عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 4  ]
قديم 29-12-2007, 08:56 PM
الاجهر
كبير المـراقـبـيـن
الصورة الشخصية لـ الاجهر
رقم العضوية : 146
تاريخ التسجيل : 27 / 8 / 2006
عدد المشاركات : 12,470
قوة السمعة : 31

الاجهر بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي
مكانة الشهادتين في الإسلام


"إن الإيمان بالشهادتين في الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله شرط في دخول ‏الإسلام ويستلزم الإيمان بهما القيام بمبادئ الإسلام واعتقاد أركان الإيمان.‏


فقد روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن الإسلام بني على خمس ‏‏: " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، ‏وحج البيت ".‏ أخرجه أحمد والبخاري ومسلم


فهذا الحديث النبوي الشريف يوضح أركان الإسلام والأسس التي يقوم عليها بنيانه وأن أول هذه ‏الأركان هو الإقرار التام والإذعان الكامل والنطق بالشهادتين ، وهذا هو المقصود بيانه والاستفاضة ‏فيه لأنه الركن الركين ، والحصن الحصين ، وأساس العقيدة الإسلامية وعليه تبنى جميع الأحكام ولا ‏يقبل الله من العبد باقي الأركان من الصلاة والزكاة والصيام والحج إلا بعد الإتيان به ، وهذا الركن ‏الأساسي الذي هو الشهادتان تستلزم معرفته أركان الإيمان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ‏واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى وقد بينها الحديث النبوي الجامع للإسلام ‏والإيمان.‏


فعـن عمر رضي الله عنه قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ‏يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه ‏منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على ‏فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ‏وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ان استطعت إليه سبيلا "‏
قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان؟ ‏
قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ".‏
قال : صدقت : فأخبرني عن الإحسان ؟
قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".‏
قال : فأخبرني عن الساعة؟
قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ".‏
قال : فأخبرني عن أماراتها ؟
قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " .‏
ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال :‏
‏" يا عمر أتدرى من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ".‏ رواه مسلم


فهذا الحديث الشريف من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه عليه ، لأنه جمع الإسلام والإيمان ‏والإحسان وأشراط الساعة في إيجاز مركز محكم فقد كان الصحابة رضوان الله عنهم جلوسا عند ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهتدون بنوره ودخل عليهم رجل لا يعرفونه شديد بياض الثياب ‏شديد سواد الشعر ، لم يعلق بشيء من ثيابه ولا من جسمه غبار ، ورأوه يجلس أمام الرسول صلوات ‏الله وسلامه عليه جلسة من له معرفة وصلة وثيقة بينه وبينه فهو يسند ركبتيه إلى ركبتيه ويضع يديه ‏على فخذيه ويوجه الخطاب إليه قائلا:‏


أخبرني عن الإسلام؟ أي عما يتحقق به من الأعمال التي من عملها يحكم عليه بأنه مسلم له ما ‏للمسلمين وعليه ما عليهم ، فأخبره صلوات الله وسلامه عليه بأن الإسلام يتحقق لمن نطق بالشهادتين.‏


‏ وهذه هي الدعامة الأولى : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إقراراً بلسانه مع ‏التصديق بالقلب بأنه لا معبود بحق إلا الله الذي اتصف بجميع صفات الكمال وتنزه عن جميع ‏النقائص ، فلم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ، بل هو الله الواحد الأحد، الذي لم ‏يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأنه سبحانه وتعالى المنفرد بالإيجاد والإمداد ولا نافع ولا ضار ‏سواه لأنه وحده الذي يملك الرزق والأجل والسعادة والشقاء فلا ينبغي الخوف إلا منه ولا الخضوع ‏إلا له ، ولا التذلل إلا بين يديه جل جلاله وعز سلطانه.‏


وهذا ما سيأتي تفصيله فيما بعد إن شاء الله تعالى ويسمى بالإلهيات.‏


فهذا الحديث الشريف بين أيضا أن رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عامة وباقية ‏والاعتراف له صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الإيمان بجميع الرسل والأنبياء وأن المؤمن لا يكون ‏مؤمنا إلا إذا كان مؤمنا بجميع ما جاء به صلى الله عليه وآله وسلم مما هو معلوم من الدين ‏بالضرورة، وهذا ما يسمى في علم التوحيد بالنبوات والسمعيات .


‏ والدعامة الثانية : " وتقيم الصلاة " أي تؤديها بخشوعها في أوقاتها ، مستوفية جميع الشرائط ‏والأركان لأنها عماد الدين والفرق الواضح بين المؤمن والكافر وأول شيء يسأل عنه العبد يوم ‏القيامة.‏


والدعامة الثالثة : " وتؤتي الزكاة " وهي من أهم أركان الإسلام ولذلك قال سيدنا أبو بكر رضي ‏الله عنه: " لأقاتلن من يفرق بين الصلاة والزكاة"‏


وهي مطلوبة في الزروع والثمار عند الحصاد إذا بلغت نصابا وفي النعم السائمة من الإبل والبقر ‏والغنم التي ترعى في كلأ مباح إذا بلغت النصاب وفي عروض التجارة والنقود التي يحول عليها ‏الحول إذا بلغت النصاب وكذلك زكاة الفطر في رمضان


والدعامة الرابعة : " وتصوم رمضان ، والصيام فريضة يجب أداؤها متى توفرت شروط وجوبها ‏وهي الإسلام والبلوغ والعقل والقدرة على الصوم كما جاء في الشريعة المطهرة من أحكام مفصلة ‏للصوم .‏


