منقول من فريق الصحراء_أيام العرب
من ملاحم العرب في الجاهلية الأولى بين عبس وعامر من ناحية ضذ تميم و ذبيان وأسد من ناحية أخرى
وقد وردت أشعار كثير في هضبة جبلة مما حفزنا لزيارتها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية حولها وقد تم ذلك في ذو الحجة 1423 الموافق 19 فبراير 2003
جبلة
[IMG]http://alsahra.org/wp-*******/uploads/2007/05/hima-dhariah-016-large.jpg[/IMG]
مجسم جبلة من قوقل
http://alsahra.org/wp-*******/upload.../05/jbalah.jpg
هي هضبة جرانيتية تقف شامخة وسط أرض مستوية (عبلة) وتقع حنوب نفي وشمال الدوادمي
وهذه الهضبة لايمكن أن تُصعد إلا من الجهة الشرقية عبر شعب يصب منها أما الجهات الأخرى فهي سامقة فصار كالحصن ويسمى هذا الشِعب قديما المسلح والان يسمّى شعب مواجه
[IMG]http://alsahra.org/wp-*******/uploads/2007/03/2007-03-24_160148.jpg[/IMG]
خلفية حول سبب المعركة
يوم جبلة كان من عظام أيام العرب؛ وكان الذي هاجه أن بني عبس حين خرجوا هاربين من بني ذبيان وحاربوا قومهم يبحثون عن من يجيرهم في حالة الضعف هذه فقصدوا بني عامرٍ؛
فقدموا الى ربيعة بن شكل بن كعب بن الحريش يطلبون ان يجيرهم فقال:
يا بني عبسٍ، شأنكم جليل، وذحلكم الذي يطلب منكم عظيم، وأنا أعلم والله أن هذه الحرب أعز حربٍ حاربتها العرب قط. ولا والله ما بد من بني كلابٍ، فأمهلوني حتى أستطلع طلع قومي.
فخرج في قومٍ من بني كعبٍ حتى جاؤوا بني كلابٍ، و نزلوا على الأحوص بن جعفر فذكروا له من أمرهم . فقال لربيعة بن شكلٍ: أظللتهم ظلك وأطعمتهم طعامك؟ قال نعم، قال: قد والله أجرت القوم! فأنزلوا القوم وسطهم بحبوحة دارهم .
وسمعت بهم حيث قر قرارهم بنو ذبيان، فحشدوا واستعدوا وخرجوا وعليهم حصن بن حذيفة بن بدرٍ ومعه الحليفان أسد وذبيان يطلبون بدم حذيفة، وأقبل معهم وأقبلت بنو حنظلة بن مالكٍ والرباب (من تميم) عليهم لقيط بن زرارة يطلبون بدم معبد بن زرارة ويثربي بن عدسٍ، وأقبل معهم حسان بن عمرو بن الجون في جمعٍ عظيم من كندة وغيرهم، فأقبلوا إليهم بوضائع كانت تكون بالحيرة مع الملوك وهم الرابطة.
بنو تميم ينضمون للحلفاء
وكان معهم رؤساء بني تميم: حاجب بن زرارة ولقيط بن زرارة وعمرو بن عمرٍو وعتيبة بن الحارث بن شهابٍ، وتبعهم غثاء من غثاء الناس يريدون الغنيمة، فجمعوا جمعاً لم يكن الجاهلية قط مثله أكثر كثرةً، فلم تشك العرب في هلاك بني عامر(ومعهم عبس).
فجاؤوا حتى مروا ببني سعد بن زيد مناة، فقالوا لهم: سيروا معنا إلى بني عامر. فقالت لهم بنو سعدٍ: ما كنا لنسير معكم ونحن نزعم أن عامر بن صعصعة ابن سعد بن زيد مناة . فقالوا: أما إذا أبيتم أن تسيروا معنا فاكتموا علينا. فقالوا: أما هذا فنعم.
تشاور بني عامر في أمرهم:
فلما سمعت بنو عامر بمسيرهم اجتمعوا إلى الأحوص بن جعفرٍ، وهو يومئذٍ شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه وقد ترك الغزو غير أنه يدبر أمر الناس، وكان مجرباً حازماً ميمون النقيبة، فأخبروه الخبر، فقال لهم الأحوص: قد كبرت، فما أستطيع أن أجيء بالحزم وقد ذهب الرأي مني. ولكني إذا سمعت عرفت، فأجمعوا آراءكم ثم بيتوا ليلتكم هذه ثم اغدوا علي فاعرضوا علي آراءكم، ففعلوا. فلما أصبح غدوا عليه، فوضعت له عباءة بفنائه فجلس عليها. ورفع حاجبيه عن عينيه بعصابة ثم قال: هاتوا ما عندكم.
