عرض مشاركة مفردة
  رقم المشاركة : [ 3  ]
قديم 22-03-2009, 01:23 AM
mohammed
عضو مشارك
رقم العضوية : 6859
تاريخ التسجيل : 14 / 3 / 2009
عدد المشاركات : 79
قوة السمعة : 17

mohammed بدأ يبرز
غير متواجد
 
الافتراضي أشجع قبيـــــلة عربية لها تـــاريخ
الجزء الثاني : نــبدة تاريخية عن بعض رجـالات قبيلة "أشجع"






في هذا الفصل من الكتاب سأحاول استعراض بعض الجوانب التي امتازت بها قبيلة"أشجع" عبر التاريخ من خلال التطرق لبعض رجالاتها و بروزهم في المواقف الحاسمة من تاريخ الأمة العربية الإسلامية.
إن الأبحاث التي قمت بها و الكتب و كذلك المخطوطات و المراسلات التي حصلت عليها مكنتني من جمع معلومات مهمة عن البعض من الشخصيات الأشجعية, التي تركت بصماتها في تاريخ العرب و المسلمين, و كان لها دور في الموازين القبلية و الدينية و السياسية.
فكما تقدم الذكر في الفصل الأول من هذا الكتاب, سأعود إلى التعريف بقبيلة" أشجع" و بطونها قبل أن أقدم بإيجاز لمحة عن بعض رجالاتها و أعلامها و منهم الفرسان و رجال سياسة وصحابة وفقهاء و شعراء ذكرهم المؤرخون العرب و غيرهم في كتبهم التي حصل لي الشرف و ساعدني الحظ في الإطلاع عليها.

من المعروف, في جل المراجع التاريخية, أن قبيلة"أشجع"هي قبيلة عربية من أعقاب عدنان. وبالضبط , فقبيلة"أشجع" من ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان. و كانت هذه القبيلة تستوطن ضواحي المدينة المنورة و لذلك سميت بطونها بعرب الضاحية. و قد هاجرت هذه القبيلة مع القبائل الهلالية في القرون الوسطى إلى منطقة المغرب العربي. و استقرت بعدة مناطق آخرها المغرب الشرقي. و تستقر حاليا بين سهل" تافرطة" و" عيون سيدي ملوك"و البعض منها في سهل "أنكاد" و حسب الرواية الشفوية فإنها جاءت إلى هذه المنطقة قادمة من منطقة" واد كير" و ذلك موازاتا مع تأسيس الدولة العلوية.
و سوف نعود الآن إلى لب موضوع هذا الفصل و هو التحدث عن رجالات "أشجع" و أعلامها نذكر منهم:





1- "معقل بن سنان الأشجعي":


و هو معقل بن سنان بن مظهر بن عركي بن فتيان بن سبيع بن بكر بن أشجع.
كان" معقل بن سنان الأشجعي" من الصحابة المقربين و سيدا لقبيلة أشجع خلال السنوات الأولى للدعوة الإسلامية. كانت له صحبة مع الرسول صلى الله عليه و سلم و روى أحاديث عديدة. حدث عنه سالم بن عبد الله و مسروق و علقمة و الحسن البصري و غيرهم. حضر جل الغزوات و هو حامل راية لقبيلته"أشجع" يوم فتح مكة.
سكن الكوفة فوفد على" يزيد بن معاوية" الأموي فرأى منه أمورا منكرة فسار إلى المدينة و خلع البيعة عنه و بايع "عبد الله بن الزبير". فسرح إليهم "يزيد بن معاوية" جيشا يقوده عقبة بن رياح بن سعد بن ربيعة بن عامر بن عوف بن أسعد بن دينار بن بغيض بن ريث بن غطفان .
فالتقى الجمعان, و على رأس المهاجرين و الأنصار" معقل بن سنان", ووقع قتال مرير قتل فيه سبعون"بدريا"ممن شهدوا بدرا مع الرسول صلى الله عليه و سلم. و قد وقعت هذه المعركة قرب المدينة بمكان يسمى"حرة بن زهرة"
و لذلك سميت" بيوم الحرة". و أسر على إثرها معقل بن سنان و جيء به إلى" مسلم بن عقبة المري" فحكم عليه بالقتل. و أنشد أحد شعراء "أشجع" قائلا:
و أصبحت الأنصار تبكي سرتها
و أشجـــع تنعى معقل بن سنــان

و يتبين من هذا البيت الشعري مدى مكانة هذا الصحابي الجليل في قلوب المسلمين و بني عشيرته "أشجع". و لازالت لحد الأن بعض الأمثال تضرب في قبيلة أشجع للتعبير عن هذه الفاجعة. ويقال" عرفنا الحرة و المرة" أو" عشنا أو شفناها حرة بني مرة". و"الحرة", كما ذكرته هي حرة بني زهرة, أما المرة فهي القبيلة التي ينتسب إليها مسلم بن عقبة المري الذي لطخت يداه بقتل معقل بن سنان الأشجعي رضي الله عنه.

