![]() |
متى نعقل ان التدافع من اعظم السنن اللازمه لعمارة الارض وصلاحها
بسم الله الرحمن الرحيم التدافع من اعظم السنن الكونيه التي اوجدها من خلق الكون واحسن كل شيئ صنعا وخلقا ؛ويعتبرالنقد إحدى وسائل التدافع الضروريه للمجتمع لعمارة الارض ودفع ما يفسد هذه العماره ، ومن دونه تصبح ثقافة المجتمع وعقول ذويه، وكل شيء فيه عرضة لاستغلال الأفراد والجماعات وحصر ها في اتجاه طريق واحد ، دون النقد البناء تصبح الدروب تُودي بنا إلى مجهول، إن النقد إحدى وسائل الاحتساب الشرعي؛ لكنه لا يكون شرعيا، إذا كان سلاحا في يد طائفة دون أخرى، وفي مُكنة جماعة دون غيرها، لا يكون شرعيا حين تهبّ الجموع في الدفاع عنه - وإن كان خطأ - إنْ صدر ممن يميلون إليه، ويحبونه، وإن فاه به غيره تنادوا إلى مهاجمته، ومحاربته عبر كل وسائل الإعلام الممكنة، إنه نقد بناء سواء صدر من هذا أوذاك، وليس مرة نقدا بناء، وأخرى تشهيرا بغيضا. كثير ممن خالطناهم وجمعتنا معهم زماله او جوار او عمل يصنفون أنفسهم بالإسلاميين وأهل الحق، أو ممن رضوا بهذا التصنيف للمجتمع، ورسخ في أذهانهم، وقنعوا به، وحيث انني أجالسهم، وأستمع إلى أقاويلهم، فإأنني أرى هؤلاء الإخوان هم أكثر الطوائف في المجتمع محاربة للنقد الموجه إليهم، فاغلبهم ينظرون إلى النقد لا على أنه احتجاج على بعض الممارسات الخاطئة من أي إنسان كان، إنهم ينظرون إليه على أنه حرب على الإنسان المسلم المتدين، هكذا ينظرون للنقد. والغريب في حالهم أنهم يطيرون فرحا حين يصدر نقد فيمن يعدونه ضدهم، ويُبادرون إلى نشر ذاك النقد، يسعون جاهدين عبر وسائلهم الممكنة، في إذاعة ما صدر في حق المخالفين لهم، مرة عبر مواقع الصحف الإلكترونية الممثلة لهم، وتارة عبر البريد الشبكي، وما نزال نذكر جميعا فرحهم وسرورهم بما قاله الغذامي عن الليبرالية، الغذامي الذي كان - وما زال - مناهضا لهم، أضحى رجلا يُعتمد عليه حين رمى بقوسهم، واحتطب بحبلهم، لقد ظهروا بمظهر البشر العاديين، فليعترفوا أنهم بشر، وليسوا أنبياء ينطقون بالحق فقط، ليعترفوا لنا أنهم يُمارسون الخطط التي يُمارسها غيرهم، ليقولوا لنا -ويصدقوا وهم دعاة الصدق - إننا كالبشر، نغضب حين نُنتقد، ونفرح حين نرى غيرنا ينتقد، ليقولوا لنا: إنهم يركبون أي مركب - خطأ كان أو صحيحا - حينما يتعلق الأمر بمخالفيهم. هؤلاء الإخوة يصنفون الناس بناء على ما فهموه من أقوالهم، ويؤمنون بتصنيفاتهم كما يؤمن المسلم بأركان دينه، لا يقبلون حولها حوارا ولا مناقشة؛ لكنهم يفزعون أيما فزع حين يُقال في رمز من رموزهم قريبا مما قالوه، في مايرونه انه ضدهم وربما عدوهم فعندهم الآخرون مباحون، وهم مستثنون فمرة يعتبرونهم محاربون للدين، ومرة أعداء لأوطانهم، ومرة عملاء، ومرة فاسدون أخلاقيا، وأخرى فاسقون ؛يرددون حين ينتقدون الآخرين مقالة عمر بن عبد العزيز: رحم الله من أهدى إليّ عيوبي، هذا مايتنتظرونه ممن يوجهون النقد إليه، وينتظرون منه أن يشكر سعيهم، ويحمد معه أمرهم، فإذا ما كان النقد موجها إليهم تغيّرت وجوههم، وأضحى المقالة: غضب الله على من...