قبيلة بني رشيد

قبيلة بني رشيد (http://ban3abs.com/aa/index.php)
-   المنتدى الإسلامـــي (http://ban3abs.com/aa/forumdisplay.php?f=3)
-   -   العقيدة الإسلامية (http://ban3abs.com/aa/showthread.php?t=25185)

الاجهر 29-12-2007 08:27 PM

العقيدة الإسلامية
 
مقدمه
"بسم الله الرحمن الرحيم ‏
‏ الحمد لله الظاهر بدلائل وحدانيته في الكائنات المنعم بجلائل النعم ودقائقها بمحض الفضل والجود ‏والإحسان.‏
ونشهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له واحد أحد فرد صمد تنزه عن المثيل والشبيه والصاحبة ‏والولد وتقدس عن الند والشريك في الذات والصفات والأفعال وتعالى فوق عباده بألوهيته وعظمته ‏وكبريائه ، تفرد بالوحدانية في علو مجده وعزته واستوى على عرشه كما يليق بكماله العلي بواسع ‏رحمته وعظيم سلطانه.‏
ونشهد أن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله الذي أكمل الله به الدين وأتم به النعمة، وأرسله رحمة ‏للعالمين وجعله خاتم الأنبياء وأفضل المرسلين ، جاءنا بالتوحيد الخالص، وتركنا على المحجة ‏البيضاء ليلها كنهارها صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه والتابعين.‏
أما بعد ‏‎…‎
فإن المسلم لابد أن يكون على معرفة يقينية بالمعلوم من الدين بالضرورة ومنها أركان الإسلام ‏والإيمان ولما كان الإسلام عقيدة وعمل ، ولا يقبل الله العمل إلا إذا صحت العقيدة.‏
كان من ألزم الواجبات على المسلم أن يتلقى العقيدة الخالصة من شوائب الشرك والبدع والخرافات ‏وذلك لا يكون إلا من مصدرها الحقيقي حتى لا يضل الإنسان باتباع السبل التي تفرق عن الحق ‏وتنأى عن الصراط المستقيم.‏
قال الله تعالى :‏{‏ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ ‏وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ‏}‏ سورة الأنعام ، آية : 153‏
وقبل البدء في بيان تلك العقيدة والعبادة لابد من التمهيد لبيان الدين الحق الذي جاء به جميع الأنبياء .‏
هذا فإن أصبت فبفضل الله تعالى وما كان من تقصير فمني .‏
ضارعاً إلى الله تعالى أن يجعل هذا الكتاب خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به إنه سميع مجيب.‏

‏ الفقير لله تعالى ‏
د. محمد سليمان فرج‏.‏‏" اهـ

العقيدة الإسلامية ‏‎

الإسلام مصدر السعادة للبشرية



"لقد أصبحت سفينة الحياة البشرية حائرة مضطربة بعد أن تلقفها مارد الهوى ، وأخذ يسير بها في ‏بحر لجي من الغفلة والشهوات ، ويعصف بها موج شديد من الخطر والانحراف ، من فوقه موج قاتل ‏للمثل والأخلاق ، من فوقه سحاب كثيف يحمل الحيرة والقلق والاضطراب ، ظلمات بعضها فوق ‏بعض.‏


ظلمات من المادية الطاغية والأنانية البغيضة ، والشهوات الدنيئة والتفكك والانحلال والظلم ولذلك ‏باءت بالحرمان من السعادة الحقيقية وما ذلك إلا لأنها تفلتت من مصدر الأمان ومنهج الإيمان ، ‏وهدى الله تعالى عن طريق الوحي للأنبياء والمرسلين.‏


ولذا فإن الإنسانية المعذبة الضائعة في هذا العصر المادي المسرف في ماديته أحوج ما تكون إلى ‏أن تستظل بسماء الإيمان لتعيش في رحمة الله ورعايته ويوم أن تعود إلى المصدر الحقيقي للسعادة ‏المنشودة تحقق وجودها وتجد نفسها في رياض البهجة والسلام وليس هذا المصدر إلا دين الله تعالى ‏الذي ارتضاه لعباده وبينه في كتابه المجيد وعلى لسان رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه وآله.


فإليك أخي المسلم هذا العرض الموجز المبسط لعقيدة الإيمان وأركان الإسلام ولابد أن تعرف ما ‏هو الدين وبماذا عرفه العلماء:‏


تعريف الدين :‏


لقد عرف العلماء الدين بتعريفات كثيرة منها ما ذكره الإمام السيد محمد ماضي أبوالعزائم رضي ‏الله عنه في كتابه : الإسلام دين الله تعالى : " الدين وضع إلهي ، يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما ‏جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ".‏


وذلك يشير إلى أن الدين قانون سماوي يهدي الناس إلى اتباع ما أنزل على رسول الله صلى الله ‏عليه وآله وسلم وقبوله والإذعان له.‏


أو هو : "وضع إلهي سائغ لذوي العقول السليمة باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات"‏


أي أن الدين قانون إلهي تقبله العقول السليمة الخالية عن العناد والتعصب، وأن اتباعهم له إنما هو ‏عن اقتناع لما فيه من الخير المطلق لأنه من الله الحق وهو مفيض الخيرات كلها .‏

أو هو:" دين الله المرضي، الذي لا لبس فيه، ولا حجاب عليه ولا عوج له"‏

وهذا التعريف يوضح خصائص الدين من حيث وضوحه وعدم التباسه بالباطل لأنه الحق الذي لا ‏عوج فيه ولا غطاء عليه.‏

وكل هذه التعريفات وإن اختلفت في عباراتها إلا أنها تدل على معنى واحد.‏
‏ فالتعريف الأول : يشير إلى أن الدين منهج رباني يدعو أرباب النظر والفكر للإيمان به .‏
والثاني : يبين أن هذا الدين تقبله الفطرة السليمة والعقول المستقيمة لما يحويه من خير مطلق .‏
والثالث : يوضح طبيعة هذا الدين وما به من وضوح وجلاء وسهولة في تقبل عقيدته وفهم مبادئه .‏" اهـ

الدين الحق


‏" إن الإسلام هو دين الله الحق ، وإن الأديان التي جاءت بها الأنبياء والرسل قبل بعثته صلى الله ‏عليه وآله وسلم قد نسخت بدينه فمن لم يؤمن بدين الإسلام ولم يهتد بنوره ، ضل ضلالا شديدا ، ‏وخسر خسرانا مبينا لأنه صلى الله عليه وآله وسلم خاتم الرسل ولا نبي بعده ولا يزال نور رسالته ‏مشرقا في الآفاق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.‏


فالإسلام هو دين الفطرة الخالصة والتوحيد الحق ولن يقبل الله من أحد دينا غير الإسلام فمن لم ‏يؤمن به فمآله إلى الخلود في النار وغضب الجبار.‏


قال تباركت أسماؤه :‏{‏ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } - سورة آل عمران ، آية : 85‏


وإن الإسلام هو دين الله الذي ارتضاه لعباده من لدن سيدنا آدم عليه السلام إلى نبينا أفضل الرسل ‏وخاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم.‏


وقد أخذ الله العهد والميثاق على الأنبياء ، أن يؤمنوا به ويبشروا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم ‏الخاتم ، الذي يأتي على فترة من الرسل كافة للناس بشيرا ونذيرا.‏


‏ قال الله تعالى : ‏{‏ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ ‏مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ ‏فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } سورة آل عمران ، آية : 81‏

هذا ولا يكون الدين خالدا ومصلحا للعالم أجمع إلا إذا كان مستوفيا للتشريع الذي تظهر ‏مقتضياته في كل عصر إلى قيام الساعة ليحقق سعادة الإنسان في دنياه وآخرته وهو ليس إلا دين ‏الإسلام الذي جمع ما أنزل على الرســل ‏‎–‎‏ صلوات الله وسلامه عليهم ‏‎–‎‏ من فضائل وكمالات ‏واشتمل على كل ما تحتاجه البشرية في محيط العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات في حاضرها ‏ومستقبلها. " اهـ

الإسلام دعوة الأنبياء جميعا


"إن الإسلام دين الأنبياء جميعا بل وكل من في السموات والأرض فقال تعالى سبحانه :‏{ أَفَغَيْرَ دِينِ ‏اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ‏} ‏سورة آل عمران ، آية : 83‏


أي : أيريدون دينا غير دين الإسلام وهو دين الأنبياء والمرسلين جميعا ‏‎–‎‏ وهو وحده دين الله ‏‎–‎‏ ‏الذي خضع له كل من في السموات والأرض طوعا بالإرادة والاختيار، أو كرها بالقهر والتسيير - ‏وإليه وحده يرجع الأمر كله.‏


وهو الدين الذي دعا إليه سيدنا نوح عليه السلام قال جل شأنه :‏{‏ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ ‏لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ‏وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ‏إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‏} سورة يونس ، آية : 71/72‏


أي يشير الله تعالى إلى قصة سيدنا نوح عليه السلام لما أحس بعناد قومه وعدائهم لرسالته فقال لهم ‏يا قوم : إن كان وجودي فيكم لتبليغ رسالة ربي قد عظم عليكم ، فإني ثابت على دعوتي متوكل على ‏الله في أمري ، فاحزموا أمركم ومعكم شركاؤكم في التدبير ولا يكن في عدائكم لي أي خفاء، ولا ‏تمهلوني بما تريدون لي من سوء ، إن استطعتم إيذائي فإن ربي يحفظني ويتولى عصمتي منكم وان ‏أعرضتم عن دعوتي فإن ذلك لن يضيرني لأني لم أؤد رسالة ربي لآخذ عليها أجرا أخاف عليه من ‏الضياع لأجل إعراضكم إنما أجري عليها من ربي الذي أرسلني وحده ، وقد أمرني أن أكون موحدا ‏لله في جميع شئوني ، داعيا إلى دين الحق وهو الإسلام لله.‏


وهو دين سيدنا يوسف عليه السلام وآبائه قال جل جلاله :‏{‏ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ ‏تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي ‏بِالصَّالِحِينَ ‏} سورة يوسف ، آية : 101‏


أي توجه سيدنا يوسف عليه السلام إلى الله تعالى يشكره ويعدد نعمه عليه ويرجوه المزيد من فضله ‏قائلا : يارب ما أعظم نعمك علي ، وما أجلها ، لقد منحتني من الملك ما أحمدك عليه ووهبتني من ‏علم الرؤيا ما أعجز عن شكره أنت مبدع السموات والأرض ومنشئهما من العدم وأنت مالك أمري ‏ومتولي شأني في محياي وبعد مماتي ، توفني إليك على ما ارتضيت لأنبيائك من دين الإسلام ‏وأدخلني في حزب من هديتهم إلى الحق من آبائي وعبادك الصالحين المقربين.‏


