قبيلة بني رشيد

قبيلة بني رشيد (http://ban3abs.com/aa/index.php)
-   المنتدى الإعلامــــي (http://ban3abs.com/aa/forumdisplay.php?f=12)
-   -   تزداد حالات الانتحار في المجتمع السعودي (http://ban3abs.com/aa/showthread.php?t=8995)

يوووووسف 07-04-2007 07:10 AM

تزداد حالات الانتحار في المجتمع السعودي
 
http://www.9m.com/upload/7-04-2007/0...1175915194.gif
جدة، أبها : نجلاء الحربي، سامية البريدي

تزداد حالات الانتحار في المجتمع السعودي بشكل لافت للنظر، والمتابع لما تنشره وسائل الإعلام من وقائع انتحارية في السعودية، يدرك جيدا أن هناك مؤشرات تنذر بالخطر، وإن كانت تلك الحالات ما زالت في إطار الحالات الفردية، ولم تتبلور بعد إلى ظاهرة ـ بحسب ما أكده عدد من الاختصاصيين ..
هنا محاولة للمقاربة العلمية الجادة من الظاهرة، وإن كانت الإحصائيات الدقيقة ليست متوافرة تماما، بحسب ما ذهب إليه اختصاصيون نفسيون ومسؤولون في الصحة النفسية .
اضطرابات نفسية
في مستشفى الملك عبد العزيز التخصصي في الطائف استقبل قسم الطوارئ رجلا سعوديا أقدم على الانتحار بتناول علبة " بندول " كاملة، ومع إنه لم يفارق هذه الحياة، إذ كتب له الله عمرا جديدا بعد إجراء غسيل لمعدته، وتم توجيهه إلى طبيب نفسي، لدراسة حالته جيدا، إذ كان فيما يبدو مصابا باضطرابات نفسية ..
وفي مستشفى آخر استقبل قسم الطوارئ رجلا حاول الانتحار، عندما قام بربط عنقه بوتد، ولكنه لم يمت، إذ تم إدخاله إلى قسم العناية الفائقة، ليخرج فيما بعد سليما، ولكن تم تحويله إلى طبيب نفسي، ليقوم بعلاجه من الاضطرابات النفسية التي كانت سببا في إقدامه على تلك المحاولة..
وفقدت الأم خ، ش ابنتها التي أقدمت على الانتحار، ومع هذا تقول إن ابنتها كانت فتاة طبيعية، حين أنهت دراستها الابتدائية والمتوسطة، لكنها بدأت تعاني من اضطرابات نفسية صعبة في المرحلة الثانوية..، وتضيف أنها راجعت بابنتها عددا من المستشفيات المعنية بالعلاج النفسي في داخل منطقتها وخارجها، ولكن دون جدوى، بل ازدادت حالتها سوءا، تقول "ذات صباح سمعنا صرخة قوية صدرت عنها، وحين هرعنا نبحث عنها، اكتشفنا أنها ألقت بنفسها من الدور السابع للعمارة التي كنا نقطنها حينذاك".
المعاملة السيئة أحد الأسباب
ويعرب ع، م عن أسفه لسوء معاملته لأخيه الأصغر منه سنا الذي انتحر أمام عينيه، وكان هذا الشاب يريد أن يسافر إلى أمه المقيمة في بلد آخر، ولكن أخاه غير الشقيق أوصد دونه كل الطرق كيلا يسافر..
ويضيف ع "بعد مشاجرة صاخبة بيني وبينه، هدد بأن يضرم النار في نفسه، وكنت أعتقد أنه محض تهديد وحسب، ولكنه كان جادا للأسف، حيث اقترب من محطة بنزين كانت بجوارنا، وصب على نفسه الوقود، وأشعل النار في جسده، وعلى الرغم من أنني وعمال المحطة حاولنا إطفاء النار، إلا أن محاولاتنا باءت بالفشل، ولم يصل إلى المستشفى إلا ميتا ".