و كانت هذه الواقعة هي إحدى الكبائر التي ارتكبها يزيد بن معاوية في حق الصحابة و منهم معقل بن سنان. و ربما يرجع لها السبب في كون اسم "يزيد" يكاد أن يكون منعدما في قبيلة "أشجع", وقد سمعت والدي الأخضر بن محمد بن امحمد يقول مرارا أن هذا الإسم منبوذ في قبيلتنا لأن عبارة"إلعن اليزيد و لا تزد"كانت مشهورة بين الناس.

و حسب الرواية فإن معقل بن سنان الأشجعي قد قتل في سنة ثلاثة و ستين للهجرة عن عمر يناهز السبعين سنة.


٢- عوف بن مالك الأشجعي:


و هو الصحابي عوف بن مالك بن أبي عوف الأشجعي. له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم. شهد غزوة خيبر و فتح مكة. سكن الشام و توفي بها في خلافة عبد الملك بن مروان. و من ولده: عبد الرحمان و عبد الله و محمد و أبو عمرو و أبو حماد.
كان عوف بن مالك الأشجعي من نبلاء الصحابة, و حدث عنه أبو هريرة و أبو مسلم الخولاني والكثير من التابعين. و قد قال فيه صلى الله عليه و سلم:"هل أنتم تاركوا لي أمرائي". و كان من الصحابة المفضلين في رفقة الرسول صلى الله عليه و سلم و الحافظين للأحاديث الموثوقة.


٣- نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفد بن خلاوة بن سبيع بن بكر بن أشجع بن ريث بن غطفان.
كان رجلا ذكيا و من أكبر دهاة العرب. و لعب أدوارا كبيرة في تدبير العلاقات بين القبائل العربية قبل الإسلام. و مع ظهور الإسلام و احتدام الصراع بين قريش و المسلمين كان نعيم يتوسط بينهما لحل النزاعات. و في غزوة بدر أرسله أبو سفيان بن حرب إلى المسلمين يخوفهم بكثرة المشركين وفي ذلك نزلت الأية:" الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم..." إلى قوله"مؤمنين".الاية و السورة
و قد سلف الذكر في الفصل الأول عن إسلام نعيم بن مسعود أثناء حصار المدينة و ما يعرف بالخندق. وإليه يرجع الفضل في خذل المشركين من قريش و يهود و غطفان و غيرهم. فلقد سعى بينهم بما فرق الله به كلمتهم, فوقع بينهم الإختلاف.
و سنعود فيما بعد إلى تفاصيل هذه الملحمة التي كادت أن تغير مجرى التاريخ العربي الإسلامي وربما تاريخ العالم بصفة عامة.
و سكن نعيم بن مسعود المدينة و توفي بها. و روي الكلبي أن الرسول صلى الله عليه و سلم دلاه في قبره و نزع الأخلة من أكنافه و ترحم عليه. و روى عنه ابنه سليم بن نعيم و كذلك أحد حفدته خلف بن خليفة الذي تنحدر منه قبيلة أولاد خليفة المستوطنة حاليا بعيون سيدي ملوك بالمغرب الأقصى.





٤- نوفل بن فروة الأشجعي:


ذكره البري في كتابه:" الجوهرة في نسب النبي و أصحابه العشرة". له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم روى عنه بنيه فروة و عبد الرحمان و سحيم وأخرج مسلم عن فروة ابنه, عن عائشة رضي الله عنها, في صحيحه قال حدثنا يحي بن يحي واسحاق بن ابراهيم قائلا: أخبرنا جرير عن منصور عن هلال, عن فروة بن نوفل الأشجعي:" سألت عائشة عما كان الرسول صلى الله عليه و سلم يدعو به الله قالت: كان يقول" اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت و من شر ما أعمل". نزل نوفل بن فروة الأشجعي بالكوفة(أرض العراق حاليا) وقيل أنه توفي بها. و خلف ذرية منهم فروة بن نوفل الأشجعي الذي سنتكلم عنه و عن دوره في أخبار الخوارج.





