عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 12-06-2008, 02:23 PM
احمد السندى
عضو شبكة عبس
رقم العضوية : 4398
تاريخ التسجيل : 12 / 6 / 2008
عدد المشاركات : 60
قوة السمعة : 18

احمد السندى بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي ابو هريره رضى الله عنه

أبو هريرة رضى الله عنه

اسمه ونسبه :
اشتهر أبو هريرة رضي الله عنه بكنيته حتى لم يعرف اسمه على وجه الدقة ، حيث اختلف أهل العلم في اسمه ، وسبب ذلك أن كنيته غلبت على اسمه كثيراً ، والذي يهمنا هو شخص ذلك الرجل رضي الله عنه وأرضاه .
والأشهر في اسمه أنه : عبد الرحمن ، وقيل : عبد الله ، وقيل كان اسمه عبد شمس فغيره النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبد الرحمن .( الإصابة لابن حجر ( 4/202) ، والاستيعاب لابن عبد البر بهامش الإصابة 4(/205 وما بعدها ) .
وهو من قبيلة عربية معروفة ، فهو دوسي ، ودوس بطن من الأزد .
لماذا سمي بأبي هريرة :


قال رضي الله عنه : ( كنت أرعى غنما لأهلي، فكانت لي هريرة ألعب بها، فكنوني بها ) .

إسلامه وهجرته إلى المدينة :

لا يُعلم تحديداً في أي سنة متى أسلم أبو هريرة ، لكن يُعلم أن الطفيل بن عمرو جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة وكان من دوس ، فأسلم وتابع النبيَّ صلى الله عليه وسلم ورجع إلى بلاده .
والمشهور والمعروف من حياة أبي هريرة هو ما كان بعد هجرته ، وأما قبل هجرته هل كان أسلم في دوس ثم هاجر ؟ أو جاء مهاجراً مسلماً ؟ فالذي يبدو - والعلم عند الله – أنه أسلم قديماً على يد الطفيل رضي الله عنه وتابعه ، ثم هاجر في السنة السابعة من الهجرة .
واختلف الرواة والنقلة هل شارك أبو هريرة في خيبر؟ أو جاء بعد خيبر ؟ أو جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في خيبر ؟ على ثلاث روايات ( سير أعلام النبلاء ( 4 / 182 )
1 – أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في خيبر .
2 – أنه جاء قبل خيبر وشارك فيها .
3 – أنه جاء بعد فتح خيبر .
فخيبر وقعت في أول السنة السابعة والصحيح أنه حضر خيبر : وأبو هريرة أسلم في ذلك الوقت ، فيكون أدرك مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنوات بالتمام ، بل وزيادة شهرين .
وشارك بعد هجرته في جميع الغزوات وكان ممن اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلى أن توفي رضي الله عنه وأرضاه .

فقره رضى الله عنه ورقة حاله :

وقال واصفاً فقره : ( والله الذي لا اله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمر أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ثم مر بي عمر فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني فمر ولم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه و سلم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: يا أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله قال: اِلْحَقْ، ومضى فتبعته فدخل فاستأذن فأذن له، فوجد لبناً في قدح فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان- أو فلانة قال: يا أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: الحق إلي أهل الصفة فادعهم لي .
قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأؤون على أهلٍ ولا مالٍ ولا على أحدٍ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها و أشركهم فيها ، فساءني إرساله إياي . فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه و سلم بد ، فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت، قال: يا أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله قال: خذ فأعطهم، فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد على القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم فقال: يا أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله قال: بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله
قال: اقعد فاشرب فقعدت فشربت فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب، حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكاً، قال: فأرني. فأعطيته القدح ، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة ) ( أخرجه البخاري في صحيحه ( 6087 )
ولا نريد أن نقف كثيراً ، إذ لو وقفنا عند معانيه والفوائد التي فيه لطال بنا المقام ولكن يكفينا منه ذلك الشاهد : وهو فقر أبي هريرة ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم له ولأصحاب الصفة إذا جاءه طعام صلى الله عليه وسلم.
حب المؤمنين لأبى هريرة :
أبو هريرة رضي الله عنه يحبه كل مسلم ومؤمن فمن وجد غير ذلك في قلبه فهذا معناه أن هناك نقص عظيم في إيمان هذا الإنسان :
فعن يزيد بن عبد الرحمن قال : حدثني أبو هريرة، قال: والله، ما خلق الله مؤمنا يسمع بي إلا أحبني.
قلت: وما علمك بذلك ؟ قال: إن أمي كانت مشركة، وكنت أدعوها إلى الاسلام، وكانت تأبى علي، فدعوتها يوما ; فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره.
فأتيت رسول الله، وأنا أبكي، فأخبرته، وسألته أن يدعو لها.
فقال : (( اللهم اهد أم أبي هريرة )).
فخرجت أعدو أبشرها، فأتيت، فإذا الباب مجاف، وسمعت خضخضة الماء، وسمعت حسي، فقالت: كما أنت، ثم فتحت، وقد لبست درعها، وعجلت من خمارها، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
قال: فرجعت إلى رسول الله، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ;
فأخبرته، وقلت: ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين.
فقال: (( اللهم، حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما )) ( أخرجه مسلم في صحيحه ( 2491 )
حفظ أبي هريرة رضي الله عنه وإكثاره في رواية الحديث :

