وطلب أبو بكر -رضي الله عنه- أن يعلمه النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاء يدعو به في صلاته، فأرشده أن يقول:
اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم 
هذا وهو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، أمره بأن يعترف بذنبه حتى يغفر الله -تعالى- له، وكذلك أمر الله نبيه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ 
هكذا أمره أن يستغفر لذنبه، مع أن الله -تعالى- قال:
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ 
أخبر بأنه قد غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه، ومع ذلك كان يستغفر الله، كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.
يكثر أيضا من الدعاء، والمأثور أحسن، أي: المأثور من الدعاء أولى بأن يأتي به، ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظ عنه أنه كان يدعو فيقول:
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث 
هذا من المأثور.
ومن المستحسن أن يقول: اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، القانطين هم الذين يقطعون الرجاء .
في قوله تعالى:
وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا 
هكذا أخبر من بعد ما قنطوا دل ذلك على أن القنوط قد يقع منهم، فيقول: لا تجعلنا من القانطين، أي: الآيسين من فضلك، حفظ عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال في دعائه:
اللهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت 
هذا من المأثور، فالمأثور أحسن.
وإن دعا بغير ذلك مما يستنبط من الآيات إذا قال: "اللهم أنزل من السماء ماء طهورا فأسق به بلدة ميتا" أسقي به بلدة ميتا أو فأحي به بلدة ميتا، وأسقيه مما خلقت أنعامًا وأناسي كثيرة، هذا مأخوذ من الآية التي في سورة الفرقان، إذا قال: "اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، وأنزل علينا من بركاتك" فإن ذلك من الأدعية المأثورة يعني: المنقولة إما مرفوعة، وإما عن سلف الأمة.
وهكذا إذا قال: اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشر ما عندنا، أو اللهم ارفع عنا الجوع، ارفع عنا الجوع والجهد والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك، اللهم إن بالعباد والبلاد من اللاؤاء والشدة والضيق والضنك ما لا نشكوه إلا إليك، يكثر من الأدعية بعد الموعظة وبعد التذكير.
ثم بعد ذلك يحول ردائه إذا كان على المعتاد أن الأكسية التي عليهم إزار ورداء كلباس المحرم، بعد الخطبة يستقبل القبلة ويدعو، كذلك أيضا المصلون يدعون ويرفعون أيديهم دعاء خفيا، ثم يقلبون أرديتهم، يجعل ظاهره باطنه، إذا كان عليه رداء جعل باطنه ظاهره، وإن كان عليه عباءة أو مشلة جعل ظاهره باطنه، يعني: قلبه، وإن لم يكن عليه إلا عمامته قلبها أيضا، أي: حولها فجعل الظاهر باطنا، قيل إن الحكمة في ذلك أن تتحول الحال أن يحول الله -تعالى- حالتهم من بؤس إلى سعة، من ضيق إلى سعة، من شدة إلى فرج، من قحط إلى خصب، يحول الله -تعالى- حالتهم، يقول: إذا كان عندهم أهل الذمة، أهل الذمة هو المعاهدون الذين لهم عهد ولهم ذمة من اليهود أو النصارى، فإنه يجوز أن يخرجوا، ولكن يكونوا في ناحية يستغيثون ويدعون في ناحية، ولا يختلطوا مع المسلمين .
إذا أرادوا الخروج؛ وذلك لأنهم لهم ديانة ولهم رزق رزق من الله -تعالى-، فلا يمنعون أن يخرجوا، ولكن لا يخرجون في يوم خاص، بل يكون خروجهم يوم يخرج المسلمون، فلا يخرجون بيوم لماذا؟ مخافة أن ينزل المطر بعد استغاثتهم فيعتقد العوام أنهم أولى بالهدى، ويقولون: دعونا فلم يقبل منا، ودعا اليهود فقبل منهم، لا يؤذن لهم أن يخرجوا في يوم خاص.
إذا نزلت الأمطار وخيف الغرق وخيف كثرة الغرق، فإنه يدعو، ذكر أن ذلك أن رجلا دخل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، وقد ادلهم المطر وكثر واستمر أسبوعًا، فخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: يا رسول الله تهدمت القصور، وانقطعت السبل، فادعوا الله يمسكها فرفع يديه وقال:
اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر 
فانجابت الغيوم وخرجوا يمشون في الشمس .