والدعامة الخامسة : " وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " لأن الحج مفروض على المستطيع مرة ‏واحدة في العمر.‏


فقد روى الإمام مسلم عن أبي رضي الله عنه هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى ‏الله عليه وآله وسلم فقال: " يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل : أكل عام ‏يارسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لو قلت نعم لوجبت ‏ولما استطعتم "‏


وتتحقق الاستطاعة بوجود النفقة والزاد وأمن الطريق والقدرة الجسمية وغير ذلك وللحج ميقاته ‏الزماني المحدد قال الله تعالى : ‏{‏ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ‏} سورة البقرة ، آية : 197‏


وتلك الأركان الأربعة هي من مباحث علم الفقه الإسلامي.‏


ودهش الصحابة حين قال الزائر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقت كأنما يسأله عن شيء ‏معلوم له ، ثم انتقل من هذا السؤال إلى السؤال عن الإيمان ، أي عما يصير به الإنسان مؤمنا به ‏إيمانا منجيا من العذاب مستجلباً للرحمة ودخول الجنة ، فأجابه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبين ‏له أركانه الستة وهي :‏


الإيمان بالله : وهو التصديق القلبي بوحدانية الله تعالى وقدرته وإرادته وأسمائه وصفاته ، ‏واتصافه بصفات الكمال والجمال والجلال ، وأنه منزه عن كل نقص . ‏

والإيمان بالملائكة : كما وصفهم الله تعالى أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما ‏يشاء وهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ولا يوصفون بذكورة ولا ‏بأنوثة ولهم رسالات يؤدونها كالنزول بالوحي على الأنبياء ، وكتابة الحسنات والسيئات وقبض ‏الأرواح وسؤال القبر وخزنة الجنة وخزنة النار وهكذا.‏

والإيمان بالكتب المنزلة : وهي الزبور والتوراة والإنجيل، وأن جميعها نسخت بالقرآن ، فهو ‏المهيمن عليها والمصدق بها والصحف المنزلة كصحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.‏

والإيمان بجميع الرسل والأنبياء : وأنهم بشر معصومون اختصهم الله برسالته إلى الخلق ‏يدعونهم إلى التوحيد والطاعة ، ويجب أن يتصفوا بالصدق والأمانة والتبليغ والفطانة ويستحيل عليهم ‏الكذب والخيانة والكتمان والبلادة ويجوز عليهم الأعراض البشرية كالنسيان والأمراض التي لا تخل ‏بكرامتهم وأن الله تعالى ختمهم بأفضل الخلائق جميعا وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ‏ورسالته باقيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.‏

والإيمان باليوم الآخر : وما فيه من حشر ونشر وثواب وعقاب وحساب وميزان وصراط وما ‏ورد بشأنه في الكتاب الكريم وصحيح السنة النبوية الشريفة.‏

والإيمان بالقضاء والقدر : أي أن الله تعالى قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه ما سيقع من ‏العباد في أوقات معلومة وأمكنة محدودة على حسب ما قدره الله تعالى من خيرها وشرها حلوها ‏ومرها ، وكل إنسان ميسر لما خلق له ولله الحجة البالغة على خلقه ، لأن الله تعالى يحاسب على ‏الكسب الاختياري وهو سبحانه الخالق للعباد وأعمالهم.‏


ثم انتقل السائل فسأل عن الإحسان فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أن تعبد الله كأنك تراه، ‏فان لم تكن تراه فإنه يراك ".‏


أي الإحسان : أن تطيع الله تعالى وأنت مخلص في عبادته خاضع لجلاله كأنك تعاينه ، فإن لم ‏تكن في عبادتك كأنك تراه ، بأن غفلت عن المشاهدة فاستمر على إحسان العبادة واستحضر أنك بين ‏يدي الله تعالى وأنه مطلع على سرك وعلانيتك لتحصل لك المراقبة التي تجلب الخشية .‏


ثم سأل بعد ذلك عن الساعة فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه مثله في ذلك ، يستويان لأن ‏علمها عند الله تعالى ، فقال : أخبرني عن أماراتها ؟ أي علاماتها قال صلى الله عليه وآله وسلم: "أن ‏تلد الأمة ربتها" أي سيدتها فهو إخبار بأحوال ستكون فيما بعد من كثرة العقوق أو إكثار الناس من ‏إنجاب الأولاد ممن دونهم كالجارية التي تحمل ابنة تكون لها ربة وسيدة.‏


ومن أمارات الساعة أيضا : " أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " أي ‏أن تقبل الدنيا على كثير من الفقراء الذين لم يكن لهم عمل إلا رعي الإبل والغنم فكانوا لذلك حفاة ‏الأقدام عليهم ثياب بالية لا تكاد تواري الأجسام فإذا بهم وقد كثرت أموالهم ، ونمت ثروتهم ، ‏وصاروا يتطاولون في البنيان فخرا وعجباً أي يرفعون البنيان بدون حاجة.‏


وقيل معناه : أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة يرتقون في البنيان والدنيا تبسط لهم ‏حتى يتفاخروا بالبنيان ويشتغلوا عن أوامر الله تعالى.‏


فلما أتم السائل أسئلته بادر بالانصراف حتى اختفى عن الأبصار.‏


ومعنى " فلبثت مليا " أي مكثت وقتا طويلا وهو سيدنا رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله ‏عنه راوي الحديث . ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت "الله ‏ورسوله أعلم. قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " وفي هذا دليل على ان الإسلام والإيمان ‏والإحسان تسمى كلها دينا.‏" اهـ




توقيع الاجهر

 

 



Facebook Twitter