٥- فروة بن نوفل الأشجعي:


اطلعت على أخباره في مصادر عديدة و منها كتاب:" العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و العجم و البربر و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" للعلامة" عبد الرحمان بن خلدون" -1332م- 1406م.
و لما اشتدت الفتنة بين المسلمين بعد مقتل عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين, انقسم الناس بين مؤيدين لعلي بن أبي طالب و معاردين له. ووقعت صراعات بين الجانبين. و دارت معركة تسمى "معركة الجمل" بين أنصار علي و أنصار عائشة و طلحة و الزبير. انتهت بانتصار علي وأنصاره. و كانت هذه الواقعة بداية ما يسمى بالفتنة الكبرى لأن العديد من الصحابة قتلوا بها وقاتل بعضهم البعض.
و بعد ذلك و قعت معركة" صفين" بين علي بن أبي طالب و أهل الشام و على رأسهم معاوية بن أبي سفيان. و كان هذا الأخير قد رفض مبايعة علي و طالبه بدم عثمان بن عفان. و لما كان علي و أنصاره و منهم" أشجع" على وشك الإنتصار دبر معاوية خديعة نجم عنها تحكيم رفضه فريق من أنصار علي و خرجوا عليه و سموا بالخوارج. فاجتمعوا بالكوفة و نادوا بشعار" لا حكم ألا لله" . فقاتلهم علي بن أبي طالب بالنهروان و فيها اعتزل منهم فروة بن نوفل الأشجعي في خمسائة من فرسانه و قال:"أعتزل حتى يتضح لي أمر في قتال علي" و نزل بلاد الدسكرة.
و بعد مقتل علي بن أبي طالب و استقلال معاوية بالخلافة خرج فروة بن نوفل الأشجعي لقتال معاوية قائلا لأصحابه:"قد جاء الحق فجاهدوا و اقبلوا". و بقي على رأس الخوارج يقاتل معاوية الأموي إلى أن قتل بمنطقة" شهر زور" حوالي السنة الأربعين للهجرة موافق662 م.









٦- عبد الله بن عبد الرحمان الكوفي الأشجعي:




و ضرب علي بالحسام المصمــــــــــم

و كان ورد بن باخمة يرمز بهذا البيت الشعري إلى المهر الذي اشترطته "قطام على عبد الرحمان بن ملجم" في زواجها به .
و هذه المرأة من بني عجل اسمها قطام بنت علقمة كانت ترى رأي الخوارج. و كان علي بن أبي طالب قد قتل أباها و عمها يوم النهروان. و قصة مقتل علي معروفة و ذكرها جل المؤرخين, حيث يروى أن" شبيب الأشجعي و بن ملجم" تلقياه أمام السدة التي يخرج منها إلى المسجد. فبدره شبيب بضربة و أخطأه, لأن" عليا "سقط إلى الوراء, فحمل عليه بن ملجم و ضربه على رأسه وقال:"الحكم لله يا علي لا لك و لأصحابك". فشد عليهما الناس فحملا عليهم بسيفيهما. فاستطاع شبيب من الإفلات و قبض بن ملجم و حبس, حتى مات "علي" من جراحه, فقتل بعدها بقليل.
و ربما كانت هذه الواقعة هي بداية الإنقسام المذهبي و الحروب بين الشيعة والسنة و كل ما نجم عنها إلى وقتنا الحاضر.
و بغض النظر عن هذه الحادثة المؤلمة, تجب الإشارة إلى أن غالبية "أشجع" كانت قد ساندت "الحسين بن علي بن أبي طالب" لما طالب الأمويين بالنزول له عن الخلافة. و المعروف أن "الحسين" قد استشهد و لازالت ذكراه راسخة في قلوب الشيعة من إيران و العراق و دول آخرى على مذاهبهم.








