عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 1  ]
قديم 08-01-2012, 02:11 PM
علاوي نجد
ضيف شبكة عبس
الصورة الشخصية لـ علاوي نجد
رقم العضوية : 13656
تاريخ التسجيل : 17 / 10 / 2011
عدد المشاركات : 11
قوة السمعة : 0

علاوي نجد بدأ يبرز
غير متواجد
 
019.gif الدكتور عبدالرحمن السميط...داعية الأدغال .. حان وقت الوفاء
(( سألقي عصا الترحال يوم أن تضمن الجنة لي، وما دمت دون ذلك فلا مفر من العمل. عبد الرحمن السميط ))

تقرير لجينيات : كانت أفريقيا تشتاق إليه أكثر من المطر فكان يحل عليها كالسيل الهادر عطاءًا وبرًا, وكان أطفال أفريقيا ينتظرونه كما ينتظرون الربيع, تتفجر ينابيع الخير من بين يديه فتفيض على كل من حوله, عاش يبحث عن البسمة يرسمها على وجوه الآخرين. يشبع إذا أكلوا ويرتوي إذا شربوا.

أشجار أفريقيا وأدغالها -حتى أفاعيها- تعرفه بتلاوة القرآن ودعوته لصراط الرحمن.

كان يحمل بين جنبيه نفسًا صافية ذات همة عالية يحترق قلبه غيرة على الإسلام وتترقرق الدمعة في عينه على كل مسكين حيران.

لم ينشغل بالخلافات والمجادلات بل كان إنسانًا عمليًا لا يشغله إلا نشر الخير راجيًا الثواب، شمر عن ساعد الجد ويمم وجهه شطر العمل مباشرًا تارك الكويت ورفاهيتها وأوربا وسحرها والمناصب العلمية وزهوها واختار القارة المنسية، ولكنها كانت بؤرة اهتمامه وتفكيره سد على المسلمين ثغرا وجد أنهم غفلوا عنه فأبلى بلاء حسنًا بفضل الله عليه.

إنه خادم فقراء أفريقا عبد الرحمن السميط.

ولد الشيخ عبد الرحمن السميط في 30 -ذو القعدة- 1366 هــ. الموافق 15 –أكتوبر- 1947م بالكويت, وكان الشيخ محبًا للقراءة والاطلاع منذ طفولته ومن فرط ذلك كان يلتقط حتى الأوراق من الشارع ليقرأها, ولما عرف طريق المكتبات توجه إليها فكان أول الداخلين لها وآخر من يخرج منها.

أورثه ذلك علمًا غزيرًا واطلاعًا واسعا في علوم الشريعة والمذاهب الفكرية الأخرى وكان كلما تعرف على المذاهب الأخرى يزداد فخرًا بالإسلام وعزًا بالانتماء إليه حيث أنه كان يرى أن الإسلام سبق جميع النظريات والأفكار وفاقها عدلاً وحسنًا.

كان محافظًا على الصلوات الخمس في جماعة وعرف بحسن خلقه وتدينه وكان مشتهرا بذلك بين أهل حيه.

درس الشيخ عبد الرحمن السميط في الكويت حتى المرحلة الثانوية ثم ابتعث في يوليو عام 1972م إلى جامعة بغداد للحصول على بكالوريوس الطب والجراحة, ثم توجه بعدها إلى جامعة ليفربول في بريطانيا للحصول على دبلوم أمراض المناطق الحارة في أبريل 1974 ومن بعدها إلى كندا ليتخصص في مجال الجهاز الهضمي والأمراض الباطنية في جامعة ماكجل ـ مستشفى مونتريال العام ـ في الأمراض الباطنية ثم في أمراض الجهاز الهضمي كطبيب ممارس من يوليو 1974م إلى ديسمبر 1978م ثم عمل كطبيب متخصص في مستشفى كلية الملكة في لندن من عام 1979 إلى 1980. ثم عاد إلى الكويت عاملاً فيها بعد سنين الخبرة في الخارج، حيث عمل أخصائياً في مستشفى الصباح في الفترة من 1980 - 1983م، ونشر العديد من الأبحاث العلمية والطبية في مجال القولون والفحص بالمنظار لأورام السرطان، الفتحة بين البنكرياس والقولون ـ نشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية في 1/04/1978م.سرطان بقايا المعدة بعد جراحة القرحة الحميدة ـ بحث قدم في مؤتمر الكلية الملكية للأطباء في كندا ـ مدينة كويبك ـ فبراير 1979م. الفحص بالمنظار للورم الأميبي بالقولون ـ نشر في مجلة منظار الجهاز الهضمي ـ عدد 3/1985م في الولايات المتحدة الأمريكية.