تقول "س.خ " "كرهت نفسي، من معاملة زوجي القاسية لي، وزواجه علي، وعدم اهتمام أهلي بي، وتجمعت تلك الأمور كلها، حتى سببت لي حالة نفسية شديدة، ومن شدة الضغط النفسي فكرت لأكثر من مرة في الانتحار، حتى أتخلص من هذه المعاناة، وخططت للانتحار، وفي أحد الأيام بعد خروج أبنائي وزوجي من البيت للمدرسة وخلو البيت، حاولت أن أرمي نفسي من الطابق الثاني، و بالفعل أقدمت على ذلك، ولكني لم أمت، وأصبت بكسور في الحوض والقدم، ونقلت بعدها للمستشفى لعمل الإسعافات لي، ثم حققت الشرطة معي حول أسباب انتحاري، بعدها قررت أن أعالج من الحالة النفسية والاكتئاب الذي مررت به بسبب زوجي، وذهبت بنفسي إلى مستشفى الصحة النفسية، وانتهت معاناتي، وتعجبت بعد ذلك من تفكيري في الانتحار، وعرفت أن السبب الأول لهذا التفكير هو الاكتئاب الشديد الذي مررت به".
اكتئاب مميت
أما سلمى " من جدة " فتروي قصة انتحار شقيقتها وتقول "كانت شقيقتي تعاني من أمراض نفسية، تولدت نتيجة عدم إنجابها بعد زواجها لمدة خمسة عشر عاما، وقد تزوج زوجها عليها من أجل أن يحصل على أطفال، مما زاد من المشكلة، فقررت أن تنهي حياتها. وكانت تحدثني دائما عن الموت والراحة من المشاكل، وأن الانتحار هو الحل الوحيد لجميع المشاكل، وذات يوم فوجئنا بأنها حرقت نفسها، بعد أن أشعلت النار في غرفتها، وأغلقت الباب عليها، مما صعب على الدفاع المدني الدخول عليها لإنقاذها إلا بصعوبة، لقد أنهت حياتها بسبب حالة الاكتئاب التي سببتها نظرات المجتمع لها ومعاناتها مع زوجها والإنجاب".
ولم يقتصر الأمر على المرأة، فحتى الرجل يفكر في الانتحار، تقول زوجة المنتحر عبد الله. ف إن زوجها كان في حالة صحية سليمة، ولا يعاني من أية أمراض، حتى جاءت فترة الأسهم، وتأثر بها زوجي ومن الأرباح التي كان يحققها مع زملائه، حيث كانت أموالهم تتضاعف بشكل كبير، مما جعله يضع كل أمواله في الأسهم، وعندما رأى المكسب السريع، استقال من عمله، واعتمد على أرباح الأسهم، ولتحقيق المزيد من الربح رهن البيت أيضا، لاعتقاده أن الوضع سيستمر. ولكن بعد هبوط الأسهم، وخسارته الفادحة أصيب بحالة نفسية، وامتنع من الظهور للناس، وانعزل عن أبنائه والمجتمع، وأصبحنا لا نراه إلا قليلا، وبعد فترة من انقطاعه دخلنا عليه غرفته، ففوجئنا به وقد شنق نفسه بحبل، بعد أن أصيب بحالة من الاكتئاب الشديد".
التفكك الأسري والمعاناة
التفكك الأسري أيضا له دور في انتحار الأبناء، بسمة واحمد ابنان خططا لعملية الانتحار بعد معاناتهما مع زوجة أبيهما. يقول أحمد "بعد طلاق والدتي، تزوج والدي، كما تزوجت والدتي، وبقينا أنا وأختي عند زوجة أبي، وكانت معاملتها لنا قاسية، وكنا نتعرض للضرب والإهانة والحرمان من كل شيء حتى من الطعام، ولم يكن والدي يسمع معاناتنا، فكرنا أن نعيش مع والدتي، وذهبنا إليها لفترة قصيرة، فتعامل معنا زوج والدتي تعاملا سيئا، وفوجئنا بأنه يطلب من والدتي عدم بقائنا في البيت معه، وإلا سيضطر إلى طلاقها، فخرجنا من البيت، ولم نعرف أين نذهب، وفكرنا أكثر من مرة أن نرمي أنفسنا أمام أية سيارة في الشارع، حتى نتوفى بسرعة، وتنتهي معاناتنا، وحاولت ورميت نفسي أمام سيارة في طريق سريع، ولكنه ولم يحصل شيء لي، سوى كدمات بسيطة".
وأضاف أحمد "أختي أيضا فكرت بالانتحار، فشربت سائل غسيل، وأيضا لم يحصل لها أي شيء سوى غسيل معدة، ونحن الآن نعيش تحت رحمة زوجة أبي الثانية، ولم تنته معاناتنا، ومازال التفكير في الانتحار مستمرا".
