب في طرد المستعمرين المحتلين امثال الشيخ عمر المختار ، وعبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي وعز الدين القسام وحسن البنا ، فجاء لصوص التاريخ ليبرروا تلك الانقلابات العسكرية الثورية وامساكهم بالحكم ثم عادوا واضاعوا البلاد كما حصل في ضياع القدس والضفة الغربية وغزة وسيناء زمن القوميين العرب عبد الناصر وغيره ، وإذا باللصوص يطلقون عليها فقط ( نكسة ) مع ان العرب لم يرفعوا رأسهم من يومها .
لا بل ويستمر لصوص التاريخ المعاصرون من الذين ينساقون خلف الابواق الغربية الاجنبية المعادية بالاشارة الى الارهاب والتطرف لكل من يقول للظالم يا ظالم ولكل من لا يريد ان يحني قامته للغريب الدخيل ، انهم اللصوص الذين يسعون لفلسفة الذل والخور عبر تسميته بالدبلوماسية والتكتيك والواقعية بينما يحاربون مظاهر العزة وشموخ الرجال بأنه التطرف والرعونة والحماسة الهوجاء .
لكن ولما كان هذا الدين محفوظاً بحفظ الله تعالى له ولما كانت رسالة الاسلام هي الرسالة الخاتمة فإننا على يقين ان الاسلام قد يمرض ابناؤه ، لكنه لن يموت وقد يضعفون ولكنهم لن ينقرضوا ، وانها سخرية الله تعالى من اولئك اللصوص الذين لو مُزِجَ حبرهم وحقدهم الاسود بماء البحر لعكروه الا ان الله تعالى يجعل كيدهم الى بوار وعملهم الى خسران { إن الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الى جهنم يحشرون }.
فقد انقلب السحر على الساحر وعادت الاجيال التي اريد لها ان تكون مسخاً عادت لتبحث عن الاسلام وتشرب من معينه الصافي وترفض تلك الاصباغ المزيفة التي زعموا أنها سلسبيل صافٍ .
انه الاسلام عند قدميه تتحطم كل القرون المزيفة وتنكشف كل الاحقاد الدفينة .
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يضرها وكسر قرنة الوعل
فالى اوكاركم ايها اللصوص الجنباء والى حيث تعيش الفئران والجرذان والقوارض فذلك هو مكانكم الطبيعي فقد طلع الصباح وأشرقت الضياء وتبددت العتمة التي فيها خرجتم تتبخترون وتتطاولون فما عاد لزيفكم ان يطمس حقيقتنا ولا لظلامكم ان يحجب شمسنا ولا لباطلكم ان يغير حقنا .
انه الاسلام يا لصوص التاريخ الأنقى والاصلح والاكمل والافضل { ان الدين عند الله الاسلام } .
الموضوع الأصلي: لصوص التاريـــخ | | الكاتب: الباحث التاريخي | | المصدر: شبكة بني عبس




Facebook Twitter