دراسة أهمية المنظار الطارئ في حالات نزيف الجهاز الهضمي (تطبيقات في 150حالة). “بحث ألقي في مؤتمر الجهاز الهضمي في مستشفى مونتريال لعام 1978م ”.

وفي وسط هذه الأجواء العلمية والتفوق الدراسي لم ينس الشيخ أحبابه من الفقراء والمحتاجين والدعوة إلى الله فقد كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ليقوم بتوزيعها على المساجد، وعندما حصل على منحة دراسية قدرها 42 دينارًا كان لا يأكل إلا وجبة واحدة وكان يستكثر على نفسه أن ينام على سرير رغم أن ثمنه لا يتجاوز دينارين معتبراً ذلك نوعا من الرفاهية.

وأثناء دراساته العليا في الغرب كان يجمع من كل طالب مسلم دولارًا شهرياً ثم يقوم بطباعة الكتيبات ويقوم بتوصيلها إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا.

بل لقد ضحى بكل هذه الشهادات والمناصب العلمية وقرر أن يهب نفسه وماله خالصًا لله فقرر ترك عمله في مجال الطب وذهب يبحث عن رفاق للعمل الخيري وركز على أفريقيا لخطر التنصير القائم بها ولعدم اهتمام كثير من الناس بها, وتوجه إلى المنظمات الحكومية ولكن لم تحقق له طموحه بنظامها الروتيني البطيء.

حتى منّ الله عليه بالسفر إلى أفريقيا لبناء مسجد لإحدى المحسنات الكويتيات في ملاوي، فرأى ملايين البشر يقتلهم الجوع والفقر والجهل والتخلف والمرض، ويشاهد وقوع المسلمين تحت المنصرين الذين يقدمون إليهم الفتات والتعليم لأبنائهم في مدارسهم التنصيرية، فتألم لهذا الوقع وقرر أن يقف أمام هذا الجيش من المنصرين يذود عن هذه البلاد المنسية من قبل المسلمين والتي يفتك التنصير بها.

فبدأ الشيخ المشوار فشارك في تأسيس فروع جمعية الطلبة المسلمين في مونتريال 1974- 1976، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت عام 1980م، واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة 1987م، وهو عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مؤسس في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضو في جمعية النجاة الخيرية الكويتية، وعضو جمعية الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الأفريقي، وعضو مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، وعضو مجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورئيس مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار ورئيس مجلس إدارة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا. ورئيس مركز دراسات العمل الخيري.

وما كان يسع أحد يقترب من هذا الرجل إلا أن يعجب به ويشاركه الهم وكان أول من تفاعل معه أهل بيته بل أصبحوا قادة في مجال العمل الخيري وأقربهم الزوجة الصالحة أم صهيب فقد تبرعت بجميع إرثها لصالح العمل الخيري، وأسست وشاركت في الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بكل نجاح وتميز, رحلت الزوجة الصالحة مع الشيخ إلى أفريقيا وتركت ديارها وأهلها لتسكن في بيت متواضع في قرية صغيرة.

تحمل الشيخ وأهل بيته الصعاب وربما الإهانات من أجل تبليغ دين الله تعالى ومساعدة الخلق, فيحكي أنه مر على قوم مجتمعين فجلس قريباً منهم من التعب الذي أصابه من طول السير فإذا بالقوم يقومون إليه واحدا واحدًا ويبصق على وجهه وبعد ذلك اكتشف أنها كانت محاكمة في القبيلة وممنوع الغرباء أن يحضروا.

كانت دموع الشيخ كثيرة على حال أهل أفريقيا ولكن كان أكثرها حينما يذهب إلى منطقة ويدخل بعض أبنائها في الإسلام ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم الذين ماتوا على غير الإسلام، وهم يسألون: أين أنتم يا مسلمون؟ ولماذا تأخرتم عنا كل هذه السنين؟.