يقول أيضا يقرأ أو يدعو بآخر سورة البقرة
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 
.
هكذا يدعو إذا دعوا، ولكن ما نزل المطر يعيدون الاستسقاء مرة أخرى وثالثة ورابعة؛ حتى يرحمهم بكثرة دعائهم، إن الله يحب الملحين في الدعاء، وإذا تأخر المطر فعليهم أن يتفقدوا أنفسهم، ويعلموا أن ما أصابهم فإنه بشؤم ذنوبهم، فعليهم أن يتوبوا وأن يجددوا التوبة حتى يرحمهم الله تعالى.
منقول من : -
شرح صلاة الاستسقاء للشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله
وهنا شرح للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
عندما سؤل هذا السؤال :
حدثوني وبالتفصيل جزاكم الله خير عن صلاة الاستسقاء، وكيف هي؟ جزاكم الله خيراً.
فأجاب رحمه الله :
http://www.binbaz.org.sa/audio/noor/078301.mp3
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فصلاة الاستسقاء سنة قد فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام لما أجدبت المدينة، خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس وصلى بهم ركعتين مثل صلاة العيد، هذا هو السنة، يصلي ركعتين ثم يخطب الناس ويذكرهم ويكثر في خطبته من الدعاء وسؤال الله الغيث والنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى خطب الناس وذكرهم ورفع يديه ودعا وقال: (اللهم أسقنا غيثاً مغيثا هنيئاً مريئاً غدقاً مجللاً طبقاً عاماً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجلاً تحيي به البلاد وتسقي به العباد..) إلى آخر دعواته الكثيرة عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن صلاة الاستسقاء ركعتان مثل صلاة العيد، يجهر فيها بالقراءة ويكبر في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمسة تكبيرات، ويقرأ فيهما بسبح والغاشية بعد الفاتحة أو بالجمعة والمنافقين بعد الفاتحة، وإن قرأ بغير ذلك بعد الفاتحة فلا بأس، وإن خطب قبل صلاة العيد، قبل الصلاة فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، ولكن كونه يصليها كالعيد، كما هو عليه العمل الآن هو الأولى حتى تكون صلاة الجميع على نمطٍ واحد، والسنة أن يقوم بها المسلمون عند الجدب في كل مكان بحسبه، فإذا أجدبت الأرض في جيزان مثلاً أو في الشمال في الجوف أو حائل استسقوا ولو ما استسقت الجهة الأخرى، فإذا كان مثلاً جهة الشمال خصب وجهة الجنوب جدب يستسقي أهل الجنوب، جيزان، أبها، غامد.. إلى غير ذلك، وإذا كان جهة الجنوب خصب وجهة الشمال جدب كحائل أو الجوف أو تبوك ما أشبه ذلك يستسقوا، يستسقي الأئمة، الخطباء، في الجمعة، في خطبة الجمعة أو يخرج أمير البلد وقضاتها والمسلمون إلى الصحراء ويصلون ركعتين، وليس من شرطها إذن ولي الأمر، ما يحتاج استئذان، إذا أجدبت الأرض نبه الحاكم أو رئيس المحكمة أو الأمير بالاتفاق مع المحكمة، يتفقون على يوم معين ويبلغون الناس أنهم سيستسقون اليوم الفلاني حتى يخرج الناس إلى الصحراء فيستسقي بهم خطيب الجامع أو من يراه الحاكم الشرعي يستسقي بهم، ويكرر الاستسقاء الصلاة يعني مرتين ثلاث ما دام الجدب موجود ولو صلاها عدة مرات في شهرٍ واحد أو في شهرين كله سنة، ويسن أيضاً الاستسقاء في الجمعة، في خطبة الجمعة، النبي فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، استسقى في الجمعة، خطب فرفع يديه واستسقى، وهكذا خرج في الصحراء وصلى ركعتين عليه الصلاة والسلام، كله سنة، هذا وهذا، والمشروع للأئمة الجوامع أن يستسقوا في الخطب في البلاد التي فيها جدب، وليس هناك حاجة إلى أن يستأذن الأمير أو الحاكم أو ولي الأمر إذا كان الجدب موجوداً معروفاً.