وكذلك دين سيدنا موسى عليه السلام ومن تبعه من المؤمنين. قال عز من قائل:{َقَالَ مُوسَى يَا ‏قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } ‏سورة يونس ، آية : 84‏


أي قال موسى للمؤمنين يا قوم ، إن كان الإيمان قد دخل قلوبكم حقا فلا تشركوا مع الله أحدا سواه ‏وأسلموا أموركم إليه وتوكلوا عليه وثقوا به إن كنتم ثابتين على دين الله الحق وهو الإسلام.‏


وكذلك الحواريون قالوا للمسيح عليه السلام بأنهم آمنوا بالله ليشهد لهم بالإسلام.‏ قال الله تبارك وتعالى :‏{‏ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ ‏نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ‏} سورة آل عمران ، آية : 52‏


وقد أشار سبحانه وتعالى إلى أن الكتب السابقة تدعو إلى دين الله وهو الإسلام قال تعالى:‏‎ { الَّذِينَ ‏آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ ‏قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } سورة القصص ، آية : 52/53‏


‏ أي أن أهل الكتاب الذين يؤمنون بكتبهم الصحيحة حقا هم يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وآله ‏وسلم.‏


ولذلك إذا يقرأ عليهم القرآن قالوا ‏‎–‎‏ مسارعين إلى الإيمان ‏‎–‎‏ آمنا به لأنه الحق من ربنا ونحن عرفنا ‏هذا الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم وكتابه قبل نزوله ، فإسلامنا سابق على تلاوته.‏" اهـ7

الاجهر 29-12-2007 08:50 PM

الملة الحنيفية السمحة


"الإسلام هو دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام قال الله تعالى مشيرا إلى ذلك : ‏{ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ ‏الصَّالِحِينَ . إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ ‏إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ ‏لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ ‏لَهُ مُسْلِمُونَ ‏} سورة البقرة ، آية 130/133‏


أي أنه لا يعرض عن دين إبراهيم إلا من ازدرى إنسانيته وهبط بعقله إلى الدرك الأسفل ولقد ‏اصطفاه الله في الدنيا بالرسالة الخالدة، وانه في الآخرة لمن الصالحين المقربين لأنه استجاب لربه ‏عندما طلب إليه أن يذعن ويؤمن بدين الله وهو الإسلام فقال : " أذعنت وأسلمت لرب العالمين".‏


ولقد أوصى بنيه أن يتبعوا هذا الدين وبين لهم أن الله اصطفى لهم دين التوحيد وأخذ عليهم العهد أن ‏يثبتوا عليه حتى لا يموتوا إلا وهم مسلمون.‏


‏ ثم شنع الحق تعالى على اليهود قائلا لهم : أيها اليهود لقد زعمتم أنكم تسيرون على الدين الذي ‏مات عليه يعقوب فهل كنتم شهداء إذا حضره الموت فرأيتم ملته التي مات عليها ، ألا فلتعلموا أن ‏يعقوب وأبناءه كانوا مسلمين موحدين ولم يكونوا يهودا مثلكم ولا نصارى ، وأن يعقوب حينما جاءه ‏الموت جمع بنيه وقال لهم : ما تعبدون من بعدي؟ فقالوا : نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل ‏وإسحاق إلها واحدا ونحن له خاضعون مذعنون للحق مؤمنون بدين الإسلام.‏


ولقد بين لنا جل شأنه بأنه أكمل النعمة علينا بأن خصنا بتسميتنا مسلمين في الكتب المنزلة السابقة ‏لأننا خير أمة أخرجت للناس وأن كل الأنبياء بعثوا مبشرين بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم لأن دينه ‏الإسلام الذي هو الملة الحنيفية السمحة دين أبينا إبراهيم الخليل عليه السلام وجميع الأنبياء ‏والمرسلين.‏


‏ قال تعالى :‏{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ ‏إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ‏فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } ‏ سورة الحج ، آية : 78


‏أي جاهدوا لإعلاء كلمة الله سبحانه فقد اختاركم وارتضاكم لدينه وجعلكم أمة وسطا ولم يفرض عليكم ‏فيما شرعه لكم ما فيه مشقة لا تطيقونها فالزموا هذا الدين فهو دين أبيكم إبراهيم عليه السلام ‏لتكونوا شهداء على الأمم السابقة بما جاء في القرآن من أن الرسل قد قاموا بالتبليغ إليهم.‏


وقد بين سبحانه وتعالى دين إبراهيم وما كان عليه من الحق والدين القيم. قال سبحانه وتعالى:‏‎ { مَا ‏كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ‏}‏ سورة آل عمران ، آية : 67‏


أي أن إبراهيم عليه السلام ما كان على دين اليهودية ولا على دين النصرانية ولكن كان على الملة ‏الحنيفية السمحة تاركا الأديان الباطلة متجها إلى الدين الحق وهو إسلام الوجه لله تعالى.‏


وأشار جل جلاله إلى الصلة الوثيقة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأتباعه وبين خليله عليه ‏السلام قال تعالى :‏ {‏ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ ‏الْمُؤْمِنِينَ ‏} سورة آل عمران ، آية : 68‏


أي أن أحـق الناس بالانتساب إلى خليل الله إبراهيم عليه السلام هم الذين أجابوا دعوته واتبعوا هديه في زمنه وكذا هذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن آمن معه، فإنهم ‏أهل الدين القويم والتوحيد الخالص وهو دين خليل الله إبراهيم عليه السلام والله يحب المؤمنين ‏ويؤيدهم بنصره لأنهم أولياؤه وأتباع دينه فيتولاهم برعايته ويمنحهم فضله العظيم .‏


وقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين أنه على دين الإسلام الحنيف الذي ‏هو دين الخليل .‏


قال جل شأنه : ‏{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ‏الْمُشْرِكِينَ. قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا ‏أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ‏} سورة الأنعام ، آية : 161/163‏


أي قل يا أيها النبي موضحا ما أنت عليه من الدين الحق:إن ربي منحني الهداية وأرشدني إلى ‏طريق الحق ومنهج الصدق الذي بلغ نهاية الكمال في الاستقامة وكان هو الملة السمحاء والدين الذي ‏اتبعه إبراهيم عليه السلام لم يشرك مع الله إلها آخر بل كان موحدا لله مخلصا في عبادته ولذا قال: ‏إن صلاتي وجميع ما أتقرب به إلى الله تعالى في حال حياتي وما أموت عليه من الإيمان والطاعة ‏كله خالص لوجه الله الذي يملك جميع الكائنات فيربيها على موائد كرمه وإحسانه ولا شريك له في ‏الأمر والخلق والتدبير ولا في استحقاق الخضوع والتسليم، وقد أمرني ربي بذلك الإخلاص في ‏التوحيد والعبادة ، وأنا أول من أسلم وجهه لله." اهـ ‏

الإسلام دين الله


"لقد وضح بعد هذه الدلائل الساطعة والبراهين القاطعة من محكم كتاب الله تعالى الذي لا يأتيه ‏الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، أن الإسلام هو دين الله ‏الحق الذي ارتضاه لعباده .‏


‏ قال الله تعالى : ‏{‏ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ ‏الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ.فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ ‏وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ‏الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ‏} سورة آل عمران ، آية 19/20


أي أن الدين الحق الذي ارتضاه الله لعباده هو منهج الإسلام والتوحيد والخضوع التام لأوامر الله ‏تعالى ، ولقد اختلف اليهود والنصارى فحرفوا وبدلوا ولم يكن اختلافهم عن جهل اذ جاءهم العلم بل ‏كان حسدا وبغيا وعنادا وان من يجحد بآيات الله فلينتظر حساب الله وعقابه وهو أسرع الحاسبين.‏


ثـم بين الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأن شيمتهم المراء والجدل فقال له : فإن جادلك هؤلاء في هذا الدين بعد أن أقمت لهم الدلائل فلا تجارهم في الجدل وقل : سلمت أمري ‏لله الذي رضي لنا الإسلام دينا ، وأخلصت عبادتي لله وحده أنا ومن اتبعني من المؤمنين ،وقل لليهود ‏والنصارى ومشركي العرب : قد وضحت لكم الحجج وظهرت لكم الدلائل فأسلموا فإن أسلموا فقد ‏اهتدوا إلى طريق الحق واتبعوه وإن أعرضوا فلا مسئولية عليك في إصرارهم على الباطل فليس ‏عليك إلا أن تبلغهم رسالة الله وتدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة وتجادل الذين يقبلون ويخضعون ‏للحق بالتي هي أحسن.‏


وهكذا لو تتبعنا جميع الأنبياء والمرسلين لظهر جليا أنهم بعثوا بدين الله وهو الإسلام ولكن الإنسانية ‏في تدرجها الفكري والحضاري كانت تحتاج إلى تشريعات تناسبها وتعالج أدواءها ، فكان كل نبي ‏يرسل بمنهج رباني يلائم فطرتها ويسمو بطبيعتها من الحضيض إلى المستوى الذي أراده الله تعالى ‏لها وهكذا كلما تقدمت البشرية في نضجها العقلي أدركها الله تعالى بأحكام تكفل سعادتها في الدنيا ‏والآخرة ، حتى بلغت الإنسانية رشدها وكمالها ، فأرسل الله نبيه سيدنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ‏وأتم علينا النعمة بإكمال الدين الذي اختاره لنا مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ‏{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ‏وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ‏} سورة المائدة ، آية : 3‏. "اهـ10


رواية 29-12-2007 08:55 PM

اخي الاجهر الله يعطيك العافيه على هذا التوضيح عن العقيده
جعله الله في مواين حسناتك
تقبل مروري

الاجهر 29-12-2007 08:56 PM

مكانة الشهادتين في الإسلام


"إن الإيمان بالشهادتين في الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله شرط في دخول ‏الإسلام ويستلزم الإيمان بهما القيام بمبادئ الإسلام واعتقاد أركان الإيمان.‏


فقد روى عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " إن الإسلام بني على خمس ‏‏: " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، ‏وحج البيت ".‏ أخرجه أحمد والبخاري ومسلم


فهذا الحديث النبوي الشريف يوضح أركان الإسلام والأسس التي يقوم عليها بنيانه وأن أول هذه ‏الأركان هو الإقرار التام والإذعان الكامل والنطق بالشهادتين ، وهذا هو المقصود بيانه والاستفاضة ‏فيه لأنه الركن الركين ، والحصن الحصين ، وأساس العقيدة الإسلامية وعليه تبنى جميع الأحكام ولا ‏يقبل الله من العبد باقي الأركان من الصلاة والزكاة والصيام والحج إلا بعد الإتيان به ، وهذا الركن ‏الأساسي الذي هو الشهادتان تستلزم معرفته أركان الإيمان وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ‏واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى وقد بينها الحديث النبوي الجامع للإسلام ‏والإيمان.‏


