صفة الصلاة / للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وبعد ...
فقد وعدنا إخواننا ببيان صفة صلاة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالفعل ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعلم أصحابه بالفعل ، فقد جاء في < صحيح البخاري > أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يَصعدُ على المنبر فيصلي فإذا أراد أن يسجد نزل وسجد في الأرض .
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول للأعرابي : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ) الله أكبر ، ومن أهل العلم من أجاز أي كلمة فيها تعظيم لكن هذه هي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهذا يدل على أن التوجه يكون بعد التكبير .
وقيامك إلى الصلاة يعتبر نية فلا يحتاج أن تقول : نويت أن أصلي صلاة الظهر أربع ركعات مؤتماً أو إماماً ، قيامك إلى الصلاة يعتبر نية .
وبعد أن تكبر ترفع يديه مع تكبيره ، وردت الرواية حذو المنكبين ، ووردت الرواية إلى فروع أذنبه ، فممكن أن تكون رؤوس الأصابع إلى فروع الأذنين ، والكفان مقابل المنكبين ، هكذا ثبت هذا الرفع في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في < البخاري > و < مسلم > ، وفي حديث وائل بن حجر وفي حديث أبي حميد الساعدي .
وبعد أن ترفع تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى على صدرك ، وله كيفيتان إحداهما : الكف على الكف ، الثانية : الكف على الساعد ، هاتان الكيفيتان ثابتتان عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
والإرسال لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وحكى هذا الصنعاني في < سبل السلام > عن ابن عبد البر ، وحكاه أيضاً صاحب < الروض النضيد > عن محمد بن إبراهيم الوزير علامة اليمن الذي قال الشوكاني رحمه الله : لو قلت أن اليمن لم تنجب مثله لما أبعت عن الصواب .
فإذا وضعت يدك اليمنى على يدك اليسرى على صدرك ، أما ما يفعله بعض الناس أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى على السرة ، فهذا من طريق إسحاق بن عبد الرحمن الكوفي وهو ضعيف لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وضع يده اليمنى على يده اليسرى على السرة ما ثبت هذا .
وجاء في < المجموع > المنسوب إلى زيد بن علي ولكنه من طريق عمرو بن خالد الواسطي وهو كذاب ، فعرفنا من هذا أن الصحيح هو وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر وعلى أن في الأحاديث التي هي على الصدر فيها مقال ، فإن في الأول مؤمل بن إسماعيل وهو إلى الضَعف أقرب حديث وائل بن حجر ، وأما في الثاني وهو حديث قبيصة بن مل عن أبه مل فيه قبيصة لم يروي عند إلا سماك بن حرب فهو مجهول ، وفي الثالث الإرسال حديث طاووس : كانوا يضعون أيديهم على صدورهم فيه الإرسال ، لكن هذه الثلاثة الأحاديث ترتقي إلى الحجية ولا هناك ما يعارضها مما تركن النفس إليه .
وبعد هذا تقول ما جاء في < الصحيحين > عن أبي هريرة وهو أصح أدعية الاستفتاح : ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ) ، وورد عن عمر أنه كان يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ، لكن هذا موقوف عن عمر وفيه كلام وجاء مرفوعاً وفيه كلام ، وجاء عن علي في < صحيح مسلم > وفي < جامع الترمذي > وفي < سنن أبي داود > أنه يقول بعد أن يكبر : ( وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً ...) الخ التوجه ، فإن قلت ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي ) فحسن ، وإن قلت ( وجهت وجهي ) [ فحسن ] ، لكن ينبغي أن تحفظه من < صحيح مسلم > لأنه ليس فيه : الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريكاً في الملك ولم يكن له ولياً من الذل ، هذا ليس فيه توجه علي بن أبي طالب الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ثم تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .
وبعدها إن شئت أسررت بالبسملة بسم الله الرحمن الرحيم ، فقد روى البخاري ومسلم في < صحيحيهما > عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يفتتحون القراءة بـ الحمد لله رب العالمين ، في بعض طرق الحديث عند مسلم : لا يجهرون بـ بسم الله الرحمن الرحيم ، وفي بعضها : لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم .
وإن شئت جهرت في الجهرية بـ بسم الله الرحمن الرحيم ، فقد روى الحاكم في < مستدركه > عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فصلى بهم وجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم ، والإسرار أصح ، وروى الإمام الشافعي في < الأم > أن معاوية صلى بالناس فأسر بـ بسم الله الرحمن الرحيم فأنكر عليه الحاضرون ، فالإسرار والجهر بـ بسم الله الرحمن الرحيم كلاهما واردٌ عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لكن حديث الإسرار أصح لأنه متفق عليه .
وبعدها تقرأ الفاتحة ، وينبغي أن تقف على كل آية الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قلنا ينبغي وليس بلازم ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقف عند كل آية .
فإذا قرأت الفاتحة يُشرع لك أن تقول : آمين ، سواء أكنت إماماً أم كنت مؤتماً ، فقد روى أبو داود في < سننه > أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بآمين ، وجاء في < الصحيحين > عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا : آمين فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وروى الإمام أحمد في < مسنده > وابن ماجة في < سننه > عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على التأمين والسلام ) .
ثم بعد ذلك إن كنت إماماً فينبغي أن لا تُطيل القراءة حتى تنفر الناس لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( إني لأدخل في الصلاة فأريد أن أطيل فأتجوز فيها بما أسمع من صياح الصبي شفقةً على أمه ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من أم الناس فليخفف ، فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة ، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليصل كما شاء أو كيف يشاء ) أو بهذا المعنى ، وما هو التخفيف الذي هو مطلوب ؟ معاذ كان يصلي بأصحابه فقرأ سورة طويلة ـ في بعضها سورة البقرة ـ وكان خلفه رجل يعمل وأعرابي وتعبان ، ثم بعد ذلك أطال معاذ الصلاة فخرج ذلكم الرجل وصلى ، فبلغ معاذاً أنه ترك الصلاة معه وأنه صلى وحده ، فقال : ذلكم منافق ، فذهب الرجل يشكو معاذاً إلى رسول الله ، فغضب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم غضباً شديداً وقال : ( أيها الناس إن منكم منفرين ، فمن أم فليقرأ بـ الشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ) يعني بإحدى السور التي هي من قصار المفصل ، ثم يقول له : ( أفتانٌ أنت يا معاذ ) عتابٌ شديد لصحابي جليل فاضل يعرف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فضله وشرفه ، فينبغي أن تكون صلاة الإمام وسطاً ، وأما إذا كنت منفرداً فلك أن تطول ما شاء فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد صلى ذات ليلة وقرأ سورة البقرة ثم سورة النساء ثم سورة آل عمران فإذا كنت منفرداً فلك تطول ما تشاء .
وبعد أن تقرأ الفاتحة وسورة تركع ، وليكن ركوعك وسطاً ، أعني لا تصوب رأسك وتدليه جداً ولا ترفعه ، وترفع أيضاً يديك عند الركوع ، فهذا ثابت في < الصحيحين > من حديث ابن عمر ومن حديث غير ابن عمر ، تقول الله أكبر .
وبعدها تسبح ثلاثاً ، أقل شيء ثلاث سبحان ربي العظيم ، وسبحان ربي العظيم ، سبحان ربي العظيم ، فيه زيادة وبحمده الظاهر أنها صالحة لكن ليست بالقوة مثل سبحان ربي العظيم أقل شيء ثلاث .
ثم بعد هذا ترفع وتقول : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه ، فقد قالها رجل فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من القائل ؟ ) قال : أنا يا رسول الله ، قال : ( لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكاً كلهم يريدون أن يكتبها ) والحديث في < البخاري > ، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه ) والحديث أيضاً في < البخاري > .
