عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 11  ]
قديم 29-12-2007, 09:11 PM
الاجهر
كبير المـراقـبـيـن
الصورة الشخصية لـ الاجهر
رقم العضوية : 146
تاريخ التسجيل : 27 / 8 / 2006
عدد المشاركات : 12,470
قوة السمعة : 31

الاجهر بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي
أسباب الجحود والإنكار


"إن الذين جادلوا في الله بغير علم شرذمة آثمة سيطرت عليهم الشهوات الدنيئة فبرروا سقوطهم في ‏حمأة الرذيلة بالإنكار حتى لا يسألهم أحد ولا يسألوا أنفسهم فيظلوا في لهوهم الحقير سائرين وفي الملذات ‏الحيوانية منهمكين .‏


لهذا لم يكن كل قصد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام متجها إلى إثبات وجود الله تعالى فهذا ‏أمر فطري ومسلم به وإنما كان جل قصدهم تصفية العقيدة في الله تعالى مما شابها من أدران الشرك ‏وضلالات الوثنية.‏


وإن الدلائل على وجود الله تعالى أسطع من الشمس في رابعة النهار فلماذا نرى من يقولون إن ‏هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر والحقيقة أن أسباب جحودهم ترجع إلى أسباب ‏كثيرة أهمها :‏


الإغراق في الماديات ، والانهماك في الشهوات:‏


فمن الأسباب الأساسية الحاجبة عن الإيمان هو الانحصار في دائرة المحسوسات التي يعيش فيها ‏الأطفال الصغار لأنهم يقولون: إذا كان الله موجودا فلماذا لا نراه بأعيننا ولا ندركه بحواسنا ، كما ‏نرى وندرك سائر المحسوسات وكيف يصح أن نؤمن بما لا نراه ، وهذا الحكم باطل وساقط في نظر ‏الإنسان الذي استعمل عقله وفكره لأن حصر الموجودات فيما يرى الإنسان ويحسه فقط رأي فاسد ‏فهناك موجودات كثيرة لا تحس ولا ترى كما أن تحصيل المعرفة عن طريق الحس فقط وهم وضلال ‏لأن من وسائل المعرفة البدهية : الفطرة والعقل والنظر والبصيرة والوجدان.‏


فإن علماء الفلك يقدرون وجود كواكب بعيدة عنا بملايين السنين الضوئية ويحددون مواقعها ‏والأبعاد بين بعضها البعض بدون رؤية واضحة بالحس والمشاهدة ولكنه الاستدلال بالأثر على ‏المؤثر، فهم قد وصلوا إلى معرفة هذه الكواكب البعيدة بآثارها لا بذواتها ، فلمَ نسلم لهم ونؤمن بما لم ‏يروه ولم يحسوه؟ مع أنهم عرفوا ذلك بالمنطق الرياضي الذي يعتمد على الأرقام والاستنتاج العقلي ، ‏وكذلك علماء الذرة الذين استخدموا قوانين الطاقة مع أنهم لم يروا الذرة حتى الآن ، وإنما آخر ما ‏وصلوا إليه أنهم رأوا ظلها أو خيالها بالمكبرات الهائلة.‏


وهكذا في الكهرباء وغيرها من الأمور الكثيرة التي صدق العلماء بوجودها مع أنهم لم يروها رأي ‏العين ، فلمَ نصدق بهذا الاستدلال العلمي وما فيه من الاستدلال بالآثار في مجال علوم الطبيعية ‏والفلك ولا نصدق به ونستخدمه في وسائل المعرفة بأمور الدين والآخرة .