ويروي فهد الأحمدي (اختصاصي اجتماعي) قصة انتحار رجل في مدينة جدة قائلا "قرر أربعيني إنهاء حياته، فأقدم على رمي نفسه من الدور الأخير لعمارة عالية بوسط البلد، واتضح من التحقيقات أنه كان يعاني من مرض نفسي مزمن، وعثر في جيوبه على عدد من الأدوية والمهدئات، وأفاد أحد المقربين أنه انفصل عن زوجته وأبنائه الثلاثة بسبب خلافات عائلية، وعاش سنواته الأخيرة منعزلا، بعد أن حاصرته الديون والهموم والأعباء".
زعزعة التوازن الداخلي
وتقول سميرة خالد الغامدي (اختصاصية نفسية في مستشفى الصحة النفسية بجدة) " الانتحار في السعودية لا يشكل ظاهرة واسعة الانتشار، وإن كان يحدث، ولا يمكن نكران ذلك أبدا، ولكنه ليس كما يحدث في كثير من المجتمعات في العالم".
وعن الأسباب المؤدية إلى الانتحار قالت "ثمة أسباب خارجية ومعلنة ومباشرة تتلخص في كل الأزمات التي تحيط بالإنسان، والتي يمكن أن تؤدي إلى زعزعة التوازن الداخلي للنفس، وتمهد لنشوء أفكار تحمل مشروعات موت، هذه الأفكار تقنع الشخص من خلال منطق خاص أن الانتحار هو الحل لكل الأزمات الخارجية مثل الاضطرابات التي تحدث في العلاقات العاطفية، وفي حال حدوث أحداث معينة وكذلك في حال وقوع مآزق اقتصادية مثل أن يمنى الشخص بخسارة مالية، بالإضافة إلى حالات التعرض للاعتداء الجنسي والابتزاز والانتقام والفشل الدراسي والهروب من العدالة، كما أن هناك أسبابا ذاتية ومستترة، كل اضطراباتها تكون ناتجة عن أزمات ذات طابع خاص بالفرد، مثل الأمراض النفسية كالاكتئاب والوسواس القهري واضطراب الشخصية الحدية والأمراض الذهنية الحادة والفصام العقلي، وعدم تحديد فئة الجنس والشذوذ الجنسي".
المطلقون والعزاب أولا
وتشير الغامدي إلى أن معدلات الانتحار كما تقول الدراسات العلمية تكون مرتفعة في صفوف المطلقين والأرامل، ويليهم العزاب، بيد أن النسبة تكون أقل في صفوف المتزوجين، مشيرة إلى أن الدراسات تشير إلى أن الرجال أكثر ميلا إلى الانتحار من النساء، كما أن إقدام الأشخاص على الانتحار يكون عادة في فصلي الخريف والربيع، وأن أعلى معدل لتنفيذ الانتحار لدى الذكور يكون بعد سن 45، ولدى الإناث بعد سن 55، مما يعني أن التقدم في السن من أهم العوامل الخطيرة المؤدية للانتحار، أما نسبة محاولات الانتحار الفاشلة التي لا تنتهي بوفاة فقد سجلت الإناث 4 أضعاف المعدل لدى الذكور.
وأشارت الغامدي إلى إحصائيات الأمم المتحدة التي تفيد بأن هناك 450 مليون شخص يعانون من اضطرابات نفسية وعصبية، وأن أكثر من 90 % من حالات الانتحار يكون مرتبطا بالاضطرابات النفسية وتحديدا الاكتئاب، وحسب تقرير منظمة الصحة العالمية فإن ما بين 5ـ 15 % من مرضى الاضطرابات النفسية ـ خاصة الاكتئاب ـ يقدمون على الانتحار، بالإضافة إلى 7ـ 15 % من مدمني الكحول و4ـ 10% من مرضى الفصام العقلي ..
أقل الحالات في البلاد المسلمة
ويرى استشاري الصحة النفسية ومدير الصحة النفسية بالطائف سابقا الدكتور عدنان عاشور أن الزيادة في نسبة الانتحار تصاحب الزيادة في الأخذ بأسباب الرقي المادي على حساب الرقي الروحي، لذلك كان أكثر الناس إقبالا على الانتحار الذين تزودوا بالعلوم الحديثة، وأكثرها علوم تقنية، وقليل منها ما يصلح الروح ويهذب النفس ويزيد الإيمان.