بعض أخبار قبيلة أشجع في الجاهلية و فجر الإسلام



كما سلف الذكر, فقبيلة "أشجع" تنحدر كباقي بطون غطفان, من قيس بن عيلان من العدنانية, و هم بنو أشجع بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
كانت منازلهم ضواحي المدينة و ما يسمى بوادي القرى ضمن بني عمومتهم غطفان:" فزارة " و"ذبيان" و" عبس", و كل هذه البطون من غطفان, كان لهم عدد و ذكر قبل و بعد ظهور الإسلام وببلاد نجد مما يلي وادي القرى تركوا لنا معالمهم كالحاجر و "أبنى" و" الهباءة" و" أبرق" و"الحنان".
و مع الفتوحات الإسلامية تفرقت غطفان على بلاد الإسلام و ليس لهم بنجد أحد إلا بقايا "لأشجع" حوالي المدينة المنورة .و قد كانت أشجع قد هاجرت مع القبائل الهلالية إلى منطقة شمال افريقيا في القرون الوسطى و ذكرهم بن خلدون في كتاب العبر حوالي "القرن الرابع عشر" و قال: منهم حي عظيم الأن يظعنون بجهات سجلماسة وواد ملوية بالمغرب الأقصى و لهم عدد و ذكر.
قبل ظهور الإسلام كانت "أشجع", ضمن غطفان, معروفة بعصبيتها و فحولة رجالاتها حتى سميت "بأشجع القبائل" و كانوا حلفاء لبني هاشم بمكة و للخزرج بالمدينة. و قد ناصروا الخزرج ضد الأوس يوم بعاث.
و مع ظهور الإسلام و هجرة النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ظاهرته أشجع العداء واشتركت في حربه ضمن غطفان. و من هذه القبيلة نذكر "رخيلة بن عائد بن مالك بن حبيب" قائد أشجع يوم الأحزاب مع المشركين.
و قد أتينا على ذكر" نعيم بن مسعود الأشجعي" يوم الأحزاب و دوره الحاسم في انقاد الدعوة الإسلامية ببثه الخلاف و التفرقة بين القبائل المعادية للمسلمين و رسوله.

و تجب الإشارة أن علاقة قبيلة "أشجع" بالإسلام و المسلمين كانت تتسم بالصدام و المهادنة تارة وكذلك بالسلم و الدخول في الإسلام تارة آخرى. و قد قيل أنه نزلت فيهم الأية:" قالت الأعراب أمنا قل لم تومنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم". و قد قاتلت "أشجع" مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة "حنين", و عددهم ألف فارس, فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" الأنصار و مزينة و جهينة و غفارو أشجع و من كان من بني عبد الله موالي دون التاس و الله و رسوله مولاهم". الاية و السورة










أخـــــبار عن كعبة بني غطفان قبل ظهور الإسلام



كانت غطفان و من ضمنهم قبيلة "أشجع" لهم آلهة و أوثان يتقربون بها إلى الله, و هذه هي حال جل القبائل العربية في ذلك الزمان. و من أشهر آلهتهم نذكر "العزى" و "اللات".
و حسب الرويات التي اطلعت عليها فإن أحد سادة غطفان و هو "سليم بن أسد" كان قد بنى معبدا بوادي القرى حول بئرو سمي هذا المعبد بكعبة غطفان و يوجد بها حجر أبيض قيل أنه سقط من السماء, و كذلك صنم يسمى باللات.و كانت غطفان و منها "أشجع" تحج إليه و تطوف به عدة مرات كما يفعل المسلمون بالكعبة بمكة. و مع ظهور الإسلام ودخول غطفان و سائر "أشجع" في هذه الديانة, هدمت كعبة غطفان على يد "خالد بن الوليد" بن المغيرة من بني مخزوم.و لا يدر أحد مصير الحجر الأبيض. و ربما عادت غطفان إلى عباداتها أيام حروب الردة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم, و من المعروف أن جل قبائل "غطفان" و منهم "أشجع" قد ارتدت عن الإسلام أيام خلافة أبي بكر و طالبوا هذا الأخير بالإقتصار على الصلاة و امتنعوا عن دفع الزكاة, بل طالبوه بدفعها إليهم قائلين" بالأمس كانت لكم أما اليوم فهي لنا".
و في مصارد عديدة يذكر المؤرخون أخبار ارتداد جل القبائل العربية عن الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم و ادعى بعضهم النبوة و من أشهرهم "الأسود العنسي" باليمن و "طليحة بن خويلد" الذي ساندته بعض القبائل العربية و منهم "غطفان" ثم انصرفت عنه هذه الأخيرة بقيادة "عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدرالقزاري", و لما انهزم طليحة بن خويلد, اجتمعت "غطفان" إلى "سلمى بنت مالك بن حذيفة بن بدر بن ظفر" و كانت قد ارتدت و ادعت النبوة.و قاتلت المسلمين وهي تقود كل من اجتمع إليها من قبائل غطفان و هوازن و سليم و طيء و أسد. فسار إليهم خالد بن الوليد في جيش من المسلمين و اشتد القتال بينهم. و في هذه الواقعة قتلت سلمى بنت مالك و عادت بعض القبائل إلى الإسلام و منهم "أشجع الغطفانية".