شعوراً من القيادة العراقية بالمسؤولية لوقف نزيف الحرب فقد وافقت على كل قرارات مجلس الأمن الدولي من أول قرار صدر في الأسبوع الأول من بدء الحرب العسكرية وحتى القرارالأخير رقم 598 الذي صدر بداية عام 1988م وعلى كل المبادرات والنداءات الدولية، بينما رفضت القيادة الإيرانية كل قرارات مجلس الأمن والمبادرات الدولية ووضعت شروطاً تعجيزية لوقف إطلاق النار وهي إسقاط النظام العراقي الذي تصفه بالكافر والعميل للغرب وإحلال نظام إسلامي على غرار النظام في إيران ومحاكمة صدام والقيادة العراقية باعتبارهم هم المعتدين ودفع التعويضات، حتى أن أمين المنظمة الدولية ديكويلار ومن خلال شاشة التلفزيون كان دائماً ينصح إيران بقبول وقف النار وإنهاء الحرب .
- اهتماماً من الرئيس صدام حسين وشعوراً منه بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية باعتباره رئيس الدولة فقد وجه عدة رسائل للقيادة والشعوب الإيرانية خلال سنوات الحرب لتذكيرهم وتبصيرهم بمآسي وخطورة استمرار الحرب ونزيف الدم والدمار اليومي الذي هو ليس من مصلحة البلدين والشعبين .
- تأكيداً على تمسك القيادة العراقية بالحل السلمي فقد قامت بالمبادرة بإيقاف الحرب من طرف واحد في المناسبات الدينية كشهر رمضان المبارك والأعياد وعاشوراء وغيرها بهدف إتاحة الفرصة المناسبة للقيادة الإيرانية لوقف الحرب .
- كانت القيادة العراقية واضحة مع شعبها والشعوب الإيرانية والعالم في السر والعلن في أقوالها وأفعالها، بينما كانت القيادة الإيرانية تتعامل بوجهين فهي تصف أمريكا بالشيطان الأكبر لكسب تأييد الشعوب الإيرانية والعربية والإسلامية بينما كانت هناك علاقات بالسر مع أمريكا وإسرائيل وتتزود بالأسلحة وقطع الغيار الأمريكية فيما سمي بفضيحة إيران كونترا (لان معظم أسلحة إيران ومنذ زمن الشاه هي أمريكية بينما أسلحة العراق جميعها من الاتحاد السوفيتي وفرنسا) وقد اعترف بذلك الحسن بني صدر رئيس إيران وقال بأن الخميني كان يعلم بذلك وقال له سنتعاون مع الشيطان لإسقاط النظام العراقي، كما كانت القيادة الإيرانية تصف بعث العراق بالكافر وتتحالف مع بعث سوريا .
- في السنة الثانية للحرب 1982م واستجابة لدعوات بعض الدول والمنظمات العربية والدولية بهدف إقناع القيادة الإيرانية بالحل السلمي ولإثبات حسن نية القيادة العراقية وتمسكها بالحل السلمي انسحبت القوات العراقية من جميع الأراضي الإيرانية إلى داخل حدودها ما قبل يوم 22/9/1980حسب اتفاقية الجزائر، رغم ما يمثله ذلك من خطورة على المدن والقصبات العراقية الحدودية بسبب وقوعها تحت مرمى نيران المدفعية الإيرانية .
- بدل أن ترد القيادة الإيرانية على مبادرة العراق الحسنة بالمثل ، قامت القوات الإيرانية وبكل حقد ووحشية بقصف المدن والقرى الحدودية بالمدفعية بشكل يومي لأنها أصبحت قريبة من مرمى المدفعية الإيرانية، كما بدأت تقوم بهجمات بأعداد كبيرة بما سمي بالموجات البشرية بهدف خرق الحدود العراقية واحتلال أجزاء منه خاصة المناطق الجنوبية في البصرة والعمارة، واستمرت بقصف المدن والهجوم بالموجات البشرية حتى استطاعت احتلال شبه جزيرة الفاو على الخليج العربي عام 1986 وأطلقت عليها اسم الفاطمية وأقامت عليها دوري بكرة القدم بهدف ضمها للأراضي الإيرانية .
- استمرت القوات الإيرانية بقصف المدن والقصبات العراقية بالمدفعية وبكل وحشية وبشكل يومي منذ انسحاب العراق من الأراضي الإيرانية، كما قامت القوات الإيرانية في عام 1987م بقصف العاصمة بغداد وغيرها لأول مرة بصواريخ سكود (المتوفرة لدى إيران والعراق ومدها 150 كم) التي هي الأكثر تدميراً من المدفعية والتي سميت في حينها (حرب المدن) والتي بدأتها بالفعل القيادة الإيرانية لان المدن العراقية كما ذكرت معظمها ومنها العاصمة بغداد (التي تبعد 120 كم عن الحدود الإيرانية) تقع ضمن مدى المدفعية والصواريخ الإيرانية وكان ضمن ما شمله القصف الوحشي مدرسة بلاط الشهداء في بغداد التي راح ضحيتها عشرات الأطفال، ولان القيادة العراقية لا تستطيع الرد بالمثل بسبب بعد معظم المدن الإيرانية ومنها طهران (التي تبعد 600 كم عن الحدود واصفهان وشيراز وغيرها) عن مرمى صواريخ سكود اكتفت بالرد من خلال القصف بالطائرات (رغم خطورته على الطيارين) التي احتفظ بها العراق واستنفذتها إيران خلال الأشهر الأولى للحرب من خلال إسقاطها من قبل القوات العراقية، وحذرت القيادة العراقية إيران من جريمة قصف المدن وتدميرها وقدمت عدة مذكرات بذلك للأمم المتحدة والجامعة العربية وإنها سترد على تلك الاعتداءات في الوقت المناسب .
- استطاعت القوات العراقية وفي الأشهر الأولى من عام 1988م من تطوير صواريخ سكود بزيادة مداها إلى صواريخ الحسين 300 كم والعباس 600 كم وغيرها، وقامت القوات العراقية بمفاجئة الإيرانيين بالرد العنيف بعد الصبر حيث دكت الصواريخ العراقية معظم المدن الإيرانية ومنها العاصمة طهران والتي سقط عليها لوحدها 160 صاروخ مما جعل سكانها البالغ عددهم اكثر من 8 ملايين آنذاك أن يتركوها إلى الضواحي والجبال وبدأت معنويات الإيرانيون تنخفض وتصل إلى حالة الإحباط
يتبع
7
7