ثم بعد ذلك تطمئن كما عرفت في ركوعك وعند قيامك ثم تسجد ،وبعد أن تسجد بأي شيءٍ تقدم ؟ تقدم يديك لأن الحديث في < السنن > من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يبرك أحدكم بروك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه ) وهذا الحديث صحيح ، وهناك حديثٌ يعارضه حديث وائل بن حجر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقدم ركبتيه ، لكنه من طريق شريك بن عبد الله النخعي وقد ساء حفظه لما ولي القضاء ، وأيضاً أُختلف عليه ، فتقديم اليدين هو السنة ، وإن كان الحافظ ابن القيم في < زاد المعاد > ينصر تقديم الركبتين وأدعى بأنه حديث مقلوب لكنه لم يأتي ببرهان إنما أتى بحديث من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وعبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري متروك ، فما أتى الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في < زاد المعاد > بحجة تقدم يديك .
ورفع اليدين تكون في أربع مواضع : عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند القيام من التشهد الأوسط ، هذا ثابت في < الصحيح > وهناك أيضاً رفعٌ في السجود ، لكن ينبغي أن يُنظر وإن كنا قد ذكرناه في < رياض الجنة > .
وبعد أن تسجد تقول : سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات ، وإن شئت أن تدعو دعوت ، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمنٌ أن يستجاب لكم ) أي فجدير أن يستجاب لكم ، وورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) ، فأنت إذا أطلت السجود ودعوت الله سبحانه وتعالى بما تحتاج إليه من خيري الدنيا والآخرة ، ولا تدعو بأثمٍ ولا بقطيعة رحم .
[ ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ) وأشار إلى جبهته وأنفه ] .
ثم تجلس بين السجدتين ولك أن تقول : ربي أغفر لي وربي أغفر لي ربي أغفر لي ثلاث مرات ، هذا واردٌ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولك أن تقول أيضاً : ربي أغفر لي وأرحمني وعافني وارزقني ،هذا أيضاً واردٌ وفي سنده كلام والظاهر أنه يرتقي إلى الحجية .
والركعة الثانية هي كالركعة الأولى .
ثم بعد ذلك التشهد الأوسط ، كنا نقول في تشهدنا : بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله ، الحمد لله الشباب الآن لا يعرفون هذا ، يعرفون الصحيح هذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاله الشوكاني في < نيل الأوطار > وإنا فيه راوٍ أسمه أيمن بن نابل ، يعني بسم الله وبالله ليست ثابتة ، فما هو الثابت ؟ كيفيات أخرى فيها لكننا نذكر حديث ابن مسعود نذكر حديث ابن مسعود لماذا ؟ لأنه قال علمني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويدي بين يديه ، ويعنى من أجل أن ينتبه وأن يلقي ابن مسعود سمعه وقلبه إلى قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : التحيات لله والصلوات الطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وحده لا شريك له ليست وارده في < الصحيحين > من حديث ابن مسعود ولو زدتها فهي ثابتة في غير < الصحيحين > .
وبعدها لك أن تدعو ولك أن تقوم ، حديث مالك بن الحويرث وهي جلسة الاستراحة التي يسميها أهل العلم جلسة الاستراحة هذا ثابتٌ في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كان في وترٍ من صلاته يجلس قليلاً ثم ينهض ، ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى : ينبغي أن تكون الجلسة صغيرة لأنه لا ذكر فيها والصلاة لا يخلو شيءٌ منها من الأذكار ، فينبغي أن يجلس ثم يقوم سريعاً هذه تسمى جلسة الاستراحة ، وليس هناك شيءٌ من الأدلة يعارضها فهي سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفي الركعتين الأخريين ماذا تقول ؟ كان آباءنا وكنا نقول : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر كنا نقول هذا ثم يا رجال فتشنا كتب السنة كلها بحسب اطلاعنا فلم نجدها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكن وجدنا حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ، يقول الصنعاني : وإن قلت أنا قـد قرأت بفاتحة في أول ركعة وفي الثانية ؟ قال : فالجواب أن في بعض طرق حديث المسيء صلاته أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علمه كيف يصلي فقال له : ( أقرأ بفاتحة الكتاب قال : ثم أفعل ذلك في صلاتك كلاها ) ، ففاتحة الكتاب يجب تقرأها في كل ركعة سواء أكنت إماماً أو كنت مؤتماً ، قد يقول قائل إن الله يقول في كتابه الكريم : فإذا قُرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تُرحمون ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( وإذا قَرأ فأنصتوا ) أما الآية فيقول الشوكاني : أنها عامة مخصوصة بفاتحة الكتاب ، وما هو الدليل على خصوصيتها بفاتحة الكتاب ؟ الدليل على خصوصيتها بفاتحة الكتاب والدليل ما جاء في < السنن > ( لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ ) قالوا : نعم ، قال : ( فلا تفعوا إلا بفاتحة الكتاب ) ، وقد يقول قائل إن هناك حديث ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) هذا الحديث يقول الحافظ ابن كثير في < تفسيره > : وله طرق لا يثبت منها شيء ، ويقول الداقطني في < سننه > : ولم يرفعه إلا الحسن بن عمارة وأبو حنيفة وهما ضعيفان هكذا يقول الدار قطني رحمه الله تعالى ، فالحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
عرفنا أن فاتحة الكتاب قرأتها واجبة في كل ركعة إلا من لا يستطيع أن يقرأ فاتحة الكتاب ، وفي أين موضع تُقرأ فاتحة الكتاب ؟ إذا كان الإمام يفرق فلك أن تقرأ إذا قال الإمام الحمد لله رب العالمين وسكت قليلاً لك أن تقول الحمد لله رب العالمين ، فإذا لم يُفرق وتابع فتقرأ بعد ما يقول آمين حتى ولو قرأ سورةً أخرى ، فمن الذي يُعفى من قراءة فاتحة الكتاب ؟ هو الذي لا يُحسن قراءة القرآن كبعض الشِيبات وبعض العجائز تقول له : صراط الذين أنَعمت يقول : يقول صراط الذين أنعمتُ عليهم [ بضم تاء أنعمتُ ] يُحرف أولا يستطيع بحال من الأحوال ، ففي < السنن > جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : يا رسول الله إني لا أحسن شيئاً من القرآن ، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) قال : يا رسول الله هذه لربي ـ أي الثناء والمدح ـ لله عز وجل فما لي ؟ قال : ( قل اللهم أغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني ) فمسك بيديه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : ( أما هذا فقد ملئ يديه من الخير ) والحديث في سنده الxxxxxxxxxxxxكي لكنه يعضده ما جاء في بعض طرق المسيء صلاته يعضده إلى الحجية .
ثم بعد ذلك التشهد الأخير تضيف إليه : اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد ... الــخ .
في التشهد الأخير : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ، هذا ثابتٌ في الصحيحين من حديث عائشة يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
وأما تحريك الأصبع كنا نحركها فإذا هي زيادة شاذة شذ بها زائدة بن قدامة ، المشروع هو الإشارة فقط أما التحريك وإن كان الشيخ الألباني حفظه الله تعالى وهو محدث العصر يقول : بالتحريك ، ففي < سنن أبي داود > من حديث عبد الله بن الزبير : وكان لا يحركها ، لكنهم قالوا من طريق ابن عجلان وفيه كلام ، لكن هذا زائدة بن قدامة خالف سفيان الثوري ، وسفيان بن عيينه ، وشعبة بن الحجاج ، وبشر بن المفضل إلى قدر أثني عشر واحداًً بحيث أن هؤلاء الأربعة كل واحد منهما من هؤلاء الأربعة يعتبر أرجح من زائدة بن قدامة ، فالزيادة شاذة ، والتحريك ليس بمشروع .
وكذا العجن ليس بمشروع بعض طلبة العلم صحيح متأثرون بالتقليد هذا العجن من طريق الهيثم بن عمران ولم يوثقه إلا ابن حبان وهو يوثق المجولين فالعجن عند القيام من السجود هذا أيضاً ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والثابت في < البخاري > أنه كان يعتمد بيديه على الأرض هذا هو الثابت ليس فيه صفة العجن .
وهذه الصفة تكون للرجل والمرأة ، ومن أهل العلم من يرى أن المرأة إذا سجدت ترخي عقبيها ، لكن أم الدرداء وكانت فقيهة كانت تصلي كصلاة الرجال ، والأصل هو عموم التشريع ، الله سبحانه وتعالى يقول : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة أعني ما ذُكر النساء في قوله أقيموا الصلاة لكن النساء يدخلن لعموم التشريع .