فعـن عمر رضي الله عنه قال : " بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ‏يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه ‏منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على ‏فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ‏وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ان استطعت إليه سبيلا "‏
قال : صدقت ، فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال فأخبرني عن الإيمان؟ ‏
قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ".‏
قال : صدقت : فأخبرني عن الإحسان ؟
قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".‏
قال : فأخبرني عن الساعة؟
قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ".‏
قال : فأخبرني عن أماراتها ؟
قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " .‏
ثم انطلق فلبثت مليا ثم قال :‏
‏" يا عمر أتدرى من السائل ؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ".‏ رواه مسلم


فهذا الحديث الشريف من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه عليه ، لأنه جمع الإسلام والإيمان ‏والإحسان وأشراط الساعة في إيجاز مركز محكم فقد كان الصحابة رضوان الله عنهم جلوسا عند ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهتدون بنوره ودخل عليهم رجل لا يعرفونه شديد بياض الثياب ‏شديد سواد الشعر ، لم يعلق بشيء من ثيابه ولا من جسمه غبار ، ورأوه يجلس أمام الرسول صلوات ‏الله وسلامه عليه جلسة من له معرفة وصلة وثيقة بينه وبينه فهو يسند ركبتيه إلى ركبتيه ويضع يديه ‏على فخذيه ويوجه الخطاب إليه قائلا:‏


أخبرني عن الإسلام؟ أي عما يتحقق به من الأعمال التي من عملها يحكم عليه بأنه مسلم له ما ‏للمسلمين وعليه ما عليهم ، فأخبره صلوات الله وسلامه عليه بأن الإسلام يتحقق لمن نطق بالشهادتين.‏


‏ وهذه هي الدعامة الأولى : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إقراراً بلسانه مع ‏التصديق بالقلب بأنه لا معبود بحق إلا الله الذي اتصف بجميع صفات الكمال وتنزه عن جميع ‏النقائص ، فلم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ، بل هو الله الواحد الأحد، الذي لم ‏يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأنه سبحانه وتعالى المنفرد بالإيجاد والإمداد ولا نافع ولا ضار ‏سواه لأنه وحده الذي يملك الرزق والأجل والسعادة والشقاء فلا ينبغي الخوف إلا منه ولا الخضوع ‏إلا له ، ولا التذلل إلا بين يديه جل جلاله وعز سلطانه.‏


وهذا ما سيأتي تفصيله فيما بعد إن شاء الله تعالى ويسمى بالإلهيات.‏


فهذا الحديث الشريف بين أيضا أن رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عامة وباقية ‏والاعتراف له صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن الإيمان بجميع الرسل والأنبياء وأن المؤمن لا يكون ‏مؤمنا إلا إذا كان مؤمنا بجميع ما جاء به صلى الله عليه وآله وسلم مما هو معلوم من الدين ‏بالضرورة، وهذا ما يسمى في علم التوحيد بالنبوات والسمعيات .


‏ والدعامة الثانية : " وتقيم الصلاة " أي تؤديها بخشوعها في أوقاتها ، مستوفية جميع الشرائط ‏والأركان لأنها عماد الدين والفرق الواضح بين المؤمن والكافر وأول شيء يسأل عنه العبد يوم ‏القيامة.‏


والدعامة الثالثة : " وتؤتي الزكاة " وهي من أهم أركان الإسلام ولذلك قال سيدنا أبو بكر رضي ‏الله عنه: " لأقاتلن من يفرق بين الصلاة والزكاة"‏


وهي مطلوبة في الزروع والثمار عند الحصاد إذا بلغت نصابا وفي النعم السائمة من الإبل والبقر ‏والغنم التي ترعى في كلأ مباح إذا بلغت النصاب وفي عروض التجارة والنقود التي يحول عليها ‏الحول إذا بلغت النصاب وكذلك زكاة الفطر في رمضان


والدعامة الرابعة : " وتصوم رمضان ، والصيام فريضة يجب أداؤها متى توفرت شروط وجوبها ‏وهي الإسلام والبلوغ والعقل والقدرة على الصوم كما جاء في الشريعة المطهرة من أحكام مفصلة ‏للصوم .‏


والدعامة الخامسة : " وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " لأن الحج مفروض على المستطيع مرة ‏واحدة في العمر.‏


فقد روى الإمام مسلم عن أبي رضي الله عنه هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى ‏الله عليه وآله وسلم فقال: " يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل : أكل عام ‏يارسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لو قلت نعم لوجبت ‏ولما استطعتم "‏


وتتحقق الاستطاعة بوجود النفقة والزاد وأمن الطريق والقدرة الجسمية وغير ذلك وللحج ميقاته ‏الزماني المحدد قال الله تعالى : ‏{‏ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ‏} سورة البقرة ، آية : 197‏


وتلك الأركان الأربعة هي من مباحث علم الفقه الإسلامي.‏


ودهش الصحابة حين قال الزائر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقت كأنما يسأله عن شيء ‏معلوم له ، ثم انتقل من هذا السؤال إلى السؤال عن الإيمان ، أي عما يصير به الإنسان مؤمنا به ‏إيمانا منجيا من العذاب مستجلباً للرحمة ودخول الجنة ، فأجابه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبين ‏له أركانه الستة وهي :‏


الإيمان بالله : وهو التصديق القلبي بوحدانية الله تعالى وقدرته وإرادته وأسمائه وصفاته ، ‏واتصافه بصفات الكمال والجمال والجلال ، وأنه منزه عن كل نقص . ‏

والإيمان بالملائكة : كما وصفهم الله تعالى أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما ‏يشاء وهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ولا يوصفون بذكورة ولا ‏بأنوثة ولهم رسالات يؤدونها كالنزول بالوحي على الأنبياء ، وكتابة الحسنات والسيئات وقبض ‏الأرواح وسؤال القبر وخزنة الجنة وخزنة النار وهكذا.‏

والإيمان بالكتب المنزلة : وهي الزبور والتوراة والإنجيل، وأن جميعها نسخت بالقرآن ، فهو ‏المهيمن عليها والمصدق بها والصحف المنزلة كصحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.‏

والإيمان بجميع الرسل والأنبياء : وأنهم بشر معصومون اختصهم الله برسالته إلى الخلق ‏يدعونهم إلى التوحيد والطاعة ، ويجب أن يتصفوا بالصدق والأمانة والتبليغ والفطانة ويستحيل عليهم ‏الكذب والخيانة والكتمان والبلادة ويجوز عليهم الأعراض البشرية كالنسيان والأمراض التي لا تخل ‏بكرامتهم وأن الله تعالى ختمهم بأفضل الخلائق جميعا وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ‏ورسالته باقيه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.‏

والإيمان باليوم الآخر : وما فيه من حشر ونشر وثواب وعقاب وحساب وميزان وصراط وما ‏ورد بشأنه في الكتاب الكريم وصحيح السنة النبوية الشريفة.‏

والإيمان بالقضاء والقدر : أي أن الله تعالى قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه ما سيقع من ‏العباد في أوقات معلومة وأمكنة محدودة على حسب ما قدره الله تعالى من خيرها وشرها حلوها ‏ومرها ، وكل إنسان ميسر لما خلق له ولله الحجة البالغة على خلقه ، لأن الله تعالى يحاسب على ‏الكسب الاختياري وهو سبحانه الخالق للعباد وأعمالهم.‏


ثم انتقل السائل فسأل عن الإحسان فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أن تعبد الله كأنك تراه، ‏فان لم تكن تراه فإنه يراك ".‏


أي الإحسان : أن تطيع الله تعالى وأنت مخلص في عبادته خاضع لجلاله كأنك تعاينه ، فإن لم ‏تكن في عبادتك كأنك تراه ، بأن غفلت عن المشاهدة فاستمر على إحسان العبادة واستحضر أنك بين ‏يدي الله تعالى وأنه مطلع على سرك وعلانيتك لتحصل لك المراقبة التي تجلب الخشية .‏


ثم سأل بعد ذلك عن الساعة فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه مثله في ذلك ، يستويان لأن ‏علمها عند الله تعالى ، فقال : أخبرني عن أماراتها ؟ أي علاماتها قال صلى الله عليه وآله وسلم: "أن ‏تلد الأمة ربتها" أي سيدتها فهو إخبار بأحوال ستكون فيما بعد من كثرة العقوق أو إكثار الناس من ‏إنجاب الأولاد ممن دونهم كالجارية التي تحمل ابنة تكون لها ربة وسيدة.‏


ومن أمارات الساعة أيضا : " أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " أي ‏أن تقبل الدنيا على كثير من الفقراء الذين لم يكن لهم عمل إلا رعي الإبل والغنم فكانوا لذلك حفاة ‏الأقدام عليهم ثياب بالية لا تكاد تواري الأجسام فإذا بهم وقد كثرت أموالهم ، ونمت ثروتهم ، ‏وصاروا يتطاولون في البنيان فخرا وعجباً أي يرفعون البنيان بدون حاجة.‏


وقيل معناه : أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة يرتقون في البنيان والدنيا تبسط لهم ‏حتى يتفاخروا بالبنيان ويشتغلوا عن أوامر الله تعالى.‏


فلما أتم السائل أسئلته بادر بالانصراف حتى اختفى عن الأبصار.‏


ومعنى " فلبثت مليا " أي مكثت وقتا طويلا وهو سيدنا رضي الله عنه عمر بن الخطاب رضي الله ‏عنه راوي الحديث . ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت "الله ‏ورسوله أعلم. قال : " فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم " وفي هذا دليل على ان الإسلام والإيمان ‏والإحسان تسمى كلها دينا.‏" اهـ



الاجهر 29-12-2007 08:59 PM

معنى الإيمان والإسلام شرعا


"وجدير بالذكر أن تقف على حقيقة الإيمان والإسلام والارتباط بينهما ، فالإيمان هو : التصديق ‏القلبي الجازم والتسليم بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وثبت بالأدلة القطعية وعلم مجيئه ‏من الدين بالضرورة.‏


أما الإسلام فمعناه : الإذعان والخضوع التام والتسليم المطلق لكل ما جاء به النبي صلى الله عليه ‏وآله وسلم ، وعلم من الدين بالضرورة : أي بدون اعتراض على أي أمر من أوامر الدين وتلقيه ‏بالقبول والاستسلام .‏