كان أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثر من الحديث ، حتى بلغه أن الناس يقولون ذلك فقال : إنكم تقولون : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! وتقولون : ما للمهاجرين والانصار لا يحدثون مثله ! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاسواق ، وكان إخواني من الانصار يشغلهم عمل أموالهم ; وكنت امرا مسكينا من مساكين الصفة ، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ، فأحضر حين يغيبون ، وأعي حين ينسون ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوما: (( إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقول )) ، فبسطت نمرة علي، حتى إذا قضى مقالته، جمعتها إلى صدري ، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء . (أخرجه البخاري ( 1942 ) ، ومسلم ( 2492 ) .
- وعن محمد بن قيس ابن مخرمة : أن رجلا أتى زيد بن ثابت، فسأله عن شئ، فقال: عليك بأبي هريرة ; فإني بينما أنا وهو وفلان في المسجد، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن ندعو، ونذكر ربنا . فجلس إلينا، فسكتنا.
فقال: (( عودوا للذي كنتم فيه )) .
فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة.
فجعل رسول الله يؤمن.
ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم، إني أسألك ما سألك صاحباي هذان ، وأسألك علما لا ينسى فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( آمين )) .
فقلنا: يا رسول الله، ونحن نسأل الله علما لا ينسى ! قال: (( سبقكما الغلام الدوسي )) (أخرجه النسائي في الكبرى ( 5870 ) بسند جيد ).

- عن أبي هريرة : أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ ) .
قلت : أسألك أن تُعَلِّمني مما علمك الله .
فَنَزَعَ نَمِرَةً كانت على ظهري، فَبَسَطَها بيني وبينه ، حَتَّى كأني أنظر إلى النمل يَدُبُّ عليها ، فحَدَّثَني حَتَّى إذا اسْتَوْعَبتُ حديثه ، قال : (اجمعها ، فَصُرَّها إليك ) ، فأَصبحتُ لا أُسْقِط حرفاً مِمَّا حَدَّثَني . (أخرجه أبو نعيم في الحلية ( 1 / 381 ) .
- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ : قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟
قَالَ: (لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيْثِ، إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَالِصاً مِنْ نَفْسِهِ) . (أخرجه البخاري في صحيحه ( 99 ، 6570 )


- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
حَفِظْتُ مِن رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وِعَاءيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ في النَّاس ، وأَمَّا الآخر فلو بثثته ، لقطع هذا البلعوم . (أخرجه البخاري في صحيحه ( 120 ) .

وقال : لا أعرف أَحداً مِن أَصحاب رسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أَحفظَ لحديثه مِنِّي .
(أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 4 / 332 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ( 67 / 341 ) .