س / من تعلم الصلاة على يدي رجل يظنه العامة عالماً وفي الواقع ليس بعالم أيكفيه هذا ؟ .
الجواب / إذا تعلمها وظنه أنه عالم نرجو أن الله سبحانه وتعالى يعفو عنه فيما مضى ، أما إذا بلغته سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يجوز أن تعارض بقول أي أحد ، إذا بلغت الشخص سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا يجوز أن يقال إن هذا العالم قد علمنا كذا وكذا ، لأن هذا العالم هو من يشمله قول الله عز وجل : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ورب العزة يقول في كتابه الكريم : ولا تقفوا ما ليس لك به علم لا تتبع ما ليس لك به علم ، أنا الآن إذا قلت لك تصلي وتضع يديك هكذا وإذا ركعت ترفع هكذا وإذا سجدت تفعل هكذا ولم أقل لك قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا ليس بعلم ، العلم هو قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى إن ابن عبد البر المالكي يقول : أجمع العلماء على أن المقلد لا يُعد من أهل العلم ، وغالب أولئك تجدونه مقلدون المذهب والمذهب سواء أكانوا شافعية أم حنابلة أم مالكية أم زيديه إلى آخره غالبهم تجدهم مقلدين ، فاسألوا عن الدليل إذا أحببتم أن تكونوا طلبة على سلوا عن الدليل ، يأتي الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيقول : يا محمد إني ساءلك فمشددٌ عليك في المسألة فلا تجد عليّ في نفسك وهكذا إذا جلست عند العالم تسأله عن الدليل فإن كان يجد الدليل وإلا لو رحلت إلى بلدة أخرى إياك إياك أن تأخذ دينك من الشارع أو أنك تظن أن فلاناً عالم وليس بعالم ، الشهرة لا تكفي في هذا ، روى البخاري ومسلم في < صحيحيهما > عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رجلاً قتل تسعة وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على راهب ـ أي على شخص متعبد وهو جاهل ـ فدُل على راهب فسأله ـ يعني وهو في نظر الناس أعلم أهل الأرض خدعهم بعبادته ـ فسأله فقال له : هل لي من توبة قال : لا ثم قتله ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُل على عالم فسأله قال وأخبره الخبر ، فقال : ومن يستطيع أن يحول بينك وبين التوبة ولكن أرضك أرض سوءٍ فهاجر عن أرضك ، فخرج مهاجراً إلى الله فأدركه الموت وهو في الطريق ، فنزلت ملائكة الرحمة تأخذه ونزلت ملائكة العذاب تأخذه ، ملائكة الرحمة يقولون : أتى تائباً ، وملائكة العذاب يقولون : ما عمل خيراً فقط ، فأرسل الله ملكاً ليحكم بينهم أن قيسوا ما بين الأرضيين فوجدوه إلى الأرض الطيبة أقرب بشبر ، وفي بعضها فنأى بصدره عند موته يقدم صدره ، هذا دليل على أننا ما نغتر بالشهرة ، الإمام مالك ملتزم ألا يروي إلا عن ثقة لكنه في ذات مرة روى عن ضعيف فيقل له : مالك رويت عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف يا مالك ؟ قال : غرني بكثرة صلاته ، هكذا فالعبادة محمودة لكن لا تدع على أن الشخص عالم ، الزهد في الدنيا محمود لكن لا يدل على أن الشخص عالم ، الخطابة والوعظ محمود لكن لا يدل على أن الشخص عالم ، من الذي يعرف العالم هم العلماء ، العلماء هم الذين يعرفون أن ذلك عالم أو ذاك جاهل ، أما أن يكون في ارض الحرمين ويلبس له بشت ويدعي أنه كذا وكذا ، وأما عندنا هاهنا وتراه في عمامته وتراه بالجبة وغير ذلك ، ولسنا ندعو إلى ازدراء العلماء لسنا والله ندعو إلى ازدراء العلماء ولا إلى احتقارهم فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) لكن ندعو إخواننا إلى التثبت في العلم .