وعلى ذلك يكون هو عقيدة قلبية، مثل الإيمان ، والفرق بينهما أن الإيمان تصديق قلبي جازم ، وأن ‏الإسلام تصديق وتسليم قلبي وعدم منازعة لأي أمر شرعه الله تعالى بل رضاء تام لكل ما علم من ‏الدين بالضرورة فالإنسان قد يصدق بوجود أمر ولا يسلم به ولا يرضاه فمن يقول أنا أومن بالإسلام ‏ولكني غير مقتنع بالصلاة والصيام مثلا ، فهذا يخرجه من حظيرة الإسلام ، لأن التسليم والخضوع ‏والاذعان لم يتوفر ولا ينفع إيمانه لأنه لو صدق بالله تعالى حقا لأسلم نفسه ورضي بكل ما فرضه الله ‏تعالى لذلك فإن الإيمان الصادق يستلزم الإسلام بهذا المعنى ولذلك إذا أطلق الإيمان فيراد به التصديق ‏والتسليم فيكون مرادفا للإسلام وهذا ما ورد في كتاب الله تعالى قال جل شأنه:‏
{ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‏} - سورة الذاريات ، آية : 35/36‏


وقد يراد بالإسلام الإذعان الظاهري فتجري على المسلم الأحكام الإسلامية ولــو كان منافقا أي ‏غير معتقد بقلبه ما دام لم يعلن ذلك ولم يفعل ما ينافي ‏الإسلام وقد شنع الله تعالى على أناس أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر .‏ فقال تعالى : ‏{‏ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي ‏قُلُوبِكُمْ } - سورة الحجرات ، آية :14 ‏


والإسلام بهذا المعنى محله ظاهر الإنسان ، لأن التصديق والتسليم لأوامر الدين أمر باطني ‏والخضوع لأحكامه أمر ظاهري .‏


وعلى هذا فالإسلام هو الذي يظهر للناس دون الإيمان ، والإيمان أخص من الإسلام والإيمان ‏باطني محله القلب وقد تدل عليه أعمال المؤمن.‏



‏ حكم التلفظ بالشهادتين:‏


التلفظ بالشهادتين بأن ينطق المسلم قائلا : "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله" شرط ‏لإجراء الأحكام الشرعية في الدنيا ، مثل الزواج والصلاة عليه عند موته . فإذا تعذر النطق لخرس أو ‏مرض فإيمانه صحيح وهو ناج عند الله تعالى ، أما الذي يستطيع النطق ولم ينطق بهما فهو كافر أما ‏إذا لم ينطق بالشهادتين جهارا لخوفه من الهلاك فإيمانه صحيح لقوله تعالى :‏ {‏ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ } سورة النحل ، آية : 106‏" اهـ14

فضل الشهادتين وحسن الختام



"ورد في فضل التوحيد والاعتراف بالشهادتين ترغيب عظيم وبشريات كبرى تسعد المؤمنين وتحرك ‏لطائف قلوبهم من فرط البهجة ونعيم الرضا بنوال المغفرة والفوز بالجنة والبعد عن النار قال تعالى ‏‏:‏{‏ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }‏ ‏ سورة النساء ، آية : 48 ‏


وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من شهد أن ‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ‏ألقاها إلى مريم وروح منه ، وأن الجنة حق والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ".‏ أخرجه البخاري ومسلم


فمن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أي آمن بقلبه إيمانا صادقا ويقينا خالصا ، بأنه لا ‏معبود بحق إلا الله وحده ولم يشرك معه غيره في العبادة والخضوع والدعاء وشهد أن – سيدنا - ‏محمدا عبد الله ورسوله ، جاء بالهدى ودين الحق ، وأنه المعصوم الذي تجب طاعته وتوقيره واتباع ‏سنته ، وأن شريعته باقية إلى يوم القيامة وقد نسخت جميع الشرائع السابقة وشهد أن عيسى عبدالله ‏ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن النصارى الذين قالوا : المسيح ابن الله ، أو هو الله ، ‏أو أن الله ثالث ثلاثة ، قد كفروا كفرانا مبينا ، وضلوا ضلالا شديدا قال الله تعالى: ‏{‏ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ ‏قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ‏} سورة المائدة ، آية : 72‏


وقال سبحانه وتعالى : ‏‎ {‏ لقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ‏} سورة المائدة ، آية : 73‏


وشهد أن الجنة حق أعدها الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة وأن النار حق جعلها للكافرين أدخله الله ‏الجنة ومنحه المغفرة والرضوان ولو وقع في الكبائر تاب منها لأن التوحيد الخالص يهدم السيئات إذا ‏مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يشرك بالله شيئا فيحرمه الله على النار ‏ويقيه شر العذاب والخلود في الجحيم الأبدي .‏


وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حمار ‏فقال لي :‏‏" يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وماحق العباد على الله؟"‏
فقلت : الله ورسوله أعلم قال : " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وحق العباد ‏على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا "‏ قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس ؟ قال:"لا تبشرهم فيتكلوا" أخرجه البخاري ومسلم


فما أعظم هذه البشرى للموحدين وما أجلّ هذه النعمة للمؤمنين وليس على الله حق واجب كما ‏زعمت المعتزلة ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي كتب على نفسه الرحمة وألزم ذاته العلية تفضلا ‏وإحسانا للموحدين المخلصين.‏


فينبغي للمؤمن أن يكثر من ذكر شهادة التوحيد التي هي كلمة التقوى وأن يدعو بها ربه صادقا ‏مخلصا ملتزما بما تقتضيه معانيها وهي لا إله إلا الله لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ‏عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " قال موسى : يارب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به؟ ‏قال : قل يا موسى لا إله إلا الله، قال : يارب كل عبادك يقولون هذا؟ قال : يا موسى لو أن السموات ‏السبع وعامرهن ‏‎–‎‏ غيري ‏‎–‎‏ والأراضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله "‏ رواه ابن حبان والحاكم وصححه


فمن نقى قلبه من أوضار الشرك وعَمّر سريرته بنور التوحيد الخالص ومات لا يشرك بالله شيئا ‏لقي الله تعالى مغفورا له من جميع الذنوب التي لم يمت مصرا عليها وتاب إلى الله منها ، فعن أنس : ‏قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب ‏الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة "‏ رواه الترمذي وحسنه


فالتوحيد هو أساس السعادة وسبب النجاة من أهوال يوم القيامة والشرك هو مصدر الشقاء ومنبع ‏الغضب الإلهي وموجب للخلود في النار فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله ‏عليه وآله وسلم قال : " من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار"رواه البخاري


وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " من لقي الله لا يشرك به ‏شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار ".‏رواه مسلم


فمن مات وهو يدعو لله ندا: أي مثلا أو شبيها أو يطلب من أحد مالا يقدر عليه إلا الله معتقدا فيه ‏النفع أو الضر استقلالا أدخله الله النار وعذبه عذابا شديدا ومن لقي الله تعالى موحدا في العقيدة مبرءا ‏من الشرك أكرمه الله تعالى بدخول الجنة ونوال المغفرة والنعيم المقيم ، بل إن الله تعالى يجعل له ‏حرمة عظيمة في الدنيا فيعصم ماله ودمه ما دام يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله ويكفر بالجبت ‏والطاغوت وما يعبد من دون الله من حجر أو شجر أو حيوان أو بشر. فعن النبي رضي الله عنه أنه ‏قال : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ، حرم ماله ودمه ، وحسابه على الله عز ‏وجل " رواه مسلم


ولذلك يجب على المسلم تصحيح عقيدته ومعرفة معنى الشهادتين معرفة يقينية وهي شهادة أن لا إله ‏إلا الله التي تشمل التوحيد وما يتصل بذات الله تعالى من عقائد وشهادة أن محمدا رسول الله التي ‏تشمل الرسالة ، وما يتصل بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم من معتقدات لأنهما قطب الرحى الذي يقوم ‏عليه الإيمان وتنبني عليه السعادة والشقاء." اهـ15/95‏



عبداللطيف العايضي 29-12-2007 09:01 PM

اللهما ثبتنا على دين الحق والمسلمين والمسلمات أجمعين يااارب العالمين

شكراً لك
تقبل مروري

4774bani-3abs

الاجهر 29-12-2007 09:03 PM

الإيمان والعمل الصالح


"الإسلام يتكون من الإيمان والعمل الصالح ، فالإيمان بالله تعالى هو الصلة بين العبد وربه ، وقد ‏كرم الله تعالى الإنسان وكرم أشرف ما فيه وهو قلبه ، وكرم قلبه بأفضل ما فيه وهو الإيمان.‏


ومن ثم كان الإيمان أجل النعم وأفضلها على الإطلاق قال الله تعالى :‏‎ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ ‏أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ‏} سورة الحجرات ، آية : 17‏


وقال تباركت أسماؤه: ‏‎ {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ ‏اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ‏فَضْلاً مِنَ اللَّهِ‎ } سورة الحجرات ، آية : 7‏


هذا ولا يكفي في الإيمان مجرد النطق باللسان والاقتناع بالعقل، بل لابد أن يكون عقيدة في القلب ‏تظهر آثارها على الجوارح وتسري في حياة المؤمن وسلوكه ولذلك جاء الإيمان في القرآن الكريم ‏مقترنا بالعمل الصالح وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله والخشية منه سبحانه والرضا بحكمه وحكم ‏رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا.‏


ومن هنا تشرق علينا الحقيقة واضحة جلية ، أن دين الإسلام يقوم على العقيدة الحقة والعبادة ‏الخالصة والأخلاق السامية والمعاملات الإسلامية فمن آمن بقلبه ونطق الشهادتين بلسانه ولم يقم بأداء ‏العبادة المفروضة من الصلاة والزكاة مع إيمانه بفرضيتها أو وقع في الكبائر المحرمة مع اعتقاد ‏حرمتها فهو فاسق عاص تقام عليه حدود الإسلام التي شرعها الله تعالى زجرا وتأديبا وأمره إلى الله ‏تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ولكن مآلـــه الجنة إن كان قد ختم له بالإسلام ولا يحكم ‏بكفره عند الجمهور من أهل السنة والجماعة .‏" اهـ 18



الاجهر 29-12-2007 09:04 PM

الإيمان حياة ونور والكفر موت وظلمات


"إن الإنسان بغير عقيدة الإيمان الصادق يعيش مقبورا في ظلمات الضلال والعمى بل هو في ‏الحقيقة ميت القلب والعقل فاقد الإدراك والمعرفة ، يتخبط في دياجير الحيرة والشكوك محروما من ‏نور الحياة وحياة الإيمان لأنه يسير بلا هدف ويجري وراء سراب خادع فلا يذوق للحياة طعما ولا ‏للوجود معنى ولذلك بين الله تعالى أن المؤمنين يحيون بالإيمان ويستضيئون بنوره ، وأن المشركين ‏والكفار في عداد الأموات المطموسين بظلمات الشرك والخسران.‏


قال تعالى :‏{‏ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ ‏لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } سورة الأنعام ، آية : 122‏


