(7)
-أعزائي القراء أبارك لحائل وأهالي حائل الزيارة الميمونة لملك القلوب الملك عبدالله وولي عهده الأمين حفظهم الله ورعاهم والتي ستبقى تاج على رؤوسنا ووسام على صدورنا نفخر وتفخر بها حائل على مدى الأجيال القادمة ومما زادني فخرآ تشرفي بمقابلة خادم الحرمين الشريفين ضمن وفد عبس الذين تشرفوا بالسلام عليه وبهذه المناسبة العزيزة على نفوسنا يشرفني أن أزف لكم الحلقة السابعة من قلب مضارب عبس من أرض حاتم الطائي وعنترة العبسي من أرض عروس الشمال الغالية وتحديدآ من قرية صفيط.
-أقبلت إختبارات الدور الثاني وطرقت الأبواب وإستعد مروان الذي يحمل مادتين ومصيول الذي يحمل ست مواد لها،حيث إن مروان أخذ على نفسه عهد بأن ينجح هذه السنة وفي أحد الأيام إلتقوا الشلة ليلآ وتواعدوا للمذاكرة الجماعية غدآ،ذهب مصيول في اليوم التالي لبيت مروان وبدأوا في المذاكرة ولم يستمروا طويلآ حيث رأوا إن الخروج وتغيير الجو سيساعدهم على المذاكرة شيئآ ما،خرجوا من المنزل وأخذوا يتحدثون ولم يعلموا إلا وهم يتسلقون جبل السمراء التي جلسوا في منتصفها مستظلين بظلالها يتأملون قريتهم بمبانيها وشوارعها ومحلاتها التجارية ومدرستها التي يرفرف فوقها العلم السعودي حاملآ كلمة التوحيد والإخلاص(لاإلاه إلا الله محمدآ رسول الله) ومركز إمارتها البارز بلوحته الخضراء المزينة بكتابة بيضاء عبارة عن:
(المملكة العربية السعودية
وزارة الداخلية
إمارة منطقة حائل
مركز إمارة صفيط)
كان مروان و مصيول
يتذكرون صديق عمرهم العزيز صياح الذي كثيرآ ماجلس معهم في جبل السمراء في هذا المكان أو في قمتها أو في مكان آخر منها فتذكره مروان بحزن ويأس من رجوعه وهو ينشد هذه الأبيات:
ضيعت هقواتي وضاع
إعتباري
يارب غفرانك ولطفك
وحسناك
يارب بين يديك بان
إنكساري
راجيك تغفرلي وترزقني
رضاك
يأغلى العرب مالك مع الناس
طاري
وأنا ثلاث سنين عايش
برجواك
تراك دمي بالشرايين
جاري
وش لون تتخيل حياتي
بلياك
ياهيه مأنت بحال راجيك
داري
يومه يقرب وأنت لاهي
بدنياك
آخر رسالة لك وهذا
قراري
راحت ثلاث سنين وأنا
أترجاك
رجيت مرجاعك وطال
إنتظاري
وأبقعد ليوم الرحيل
أتحراك
أما تعود وتنطفي فيك
ناري
ولا تروح وبجنة الخلد
لقياك.
(يوسف سالم الرشيدي)
فأجابه مصيول:
ليلة خميس وللزعل حان
الإذان
وغنت على صوت العصافير فرقاء
عساه مايبخل على القلب
نسيان
يسقيه لين عروقه تصير
غرقاء.
(حامد زيدان)
كان صياح يكبرهم بأربع سنوات وقد رحل وهو يرأى في نفسه إنهم حاقدين عليه ولكن كان كل شيء في حياة صياح يحس إنه يذكره بهم وخصوصآ عندما تعرف على أحد الموظفين في شركته يدعى خالد وكان خالد محبآ للعمل مجتهدآ فيه مما جعل صياح يزداد كل يوم إعجابآ فيه إلى أن جعله صديقآ مقربآ يصارحه في أدق أسراره وكل مارأى خالد تذكر أصدقائه الأعزاء شاديآ بحزن:
عزاه يادمع على الخد
همال
بأسباب فرقاهم على الخد سايل
دارت ليال بعد فرقاهم
طوال
وأقفوا ولاجت من طرفهم
رسايل
لامر طاريهم وأنا سائح
البال
هلت دموعي فوق خدي
همايل
واليوم صدوا صدة مالها
فال
يالله عساها ماتجيهم
عوايل.
