مستشار قانوني مؤكدا لـ«عكاظ» حق المتضررين رفع دعاوى جماعية:
تسييل المحافظ الاستثمارية دون علم أصحابها تعسف في استعمال الحق
عكاظ (جدة)
هل يجوز للبنوك تسييل محافظ عملائها الذين حصلوا على تسهيلات بضمان جزء من قيمة محافظهم الاستثمارية بدون إشعارهم عندما تنخفض قيمة المحفظة لمقدار مبلغ التسهيل؟
وهل هذا التصرف لا ينطبق عليه التعسف في استعمال الحق؟
المستشار القانوني والمحكم الدولي المعتمد ياسر إمام الغندور يجيب على هذين السؤالين قائلا:
كلنا نعلم أن لصاحب الحق سلطة استعماله استعمالاً مشروعاً و يخول الحق الشخصي لصاحبه سلطة إجبار المدين على الوفاء بدينه .. مقيدا بعدم الضرر وعلى ذلك فلا يجوز أن تتخذ الحقوق وسيلة للاضرار بالعباد، ويجب أن يكون استعمالها مقيداً بعدم الإضرار بالفرد أو الجماعة وبأن لا يؤدي ذلك إلى الإضرار بصاحبها ضرراً جسيماً ، والشريعة الإسلامية أقامت نظرية عامة في التعسف في استعمال الحق حيث ينهي الحق سبحانه وتعالى عن التعسف لكثير من الحقوق كالطلاق والإيماء والتقاضي وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله “لا ضرر ولا ضرار” وهذا الحديث يعتبر مبدأ عاماً تقوم عليه نظرية التعسف.
ومن صور التعسف في استعمال الحق إذا أستعمل صاحب الحق حقه لتحقيق مصلحة قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب أبداً مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها .. ولمن يضار من هذا الاستعمال أن يطلب منعه أو يطالب بتعويضه عن الضرر الذي لحقه به جراء هذا التعسف.
و يضيف ان من الثابت قانونياً ونظامياً أن العلاقة بين المصرف وعميل الائتمان يحكمها عقد رضائي هو عقد الائتمان الذي يدخله الطرفان بكامل إرادتهما الحرة، ويتضمن العقد –عادة- علاقة نسبة وتناسب بين قيمة المبلغ المقترض وقيمة الضمان الذي يحجزه البنك ضماناً لسداد أصل مبلغ القرض.
فإذا ما نقصت قيمة الضمان عن حد معين يؤدى إلى اختلال تلك النسبة ، فإنه يحق للبنك – ضمن شروط العقد عادة – أن يطالب العميل بزيادة الضمان لإعادة تلك النسبة إلى سابق عهدها المتفق عليه ، فإذا لم يلتزم العميل بتقديم الضمان الإضافي ، فإنه يحق للبنك أن يقوم ببيع جزء من المحفظة بما يكفل إعادة التوازن حفاظاً على ضمان البنك. وفى تلك الحدود فإن البنك لا يعد مسيئا لاستعمال الحق طالما أنه لا يتصرف إلا طبقاً لشروط العقد وفى الحدود التي تحافظ على ، وتحمي ضمان أمواله المقترضة.
وعليه فإذا أصبحت قيمة المحفظة مقاربة لقيمة المبلغ المقترض فإن هذا يعنى ان ضمان البنك قد يتآكل ، ولم يعد لديه ضمان لسداد الفوائد ، مع انعدام أي ضمان لمخاطر المزيد من الهبوط لأسعار الأسهم ، وهنا يبدو للبنك مصلحة مشروعة في تسييل جزء من المحفظة لإعادة الضمان إلى الحدود المقبولة له وبالإجراءات المتفق عليها في عقد القرض.
أما إساءة استعمال الحق فتتطلب تصرفاً من البنك في كامل المحفظة أو في جزء كبير منها لا يتناسب مع حجم انخفاض قيمة المحفظة. وفى الواقع العملي ، لا يقوم البنك بالتصرف بالبيع في المحفظة إلا بعد الرجوع للعميل وإمهاله حتى يقدم الضمان الإضافي ، لأنه ليس من مصلحة البنك أن يفقد عميله أو يضر به لأن ذلك يعنى خسارة للبنك.
وعندما قامت البنوك بتسبيل المحافظ الاستثمارية لاسترداد أموالها بعد وصول السوق لمستويات منخفضة، لا يعطي للبنوك الحق في تسييل محافظ عملائها بدون إشعارهم عندما تنخفض قيمة المحفظة لمقدار مبلغ التسهيل، حيث يعتبر ذلك تعسفا من البنك في الحصول على حقه (الدين) لدى عملائه. فلا يحق للبنك أن يفعل ذلك طبقاً للعقد - وإنما يكون قد ارتكب خطأ عقدياً بمخالفة شروط العقد مما يترتب عليه نشوء حق العميل في التعويض عن الأضرار. والأمر الذي يوحي بتحمل البنوك جزءا كبيرا من المسؤولية في مضاعفة نزيف المؤشر العام للسوق.
وكان يتوجب على هيئة السوق المالية حينذاك التدخل من خلال دورها التنظيمي والرقابي لمنع الارتفاعات غير المبررة لأسعار أسهم بعض الشركات والعمل على حماية صغار المستثمرين من الفئات التي تسمى بهوامير الأسهم، بما تملكه الهيئة من صلاحيات في التحقيق والتفتيش وتوقيع العقوبات على المخالفين لأحكام السوق المالية ، الأمر الذي دعا المستثمرين إلى مطالبة مؤسسة النقد بسن إجراءات تنظم عملية تسييل المحافظ الاستثمارية المملوكة لهم، ومنع البنوك من التلاعب بحساباتهم المصرفية، بعد أن أصدرت لجنة فض المنازعات في منازعات الأوراق المالية السعودية أحكاماً في دعاوى رفعها بعض المستثمرين في سوق الأسهم ضد بنوك سيلت محافظ على وجه غير معتبر، وحيث بين رئيس لجنة فض المنازعات أن اللجنة أصدرت أحكاماً للمتضررين ضد هيئة السوق المالية نتيجة أخطاء إجرائية حيث حكم على الهيئة بتعديل الوضع دون الحكم بتعويض المستثمرين المتضررين.
وأخيراً يدعو الغندور لجنة فض المنازعات الى السماح بتوحيد قضايا المستثمرين المتضررين في قضية واحدة جماعية تتولاها لجنة تشكل من المحامين بالغرف التجارية.