أي انكم بإيمانكم لستم مثل الكافرين في شيء فليس حال من كان كالميت في ضلاله فأنار الله ‏بصيرته بالهداية التي هي كالحياة وجعل له نور الإيمان والعقيدة الحقة يهتدي به ويسير في ضوئه ‏كحال الذي يعيش في الظلام المتكاثف وكما زين الله الإيمان في قلوب أهل الإيمان زين الشيطان ‏الشرك في نفوس الجاحدين المعاندين .‏


وقد أشار سبحانه وتعالى إلى ضلال الكفار وإلى ما هم غارقون فيه من ظلمات لأنهم حرموا نور ‏الهداية للإسلام.‏


قال الله تعالى :‏ { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ ‏بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ‏} سورة النور ، آية : 40‏


وهذا مثل آخر للكفار فمثلهم كراكب في ظلمات البحر الواسع العميق الذي تتلاطم أمواجه ويعلو ‏بعضها فوق بعض ويغطيها سحاب كثيف قاتم يحجب النور عنه فهذه ظلمات متراكمة لا يستطيع ‏راكب البحر معها أن يرى يده ولو قربها إلى بصره فتراه متحيرا مبهوتا وكيف يرى شيئا وينجو من ‏هذه الحيرة بدون نور يهديه في طريقه وسيره ويقيه الارتطام والهلاك ، فمن لم يوفقه الله لنور الإيمان ‏الخالص فلن يجد نورا يهديه إلى الحق ويدله على سبيل الاستقامة فيكون من الهالكين والعياذ بالله.‏


وأوضح سبحانه وتعالى بأن الاستجابة لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم هي الحياة والنور.‏


قال الله تعالى :‏{‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ ‏يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}‏ سورة الآنفال ، آية : 24‏


أي يا أيها الذين صدقوا بالحق وأذعنوا له، أجيبوا الله بقلوبكم وجوارحكم وأجيبوا الرسول صلى ‏الله عليه وآله وسلم إذا دعاكم إلى العقائد والأحكام التي فيها حياة أرواحكم وعقولكم وقلوبكم ، ‏واعلموا علم اليقين أن الله تعالى قائم على قلوبكم يوجهها كما يشاء فيحول بينكم وبين قلوبكم إذا زين ‏الشيطان لها الهوى فهو متوليكم إن اتجهتم إلى الحق المبين وإنكم جميعا ستجمعون يوم القيامة فيكون ‏الجزاء العادل الرحيم .‏


فمن آمن بالله حقا عاش في نور الله وهدايته ونجا من ظلمات الشر والباطل لأنه في ظل الولي ‏الحميد .‏


قال الله تعالى : ‏{‏ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ ‏الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ‏} سورة البقرة ، آية : 257‏


أي أن الله متولي شؤون المؤمنين وناصرهم ومؤيدهم بفضله فيخرجهم من ظلمات الشرك والحيرة ‏والضلال إلى نور التوحيد والهدى والاطمئنان والكافرون بالله تعالى تستولي عليهم الشياطين ودعاة ‏الشر والضلال فهم يخرجونهم من نور الإيمان الذي فطروا عليه والذي ظهر لهم بالأدلة الواضحة ‏والآيات البينة إلى ظلمات الكفر والفساد فهؤلاء هم الكافرون المستحقون للخلود في النار باتخاذهم ‏الطاغوت أولياء من دون الله تعالى فمن أشرب قلبه بنور الإسلام فهو على المحجة البيضاء والملة ‏السمحاء يكون منشرح الصدر بنور الإيمان والهدى.‏


‏ قال الله تعالى : ‏{‏ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ ‏مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ‏}‏ سورة الزمر ، آية : 22‏


أي أكل الناس سواء أفمن شرح الله صدره للإسلام باستعداده لقبول الحق فهو على بصيرة وهدى ‏من ربه كمن أعرض عن التفكير في آياته فالعذاب الشديد للذين قست قلوبهم عن ذكر الله لأنهم في ‏هوة الضلال ساقطون وعن طريق الحق الأبلج منحرفون .‏


فأهل الإيمان هم الثابتون على الحق المطمئنون الذين لا تعصف بهم رياح الشكوك والريب فهم في ‏رياض البهجة والسلام يتنعمون وفي نعيم الإيمان والهدى يعيشون قال الله تعالى :‏{‏ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ ‏يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ‏}سورة الأنعام ، آية : 82‏


أي أن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك أولئك وحدهم هم الآمنون ‏المطمئنون الذين لا يعرفون الحيرة والمخاوف وهم وحدهم المهتدون إلى طريق النجاة وسبيل السعادة ‏‏.‏


‏ فالإيمان مصدر الخيرات كلها في الدنيا والآخرة ومنبع النعم الظاهرة والباطنة .‏


قال الله تعالى :‏{‏ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ ‏كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‎ }‏ سورة الأعراف ، آية :96‏


أي ولو أن أهل تلك القرى آمنوا واتقوا لمنحناهم بركات من السماء والأرض ولكن جحدوا وكذبوا ‏الرسل فأصبناهم بالبلايا والمحن عقوبة لهم على ما كانوا عليه من الشرك والمعاصي فأخذهم بالعقوبة ‏أثر لازم لكسبهم القبيح وعبرة لأمثالهم إن كانوا يعقلون . ‏


وقد ضمن الله تعالى للمؤمنين الصالحين حياة الرخاء والهناء والاستقرار والأمن في الدنيا والجزاء ‏العظيم في الآخرة .‏


قال الله تعالى:‏ { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ ‏أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏}‏ سورة النحل ، آية : 97‏


أي من عمل صالحا سواء أكان ذكرا أم أنثى ، متجها إلى هذا العمل الصالح بدافع الإيمان والعقيدة ‏، فإننا لابد أن نحييه في هذه الحياة الدنيا حياة طيبة لا قلق فيها تملؤها السعادة الحقة بالقناعة والرضا ‏والصبر على مصائب الدنيا والشكر على نعم الله فيها وفي الآخرة وافر الأجر وعظيم الثواب ‏المضاعف والمغفرة الواسعة والرضوان الأكبر.‏


وأوضح لنا جل جلاله ثمرة الإيمان ونتيجة اليقين بأن المؤمنين في كنف الله وحفظه قال الله تعالى ‏‏:‏ {‏ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ ‏} سورة محمد ، آية :11‏


أي ذلك الجزاء العظيم والنصر المؤزر للمؤمنين لأن الله متولي الذين آمنوا وناصرهم ومؤيدهم ‏برعايته وفضله وأن الكافرين لا مولى لهم ينصرهم ويمنع هلاكهم وان المؤمنين عند الله هم السعداء ‏حقا لما لهم عنده من قدم راسخة ومقام كريم. ‏


قال الله تعالى:‏{‏ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ‏} سورة يونس ، آية :2


أي وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق أي لهم المنزلة العالية والمكانة الرفيعة عند ربهم ولا يتخلف ‏وعد الله أبدا.‏


فمن سعد بالإيمان والتقوى خصه الله تعالى بكفلين من رحمته وأعطاه نورا يفرق به بين الحق ‏والباطل وعاش قرير العين مطمئن الخاطر .‏


‏ قال الله تعالى:‏‎ {‏ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ ‏لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ‏} سورة الحديد ، آية : 28‏


أي يا أيها الذين آمنوا خافوا الله ، واثبتوا على إيمانكم برسوله صلى الله عليه وآله وسلم يمنحكم ‏
الله نصيبين من رحمته ويجعل لكم نورا تهتدون به في حياتكم لتسعدوا في الدنيا والآخرة ويغفر لكم ما ‏فرط من ذنوبكم والله واسع المغفرة عظيم الرحمة.‏


وقد بين الله تعالى عاقبة الضلال والشرك وصور حالة المشركين وهم في أقسى حالات الضنك ‏والضيق النفسي الرهيب وما عليه أهل الإيمان من انشراح في الصدر ونور في القلب.


قال تعالى :‏{‏ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً ‏حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ‏}‏ ‏ سورة الأنعام ، آية : 125‏


أي فمن يرد الله له الهداية يتسع صدره لنور الإسلام ، ومن يكتب عليه الضلال يكن صدره ضيقا ‏شديد الضيق ، كأنه من الضيق كمن يصعد إلى مكان مرتفع بعيد الارتفاع كالسماء فتتصاعد أنفاسه ‏ولا يستطيع شيئا ولله الحجة البالغة على خلقه ببيان دلائل الحق على لسان رسوله صلى الله عليه وآله ‏وسلم .‏


ولهذا فالعقيدة الإسلامية هي النعمة العظمى والفضل الكبير لأن الله تعالى تفضل علينا بإكمال الدين ‏وإتمام النعمة بهذا الدين الحنيف .‏


‏ قال الله تعالى : ‏{‏ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ ‏اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ‏} سورة المائدة ، آية :3‏


أي أكملت لكم أحكام دينكم وأتممت عليكم نعمتي الكبرى لإسعادكم وتثبيت أقدامكم واخترت لكم ‏الإسلام دينا لتنالوا الفوز العظيم في الدنيا والآخرة. ‏


وإن الإيمان الخالص بدين الإسلام إذا خالطت بشاشته القلوب وتمكنت في أعماق النفوس وجد ‏المؤمن حلاوة الإيمان الحق وذاق طعم السعادة الكاملة وعاش في نعيم روحي ومتعة قلبية لا تمنحها ‏لذائذ الدنيا بأجمعها ولا يحصلها الإنسان ولو ملك كل شيء من زخارف الحياة بأسرها بل ولو بلغ ‏القمة في السلطان والحكم لأنها من الله تعالى خالق الخلق ومدبر الأمر .‏


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا ، ‏وبمحمد رسولا ، وفي لفظ نبيا " رواه مسلم والترمذي


أي تذوق طعم الإيمان من صدق تصديقا جازما وسلم تسليما تاما ورضي رضاء كاملا بأنه عبد لله ‏الواحد القهار ، وإن الإسلام هو المنهج الإلهي القويم والدين الحق المستقيم وان سيدنا محمدا صلى الله ‏عليه وآله وسلم هو الرسول الخاتم والنبي المعصوم الذي يجب متابعته والإيمان بما جاء به.‏


فالمؤمن الصادق يحيا في نور السعادة الحقيقية ويحس بالبهجة والحبور لأنه يحب الله ورسوله حبا ‏صادقا يغنيه عن كل شيء سواهما ويحب لله ويبغض لله ويكره الكفر كما يكره الوقوع في النار.‏
فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ثلاثة من كن فيه وجد ‏بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلى لله وأن ‏يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار" ‏رواه البخاري ومسلم