فقال قبس بن زهيرٍ العبسي: بات في كنانتي الليلة مائة رأيٍ. فقال له الأحوص يكفينا منها رأي واحد حازم صليب مصيب، هات فانثر كنانتك. فجعل يعرض كل رأيٍ رآه حتى أنفد. فقال له الأحوص: ما أرى بات في كنانتك الليلة رأي واحد! وعرض الناس آرائهم حتى أنفدوا. فقال: ما أسمع شيئاً وقد صرتم إلي، احملوا أثقالكم وضعفاءكم ففعلوا، ثم قال: احملوا ظعنكم فحملوها، ثم قال: اركبوا فركبوا، وجعلوه في محفةٍ وقال: انطلقوا حتى تعلوا في اليمين ، فإن أدرككم أحد كررتم عليه، وإن أعجزتموهم مضيتم.
فسار الناس حتى أتوا وادي بحارٍ ضحوةً(وادي الرشا حالياً) فإذا الناس يرجع بعضهم على بعض. فقال الأحوص: ما هذا؟ قيل هذا عمرو بن عبد الله بن جعدة في فتيانٍ من بني عامرٍ يعقرون بمن أجاز بهم ويقطعون بالنساء حواياهن , فقال الأحوص قدموني، فقدموه حتى وقف عليهم فقال: ما هذا الذي تصنعون ؟! قال عمرو: أردت أن تفضحنا وتخرجنا هاربين من بلادنا ونحن أعز العرب، وأكثرهم عدداً وجلداً وأحدهم شوكة!
تريد أن تجعلنا موالي في العرب إذ خرجت بنا هارباً !. قال: فكيف أفعل وقد جاءنا ما لا طاقة لنا به! فما الرأي؟ قال:
نرجع إلى شعب جبلة فنحرز النساء والضعفة والذراري والأموال في رأسه ونكون في وسطه ففيه ثمل أي خصب وماء . فإن أقام من جاءك أسفل أقاموا على غير ماء ولا مقام لهم، وإن صعدوا عليك قاتلتهم من فوق رؤوسهم بالحجارة، فكنت في حرزٍ وكانوا في غير حرزٍ، وكنت على قتالهم أقوى منهم على قتالك.
قال: هذا والله الرأي، فأين كان هذا عنك حين استشرت الناس؟ قال: إنما جائني الآن. قال الأحوص للناس: ارجعوا فرجعوا. ففي ذلك يقول نابغة لبني جعدة:
ونحن حبسنا الحي عبساً وعـامـراً =لحسان وابن الجون إذ قيل أقـبـلا
وقد صعدت وادي بحارٍ نـسـاؤهـم=كإصعاد نسرٍ لا يرومون مـنـزلا
عطفنا لهم عطف الضروس فصادفوا=من الهضبة الحمراء عزاً ومعقـلا
الضروس: الناقة العضوض
دخولهم جبلة:
[IMG]http://alsahra.org/wp-*******/uploads/2007/05/hima-dhariah-023.jpg[/IMG]
[IMG]http://alsahra.org/wp-*******/uploads/2007/05/hima-dhariah-028.jpg[/IMG]
فدخلوا شعب جبلة فحصنوا النساء والذراري والأموال في رأس الجبل، وحلوا الإبل عن الماء، واقتسموا الشعب بالقداح فأقرع بين القبائل في شغاياه
وعمي على بني عامر الخبر. فجعلوا لا يدرون ما قرب القوم من بعدهم
ما فعله كرب بن صفوان لتميم وأسد:
وأقبلت تميم وأسد وذبيان ومن لف لفهم نحو جبلة، فلقوا كرب بن صفوان من سعد بن زيد مناة، فقالوا له: أين تذهب؟ أتريد أن تنذر بنا بني عامر؟ قال لا. قالوا: فأعطنا عهداً وموثقاً ألا تفعل؛ فأعطاهم فخلوا سبيله. فمضى مسرعاً على فرسٍ له عريٍ ، حتى إذا نظر إلى مجلس بني عامر وفيهم الأحوص نزل تحت شجرةٍ حيث يرونه؛ فأرسلوا إليه يدعونه، قال: لست فاعلاً، ولكن إذا رحلت فأتوا منزلي فإن الخبر فيه. فلما جاؤوا منزله إذا فيه تراب في صرةٍ وشوك قد كسر رؤوسه وفرق جهته، وإذا حنظلة موضوعة، وإذا وطب معلق فيه لبن. فقال الأحوص: هذا رجل قد أخذ عليه المواثيق ألا يتكلم، وهو يخبركم أن القوم مثل التراب كثرةً، وان شوكتهم كليلة وهم متفرقون ، وجاءتكم بنو حنظلة. أنظروا ما في الوطب، فاصطبوه فإذا فيه لبن حزر قرص . فقال القوم منكم على قدر حلاب اللبن إلى أن يحزر
