عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 26-01-2008, 12:49 AM
بن عبس
عضو شبكة عبس
رقم العضوية : 761
تاريخ التسجيل : 29 / 12 / 2006
عدد المشاركات : 73
قوة السمعة : 18

بن عبس بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي
ثم إن فتىً من عبس يقال له ورد ابن مالك أتى حذيفة فجلس إليه فقال له ورد‏:‏ لو اتخذت من خيل قيس فحلًا يكون أصلًا لخيلك‏.‏

فقال حذيفة‏:‏ خيلي خير من خيل قيس ولجا في ذلك إلى أن تراهنا على فرسين من خيل قيس وفرسين من خيل حذيفة والرهن عشرة أذواد‏.‏

وسار ورد فقدم على قيس بمكة فأعلمه الحال فقال له‏:‏ أراك قد أوقعتني في بني بدر ووقعت معي وحذيفة ظلوم لا تطيب نفسه بحق ونحن لا نقر له بضيمٍ‏.‏

ورجع قيس من العمرة فجمع قومه وركب إلى حذيفة وسأله أن يفكر الرهن فلم يفعل‏.‏

فسأله جماعة فزارة وعبس فلم يجب إلى ذلك وقال‏:‏ إن أقرقيس أن السبق لي وإلا فلا فقال أبو جعدة الفزاري‏:‏ آل بدرٍ دعوا الرّهان فإنّا قد مللنا اللجاج عند الرهان ودعوا المرء في فزارة جارًا إنّ ما غاب عنكم كالعيان ليت شعري عن هاشم وحصين وابن عوف وحارث وسنان حين يأتيهم لجاجك قيسًا رأي صاحٍ أتيت أم نشوان وسأل حذيفة إخوته وسادات أصحابه في ترك الرهان ولج فيه وقال قيس‏:‏ علام تراهنني قال‏:‏ على فرسيك داحس والغبراء وفرسي الخطار والحنفاء وقيل‏:‏ كان الرهن على فرسي داحس والغبراء‏.‏

قال قيس‏:‏ داحس أسرع‏.‏

وقال حذيفة‏:‏ الغبراء أسرع وقال لقيس‏:‏ أريد أن أعلمك أن بصري بالخيل أثقب من بصرك والأول أصح‏.‏

فقال له قيس‏:‏ نفس في الغاية وارفع في السبق‏.‏

فقال حذيفة‏:‏ الغاية من أبلى إلى ذات الإصاد وهو قدر مائة وعشرين غلوةً والسبق مائة بعير وضمروا الخيل‏.‏

فلما فرغوا قادوا الخيل إلى الغاية وحشدوا ولبسوا السلاح وتركوا السبق على يد عقال ابن مروان بن الحكم القيسي وأعدوا الأمناء على إرسال الخيل‏.‏

وأقام حذيفة رجلًا من بني أسد في الطريق وأمره أن يلقى داحسًا في وادي ذات الإصاد إن مر به سابقًا فيرمي به إلى أسفل الوادي‏.‏

فلما أرسلت الخيل سبقها داحس سبقًا بينًا والناس ينظرون إليه وقيس وحذيفة على رأس الغاية في جميع قومهما‏.‏

فلما هبط داحس في الوادي عارضه الأسدي فلطم وجهه فألقاه في الماء فكاد يغرق هو وراكبه ولم يخرج إلا وقد فاتته الخيل‏.‏

وأما راكب الغبراء فإنه خالف طريق داحس لما رآه قد أبطأ وعاد إلى الطريق واجتمع مع فرسي حذيفة ثم سقطت الحنفاء وبقي الغبراء والخطار فكانا إذا أحزنا سبق الخطار وإذا أسهلا سبقت الغبراء‏.‏

فلما قربا من الناس وهما في وعث من الأرض تقدم الخطار فقال حذيفة‏:‏ سبقك يا قيس‏.‏

فقال‏:‏ رويدك يعلون الجدد فذهبت مثلًا‏.‏

فلما استوت بهما الأرض قال حذيفة‏:‏ خدع والله صاحبنا‏.‏

فقال ثم إن الغبراء جاءت سابقة وتبعها الخطار فرس حذيفة ثم الحنفاء له أيضًا ثم جاء داحس بعد ذلك والغلام يسير به على رسله فأخبر الغلام فيسًا بما صنع بفرسه فأنكر حذيفة ذلك وادعى السبق ظالمًا وقال‏:‏ جاء فرساي متتابعين ومضى قيس وأصحابه حتى نظروا إلى القوم الذين حبسوا داحسًا واختلفوا‏.‏

وبلغ الربيع بن زياد خبرهم فسره ذلك وقال لأصحابه‏:‏ هلك والله قيس وكأني به إن لم يقتله حذيفة وقد أتاكم يطلب منكم الجوار أما والله لئن فعل ما لنا من ضمه من بد‏.‏

ثم إن الأسدي ندم على حبس داحس فجاء إلى قيس واعترف بما صنع فسبه حذيفة‏.‏

ثم إن بني بدر قصروا بقيس وإخوته وآذوهم بالكلام فعاتبهم قيس فلم يزدادوا إلا بغيًا عليه وإيذاءً له‏.‏