(محمد بن شعيب المنزل)
في هذه اللحظات كانت المذاكرة بالنسبة لمصيول أصعب من منال المحال لكن
(لايستطيع أن يدفعك للقمة إلا شخص واحد هو خصمك)
وهذا مادفع مصيول للتميز بالمذاكرة هذه المرة وعمل المستحيل فهو لايبحث عن مستقبل زاهر أو شهرة واسعة الأفاق بل غيرة من مروان الذي أقبل على الدراسة بشكل منقطع النظير!
لم ينحل مصيول ورفيقة من السمراء إلا وقد أنهوا جزءآ لاباس به من مناهجهم الدراسية
التي دخل عليها جوآ من الغيرة الإيجابية بغياب شجاع الذي لو كان موجودآ لجعلها غيرة سلبية عدائية،وقد ساعدتهم هذه الغيرة على إيجاد روح دراسية تنافسية شريفة تساعدهم على النجاح ونتمنى دوامها!
بدأت إختبارات الدور الثاني ودخلوها بحماس وثقة بالنفس وإستطاعوا النجاح الميؤس منه طبعآ لتبدأ فرحة طال إنتظارها ويحتفلوا بنجاحهم على طريقتهم الخاصة حيث بحثوا أولآ عن من يشاركهم فرحتهم بالنجاح فلم يجدوا إلا بندر وعناد وعزموهم على الغداء غدآ في<الدميكا>.
(الدميكا:هضبة صخرية حمراء تقع جنوب قرية صفيط على بعد 700 متر ويوجد بها <زحليقة>طبيعية منذ القدم ويقع مسجد العيد في سفحها الشمالي).
ذهب الشلة لبيوتهم وأخذوا يعدون العدة لمناسبة نجاحهم وقال مصيول:أنا علي الدجاج والرز والبهارات وأنت عليك الطاسة<قدر الطبخ>والماء!
إتفق الشلة وتواعدوا غدآ في بداية النهار،صحوا من نومهم قبل أن تغرد العصافير وأخذ كل منهم عزبته<متطلبات الكشتة>فوق سلة دراجته وإتجهوا لضيوف الشرف عناد وبندر،فلما وصلوا بيت بندر وجدوا عناد عنده يستعرض بالشارع الذي أمام بيته ولعدم وجود دراجة لبندر فقد حمله مصيول فوق السلة الخلفية معلقآ تحت سيقانه كيسآ توجد به دجاجتين من حسن حظهن إنهن ماتن قبل أن يعرفن فيروس إنفلونزا الطيور ولكن من سوء الطالع إن من يأكلهن مصيول ومروان!
إتجهوا إلى هضبة الدميكاء غير مسرعين وبينما هم بالطريق لحق بهم شجاع صاحب أكبر دراجة على مستوى صفيط بحجم 24 وهذا مازاد كبرياءه كبرياءآ ولكن عقدته إن أرجله لاتصل الدعاسات إلا بالقوة وهو ماحطمه شيء ما!
لحق بهم شجاع وعاتبهم على تجاهلهم له وعدم دعوته لكنهم إلتمسوا له عذرآ لم يتردد في قبوله لأنه يريد أي عذر،ذهبوا للهضبة جميعآ مسرعين ومروا أولآ بالزحليقة ولعبوا حتى إكتفوا ثم غيروا مكانهم وجمعوا حطبآ وأشعلوا نارهم وطبخوا وجبتهم وعندما أوشكت على النضوج وإذا بأبو بندر قد داهمهم فهربوا عند رؤيته وتركوا دراجاتهم تواسي قدرهم المنكوب فنزل أبوبندر من سيارته وقام بحمل جميع الدراجات في صندوق سيارته لنقلها إلى بيته وحجزها هناك وأخذ حصاة كبيرة الحجم وأنزلها على القدر فإنطبق غطائه على بقيتة لكن شجاع إقترب من السيارة وعندما تحرك أبو بندر بسيارته قفز شجاع في صندوقها ورمى جميع الدراجات أرضآ دون أن يعلم أبا بندر الذي وصل الغضب عنده إلى قمته ولكن حدوث الإنزال الشبيه لدرجة كبيرة بما نشاهده بأفلام الوثائق التاريخية عن الإنزال العسكري الجوي في حالة الحروب كانت له مضاعفات كثيرة منها إن أحد عجلات دراجة عناد عند إنزالها وإصطدامها بالأرض بنشرت، قفز شجاع من صندوق السيارة فجمع الدراجات وعاد بها لمكان القدر وعند وصوله لم يجد إلا مروان أما بقية الشلة فقد أكملوا فرارهم وإستمر أبو بندر بمطاردة فلولهم يساعدهم في التخفي عنه قصر نظره.