وذلك قول عامر بن الطفيل بعد جبلة بحينٍ:
ألا أبلغ لديك جموع سعـدٍ =فبيتوا لن نهيجكم نـيامـا
نصحتم بالمغيب ولم تعينـوا =علينا إنكم كنتـم كـرامـا
ولو كنتم مع ابن الجون كنتم=كمن أودى وأصبح قد ألاما
[IMG]http://alsahra.org/wp-*******/uploads/2007/05/hima-dhariah-029.jpg[/IMG]
المعركة السريعة
وتشاور أعدائهم في الصعود إليهم: فلما استيقنت بنو عامرٍ بإقبالهم صعدوا الشعب، وأمر الأحوص بالإبل التي ظمئت قبل ذلك فقال: اعقلوها كل بعيرٍ بعقالين في يديه جميعاً. وأصبح لقيط والناس نزول به، وكانت مشورتهم إلى لقيطٍ؛ فاستقبلهم جمل عود أجرب أخذ أعصل كاشر عن أنيابه؛ فقال الحزاة من بني أسد والحازي العائف اعقروه. فقال لقيط: والله لا يعقر حتى يكون فحل إبلي غداً. وكان البعير من عصافير المنذر التي أخذها قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة بن قشيرٍ. والعصافير: إبل كانت للملوك نجائب ثم استقبلهم معاوية بن عبادة بن عقيلٍ وكان أعسر فقال:
أنا الغلام الأعسر
الخيرُ فيّ والشر
والشرُ فيّ أكثر
فتشاءمت بنو أسدٍ وقالوا: ارجعوا عنهم وأطيعونا. فرجعت بنو أسدٍ فلم تشهد جبلة مع لقيطٍ إلا نفيراً يسيراً، منهم شأس بن أبي بليٍ أبو عمرو بن شأسٍ الشاعر، ومعقل بن عامرٍ بن موءلة المالكي.
وقال الناس للقيطٍ: ما ترى؟ فقال: أرى أن تصعدوا إليهم. فقال شأس: لا تدخلوا على بني عامر؛ فإني أعلم الناس بهم، قد قاتلتهم وقاتلوني وهزمتم وهزموني، فما رأيت قوماً قط أقلق بمنزلٍ من بني عامر! والله ما وجدت لهم مثلاً إلا الشجاع؛ فإنه لا يقر في حجره قلقاً، وسيخرجون إليكم. والله لئن بتم هذه الليلة لا تشعرون بهم إلا وهم منحدرون عليكم.
فقال لقيط: والله لندخلن عليهم. فأتوهم وقد أخذوا حذرهم. وجعل الأحوص ابنه شريحاً على تعبئة الناس. فأقبل لقيط وأصحابه مدلين فأسندوا إلى الجبل حتى ذرت الشمس. فصعد لقيط في الناس وأخذ بحافتي الشجن . فقالت بنو عامر للأحوص: قد أتوك. فقال: دعوهم. حتى إذا نصفوا الجبل وانتشروا فيه، قال الأحوص: حلوا عقل الإبل ثم احدروها واتبعوا آثارها ، وليتبع كل رجلٍ منكم بعيره حجرين أو ثلاثةً، ففعلوا ثم صاحوا بها، فلم يفجأ الناس إلا الإبل تريد الماء والمرعى، وجعلوا يرمونهم بالحجارة والنبل؛ وأقبلت الإبل تحطم كل شيء مرت به، وجعل البعير يدهدي بيديه كذا وكذا حجراً. وقد كان لقيط واصحابه سخروا منهم حين صنعوا بالإبل ما صنعوا. فقال رجل من بني أسدٍ:
زعمت أن العير لا تقاتل
بلى إذا تقعقع الرحـائل
واختلف الهندي والذوابل
وقالت الأبطال من ينازل
بلى وفيها حسب ونائل
فانحط الناس منهزمين من الجبل حتى السهل. فلما بلغ الناس السهل لم يكن لأحدٍ منهم همة إلا أن يذهب على وجهه، فجعلت بنو عامر يقتلونهم ويصرعونهم بالسيوف في آثارهم، فانهزموا شر هزيمة. فجعل رجل من بني عامرٍ يومئذٍ يرتجز ويقول
لم أر يوماً مثل يوم جبـلـه
يوم أتتنا أسد وحـنـظـلـه
وغطفان والملوك أزفـلـه
نضربهم بقضبٍ منتخـلـه
لم تعد أن أفرش عنها الصقله
حتى حدوناهم حداء الزومله