يقول "أعلى نسبة انتحار في العالم تتركز في بلدان أوروبا الغربية وأمريكا واليابان، وأقلها في العالم الثالث والبلاد المسلمة خصوصا، أن نسبة الانتحار تقل بين أهل الريف عنها في أهل المدن، وتتدنى نسبته بين المتدينين، ويندر أن ينتحر الأطفال دون العاشرة، وكثيرا ما يحدث الانتحار عند المراهقين بسبب الاكتئاب، وهم عادة ما يكتئبون تحت وطأة الظروف في البيت والمدرسة، وأكثر ما يكون ذلك بسبب شجار الأبوين أو إدمان أحدهما أو كليهما للخمر أو للمخدرات أو للقمار، وكثيرا ما يحدث الانتحار عن طريق تناول المسكنات أو السموم، ونسبة هؤلاء للعدد الإجمالي للمنتحرين تتجاوز 83 %، وتزيد نسبة البنات اللاتي يحاولن الانتحار عن نسبة الأولاد، غير أن ما ينجح من محاولات انتحار الأولاد أكثر مما ينجح من محاولات البنات".
ويذكر الدكتور عاشور أن من 50 ـ 70 % من الانتحار الناجح يكون سببه الاكتئاب الذي لم يتم تشخيصه، ويعلل ذلك بأن هذا المرض أحيانا ما يزحف ببطء، وبأعراض خفية كأعراض جسمية، أو أرق، أو اضطرابات جنسية، أو عدم استمتاع المريض بما حوله، يقول "هذه الوقائع التي نقرؤها في الصحف لا تعبر عن جنون، بل عن أفراد يعانون من الاكتئاب، ولم يستطع أحد اكتشاف مرضهم مبكرا".
و ينصح الشخص العادي قائلا "إذا كنت تشعر بالإحباط .. اقبل الحقيقة القائلة بأنك لن تكون سعيدا كل الوقت، وعليك بالبناء على مكامن القوة التي لديك، وأن تحسن من مهاراتك، وأن تقبل قيودك وحدودك" ..
الوصمة الاجتماعية
ويرى اختصاصي الطب النفسي ومشرف الطوارئ والعيادات ونائب المدير الطبي بمستشفى الصحة النفسية بجدة الدكتور هاني أبوالروص أنه لا توجد إحصائيات دقيقة على المستوى المحلي لحالات الانتحار، أو محاولات الانتحار لعدة أسباب منها رغبة الأهل في إخفاء الأمر، خوفا من الوصمة الاجتماعية، خصوصا وأن هناك ارتباطا بين الانتحار وفكرة أن المرض النفسي هو عبارة عن نقص في الإيمان، وعلامة على عدم التزام المريض وأهله من الناحية الشرعية، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة في ازدياد محليا وعالميا، وأن الأسباب قد تكون نفسية وعضوية ( بيولوجية ) واجتماعية .
ويضيف أن علاج الظاهرة يتم بمعالجة الأسباب كتقوية الدفاعات النفسية للمريض، وأن تلعب الأسرة دورا في الوقاية من حالات الانتحار، بالإضافة إلى الدور الديني أو الروحي، فهذا الأخير له أهمية كبرى في تعزيز قدرات الإنسان النفسية للتكيف مع ضغوط الحياة.
ويرى الاختصاصي الاجتماعي ورئيس الخدمة الاجتماعية والعلاج النفسي بمستشفى الصحة النفسية بجدة فهد الأحمدي أن الانتحار محاولة إنهاء الحياة بطريقة غير مشروعة، وأن هناك عدداً من الطرق لعلاجها من الناحية الاجتماعية منها إحاطة الأفراد بالحب والحنان، وإشعارهم بأهميتهم وقيمتهم في الحياة والمجتمع، وعدم زجهم في المواقف التي يصعب عليهم التأقلم معها.