ثم إن قيسًا وحذيفة تناكرا في السبق حتى هما بالمؤاخذة فمنعهما الناس وظهر لهم بغي حذيفة وظلمه ولج في طلب السبق فأرسل ابنه ندبة إلى قيس يطالبه به فلما أبلغه الرسالة طعنه فقتله وعادت فرسه إلى أبيه ونادى قيس‏:‏ يا بني عبس الرحيل‏!‏ فرحلوا كلهم ولما أتت الفرس حذيفة علم أن ولده قتل فصاح في الناس وركب في من معه وأتى منازل بني عبس فرآها خاليةً ورأى ابنه قتيلًا فنزل إليه وقبل بين عينيه ودفنوه‏.‏وكان مالك بن زهير أخو قيس متزوجًا في فزارة وهو نازلٌ فيهم فأرسل إليه قيس‏:‏ أني قد قتلت ندبة بن حذيفة ورحلت فالحق بنا وإلا قتلت‏.‏

فقال‏:‏ إنما ذنب قيس عيه ولم يرحل فأرسل قيس إلى الربيع ابن زياد يطلب منه العود إليه والمقام معه إذ هم عشيرة وأهل فلم يجبه ولم يمنعه وكان مفكرًا في ذلك‏.‏

ثم إن بني بدر قتلوا مالك بن زهير أخا قيس وكان نازلًا فيهم فبلغ مقتله بني عبس والربيع بن زياد فاشتد ذلك عليهم وأرسل الربيع إلى قيس عينًا يأتيه بخبره فسمعه يقول‏:‏ أينجو بنو بدرٍ بمقتل مالك ويخذلنا في النائبات ربيع وكان زيادق قبله يتّقى به من الدهر إن يومٌ ألمّ فظيع فقل لربيعً يحتذي فعل شيخه وما النّاس إلاّ حافظٌ ومضيع وإلاّ فما لي في البلاد إقامةٌ وأمر بني بدرٍ عليّ جميع فرجع الرجل إلى الربيع فأخبره فبكى الربيع على مالك وقال‏:‏ منع الرّقاد فما أغمّض ساعةً جزعًا من الخبر العظيم الساري أفبعد مقتل مالك بن زهير يرجو النساء عواقب الأطهار من كان مسرورًا بمقتل مالكٍ فليأت نسوتنا بوجه نهار يضربن حرّ وجوههنّ على فتىً ضخم الدسيعة غير ما خوّار قد كنّ يكننّ الوجوه تستّرًا فاليوم حين برزن للنظّار وهي طويلة‏.‏

فسمعها قيس فركب هو وأهله وقصدوا الربيع بن زياد وهو يصلح سلاحه فنزل إليه قيس وقام الربيع فاتنقا وبكيا وأظهرا الجزع لمصاب مالك ولقي القوم بعضهم بعضًا فنزلوا‏.‏

فقال قيس للربيع‏:‏ إنه لم يهرب منك من لجأ إليه ولم يستغن عنك من استعان بك وقد كان لك شر يومي فليكن لي خير يوميك وإنما أنا بقومي وقومي بك وقد أصاب القوم مالكًا ولست أهم بسوء لأني إن حاربت بني بدر نصرتهم بنو ذبيان وإن حاربتني خذلني بنو عبس إلا أن تجمعهم علي وأنا والقوم في الدماء سواءٌ قتلت ابنهم وقتلوا أخي فإن نصرتني طمعت فيهم وإن خذلتني طمعوا في‏.‏

فقال الربيع‏:‏ يا قيس إنه لا ينفعني أن أرى لك من الفضل ما لا أراه لي ولا ينفعك أن ترى لي ما لا أراه لك وقد مال علي قتل مالك وأنت ظالم ومظلوم ظلموك في جوادك وظلمتهم في دمائهم وقتلوا أخاك بابنهم فإن يبؤ الدم بالدم فعسى أن تلقح الحرب أقم معك وأحب الأمرين إلي مسالمتهم ونخلو بحرب هوازن‏.‏

وبعث قيس إلى أهله وأصحابه فجاؤوا ونزلوا مع الربيع وأنشدهم عنترة بن شداد مرثيته في مالك‏:‏ فليتهما لم يطعما الدهر بعدها وليتهما لم يجمعا لرهان وليتهما ماتا جميعًا ببلدةٍ وأخطاهما قيسٌ فلا يريان لقد جلبا جلبًا لمصرع مالكٍ وكان كريمًا ماجدًا لهجان وكان إذا ما كان يوم كريهةٍ فقد علموا أنّي وهو فتيان وكنّا لدى الهيجاء نحمي نساءنا ونضرب عند الكرب كلّ بنان فسوف ترى إن كنت بعدك باقيًا وأمكنني دهري وطول زماني فأقسم حقًّا لو بقيت لنظرة لقرّت بها عيناك حين تراني وبلغ حذيفة أن الربيع وقيسًا اتفقا فشق ذلك عليه واستعد للبلاء‏.‏

وقيل‏:‏ إن بلاد عبس كانت قد أجدبت فانتجع أهلها بلاد فزارة وأخذ الربيع جوارًا من حذيفة وأقام عندهم‏.‏

فلما بلغه مقتل مالك قال لحذيفة‏:‏ لي ذمتي ثلاثة أيام‏.‏


Facebook Twitter