فالمؤمن الصادق يحيا في نور الإيمان وحلاوة اليقين ويذوق طعم القرب من الله تعالى إذا استولت ‏محبة الله ورسوله على سويداء قلبه وملكت عليه نفسه فيحبهما حبا عظيما أشد من حبه لكل ما سواهما ‏من الموجودات ولا يحب أخاه إلا لما يرى من مسارعته لما يحبه الله ويرضاه وأن يبغض الكفر ‏والضلال بغضا شديدا بعد إذ نجاه الله منه أشد من بغضه للسقوط في نار موقدة تأجج لهيبها وزاد ‏إوارها. " اهـ

الاجهر 29-12-2007 09:06 PM

العقيدة الإسلامية وأثرها :‏


"إن أعظم سلطان على النفوس والأرواح هو سلطان الدين الذي ارتضاه الله لعباده لأنه الذي يهيمن ‏عليها ويستولي على جماع أقطارها وينفذ إلى سويداء القلوب وأعماق الأفئدة فيصلح الضمائر ويزكي ‏النفوس ويطهر المجتمعات بطهور الهداية الربانية ومدد الوحي المعصوم فينشر العدل والسلام ويقيم ‏دولة الحب والوئام ويدفع للعمل الجاد المثمر البهيج ويغرس في كيان الإنسان أسمى المعاني التي ‏تصنع البطولات وتظهر المثل العليا والفضائل الخلقية .‏


ولما كانت العقيدة هي أساس الدين وقوامه والدعامة الكبرى لبنائه كانت قوتها هي الميزان الدقيق ‏لعظمة الأمم والأفراد لأنها إذا رسخت في لب الأعماق وتمكنت في مكامن السرائر وجهت أصحابها ‏إلى معارج الكمال البشرى المنشود وسمت بهم إلى مراقي العزة والكرامة ليكونوا خير أمة أخرجت ‏للناس ولذلك فإن الرعيل الأول من المسلمين لما كانت العقيدة قد بلغت القمة في ثباتها في قلوبهم فقد ‏ملأوا الدنيا هديا ونورا وسعادة وأمنا وانتصروا على كل قوى الشر وأدبوا جبابرة الدنيا وسادوا الحياة ‏بأسرها رافعين راية التوحيد عالية خفاقة مبشرة بالنصر في كل مكان واستطاعوا في زمن يسير من ‏إبان الدعوة الإسلامية أن يبلغوا كلمة الله إلى ما يقرب من ربع الكوكب الأرضي آنذاك ولما ضعفت ‏العقيدة بأصحابها بعد ذلك تخطفهم أعداؤهم من كل جانب وأصبحوا عزين متفرقين لا تجمعهم وحدة ‏ولا يضمهم هدف.‏


ويوم أن نريد القوة لأمتنا والتمكين لديننا نربي جيلنا على العقيدة الحقة والإيمان القوي ليعود ‏للإسلام مجده السالف وسؤدده العظيم .‏


وإن من تدبر في هذه الآية عندما تتحدث عن الصالحات فتذكر العقيدة في طليعة أعمال البر يرى أنها ‏الأصل الذي تتفرع منه جميع الأعمال الصالحة والأساس الذي تقوم عليه . يقول الله تعالى :‏ {‏ لَيْسَ ‏الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ ‏وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ‏وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ ‏وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ‏} ‏ سورة البقرة ، آية : 177‏



العقيدة التي جاءت بها الرسل واحدة :‏


إن هذه العقيدة التي أنزل الله بها كتبه ، وأرسل بها رسله وجعلها باقية أبد الآباد من بداية البشرية ‏إلى نهايتها هي عقيدة واحدة ، لا تتغير بتغير الزمان أو المكان ولا تختلف باختلاف الأنبياء والأمم بل ‏هي ثابتة محكمة لأنها تشمل الإيمان بالله وملائكته ، ورسله واليوم الآخر. قال جل شأنه:‏ {‏ شَرَعَ لَكُمْ ‏مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا ‏الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ‏} سورة الشورى ، آية : 13‏


أي ما شرعه الله لنا من الدين ، ووصانا به هو الدين الذي جاء به رسله السابقين كنوح وإبراهيم ‏وموسى وعيسى [ على نبيّنا سيدّنا محمد وعليهم وعلى سائر الأنبياء والمرسلين أشرف صلوات الله وتسليماته ] وذلك في جوهر العقيدة وأصول الدين ، لا فروعه ولا تشريعاته الخاصة ، لأن لكل ‏أمة منهجا يتفق مع ظروفها ، وأحوالها ويتلاءم مع مستواها الفكري وحياتها الراهنة واستعدادها ‏الروحي قال سبحانه وتعالى: ‏{‏ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ‏} سورة المائدة ، آية : 48‏" اهـ 1/23


علم العقيدة الإسلامية


"إن علم العقيدة الإسلامية هو أعظم العلوم على الإطلاق وأمسها حاجة للمسلم ، لأن العقيدة ‏الإسلامية هي الأصل الذي تبنى عليه فروع الدين ، والأساس الذي يقوم عليه بنيانه والحصن الحصين ‏لحماية المسلم من عواصف الشك وأخطار الضلال والشرك وهذه العقيدة هي التي جاءت بها جميع ‏الرسل والأنبياء : قال الله تعالى :‏ {‏ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ‏فَاعْبُدُونِ ‏} سورة الأنبياء ، آية : 25‏


ويجب أن يعرف المسلم أن جميع الأعمال الصالحة التي يعملها لا يقبلها الله سبحانه وتعالى إلا إذا ‏صحت العقيدة ثبت الإيمان .‏


قال تعالى :‏‎ {‏ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا ‏وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ‏} سورة البقرة ، آية : 217‏


وتظهر الأهمية الكبرى لهذه العقيدة بأن عدم الإيمان بالأمور الغيبية هو الذي يحكم على الإنسان ‏بالكفر .‏


قال الله تعالى :‏ {‏ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ ‏شَرُّ الْبَرِيَّةِ.‏‎ ‎إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ‏تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ‏} سورة البينة ، آية : 6/8‏


المباحث التي تشملها العقيدة الإسلامية


إن العقيدة الإسلامية تشمل معرفة ما يجب لله تعالى وما يستحيل وما يجوز في حقه تعالى وهذا ما ‏يسمى بالإلهيات ومعرفة ما يجب للرسل عليهم الصلاة والسلام وما يستحيل وما يجوز في حقهم ‏وصدق معجزاتهم ورسالاتهم وهذا ما يسمى بالنبوات.‏


ومعرفة جميع الأمور الغيبية التي جاءت عن طريق كتاب الله تعالى أو سمعت من رسول الله صلى ‏الله عليه وآله وسلم وتشمل الإيمان بالملائكة والكتب واليوم الآخر والجنة والنار والصراط والميزان ‏والحوض وعذاب القبر ونعيمه والشفاعة وهكذا وهذا ما يسمى بالسمعيات.‏



مصادر العقيدة الإسلامية


إن العقيدة تشمل علم التوحيد الذي هو رأس مال المؤمن وسبب سعادته الأبدية قال الله تعالى:‏ {‏ إِنَّ ‏اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ‏} سورة النساء ، آية : 48‏


والعقيدة هي : انعقاد القلب عقدا مؤكدا على يقين صادق بحقيقة ما عليه الأمر في ذاته ونفس الأمر ‏، ولا يتم ذلك إلا عن طريق القرآن المجيد وخبر الصادق المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم فإن ‏الكمالات الإلهية لا يدركها العقل وحده لأنه لا يمكنه إلا بقدر ما يتضح له من الدلائل على عظمته ‏سبحانه وهذه الدلائل تتفاوت العقول في إدراكها. فإن الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله وسخره ‏للإنسان .


قال تعالى :‏{‏ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ ‏}‏ سورة الجاثية ، آية : 13‏


فلقد وهـب الله العقل للإنسان وجعل له السيطرة على الأرض لتظهر حكمة ‏التسخير وهو مع ما بلغه من العلوم الحديثة عاجز عن الإحاطة بما في المادة من خواص أودعها ‏القادر الحكيم من فضله فإذا انكشف للعقل شيء يذعن أن لهذا الكون إلها مدبرا ليعرفه بقدر ما شاهد ‏من هذه الآيات لا بقدر جلاله سبحانه وتعالى .‏


ولذلك لا يكون الإنسان مسلما إلا إذا شهد بنور الإيمان آيات الخالق العظيم مشرقة دالة على كمال ‏التنزيه والتقديس لذات الإله الحق سبحانه وتعالى ، ولا يمكن ذلك إلا بطريق الوحي الإلهي، ولهذا ‏فإن مصادر العقيدة الإسلامية هي ما عليه الإجماع من كتاب الله تعالى والسنة النبوية الصحيحة،وهي ‏عقيدة النجاة.‏" اهـ 1/25


الاجهر 29-12-2007 09:09 PM

من الذي يجب عليه معرفة تلك العقيدة ؟



"إن معرفة هذه العقيدة تجب على كل مكلف :‏


وهو البالغ العاقل ، الذي بلغته الدعوة الإسلامية فلا تجب على الصبي ، ولكن يجب على وليه أن ‏يقوم بتعليمه العقيدة متدرجا معه حسب ما يستطيع إدراكه لينشأ نشأة إسلامية تحميه من الزيغ ‏والانحراف إذا ما كبر وبلغ سن التكليف.‏


وإن معرفة أمور العقيدة معرفة جازمة يقينية فرض عين على كل مسلم ومسلمة كما هي عقيدة أهل ‏السنة والجماعة لذلك يجب على الأب أن يلقن أبناءه ويتدرج بهم في تمكين العقيدة من نفوسهم .‏



طريقة تعليم العقيدة :‏


يجب على الداعي إلى الله تعالى أن يسلك طريق تثبيت الإيمان قبل العلم قال سيدنا أبو هريرة ‏رضي الله عنه: " كنا نتعلم الإيمان قبل القرآن ، وأنتم تتعلمون القرآن قبل الإيمان" ‏


وذلك لأن الصحابة ‏‎–‎‏ رضوان الله عليهم ‏‎–‎‏ كانوا يتعلمون التصديق قبل العلم ، فإن الإيمان دليل ‏على صفاء النفس وصدقها والإنكار دليل على مرض النفس ونقصها ، لأن النفس الصافية تقبل الحق ‏وتستجيب له لأنها تميل إليه بطبعها وتألفه ، ولما كان لابد من التصديق قبل العلم لزم أن يبدأ الداعي ‏بتعليم التصديق، حتى تتمكن العقيدة في أعماق النفس وترسخ في الوجدان والعقل.‏