علامات إنذار مسبقة
وتشير الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى الصحة النفسية بجدة نجاة البراق إلى أن هناك توقعات بالانتحار، وتقول "نحن لا نملك أي شيء نحو أولئك الذين انتحروا، ولكننا نستطيع أن نفعل الكثير للأشخاص المعرضين للتفكير في الانتحار"، وتؤكد أن 70 % من محاولات الانتحار كانت توجد علامات إنذار مسبقة على نزوع أصحابها الانتحاري، وهناك فترة حضانة للفكرة تبلغ 3 أشهر .
وقال المحامي أسامة يماني "الشخص الذي يقدم على الانتحار يحتاج إلى رعاية صحية وتوجيه واهتمام من المجتمع ككل، ولابد أن تتغير نظرة المجتمع للشخص ذي الأفكار الانتحارية، بإعطائه أملا في الحياة".
وعن الوضع القانوني في الانتحار قال: "الشخص الذي يقدم على الانتحار، وتنتهي محاولته بالفشل، يتم بعد وصوله للمستشفى مباشرة تبليغ الشرطة بالواقعة، فتقوم هذه الأخيرة بتحرير محضر بذلك، وتتولى مهام التحقيق وتتقصى عن الحقيقة تماما، لمعرفة ما إذا كان قد تصرف من تلقاء نفسه، أم أن هناك من دفعه إلى ارتكاب تلك الجريمة بحق نفسه".
وعن وجهة نظر حقوق الإنسان قال عبد الله سابق "جميع لجان حقوق الإنسان في العالم وفي العالم العربي والإسلامي لا تستطيع الحد من عملية الانتحار، لأن هذه العمليات مفاجئة، ولا تدخل بشكل مباشر ضمن اهتمامات لجنة حقوق الإنسان، إلا من حيث المناداة بتكريس العدل، ونبذ التمييز وعدم المساواة بين الناس في الحياة الاجتماعية، وإيجاد الوظائف للعاطلين، وسواها من الأمور التي قد تكون من الأسباب المؤدية للانتحار "..
وساوس نفسية
ويقول أستاذ الفقه وقواعده بكلية التربية للبنات بظهران الجنوب الدكتور نجاح عثمان أبو العينين عن ظاهرة الانتحار " لقد أخذ الشيطان على نفسه العهد والميثاق بغواية بني آدم، حيث جاء ذلك في قوله تعالى " فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين "، ومما أغوى به الشيطان أن جعل ضعاف النفوس يقدمون على جريمة من أكبر الكبائر ألا وهي الانتحار، وهي من السبع الموبقات، لأنها قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق، فهذه الموبقة لاتقتصر على من قتل غيره، بل تشمل قتل أي نفس حتى لو كان الشخص نفسه".
ويعرف الدكتور أبو العينين الانتحار فيقول "الانتحار هو تعدي الإنسان على نفسه أي: أن يقتل نفسه متعمدا، وقتل النفس هذا ليس حلا للخروج من المشاكل التي يبثها الشيطان والوساوس التي يلقيها في النفوس، ولو لم يكن بعد الموت بعث، ولا حساب لهانت كثير من النفوس على أصحابها، ولكن بعد الموت حساب وعقاب وقبر وظلمة وصراط وزلة، ثم إما نار وإما جنة، ولهذا جاء تحريم الانتحار بكل وسائله، سواء أن يقتل الشخص لنفسه بنار أو بحديده أو سم أو غرق، أو استعجال لموت المريض المسمى بالقتل الرحيم، بل إن التحريم يشمل إتلاف عضو من أعضاء الإنسان، أو حاسة من حواسه، أو إضعافها بأي شكل أو لون، وذلك لأن الإنسان لا يملك نفسه، ولا يملك جوارحه، بل أنت وجوارحك وما ملكت يداك ملك لله".
ويضيف " أليس إتلاف المال حراما، حتى لو كان في حيازتك، لأنك ما أنت إلا مستخلف عليه، قال تعالى " وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه"، لذا يجب عدم إتلاف النفس، أو إتلاف عضو من الأعضاء لأن مالكها الحقيقي هو الله، ومن ثم فقد حرم بعض الفقهاء التبرع بالأعضاء أو بيعها، حتى لو كانت من شخص ميت".
أدلة تحريم الانتحار
وذكر الدكتور أبو العينين بعض الأدلة الدالة على تحريم الانتحار ومنها قوله تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"، وقوله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقوله تعالى "ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق"، وفي صحيح البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال" الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعنها يطعنها في النار".