وبعد هذا العمل الدءوب والجهد الجهيد لا تحسبن الشيخ قوي البنيان مفتول العضلات بل أصيب السميط - حفظه الله - بثلاث جلطات في الرأس والقلب إضافة إلى أنه مصاب بداء السكري ويعاني منه منذ فترة طويلة, وأصيب بالملاريا مرتين عندما كان في الكويت، ومصاب بجلطة في القلب عندما كان في الصومال وأجريت له عملية في الرياض, وكسرت فخذه وأضلاعه والجمجمة أثناء قيامه بأعمال إغاثة ومساعدة للمحتاجين في العراق, فضلاً عن آلام التي يعاني منها في قدمه وظهره, وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يومياً.

كل هذه الآلام لم تحل بين الشيخ وأهدافه ورحلة العطاء التي بدأها منذ أن كان شابًا, كانت تسكن الآلام بالدعوات التي ينالها الشيخ من أكثر من أحد عشر مليون مسلم دخلوا الإسلام على يديه أو من فقير أو مريض تضرع إلى الله بدوام الصحة والعافية لهذا الشيخ المبارك.

ولم يكن بلاء الشيخ في الأمراض المتعددة فحسب بل سجن وعذب –حفظه الله – فقد سجن السميط مرتين، الأولى في بغداد عام 1970 وكاد يعدم، والثانية عام 1990 أبان الغزو العراق للكويت. وقد عذب في بغداد حتى انتزعوا اللحم من وجهه، وكان صابرًا محتسبًا –حفظه الله- ويقول: كنت على يقـين مـن أنني لن أمـوت إلا فـي اللحظة التي كتبها الله لي.

نال الشيخ السميط العديد من الجوائز والشهادات من الملوك والرؤساء مثل:

جائزة الملك فيصل بن عبد العزيز لخدمة الإسلام والمسلمين عام 1996م.

وسام فارس العمل الخيري من إمارة الشارقة عام 2010 م.

جائزة العمل الخيري من مؤسسة قطر – دار الإنماء عام 2010 م.

جائزة العمل الخيري والإنساني من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم.

شهادة تقديرية من مجلس المنظمات التطوعية في جمهورية مصر العربية- القاهرة.

جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والإنسانية دبي ديسمبر 2006 م.

الدكتوراه الفخرية في مجال العمل الدعوي من جامعة أم درمان بالسودان في مارس 2003م.

وسام فارس من رئيس جمهورية بنين ـ 2004م.

جائزة الشارقة للعمل التطوعي والإنساني عام 2009 م.[13].

جائزة الشيخ راشد النعيمي حاكم إمارة عجمان عام 2001م.

وسام النيلين من الدرجة الأولى من جمهورية السودان عام 1999م.

وسام مجلس التعاون الخليجي لخدمة الحركة الكشفية عام 1999م.

وسام رؤساء دول مجلس التعاون الخليجي عن العمل الخيري عام 1986م.

وكان للشيخ العديد من الكتب والأبحاث والمؤلفات منها:

كتاب لبيك أفريقيا.

كتاب دمعة أفريقيا (مع آخرين).

كتاب رحلة خير في أفريقيا رسالة إلى ولدي.

كتاب قبائل الأنتيمور في مدغشقر.

كتاب ملامح من التنصير دراسة علمية.

إدارة الأزمات للعاملين في المنظمات الإسلامية (تحت الطبع).

السلامة والإخلاء في مناطق النزاعات.

كتاب قبائل البوران.

قبائل الدينكا.

دليل إدارة مراكز الإغاثة.

وبعد هذه الرحلة الطويلة من العطاء والبذل والدعوة إلى الله يرقد الآن الشيخ طريح الفراش على أثر تدهور حالته من الجلطة الدماغية ودخوله في غيبوبة وارتفاع لدرجة حرارته ويجري غسيل الكلى للمرة الخامسة وهو في هذه الحالة.

إن الشيخ الجليل عمل كل هذه السنين لا يريد جزاًء ولا شكورًا من أحد سوى رب العالمين, والكثير منا ربما كان لا يعرف الشيخ الجليل فليس أقل من الدعاء لهذا الرجل الصالح بطول العمر والبقاء فإن في حياته نفعًا لملايين البشر.

ومن حقه علينا أيضا نشر سيرته العطرة وتاريخ كفاحه ليكون نبراس للأجيال القادمة ونموذجًا فريدًا للتضحية والبذل والعطاء, وقدوة لكل عامل في مجال العمل الخيري والدعوة إلى الله.

ونسأل الله العظيم الحليم الرحيم أن يشفي الشيخ شفاء لا يغادر سقما وأن يرده إلى أهله ومحبيه بكل عافية وصحة .