عبادته وورعه :
أبو هريرة رضي الله عنه اشتهر بالعبادة :
- فعَنْ أَبِي عُثْمَان النهدي قال : ( تَضَيَّفْتُ أَبا هريرةَ سَبْعًا فكان هو وامرأَته وخادمه يَعْتَقِبُون الليل أَثلاثاً
يُصَلِّي هذا ثم يوقظ هذا ) . (أخرجه البخاري في صحيحه ( 5125 ) .
فكل واحد له ثلث من الليل فيقوم أبو هريرة ثلث الليل الأول وامرأته الثاني والخادم الثالث ، فذكر الله تبارك الله وتعالى لا ينقطع في بيت أبي هريرة رضي الله عنه .
- وكان يأتي السوق ، ثم يأتي أهله فيقول : هل عندكم شيء ؟ فإن قالوا : لا . قال : إني صائم .
وهذا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم . ( أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ( 4 / 204 ) ، وأبو نعيم في الحلية ( 1 / 382 ) .
- وكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وكان أحيانا يصوم معها الاثنين والخميس .
وقال أبو عثمان النهدي : تضيفت أبا هريرة سبع ليال ، فقلت له : كيف تصوم ؟ أو كيف صيامك يا أبا هريرة ؟
قال : أما أنا فأصوم أول الشهر ثلاثا ، فإن حدث لي حدث كان لي أجر شهري . ( أخرجه أحمد في المسند ( 2 / 353 ط : الميمنية ) ، أبو نعيم في الحلية ( 1 / 382 ) .
وعن شرحبيل : أن أبا هريرة كان يصوم الاثنين والخميس . (أخرجه ابن عساكر في تاريخه ( 67 / 363 ط : دار الفكر ) ، وابن سعد كما في السير ( 2 / 610 – 611 ) .
وجاء أن أبا هريرة رضي الله عنه كان في سفر، فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو يصلي، فقال : إني صائم، فلما وضعوا الطعام وكاد أن يفرغوا جاء ، فقالوا: هلم فكل، فأكل، فنظر القوم إلى الرسول، فقال: ما تنظرون ؟! فقال: والله لقد قال: إني صائم.
فقال أبو هريرة: صدق ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ))
فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر، فأنا مفطر في تخفيف الله ، صائم في تضعيف الله . (أخرجه أحمد في المسند ( 2 / 263 ، 384 ، 513 ) وقال الألباني رحمه الله في الإرواء ( 4 / 99 ) ( إسناده صحيح على شرط مسلم ) .
قلت : وقد جاء مثل ذلك عن أبي ذر رضي الله عنه ، فعن عبدالله بن شقيق : أن أبا ذر رضي الله عنه دعوه إلى طعام، فقال: إني صائم .
فرئي من آخر النهار يأكل، فقيل له، فقال: إني أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صيام الدهر . (أخرجه القطيعي عن عبد الله بن أحمد في زياداته على كتاب الزهد للإمام أحمد ( ص 336 )
- وقال كذلك رضي الله عنه : ( إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ديتي ) . ( أخرجه أحمد في الزهد ، وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة . المطالب العالية للحافظ ابن حجر ) .
- وقد ثبت عن أبي المتوكل الناجي وهو ثقة (( أن أبا هريرة رضي الله عنه كانت له أمة زنجية قد غَمَّتْهُم بعملها ، فرفع عليها السوط يوماً ثم قال: لولا القصاص يوم القيامة لأغشيتك به، ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك أحوج ما أكون إليه ( يعني الله عزوجل ) اذهبي فأنت حرة لله عزوجل )) ( البداية والنهايه 8 / 112).

زمن الخلفاء الراشدين والولايات التي تولاها أبو هريرة رضي الله عنه :

في زمن عمر رضي الله عنه استعمل عمر أبا هريرة رضي الله عنهما على البحرين، فقدم بعشرة آلاف.
فقال له عمر : من أين هي لك ؟ قلت: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت.
فنظروا، فوجدوه كما قال: فلما كان بعد ذلك، دعاه عمر ليوليه، فأبى.
فقال: تكره العمل وقد طلب العمل من كان خيرا منك: يوسف عليه السلام ! فقال: يوسف نبي ابن نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة بن أميمة.
وأخشى ثلاثا واثنتين.
قال: فهلا قلت: خمسا ؟ قال: أخشى أن أقول بغير حلم، وأقضي بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينتزع مالي، ويشتم عرضي . (أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1/380 ، وانظر : سير أعلام النبلاء للذهبي ( 2 / 612)

