إسناد المطر إلى الأنواء وسب الدهر
"وكذلك القول مطرنا بنوء كذا ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن عتبة بن زيد بن خالد الجهني قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر السماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب وأما من قال : مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ". رواه مسلم
والأنواء هي الكواكب وأوضاع أبراج السماء ونجومها وتغيرها كل شهر وموسم وكان العرب وغيرهم ينسبون لها نزول الأمطار وخروج الزرع، وما هي إلا قرائن وعلامات لحساب أوان احتمال المطر والله المنزل له .
قال النووي : النوء من ناء إذا سقط وغاب.
وقيل : نهض وطلع وعرف ذلك بثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها ، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر ، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعة ، وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منها .
قال الأصمعي : إلى الطالع منها.
فقوله صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الله تعالى ـ " مؤمن بي " لأنه نسب الفعل إلى فاعله الذي
لايقدر عليه غيره لأنه قال : مطرنا بفضل الله ورحمته وقوله : كافر بي " إذا اعتقد أن للنوء تأثيرا في نزول المطر من دون الله تعالى فهذا كفر لأنه شرك في الربوبية والمشرك كافر وإن لم يعتقد لها تأثيرا فلا يكفر.
ســـــب الدهـــــر
وليحذر المؤمن أيضا من سب الدهر .
فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى : " يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار "
وفي رواية : أقلب ليله ونهاره وإذا شئت قبضتهما " رواه البخاري ومسلم وغيرهما
وفي رواه لمسلم " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر "
قال الحافظ : معنى الحديث أن العرب كانت إذا أنزلت بأحدهم نازلة وأصابته مصيبة أو مكروه يسب الدهر اعتقادا منهم أن الذي أصابه فعل الدهر، فكان هذا كاللعن للفاعل ولا فاعل لكل شيء إلا الله تعالى.
فمن سب الدهر قاصدا من يصرف حوادث الدهر فقد أشرك لأنه لا يملك تقلبات الدهر إلا الله تعالى ، ومن سب الله تعالى فقد كفر ، وإن لم يكن قاصدا ذلك بل هو متسخط على أحوال الأيام والليالي فقد أخطأ خطأ كبيرا يجب أن يقلع عنه لأن ذلك يتنافى والرضا بالقضاء والقدر والتسليم لشؤون الله تعالى في خلقه ." اهـ 1/38
وصل الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه و صلى وسلم على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون صلاةً وتسليماً دائمين متلازمين مع البركات
والحمد لله رب العالمين
آخر تعديل بواسطة الاجهر ، 29-12-2007 الساعة 09:35 PM.
|