جلس شجاع وجلس مروان بجانبه وهم ينظرون إلى دراجاتهم وقدرهم بحزن،قال شجاع:يارجال خلنا نتغداء وبعدين نمشي!
نظر إليه مروان وإستجاب لأمره وقام بفتح غطاء القدر حيث لاقى بعض الصعوبة في فتحه،تناولوا وجبتهم اللذيذة بنهم وحذر خوفآ من عودة أبو بندر،إنتهى شجاع ومروان من غدائهم وأشار مروان على شجاع بإصلاح دراجة عناد في موقع الحدث لتسهل عليهم قيادتها لأنها بقيت بدون سائق فأمتثل شجاع لأمره وقاموا بفك العجلة ورقعها وتركيبها وأخذ مروان يقود دراجته بيده اليمنى ودراجة عناد بيساره وشجاع يقود دراجته بيمينه ودراجة مصيول بيسارة وإتجهوا للقرية ودخلوها فكان أول من صادفهم هو عناد فأخبروه بنبأ دراجته وخبر إصلاحها فأتهمهم بتعمد تعطيلها حتى تصبح غير سريعة!
إنصدموا من التهمة الغير متوقعه ولكنهم لم يلقوا لها بالآ.
إتجهوا بعد عناد إلى بيت مصيول وسلموه دراجته ورجع كل منهم لبيته معلنين بذلك نهاية كشتة حزينة لكنها ممتعة!
**أصبح صياح يدير مجلس إدارة شركته المتواضعة وكان خالد من أعز أصدقائه المقربين وعلاقتهم تتطور كل يوم إلى الأفضل،إلى أن سلمه صياح أكثر المهام الإدارية وبعد فترة لاحظ صياح تغير خالد الذي ساءت نفسيته وقل إنتاجه العملي فطلبه صياح في مكتبه الخاص وسأله عن هذا التغير المفاجيء الذي طراء عليه وطلب منه أن يجاوبه بصراحة وبدون مجاملات،بداية تردد خالد ولكن إلحاح صياح أخذ يحاصره فأجابه خالد بصوت حزين وقال:أنا ياصياح لي قصة طويلة عشتها منذ الطفولة مع بنت عم لي تسمى ندى وكان بيتنا في جوار بيت أبيها وكنت أحلم بأن تكون زوجة المستقبل على سنة الله ورسوله وأحسست إنها تبادلني نفس الشعور ولكن مع الأيام توفت والدتها وتزوج أبوها بأخرى فتبدلت الحال وضاق المجال فقد كرهتني خالتها كرهآ شديدآ لا أعرف له سببآ وقد تطورت القصة إلى أن وصلت القضية إلى تحريض عمي علي وكان يحبها حبآ عظيمآ ولايستطيع أن يعصي لها أمرآ،كنت قبل ذلك أحظى بتقدير عمي الذي يميزني به بين أخواني وأبناء عمومتي أما الآن فإنه لايطيق رؤيتي، وأحترت في أمري وأنقطعت أخبار ندى عني فلا أعلم هل هي على ماعهدتها عليه؟أم إنه غيرها ماغير أبيها وأصبحت تكرهني!
فالأمل عندي مفقود!
وأرسلت لها رسائل لم تحظى بالردود!
فياليت شعري هل ندى ستعود!
-فإلتفت إليه صياح وقد أدرك حجم معاناة صديقه وقال له:
إسمع ياخالد لاتشيل هم وأنا أخوك وإعتبرني ذراعك الأيمن واللي تبيه لازم يصير!
إن بغيته بجاه رجال!
وإن بغيته بخشم ريال!
أهم شيء ريح بالك وأنا أخوك!
-نظر إليه خالد الذي لم يتوقع إن ردة فعل صياح ستكون بهذه الأهمية وقال:
ياصياح أنا مأبي أتعبك معي وأدخلك في مشاكلي العائلية!
وأنا مالاحقني فيك شك وأنا أخوك!