ومن شدة إكرام الثموديين لإبلهم أن جعلوا تواديها من الأحجار الكريمة النفيسة وهذا لا يدل على إكرامهم لها وحسب بل يدل على عظم منزلتها في نفوسهم فمن الثابت أن تلك الأحجار لا يتحلى بها من الناس إلا من بلغ عيشه الثراء والترف أما هُم فقد حلو إبلهم بها أيضاً وهي من حجارة خضر وزرق صافية تسحر الناظرين هذا عدا ما كانوا يقلدونها به من الخرز والودع وما يضعونه عليها من فاخر المنسوجات والأقمشة كقطع للتزيينها ، ولقد قال أعرابي : والله ما رفعت عليهن العصا قط ، يعني إبله . فقال آخر والله ما رفعت يدي عليهن قط ، وهذا لشدة استجابة الإبل لكلمات صاحبها وإيماءاته في طبعها وتطبيعها حتى أنه قيل أن الإبل تعرف ما في نفس صاحبها ويعرف ما في نفوسها . لقد رأيت بنفسي من الآثار التي بقيت لبني ثمود بعض تلك الحجارة التي الكريمة التي صنعوا منها توادياً وأصرة والتودية كما وصِفَتْ في المصادر اللغوية . هي كما رأيناها فقد أدركناها وهي قطعة من الخشب العريض الرقيق نسبياً أي على شكل مستطيل تكون بطول من ثمانية سنتيمتر إلى عشرة سنتيمتر وتكون بعرض سنتيمتر إلى أثنين سنتيمتر وبسمك من أثنين إلى ثلاثة مليمتر وهي بهذه المقاسات تكون مريحة للضرع . لأن الغرض من التودية والصرار واحد حيث يصر بهما ضرع الناقة لكي لا يرضعها حوارها ،
قال ابن منظور : .... الأزهري : وأما التوادي فواحدتها تودية ، وهي الخشبات التي تشد على أخلاف الناقة إذا صرَّت لئلا يرضعها الفصيل ...
وقال في رسم صرر : ... والصرار : الخيط الذي تشد به التوادي على أطراف الناقة وتُذَّيَرُ ...... لئلا يؤثر الصرار فيها
ومهما تحدثنا عن الإبل ، عن ميزاتها وعن أنواعها وعن أهميتها وعن منافعها فإننا لن نحصي من ذلك إلا القليل ولو اجتهدنا وعلى ذكر هذا الجانب فمن خبر لذي الإصبع العدواني وهو رجل عاش قبل الإسلام أنه بعد زواجه لبناته الأربعة بوقت اجتمعن إليه فقال للكبرى : يا بنيه مالكم ؟ فقالت : الإبل قال: فكيف تجدونها . ؟ قالت : خير مال . نأكل لحومها مزعا ونشرب ألبانها جرعا وتحملنا وضعيفنا معا . قال : فكيف تجدين زوجك ؟ . قالت : خير زوج يكرم الحليلة ويعطي الوسيلة . قال : مال عميم وزوج كريم . ومما سمعناه من أقوال المتأخرين فيها قولهم : ديدها صميل وظهرها مقيل .
وقولهم : البل ، تنزلك الفيض وتبعد عن الغيظ . وغير ذلك من الحكم والأمثال التي توصي باقتناء الإبل والحفاظ عليها واتخاذها مالاً .
أخوكم / سليم بن دهيِّم الشراري .
مراجع :
------------
1 – لسان العرب .
2 – الأغاني .
3 – كتاب الحيوان للجاحظ .
منقول للفائده