التقليد الأعمى البغيض :‏


والتقليد الأعمى من أسباب الكفر والضلال لأنه يفقد الإنسان عقله وشخصيته ويجعله يفكر بتفكير ‏غيره ويعيش إمعة لا رأي له يؤمن بما آمن به آباؤه وأهل بيئته ، ويسلم زمام نفسه إليهم ، فيهوى في ‏جحيم الحيرة والشكوك ويتردى في عذاب الخزي والحرمان ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في ‏قوله تعالى : ‏{‏ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ ‏لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ‏}‏ سورة البقرة : آية : 170‏وبين لنا سبحانه حال زعماء الكفر وتابعيهم يوم القيامة بقوله تعالى:‏ {‏ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ ‏الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا ‏تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ‏} سورة البقرة ، آية : 166/167‏



العناد والغفلة :‏


ومن أشد هذه الحجب وأجلها خطرا العناد والغفلة لأن الأدلة لن تقنع هؤلاء المعاندين الذين يصمون ‏آذانهم لئلا يصل إليهم صوت الحق ويغمضون أعينهم لئلا تبصر نور المعرفة ويقفلون قلوبهم وأفئدتهم ‏لكيلا تمتد إليها أضواء الإيمان الساطعة ، فهم يجادلون بالباطل لا ليعرفوا الصواب وإنما هي ‏المكابرة والجحود وقد كشف الله حقيقتهم .بقوله جل جلاله :‏ {‏ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ ‏لَكَاذِبُونَ ‏} سورة الإنعام ، آية : 28‏


أي ولو ردوا إلى الدنيا كما يزعمون لرجعوا إلى الكفر إطاعة لأهوائهم ، وانهم لكاذبون في ادعائهم ‏الإيمان لو عادوا إليها فجدالهم إنما هـــو للباطل والعناد.‏


قال تعالى :‏‎ {‏ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِير.ٍ ثَانِيَ عِطْفِهِ ‏لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ‏}سورة الحج ، آية : 8‏


لقد ظهر عناد الكفار والمشركين الضالين فطلبوا أن ينزل عليهم كتابا من السماء فيلمسوه بأيديهم ‏ويسمعوا كلام الملائكة الذين يشهدون بنبوته صلى الله عليه وآله وسلم فرد الحق تعالى على ‏ضلالاتهم وإفكهم بقوله سبحانه:‏{‏ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ ‏كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } سورة الأنعام ، آية : 7‏


وبين سبحانه عنادهم ومكابرتهم بقوله سبحانه وتعالى : ‏{‏ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا ‏فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ‏} سورة الحجر ، آية : 14 ‏وبذلك يتبين لنا أن كل الأدلة لا تكفي لإقناع من سفه نفسه وأغلق قلبه وأصر على العناد والكفران ‏وإن كل شيء في الأرض أو في السماء حولنا لهاد لمن يريد الوصول إلى سبيل الحق والاهتداء إلى ‏طريق النجاة ومعرفة الواحد الأحد الذي ظهر في خلقه بآيات إبداعه وإتقان صنعه ، قال تعالى ‏‏:‏ { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ‏} سورة الذاريات ، آية : 21‏




ولله في كل تحريكــــة ‏ = وفي كل تسكينة شـــاهد
وفي كل شيء له آيـــة ‏ = ‏ ‏ تدل على أنه الواحــــد‏

1
2 ولـلـه فــي كــل تـحـريـكــة ii‏ وفـي كـل تـسـكـيـنـة شـاهـد
وفـي كــل شــيء لــه آيــة ii‏ ‏ ‏ تــدل عـلــى أنــه الـواحــد‏





وكذلك الغفلة التي طمست عقول بعض الناس وأصابت مداركهم بالشلل وقلوبهم بالعمى فعطلت ‏الفكر والمعرفة لديهم فكان كل مقصدهم إرواء الغرائز وإشباع الشهوات والتمتع بأنواع المتع الحيوانية ‏كالأنعام.‏


وهؤلاء قد بينهم الله تعالى بقوله :‏{‏ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا ‏يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ ‏هُمُ الْغَافِلُونَ ‏} ‏ سورة الأعراف ، آية : 179‏


فحقا هم أضل من الأنعام السائمة ، لأن الأنعام لم توهب من العقل والمعرفة وسائر النعم ما منحوا، ‏ومع ذلك فهي تقوم بوظيفتها التي خلقت لها ولا تنازع ولا تغفل عن أداء مهمتها فالإنسان الغافل عن ‏معرفة ربه هو شر من الدواب وأقل منزلة وأضل سبيلا من البهائم لأنه غفل عن سر الله فيه ولم ‏يستعمل عقله وفكره فيما خلق له في هذه الحياة الدنيا.‏" اهـ


توقيع الاجهر

 

 



Facebook Twitter