مناهجنا ... ومكانك سر !
قبل بداية فترة الامتحانات لهذا العام بفترة ليست بكثير ؛ دخلت غرفة أخي الذي يصغرني والذي يدرس في الصف الاول الثانوي ، جلست معه وتحدثت معه بشأن الامتحانات مشجعا له واخذت بعض الكتب المدرسية لاطلع معه سويا عليها من باب طرح فكرة او مثال عن طريقة المذاكرة الصحيحة ؛ ليس هذا موضوعي بالضبط ! مادهشني بالفعل هو محتوى هذه المناهج وكأني اعود بذاكرتي الى ماقبل ثمانية عشر عاما عندما كنت اتصفح كتب اخي الكبير قبل ان ادخل المدرسة وذلك في سن الخامسة من عمري ؛ فعلا انه الامر نفسه ، والمحتوى نفسه ؛ بغض النظر عن الالوان والزخرفات والرسومات والصور التي تملأ الكتب مازال محتواها بدائيا ً جداً ، هل يعقل أن يكون الوضع على ماهو عليه منذ عقود من الزمن ، لقد استحدثت الطباعة وغيرت الاشكال والصور والرسومات وطريقة الطرح ؛ نعم هذا شيء جيد ولكن المهم هو الجوهر وليس المظهر ، جميعنا نرى تطور العالم من حولنا بالدقائق والساعات فلا يكاد يمر يوم الا وفيه اختراع ومعلومة جديدة على الانسان او اكتشاف علمي جديد وقد ينسخ بعض هذه الاكتشافات معلومات كنا نؤمن بها علميا ً ؛ ومع ذلك نستمر في طرحها في مناهجنا رغم خطأها ؛ هنا تكمن المصيبة ! فعوضاً عن تشجيع ابناءنا على العلم والاكتشاف والبحث وراء حقائق هذا الكون بجميع التخصصات هانحن نأتي لنعلمهم مااثبت غيرنا عدم صحته واذا ماستوعبوا الموضوع وألموا به يجدون انفسهم فيما بعد في دوامة لاتنتهي من التساؤلات حول ماكانوا يتعلمونه وماحولهم على ارض الواقع ؛ هنا من سيصدقون .؟ هل يصدقون تعليمهم ومناهجهم التي نشأوا عليها أم ينصاعوا للأمر الواقع ضاربين بماتعلموه عرض الحائط .؟.
نحن في هذا الوطن ندرك جميعا ماتبذله وماتنفقه الدولة من الملايين على قطاع التعليم بشكل خاص ، إذاً ليس لدى الجهة المعنية عذر لألا تطور مناهجنا التعليمية وليس لدينا عذر للانتاج ، لقد تعدى العالم مرحلة التعلم منذ زمن فالجدير بنا الآن هو الانتاج بل الابداع وليس التعلم فقط ، هنا لابد من خطوة جريئة لتطوير مناهجنا بما يواكب عصرنا وبما يحافظ على مجتمعنا وقيمنا الاسلامية ؛ هنا لابد من اعادة هيكلة للنظام التعليمي ككل بحيث نجمع بين جودة الحاضر وعراقة الماضي في محيط تعاليم ديننا الحنيف ؛ لم لا ؟ ونحن ابناء العلماء الاوائل الذين لهم الفضل بعد الله في كثير من الامور العلمية بكل المجالات .
درسوا اباءنا ودرسنا نحن ودرس اخوتنا ودرسوا ابناءنا والعالم يواصل تقدمه ومناهجنا للأسف .. مكانك سر !