قبيلة بني رشيد - في الغد هناك !

في صباح مجنون، كان العالم يحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية، فالحياة الراهنة لم تترك أحدا سليما معافى من اختلال نفسي يجاور الروح ويعبث بها.
وغدا المرض النفسي يسكننا ونتحرك به بعلمنا أو غير علمنا.
ويبدو أن العالم استشعر بانقلاب الحياة فجعل يوما محددا يذكرنا جميعا أننا مختلون نفسيا وأن ماحولنا انتقل إلى مرحلة الجنون.
فهاهي الطبيعة تتخلى عن دعتها وتدخل إلى حالات الرفض التام، وتقدم لنا صورا عن جنونها: انهيارات، وسيول جارفة، وتصدعات وهزات أرضية، واحتباس حراري، واختلال نسب عناصر الهواء، وتصحر، وكان آخرها الانهيارات المالية العالمية، صور عديدة تقول إننا نعيش حالة من الجنون.
هذا اليوم احتفلت به الصحة النفسية بمدينة جدة بطريقة مجنونة أيضا، كان حضور الفنان (الرائع دائما) محمد عبده وجبة دسمة لجذب الإعلام لرؤية فئة مهملة من قبل الجميع.
وفي اللقاء الصحفي الذي جمع سفير النوايا الحسنة بالإعلاميين لم يخف فنان العرب محمد عبده مفاجأته بوجود بعض الأجنحة والمرافق الصحية دون المستوى في المستشفى.
وليس خافيا القول مايجده العاملون في هذا المستشفى من عنت ومايبذلونه من جهد في ظل إمكانيات متواضعة للغاية.
ولا أعرف أين هي وزارة الصحة عن مستشفى كمستشفى الصحة النفسية، فمن المعروف أن المرضى النفسانيين بحاجة ماسة الى مواقع صحية شاسعة توفر إمكانية وفرص الاستشفاء وليس باعثة للانتكاسات، ومرافق مستشفى الصحة النفسية بحاجة ماسة لتدخل أموال الوزارة وليس لتصريحاتها، فإذا علمنا أن الملفات النشطة والمستفيدة من خدمات المستشفى هي أربعون ألف حالة بينما قدرة المستشفى لاتتعدى الثمانين سريرا..هل يعقل هذا.؟
وإذا كانت وزارة الصحة ليس في حساباتها دعم مستشفى الصحة النفسية، فسوف أزف لها خبرا أن حالات الاختلال النفسي ارتفعت نسبتها وفق ماسمعنا من مسئولي المستشفى بسبب أوضاع الحياة المعقدة وبسبب التفكك الأسري وأسباب لاحصر لها جعلت المستفيدين من خدمة المستشفى في تزايد ، هذه البشرى كي تواصل وزارة الصحة إهمال المستشفى لأننا سنصبح جميعا مجانين ولن يسمع أحد شكوتنا.
ربما أجد في رجال الأعمال المحبين لفعل الخير الالتفات لهذه المنشأة الصحية للمشاركة في خلق أجواء صحية تساعد هؤلاء المرضى على تجاوز محنتهم.
وإن بقي شيء من تلك الزيارة فهي تتعلق بأمرين أولهما نضال الفريق الذي يعمل بهذا المستشفى وتفانيهم في عملهم بالرغم من استطاعتهم الانتقال الى مستشفيات أخرى للعمل بها بدلا من الأخطار التي يجابهونها هناك.. والأمر الآخر مقدرة الفنان محمد عبده في تحريك المشاعر، فقبل المؤتمر الصحفي كانت له زيارة لعنابر النزلاء والاقتراب من هذه الفئة من غير خشية أو تعال كما كان عميقا وهو يتحدث عن الجنون بصيغ أخرى غير الصيغ المنفرة.
على فكرة بإمكان أي منا أن يكون نزيلا في المستشفى عما قريب بسبب ماتموج به الحياة من حالات جنون عظيمة، لذلك اهتموا بهذه الفئة، فربما نكون في الغد هناك.

بقلم//عبده خال