، حين يصدر النقد فيمن يميلون إليه يتغير اسمه، فيضحي تشهيرا، يسمون النقد بغير اسمه، تلك نظرة كثير منهم، مع أنّ مخالفيهم غالبا لا يتسلحون بالدين ولا يتدثّرون به، في حين أنهم يضعونه أول أسلحتهم في الهجوم، فما بالهم يرضون للناس ما لا يرضونه لأنفسهم؟ ما بالهم لا يرون في قوله - عليه الصلاة والسلام -:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" مثلا ينطبق عليهم؟ ما بالهم قبل ذلك كله لا يرون في قوله تعالى : (تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) نموذجا يُمكن أن يصدق عليهم؟ فإن لم يرضوا هذا ولا ذاك يصدق عليهم فلم لايخذوا بحكمة ذلك الأعرابي حين قال: استر عورة أخيك لما يعلمه فيك. إنّ إخواننا يعيبون على الآخرين شِلليتهم، ويغفلون أنهم يُمارسونها كذلك، فهم إن نُقدوا ثارت ثائرتهم، وتنادوا نصرة للحق وإزهاقا للباطل، وهم أكثر الناس حديثا عن الوحدة والالتفاف والاجتماع وعدم الفرقة؛ لكنهم أكثر الجماعات ممارسة لضد ذلك، فتفرقوا فرقة، لم تقع فيها التيارات الأخرى التي يصنفونها - كما يحلو لهم - بأنها ليبرالية أوحداثية أو... او --الخ ، و على اختلافهم - يُمثلون إستراتيجية واحدة، ورؤية واحدة، وهدفا واحدا، وأعزّ ما فيهم أنهم لا يتحاربون باسم الله تعالى ودينه. تلك نظرتهم، وتلك تدابيرهم مع إخوانهم، ويخطون خطوة أخرى أكبر حين يقولون لك: نحن ممثلو السلف في زمن غربة الدين، يقولون لك ذلك، فإذا ما قارنتهم بأبي الحسن - رضي الله عنه - رابع الخلفاء الراشدين هالك الأمر، حين تُقارن أقاويلهم بمخالفيهم ممن كانوا معهم بقول أبي الحسن في الخوارج:" إخواننا بغوا علينا، فقاتلناهم ببغيهم علينا" (البداية والنهاية 7/ 231) تهولك المفارقة الكبيرة بين السلف وممثليهم اليوم، يهولك أن يصف الإمام الخوارج بالإخوان مع أنهم كفروه وكفروا المسلمين معه، واستحلوا دماءهم، ثم تأتي لإخواننا اليوم فترى كيف ينظرون إلى مخالفيهم، وإن كانوا بالأمس يرونهم قادة لهم ورموزا لتوجهاتهم! إن مبدأ التدافع وسنته في قوله - تعالى -: (ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) ينطبق على التيارات التي تتواجد في كافة اطياف المجتمع بلا استثناء كما ينطبق على التيارات التي خصت نفسها من بين كل التيارات بتمثيل الدين، واختلفت وتباينت مواقفها فيه، إنّ نقدهم لغيرهم من باب هذا التدافع، ونقد غيرهم لهم من ذلك الباب نفسه، وهم إن رأوا أنفسهم ممثلين للسلف فلغيرهم من إخوانهم المخالفين لهم أن يدعوا ذلك. |
الساعة الآن +4: 02:03 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.