وطريقة تعليم التصديق: أن يبدأ المعلم بغرس جذور الإيمان عن طريق العقل لأن التوحيد أمر ‏بدهي للعقول تقبله الفطرة السليمة ببيان دلائله وذلك بأن ينبه إلى ما يراه حوله من الأشياء الكثيرة ‏التي خلقت لأجلنا كالهواء والماء والأرض التي نمشي عليها والشمس التي تضيء لنا وتعطينا الحرارة ‏، فإذا تنبه فكر المرء وحضر قلبه بين له أن تلك الكائنات لابد أن يكون قد أوجدها قادر حكيم ، وأنه ‏سبحانه وتعالى خلقها صالحة لنفعنا، وهو ما يسمى ببرهان العناية والإيجاد فإذا رأى من المستمع ‏التصديق بأن هذا الوجود أحدثه خالق مبدع بإرادة وتدبير وأنه سبحانه وتعالى سخره لبني الإنسان ‏شرع في تعليم العقيدة وبيان صفات الله تعالى ويجب عند بيان الصفات الإلهية أن يشرح للمتعلم ‏المقصود من العلم بها ، فإن كانت صفة السمع والبصر مثلا بين له أن الله سبحانه وتعالى لا يخفى ‏عليه شيء من الأقوال والحركات والسكنات فيجب أن يراقب المؤمن ربه في سره وعلنه وهكذا في ‏كل صفة من الصفات يجب أن يعتني بتلك المعاني المرادة من دراسة هذا العلم ليقوى الإيمان واليقين ‏وتدوم المراقبة لله تعالى ." اهـ

حاجة الإنسان للعقيدة


"إن حاجة الإنسان إلى العقيدة حاجة ماسة وضرورة ملحة لمعرفة نفسه ومعرفة ما يحيط به من هذا ‏الوجود المتناسق المحكم العجيب.‏


فالإنسان منذ نشأته تثور في نفسه أسئلة يريد أن يعرف الجواب عنها ومن ذلك على سبيل المثال :‏

من أين جئت وجاء هذا الوجود المتناسق البديع؟

وإلى أين المصير بعد هذه الحياة المليئة بالأعاجيب والخير والشر وبعد الموت؟

ولماذا وجدت في هذه الحياة وميزت بالعقل والإرادة عن سائر الكائنات المشاهدة المحسوسة ؟

فهذه الأسئلة قد تتردد في كل عصر والإنسان يتطلع للجواب الذي يطفىء الظمأ ويطمئن الوجدان ويقنع ‏العقل ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعقيدة الحقة الخالصة.‏


لأن هذه العقيدة هي التي تكشف للإنسان عن حقيقة نفسه فيعرفها ، فإذا عرف نفسه عرف ربه ‏فيوقن انه لم يظهر في هذا الكون من العدم صدفة ولا عبثا وإنما هو عبد لإله خالق عظيم هو الذي ‏خلقه فسواه وأحسن خلقه ونفخ فيه من روحه ووهبه السمع والبصر والفؤاد وأحاطه بنعمه التي لا تعد ‏ولا تحصى ظاهرة وباطنة .‏


وهذا الوجود كله بما يحويه من أرض وسماء وحيوانات ونباتات وأفلاك وجمادات ، إنه مخلوق ‏مقهور لله تعالى لا يسير عبثا ولم يترك سدى بل كل شيء بتقدير إلهي وتسخير دقيق وفق إرادة ‏الخالق المبدع جل جلاله.‏


فالعقيدة هي التي توقف الإنسان على سر الحياة بعد الموت وهي التي تعرفه أن الموت ليس عدما ‏وفناء وإنما هو مرحلة أخرى بعد الحياة الدنيوية تأتي بعدها النشأة الأخرى التي تجزى فيها كل نفس ‏ما كسبت فلا يظلم أحد شيئا ليوفى كل إنسان عمله.‏


وكذلك ليستطيع أن يدرك الإنسان لماذا خلق! وأنه جاء ليعبد ربه ويعرفه وانه جعل خليفة في ‏الأرض ليعمرها ويسخرها وفق نظام معين ومنهاج شرعه الله سبحانه وهيأ الله له الأسباب ليكتشف ما ‏فيها من أسرار ويتمتع بطيباتها مؤديا حق ربه عز وجل وحق العباد والكائنات من حوله.‏


وبذلك يدرك سر وجوده ويقف على حقيقة أمره في هذه الحياة وإن الإنسان بغير عقيدة صحيحة ‏يعيش في وادي الحيرة ويتخبط في ساحة الخذلان ويسقط في هوة الشقاء النفسي بل إنه حكم على ‏نفسه بالجحيم الأبدي مهما كان في رخاء مادي ورفاهية كما نرى اليوم بعض الناس في الدول الغنية ‏التي لا تستظل بسماء العقيدة الإسلامية ، يحاولون التخلص من الحياة بطريق الانتحار لأنهم خالفوا ‏الفطرة التي فطر الله الناس عليها .‏


وإن الفطرة في الإنسان لا يقنعها شيء مهما كان ولا يطفىء ظمأها مباهج الحياة ولا يسد فراغها ‏تقدم العلوم وتطورها بل تظل تطالب الإنسان دائما بما يشبع نهمها ويكمل نقصها حتى تصل إلى ‏العقيدة الحقة فتهدأ وتسكن فيشعر الإنسان بحقيقة وجوده وسعادته المنشودة .‏


ومن هنا كانت العقيدة عند كل الأمم بدائية ومتحضرة وفي كل الأزمان ولكنها إن لم تؤخذ من ‏الوحي المعصوم تنحرف بأصحابها عن الصراط المستقيم .‏


يقول بلوتارك المؤرخ الإغريقي : قد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون وبلا قصور وبلا سدود ‏وقناطر ، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد.


وإن الله تعالى جعل الدين هو الفطرة الإنسانية،قال الله تعالى:‏{‏ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ ‏الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ‏}‏ سورة الروم ، آية : 30‏فالإنسانية في حاجة ماسة إلى العقيدة الصحيحة للإيمان بالله تعالى وبرحمته ‏


والإيمان باليـوم الآخر وانتظار الجزاء العادل ونوال الثواب في دار الخلود ‏لتكتمل للإنسان سعادته الروحية ويعيش في رياض الأمن النفسي والأمل الباسم فيستقبل مشاكل الحياة ‏بنظرة متفائلة وصبر جميل وإن القوانين التي هي من وضع البشر لا تكون باعثا على الالتزام ‏بالمبادىء والقيم ولا تربي في الإنسان ملكة المراقبة للخير والشر فتكون حاجزا له عن الشر لأن ‏الاحتيال على هذه القوانين ممكن ولكن العقيدة الدينية تهيمن على ضمير المؤمن وتضع له ضوابط ‏عادلة حكيمة.‏"اهـ26


الاجهر 29-12-2007 09:11 PM

أسباب الجحود والإنكار


"إن الذين جادلوا في الله بغير علم شرذمة آثمة سيطرت عليهم الشهوات الدنيئة فبرروا سقوطهم في ‏حمأة الرذيلة بالإنكار حتى لا يسألهم أحد ولا يسألوا أنفسهم فيظلوا في لهوهم الحقير سائرين وفي الملذات ‏الحيوانية منهمكين .‏


لهذا لم يكن كل قصد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام متجها إلى إثبات وجود الله تعالى فهذا ‏أمر فطري ومسلم به وإنما كان جل قصدهم تصفية العقيدة في الله تعالى مما شابها من أدران الشرك ‏وضلالات الوثنية.‏


وإن الدلائل على وجود الله تعالى أسطع من الشمس في رابعة النهار فلماذا نرى من يقولون إن ‏هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر والحقيقة أن أسباب جحودهم ترجع إلى أسباب ‏كثيرة أهمها :‏


الإغراق في الماديات ، والانهماك في الشهوات:‏


فمن الأسباب الأساسية الحاجبة عن الإيمان هو الانحصار في دائرة المحسوسات التي يعيش فيها ‏الأطفال الصغار لأنهم يقولون: إذا كان الله موجودا فلماذا لا نراه بأعيننا ولا ندركه بحواسنا ، كما ‏نرى وندرك سائر المحسوسات وكيف يصح أن نؤمن بما لا نراه ، وهذا الحكم باطل وساقط في نظر ‏الإنسان الذي استعمل عقله وفكره لأن حصر الموجودات فيما يرى الإنسان ويحسه فقط رأي فاسد ‏فهناك موجودات كثيرة لا تحس ولا ترى كما أن تحصيل المعرفة عن طريق الحس فقط وهم وضلال ‏لأن من وسائل المعرفة البدهية : الفطرة والعقل والنظر والبصيرة والوجدان.‏


فإن علماء الفلك يقدرون وجود كواكب بعيدة عنا بملايين السنين الضوئية ويحددون مواقعها ‏والأبعاد بين بعضها البعض بدون رؤية واضحة بالحس والمشاهدة ولكنه الاستدلال بالأثر على ‏المؤثر، فهم قد وصلوا إلى معرفة هذه الكواكب البعيدة بآثارها لا بذواتها ، فلمَ نسلم لهم ونؤمن بما لم ‏يروه ولم يحسوه؟ مع أنهم عرفوا ذلك بالمنطق الرياضي الذي يعتمد على الأرقام والاستنتاج العقلي ، ‏وكذلك علماء الذرة الذين استخدموا قوانين الطاقة مع أنهم لم يروا الذرة حتى الآن ، وإنما آخر ما ‏وصلوا إليه أنهم رأوا ظلها أو خيالها بالمكبرات الهائلة.‏


وهكذا في الكهرباء وغيرها من الأمور الكثيرة التي صدق العلماء بوجودها مع أنهم لم يروها رأي ‏العين ، فلمَ نصدق بهذا الاستدلال العلمي وما فيه من الاستدلال بالآثار في مجال علوم الطبيعية ‏والفلك ولا نصدق به ونستخدمه في وسائل المعرفة بأمور الدين والآخرة .



