يحسن أن نعلم أنه كان للقرابيس هؤلاء في العقد الثامن من القرن التاسع عشر للميلاد انتشار واسع على طول امتداد الساحل الشرقي للبحر الأحمر , و تحديدا ما بين ضبا شمالا و جده جنوبا , و كانوا أكبر قبائل بني رشيد حجما و أوسعهم فروعا و أكثرهم عددا . و توضح المصادر التاريخية أن المنطقة الواقعه بين الوجه و الأزلم حيث أسطبل عنتر هي مركز تكاثر وجودهم (أوبنهايم 4|148) , و تضم في تشكيلتهم الاجتماعية قبيلة عبس (ملخص رحلتي الدرعي : 83) و كانت في السابق قد فرضت على الحاج المصري في هذه المنطقة ضريبة لا يزال بقاياهم في الساحل في العقد الثالث من القرن التاسع عشر الميلادي يتقاضونها على الرغم مما آلت إليه أحوالهم من قلة و ضعف (بوركهاردت : 2 | 22 - 23).
و لعل الرحالة داوتي doughty أول من ذكر القرابيس بهذا الاسم (رحلات في صحراء العرب : 2|70) , و هو الاسم الذي اختفى تداوله بين من يتسمون به بعد هجرتهم إلى الساحل الغربي للبحر الأحمر , حيث أنتشروا هناك باسم رشيد الزول (بدو الرشايده : 156) و هو الأب لقربوس , وفقا لما جاء في شجرة نسبهم عند الدكتور | يوسف فضل حسن : (دراسات في تاريخ السودان : 1 | 175) . فالقرابيس حول الوجه قديما قوامهم اليوم قبائل بني رشيد الثلاث في كل من السودان و إريتريا و مصر , و هم (الزنيمات , البراعصه , البراطيخ) و لا سيما قبيلة الزنيمات التي هاجرت فعلا من ضواحي الوجه (وليام يانج : بدو الرشايده ص : 183 هامش : 1) بقيادة الشيخ عبد الله مبارك السمهودي الذي ثبت أوتاد بني رشيد في شرق السودان , بعد عدَة مواجهات دامية مع قبائل البجة , كالهدندوة و غيرهم (تاريخ شرق السودان : ص : 740 لمحمد ضرار) . و لدينا من القرائن و المعطيات التاريخية ما تحمل على الجهر بالقول بانتساب هذا الشيخ إلى السادة الأشراف من آل السمهودي الذين زخرت كتب التاريخ و الأدب بذكرهم في المدينة المنورة , و مثل هذا النسب لم يفتح نفقا مضيئا من المعرفة في التاريخ القديم لقبائل بني رشيد فحسب , بل يضيف إلى ما سبق ذكره في تعليقنا على معالجة (أوبنهايم) لأحوالهم الاجتماعية و التاريخية مزيدا من الحقائق المجهولة في هذا الجانب .
عطا الله ضيف الله بن حنيه