(( ولادة ........ وابـــن زيـــدونـــــــ )) ......
((( ويـا نسيـــم الصبـــــا بلـــغ تحيتنــــا ....
إني ذكــرتــكـــ بالزهـــراء مشتــاقاً ..
والأفــق طلــق ومــرأى الأرض قـد راقا ......
ما أجمل الذكرى العبقة .. في مكان خلاب .. تخيم عليه نسائم ليل عليلة .. تحملها ريح الصبا الندية ..
لصاحبة شقية .. لاهية أبية .. غارقة فتية .. أميرة بهية .. يحملها قلب ما فتئ الهوى يغرس في قلبه المأسور وجائع ليل عصي .. ونار شوق محرق .. لقسوة ألمت به .. فجاش خاطره بما كان ..
واستحالة أن يكون هنالك وصال مهما طال الفراق .. بين شاعرين متباينين .. بالرغم من أن كلا منهما يحمل سر صاحبه .. وحنين الجوى المؤلم للآخر ..
قالها أحدهم متحسراً .. والدمع غزار على وجه شحوب .. هائم شريد ...
أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا ...
وناب عن طيب لقيانا تجافينا ...؟!
ما هي هذه الذكرى الجميلة .. والمتعبة في نفس الوقت !؟ ..
لشــاعر طريد .. عانى فصدحت قريحته بأنات حرى في قلب ضني أصلاً .. وما أظنه يحتمل ..
لأن لكل داء دواء .. فإذا لم يوجد الدواء .. ظل الضني تحت رحمة ربه الرحيم ..
هو ذلك الشاعر .. الذائع الصيت .. بنونيته الشاهدة على صدق تعلقه وشوقه وحنينه لمن سلبت منه لبه وقلبه وفكره .. فأصبح أعمى لا يرى إلا صورتها في أحلام اليقظة المسهدة ..
وشاعريته الفذة .. التي فجرت ينابيع الود والشوق والحنين برقة معهودة لعاشق محروم ..
هو شاعر الفردوس المفقود .. والغصن الرطيب .. ابن زيدون ..
مع ذكرياته الشجية لشاعرة قوية .. جميلة .. غنية .. هي ولادة المستكفي ..
عانت هي ولكنها صبرت .. وتمتعت برغد العيش .. حتى أكل الدهر عليها وشرب .. فصارت وحيدة .. عجوزة .. عقيمة ..
تذكر أيامها الفتية مع قلبها البريء .. في حبها النقي .. الصادق الوفي .. مع لذة التعذيب لصاحبها الحزين ..
أنساب شعرها رقة .. في صورة منعمة لشخصه الوفي ..
تقول له في شكوى البعاد .. مع تعب الفراق ..
تمر الليالي لا أرى البين ينقضي ..
ولا الصبر من رق التشوق معتقي .....
سقى الله أرضاً قد غدت لك منزلاً ..
بكل سكوب هاطل الوبل مغدق .....
هذه الفصاحة الناعمة ..
المفصحة عن كوامن شعورها .. في قلبها المقيد .. في حيرة من رقة الشوق تسهد .. لعلها تعتقه برسالة يرسلها .. صاحبها المتيم .. استجابة لعواطفها المجنحة .. بعبق ريحها المسكر ..
وما يلبث الهائم الشريد إلا أن يرسل أشواقه المحبطة بلقائها المحال .. بدلال مبين .. مع حمامة معلمة .. في قلبها رحمة لكل هائم متقد ..
لحى الله يوما لست فيه بملتقي ..
محياك من أجل النوى والتفرق .....
وكيف يطيب العيش دون مسرة ..
وأي سرور للكئيب المؤرق ......
وما زال إخلاصه لها باقياً .. في طروس المداد المحبرة .. بدم قلبه المتيم الوفي ..
وكيف لا يكون هنالك إخلاص .. ؟!
وهــو القائــــل :
وكيـــفــــ وفـــي سبيــــل هــواكــــ طــوعــاً ..
لـقـيــتــــ من المــكــاره مــا لقــيــتـــــ ! ...
1425هـ ......