وكان ممن شارك في الدفع عن عثمان رضي الله عنه يوم الدار يدافع وينافح عنه ، حتى أمر عثمان رضي الله عنه من عنده بالخروج .
وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه متقلداً سيفه ، لكن عثمان لم يأذن له قائلاً : يا أبا هريرة أيسرك أن تقتل الناس جميعاً و إياي ؟ قال : لا ، قال : فإنك والله إن قاتلت رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً . قال أبو هريرة : فرجعت و لم أقاتل .( أخرجه ابن سعد في الطبقات ( 3 / 70 ) ، وخليفة بن خياط في تاريخه ص173) .
و قال أبو هريرة رضي الله عنه للذين حاصروا عثمان رضي الله عنه يوم الدار : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنكم تلقون بعدي فتنة و اختلافاً ، أو قال : اختلافاً و فتنة ، فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله ؟ فقال : عليكم بالأمين و أصحابه ، و هو يشير إلى عثمان بذلك . (أخرجه الإمام أحمد في فضائل الصحابة ص ( 450 – 451 )

وتولى ولاية المدينة في زمن معاوية رضي الله عنهما :
لقد كانت إمارة أبي هريرة رحمة بأهل المدينة يستريحون إليها من عبية بعض أمراء بني أمية وعنجهيتهم، وكانت إحياءً للسنة، فإن الأمير كان هو الذي يؤم الناس ، فكان الأمراء يغفلون أشياء من السنة كالتكبير في الصلاة وسجود التلاوة وقراءة السور التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، فكان أبو هريرة إذا ولى كان هو الذي يؤم بالناس، فيحيي ما أهمله الأمراء من السنن . ( الأنوار الكاشفة للمعلمي اليماني رحمه الله)
وكان يدخل السوق وهو يحمل على ظهره حزمة من الحطب وهو يومئذ أمير على المدينة : أوسعوا للأمير . ويضحك رضي الله عنه وأرضاه . (أخرجه أبو نعيم في الحلية ( 1 / 384 ) ، وابن عساكر في تاريخه ( 67 / 373 )
وإنما كان رضي الله عنه يعتمد هذا التبذل والمزاح حين يكون أميراً تهاوناً بالإمارة ومناقضة لما كان يتسم به بعض الأمراء من الكبر والتعالي على الناس .
وكان أبو هريرة رضي الله عنه ممن اعتزل الفتنة التي وقعت بين الصحابة رضي الله عنهم إلى أن توفي رضي الله عنه وأرضاه فلم يحضر معركة الجمل ولا صفين ، وهذا الذي وقع من أكثر الصحابة رضي الله عنهم حيث اعتزل جُلُّهم الفتنة : كسعد بن أبي وقاص ، وعمران بن حصين ، وابن عمر ، وكعب بن عجرة ، ومحمد بن مسلمة ، وأسامة بن زيد ، وأبو بكرة الثقفي ، وأهبان بن صيفي ، وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن اعتزل الفتنة .
صفاته الخَلقية وهيئته :
مما ذُكر في ذلك ما جاء عن عبد الله بن عثمان بن خثيم حيث قال عن عبد الرحمن بن لبينة الطائفي أنه وصف لي أبا هريرة فقال كان رجلا آدم بعيد المنكبين أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين وقال قرة بن خالد قلت لابن سيرين أكان أبو هريرة مخشوشنا قال بل كان لينا وكان أبيض لحيته حمراء يخضب . ( سير أعلام النبلاء 2 / 586)
عن عمار بن أبي عمار قال : رأيت زيد بن ثابت وابن عباس، وأبا هريرة، وأبا قتادة يلبسون مطارف الخز. ( أخرجه الطبراني في الكبير ( 3273 )
وقال ابن أبي ذئب ، عن عثمان بن عبد الله قال : رأيت أبا هريرة ، وأبا أسيد ، وأبا قتادة ، وابن عمر ، يمرون بنا ، ونحن في الكتاب ، فنجد منهم ريح العبير . وهو الخلوق يصفرون به لحاهم . ( نقله الذهبي في السير 2 / 539 " ترجمة أبي أسيد الساعدي " عن طبقات ابن سعد)
من مواعظه وحكمه :
عن أنس، عن أبي هريرة، قال: ألا أدلكم على غنيمة باردة ؟ قالوا: ماذا يا أبا هريرة ؟ قال: الصوم في الشتاء . (أخرجه أحمد في الزهد ص221)
ونزل على قوم فلم يضيفوه ، فتنحى عنهم ثم صنع طعاماً ثم دعاهم ، فلم يجيبوه ، فقال لهم : لا تُنزِلون الضيف ولا تجيبون الدعوة ، ما أنتم على الإسلام في شيء .
فعرفه رجل منهم فقال : أنت أبو هريرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ! انزل عندي عافاك الله .
فغضب أبو هريرة رضي الله عنه وقال : هذا شر وشر لا تُنْزِلون إلا من تعرفون .
وبنى مروان ابن الحكم داراً فقال للبناء : انظر ماذا يقول أبو هريرة واكتبه .
فمر أبو هريرة على الدار فقيل له : قل شيئاً .
فقال رضي الله عنه : تبنون مالا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتأملون ما لا تبلغون .
وقال : لا تغبطن فاجرا بنعمته ؛ فإن من ورائه طالباً حثيثاً { كلما خبت زدناهم سعيرا } . ( البداية والنهاية ( 8 / 110 )
وقال : باب من العلم أحب إلي من ألف ركعة تطوعاً .
وقال له رجل : إني أريد أن أتعلم العلم ، ولكني أخاف أن أضيعه ؛ فإنك أشد لن تجد له إضاعة أشد من تركه .
وكان يقول : اللهم إني أعوذ بك أن أزني ، أو أعمل بكبيرة في الإسلام .
فقيل له : كيف تدعو بذلك ! وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن على خير ؟!
فقال رضي الله عنه : ويحكم ، وما يُؤَمِّنني وإبليس حي ؟!
قلت : وهذا قريب من قول أبي الدرداء رضي الله عنه : اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق .
فقال له رجل : أتخشى من النفاق وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه سلم ؟!
فقال : نعم ، والله إني أخشى على نفسي من النفاق إليك عني لا تغرني .
مروياته ومن روى عنهم ورووا عنه :
المروي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون ، 5374 حديثاً، فيها الثابت وغير الثابت عن أبي هريرة ، والمكرر وغير المكرر ، وفيها ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وما رواه عن الصحابة وفيها المرفوع والموقوف ، وفيها ما انفرد بروايته وفيها مالم ينفرد بروايته ، وسيأتي بيان ذلك بإذن الله .
قلنا إن أبا هريرة أكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكثرَ الناسُ النَّقلَ عنه حتى بلغ عدد من روى عنه 800 نفس تقريبا .
وروى هو كذلك رضي الله عنه عن بعض الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة والفضل بن العباس وغيرهم رضي الله عنهم .
وفاته :

كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا مرت به جنازة قال : روحي فإنّا غادون ، أو اغدي فإنّا رائحون ، موعظة بليغة ، وغفلة سريعة ، يذهب الأول ، ويبقى الآخر .
وقال : إذا رأيتم سِتّاً وكانت نفس أحدكم في يده فليرسلها : إذا أُمِّرت السفهاء ، وبِيعَ الحُكْم، وتُهُوِّنَ بالدم، وقُطعت الأرحام ، وكثرت الجلاوزة ، ونَشَأَ نَشْـأٌ يتخذون القرآن مزامير )
وعن سلم بن بشير أن أبا هريرة رضي الله عنه بكى في مرضه : فقيل: ما يبكيك ؟ قال: ما أبكي على دنياكم هذه، ولكن على بعد سفري، وقلة زادي، وأني أمسيت في صعود، ومهبطه على جنة أو نار، فلا أدري أيهما يؤخذ بي . ( أخرجه ابن سعد في الطبقات ( 4 / 339 ) ، وأبو نعيم في الحلية ( 1 / 383 ) ، السير ( 2 / 625 )
ودخل مروان على أبي هريرة في شكواه، فقال: شفاك الله يا أبا هريرة . فتركه أبو هريرة وقال : اللهم، إني أحب لقاءك، فأحب لقائي . قال: فما بلغ مروان أصحاب القطا، حتى مات .
وتوفي أبو هريرة رضي الله عنه على المشهور في سنة 57 هـ ، وقيل : 58 هـ ، وقيل : 59 هـ ، والله أعلم متى كانت بالضبط .
ولكن توفي أبو هريرة رضي الله عنه وبقي العلم الكثير الذي نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا شك بأنه أكثر من روى الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد كان ابن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول : كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
ودفن في البقيع وصلى عليه .

المصدر :
ترجمه ابى هريره رضى الله عنه - الشيخ عثمان الخميس

الموضوع الأصلي: ابو هريره رضى الله عنه | | الكاتب: احمد السندى | | المصدر: شبكة بني عبس




Facebook Twitter