وعن أهم دوافع الانتحار قال "تتلخص دوافع الانتحار في الكآبة، وهي الأوفر حظا في السيطرة على مشاعر من لديه قابلية للانتحار، ثم يليها مشاعر اليأس، ولها دور كبير في التمهيد للانتحار، ثم سبب آخر وهو تكرار محاولات الانتحار، فالتفكير في الانتحار من الأسباب القوية لتنفيذ هذا الانتحار فيما بعد، ومن الأسباب أيضا الإدمان على الكحول والمخدرات، فقد يكون أحد الأسباب المؤدية للانتحار في أغلب الأحيان، وكذلك المعتقد الديني حول الانتحار له دور أساسي في قبول فكرة الانتحار، فعند المعتقدات الباطلة التي لا تحرم الانتحار قد يستسهل أصحابها هذه العملية، ويعتبرون أن الانتحار قرار نبيل للدفاع عن أخطاء أو خسارات كبيرة لا يتحملها العقل".
وقال إن من أسباب الانتحار أيضا فقدان شيء غال، أو خسارة كبيرة، كفقدان الأموال في التجارة أو البورصات الخاسرة، مع ضعف الإيمان، أو فقدان شخص عزيز كالزوج أو الزوجة أو الأبناء، أو فقدان منصب كبير لدى المقبلين على الدنيا، ومن العجب قد نرى المهووسين ينتحرون لفقدان نجم لامع في كرة القدم أو في عالم السينما أو لخسارة الفريق الذي يشجعونه في مباراة مصيرية، وكذلك انتحار القادة بعد المعارك العسكرية الخاسرة، مضيفا أن هناك عوامل نفسية أيضا تؤدي إلى الانتحار مثل العزلة أو العدوانية.
ضعف الإيمان سبب أساسي
وأشار إلى سبب غريب للانتحار، حيث يوجد بعض المترفين والمنعمين بالثراء الفاحش دون وجود عقيدة سليمة يقدمون على الانتحار، بحجة أنهم قد حازوا كل ما يتمنونه، ولم يعد هناك شيء يحتاجونه، فيجدون الدنيا لم يعد لها لون ولا طعم ولا رائحة، مستخلصا في النهاية السبب الرئيسي وهو ضعف الإيمان، لعدم تسليم المنتحر أمره وشكواه إلى الله، ولسوء الظن بالله بسبب الإعراض عن الله تعالى بفعل المعاصي وارتكاب الذنوب، وعدم الخوف منه تعالى.
وعن طرق علاج ظاهرة الانتحار قال الدكتور أبوالعينين "القرآن الكريم لم يغفل عن هذه الظاهرة وعلاجها، بل سوف نستسلم للقرآن حينما نرى التطابق المذهل بين العلاج العلمي والعلاج القرآني، ونستسلم أكثر حينما نرى القرآن يتفوق على العلماء وأبحاثهم العلمية، فحسب معطيات العلم الحديث نجد أن الأطباء يرون ضرورة العناية بمن لديهم اضطرابات نفسية قد تؤدي بهم إلى الانتحار، وضرورة رعايتهم من الناحية الطبية، وتوفير الحالة النفسية السليمة لهم، وبالتأكيد فهؤلاء العلماء لا يعالجون المرض إلا بعد وقوعه، ومن ثم لم يتمكنوا بعد من وضع علاج يخفف من حالات الانتحار، بل نجد نسب الانتحار شبه ثابتة، وتتأرجح حول معدل قد يصل إلى مليون منتحر كل عام، فعلى الرغم من الوسائل المتطورة التي تبذل فإن نسبة الانتحار زادت 60% خلال نصف القرن الماضي، وكان الاعتقاد سائدا أن كثرة الحديث عن الانتحار تشجع أكثر على هذه الظاهرة، ولكن الدراسات أثبتت الآن عكس ذلك، وأن الحديث عن عواقب الانتحار الخطيرة يمكن أن يمنع غالبا هذه الظاهرة".
وأضاف "القرآن الكريم تحدث بكل وضوح عن هذا الأمر الخطير، فأمرنا بأن نحافظ على أنفسنا، ولا نقتلها، فقال سبحانه "ولا تقتلوا أنفسكم".


الساعة الآن +4: 02:52 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا المنتدى يعمل على نسخة في بي بلص