رويدك.. يا صاحب الموقع (2)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إن لكثرة ما في مقال صاحب الموقع وهو حامد بن عبدالله العلي- رده الله الى رشده- من السموم الظاهرة التي لا تخفى والمدفونة التي يتفادى التصريح بها مع أنها مفهومة من حاله لمن عرف أمره، أحببت ان أفرد ما اشتهر به كما وجد من أتباعه ومريديه- في حالة كالأعور بين العميان- غمزه ولمزه لأهل العلم لاسيما هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للافتاء فيما يخالفونه فيه مع أني أربأ بنفسي ان أذكر مخالفته لهم لأنها ربما توحي بعلو شأنه ومكانته مع حقيقة ان أمره التطاول والتعالم، كلما رأى سراباً ظنه ماءً حتى اذا جاءه لم يجده شيئاً فانتقل الى سراب آخر وهذا ما جعله ذا أطوار وتقلبات منهجية بدأت بالعلم الشرعي وسرعان ما رآه لا يجدي شيئاً في مسيرته ثم قام على انشاء الحركة السلفية العلمية ليتربع على عرشها فوجد الأجواء لا تناسبه ثم تحول الى ما يُسمى بفقه الواقع، كأن الناس في معزل عنه، ولكن حقيقة هذا الفقه نظره وتصوره للأحداث ومحاولة ربطها بالأحكام الشرعية، حسب منظوره ومفهومه من غير رجوع للراسخين في العلم كالذي يعتقد ثم يستدل، وهذه المرحلة هيأته وجعلته لا يبالي بمن يتصل به من أصحاب المناهج المنحرفة والبعيدة عن منهج السلف المبني على الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وأئمتها، ومن هذه المرحلة أنجر الى التكفير والنظرة التشاؤمية للمجتمعات فاتصل بأهل هذا الفكر وأعجبه أمرهم فصار يروج مذهبهم تارة بمدح رؤوسهم ومنظريهم وتارة بكراهة ذكرهم أو تعقب أخطائهم واظهارها للناس حتى انتهى به المطاف الى محلل سياسي يبني تحاليله على تقارير من دول كافرة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم، أو على أحداس وظنون قال عنها علام الغيوب {إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23)}[النجم]، وقال عنها من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم: «اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث»، تاركاً خلفه العلم الشرعي الذي ابتعد عنه في مقالاته ولأجل هذا أهمه أمر الخروج والمظاهرات والفتن التي ينادي لها في أكثر مقالاتها هذا باختصار أطوار صاحب الموقع ذكرتها للقارئ الكريم ليكون على بصيرة من أمر صاحب الموقع، وان مثل هذه التقلبات تدل على كثرة الاضطرابات وعدم الرسوخ لكثرة نتائج العقل عنده وافرازاته التي لا يرضخها لمشكاة النبوة بل هي لمشكاة الرأي أقرب وقبح الله الرأي ما أفسده ولقد قال أهل العلم قديماً:
أول ما يقضي على المرء عقله أ.هـ،
أي اذا لم يزنه بميزان الشرع والهدي النبوي.
أما ما ذكره في مقاله وهي من سمومه غير ما أشرت اليه في الأسبوع قبل الماضي بعد ان حثَّ على الخروج على حكام دول الخليج بدون استثناء ورغب فيه ووعد بالنصر عليه قال: (وأعلموا أن في هبتكم هذه ستلاقون ثلاثة معوقات أحدها: خطاب ديني متخلف فلا تلتفتوا اليه فهو بين هيئة رسمية ليست سوى بوق للنظام ومتزلفين يتقربون بمآسي الشعوب الى عتبات قصور الظلمة وعقول لم تعد تصلح الا للمتحف).
فانظر أخي القارئ الكريم الى النظرة التهكمية لأهل العلم فضلاً عن المجتمعات فقد وصف عقول أهل العلم الراسخين الذين خالفوه في هذه المسألة وهم ابن باز والألباني والعثيمين وآل الشيخ والفوزان والعبّاد ان خطابهم متخلف وعقولهم لم تصلح الا للمتاحف، على حد قوله، فسبحان الله اذا كانت هذه عقول علماء هذه الأمة في نظره فما بالك بعوامهم!!
ولا غرابة على صاحب الموقع هذا الغمز واللمز لأهل العلم فقد اعتاد هذه الجرأة التي سيعود ضررها عليه ان لم يتب، فإن هذا المستوى لم يصل اليه الا بإرهاصات تقدمت عليه كل هذا في محاولة لسحب بساط المرجعية العلمية عن أهلها حتى يتولى هو ومن شاكله توجيه الأمة فلا تسأل في أي واد هلكت، واني لأستغرب من أُناس لايزالون جلساءه أو يدَّعون مخالفته وتخطئته وهم لا يدرون عليه لقد صدق من قال: (من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا ألفته).
واني في الختام لأكرر دعوتي اليه بالتوبة والرجوع، فالحق أحق ان يُتبع، فماذا بعد الحق الا الضلال؟!.
والحمد لله رب العالمين
كتبه فضيلة الشيخ / فرج بن مطلق المرجي الرشيدي
الإبانه - جريدة الوطن (الكويت)
ابريل - 2011