التقليد الأعمى البغيض :‏


والتقليد الأعمى من أسباب الكفر والضلال لأنه يفقد الإنسان عقله وشخصيته ويجعله يفكر بتفكير ‏غيره ويعيش إمعة لا رأي له يؤمن بما آمن به آباؤه وأهل بيئته ، ويسلم زمام نفسه إليهم ، فيهوى في ‏جحيم الحيرة والشكوك ويتردى في عذاب الخزي والحرمان ، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في ‏قوله تعالى : ‏{‏ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ ‏لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ‏}‏ سورة البقرة : آية : 170‏وبين لنا سبحانه حال زعماء الكفر وتابعيهم يوم القيامة بقوله تعالى:‏ {‏ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ ‏الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا ‏تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ‏} سورة البقرة ، آية : 166/167‏



العناد والغفلة :‏


ومن أشد هذه الحجب وأجلها خطرا العناد والغفلة لأن الأدلة لن تقنع هؤلاء المعاندين الذين يصمون ‏آذانهم لئلا يصل إليهم صوت الحق ويغمضون أعينهم لئلا تبصر نور المعرفة ويقفلون قلوبهم وأفئدتهم ‏لكيلا تمتد إليها أضواء الإيمان الساطعة ، فهم يجادلون بالباطل لا ليعرفوا الصواب وإنما هي ‏المكابرة والجحود وقد كشف الله حقيقتهم .بقوله جل جلاله :‏ {‏ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ ‏لَكَاذِبُونَ ‏} سورة الإنعام ، آية : 28‏


أي ولو ردوا إلى الدنيا كما يزعمون لرجعوا إلى الكفر إطاعة لأهوائهم ، وانهم لكاذبون في ادعائهم ‏الإيمان لو عادوا إليها فجدالهم إنما هـــو للباطل والعناد.‏


قال تعالى :‏‎ {‏ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِير.ٍ ثَانِيَ عِطْفِهِ ‏لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ‏}سورة الحج ، آية : 8‏


لقد ظهر عناد الكفار والمشركين الضالين فطلبوا أن ينزل عليهم كتابا من السماء فيلمسوه بأيديهم ‏ويسمعوا كلام الملائكة الذين يشهدون بنبوته صلى الله عليه وآله وسلم فرد الحق تعالى على ‏ضلالاتهم وإفكهم بقوله سبحانه:‏{‏ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ ‏كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } سورة الأنعام ، آية : 7‏


وبين سبحانه عنادهم ومكابرتهم بقوله سبحانه وتعالى : ‏{‏ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا ‏فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ‏} سورة الحجر ، آية : 14 ‏وبذلك يتبين لنا أن كل الأدلة لا تكفي لإقناع من سفه نفسه وأغلق قلبه وأصر على العناد والكفران ‏وإن كل شيء في الأرض أو في السماء حولنا لهاد لمن يريد الوصول إلى سبيل الحق والاهتداء إلى ‏طريق النجاة ومعرفة الواحد الأحد الذي ظهر في خلقه بآيات إبداعه وإتقان صنعه ، قال تعالى ‏‏:‏ { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ‏} سورة الذاريات ، آية : 21‏




ولله في كل تحريكــــة ‏ = وفي كل تسكينة شـــاهد
وفي كل شيء له آيـــة ‏ = ‏ ‏ تدل على أنه الواحــــد‏

1
2 ولـلـه فــي كــل تـحـريـكــة ii‏ وفـي كـل تـسـكـيـنـة شـاهـد
وفـي كــل شــيء لــه آيــة ii‏ ‏ ‏ تــدل عـلــى أنــه الـواحــد‏





وكذلك الغفلة التي طمست عقول بعض الناس وأصابت مداركهم بالشلل وقلوبهم بالعمى فعطلت ‏الفكر والمعرفة لديهم فكان كل مقصدهم إرواء الغرائز وإشباع الشهوات والتمتع بأنواع المتع الحيوانية ‏كالأنعام.‏


وهؤلاء قد بينهم الله تعالى بقوله :‏{‏ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا ‏يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ ‏هُمُ الْغَافِلُونَ ‏} ‏ سورة الأعراف ، آية : 179‏


فحقا هم أضل من الأنعام السائمة ، لأن الأنعام لم توهب من العقل والمعرفة وسائر النعم ما منحوا، ‏ومع ذلك فهي تقوم بوظيفتها التي خلقت لها ولا تنازع ولا تغفل عن أداء مهمتها فالإنسان الغافل عن ‏معرفة ربه هو شر من الدواب وأقل منزلة وأضل سبيلا من البهائم لأنه غفل عن سر الله فيه ولم ‏يستعمل عقله وفكره فيما خلق له في هذه الحياة الدنيا.‏" اهـ

الاجهر 29-12-2007 09:14 PM

من الذي يحكم عليه بالكفر ؟



"لا يجوز الحكم بالكفر على أحد من المسلمين لم ينكر معلوما من الدين بالضرورة ولم يعتقد ما ‏يخرج عن دين الإسلام لما ورد في ذلك من وعيد شديد وتحذير رهيب.‏


فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا قال الرجل ‏لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما ، فإن كان كما قال ، وإلا رجعت عليه "‏ رواه مالك والبخاري ومسلم


وأكد ذلك المعنى وزاده وضوحا في حديث آخر ، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال صلى ‏الله عليه وآله وسلم : " ما أكفر رجل رجلا إلا باء أحدهما بها إن كان كافرا ، وإلا كفر بتكفيره "‏ رواه ابن حبان في صحيحه


أي أنه إما أن يصدق عليه أو يكذب ، فإن صدق فهو كافر ، وإن كذب عاد الكفر إليه بتكفيره أخاه ‏المسلم .‏


وقيل : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أن الذي يصف أخاه المسلم بالكفر ينال ذنبا عظيما ‏وإثما كبيرا إن لم يكن كذلك ، لأن القائل لأخيه يا كافـــر اعتقد أن عقائده زائغة وأعماله باطلة ‏وأفعاله سيئة ، فإن صدق في قوله نجا وإن كذب في قوله لأخيه ووصفه بالكفر فقد افترى عليه ‏وتعدى عليه بما لا يليق بمسلم، ولذلك يجب معرفة الأمور التي يصدق على صاحبها الحكم بالكفر لئلا ‏يرجع إلى القائل هذا الحكم.‏


تحديد معالم الكفر


إن الكفر في الإسلام يدل على الجحود والإنكار وقد يراد به جحد النعم وترك شكر المنعم والقيام ‏بحقه فالكفر الذي يخلد صاحبه في النار يوم القيامة وتجري عليه أحكام الكفار في الدنيا هو المقصود.‏


وعلى هذا فالذي يصدق عليه الحكم بالكفر هو من جحد شيئا من العقائد الثابتة بالأدلة القطعية.‏


وقد جاء في كتاب غريب القرآن : الكافر على الإطلاق متعارف فيمن يجحد الوحدانية أو النبوة أو ‏الشريعة أو ثلاثتها.‏


وقيل الكفر على أربعة أنحـــاء : ‏


كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلا ، ولا يعترف به.‏
وكفر جحود ككفر إبليس يعرف الله بقلبه ، ولا يخضع ويقر بلسانه.‏
وكفرعناد : وهو أن يعترف بقلبه ، وربما صرح بلسانه ولا يدين به حسدا وبغيا.‏
‏ وكفر نفاق ، وهو أن يعترف بلسانه ولا يعتقد بقلبه.‏


فمن أنكر معلوما من الدين بالضرورة كوحدانية الله تعالى أو أنكر وجوده كالدهريين أو أشرك معه ‏غيره أو نسب لله تعالى ما لا يليق بذاته العلية أو شبهه بالحوادث كطائفة المشبهة والمجسمة أو لم ‏ينزهه عن الحلول والمماسة كالحلولية أو عطل اسما من أسمائه أو صفة من صفاته كالمعطلة فهو ‏كافر وجميع الطوائف الضالة كالبهائية والقاديانية والإسماعيلية وغيرهم من الفرق المنحرفة.‏


وبالجملة كل من خالف عقيدة أهل السنة والجماعة وزاغ عن منهج الكتاب والسنة ، بتأويل فاسد ‏وشبه باطلة ، تؤدي إلى نقص في ذات الله تعالى أو صفاته أو أسمائه أو أفعاله ، فهو من قرناء ‏الشيطان وأئمة الكفر.‏


وكذلك يكفر من وصف الملائكة بغير ما أخبر الله تعالى عنهم كقول المشركين الملائكة بنات الله ‏تعالى ، أو أن جبريل عليه السلام أمين الوحي قد أخطأ في نزول الرسالة على رسول الله صلى الله ‏عليه وآله وسلم أو لم يؤمن بكتاب من الكتب المنزلة كالتوراة والإنجيل والزبور وأنها من عند الله ‏تعالى كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز وذلك بخلاف ما هو موجود الآن مما يزعمه اليهود ‏والنصارى كتبا مقدسة وهي محرفة ومبدلة ومنسوخة بالقرآن الكريم.‏


أو أنكر نبيا من الأنبياء المذكورين في القرآن المجيد وأن الله ختمهم بالرحمة الكبرى للعالمين ‏صلى الله عليه وآله وسلم وأن شريعته باقية خلود الزمن ناسخة لجميع الشرائع السابقة أو نسب إليهم ‏القبائح العظام وما يتنافى مع العصمة التي حفظهم الله بها أو غالى فيهم واعتقد أن لهم بعض الصفات ‏الإلهية ورفعهم عن مستوى العبودية لله تعالى.‏


وكذلك من لم يؤمن بالآخرة وما فيها من أمور غيبية صرح بها القرآن المجيد ، أو جاءت في ‏صريح السنة الصحيحة أو أنكر القضاء والقدر أو سلب الاختيار عن العبد وأنه مسير لا كسب له ، ‏كقول الجبرية أو القدرية أو الجهمية وغيرهم من الفرق الزائغة عن الحق.


وهناك أمور أخرى يكفر معتقدها وذلك مثل السجود للصنم اختيارا أو الاستهانة لما عظمه الدين ‏كالقرآن المجيد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشريعته الخالدة وفرائض الإسلام كالصلاة أو ‏الزكاة ، أو التلفظ بكلمة الكفر أو تكذيب آية من كتاب الله تعالى وكأحاديث الرسول صلى الله عليه ‏وآله وسلم المتواترة أو استحل حراما ثبتت حرمته بدليل قطعي كقتل النفس والزنا والسرقة ، لأن هذا ‏كله يتنافى مع الإذعان والتصديق والانقياد الإسلامي الواجب توافره ليكون المرء مؤمنا ومسلما.‏


فمن صـرح بشيء من هذه المعتقدات فيحكم عليه بالكفر الصريح ويصير مرتدا حلال الدم تقام ‏عليه حدود الإسلام التي ينفذها الحاكم الشرعي.‏" اهـ30

الشرك وأنواعه



"إن الشرك في الإسلام نوعان : الشرك الجلي والشرك الخفي .‏


فالشرك الجلي : هو اعتقاد شريك لله تعالى في بعض صفاته أو اتخاذ أرباب أو أنداد من دونه ‏تعالى يحرمون ويحللون أو العبادة لغير الله تعالى ، أو إسناد النفع والضر لغير الله تعالى فهذا كله ‏ارتداد عن دين الله تعالى : وخروج عن حظيرة الإسلام ، وكفر صريح يجر صاحبه إلى الخلود في ‏الجحيم الأبدي والشقاء الدائم في الدنيا والآخرة.‏


وأما الشرك الخفي : فهو الرياء وهو ضعف في الإيمان لا يخرج صاحبه عن الملة الإسلامية، ‏وإنما هو ذنب كبير يجب على صاحبه أن يتوب منه وأما الجلي فلا يغفر أبدا قال تعالى :‏{ إِنَّ اللَّهَ لا ‏يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ‏} سورة النساء ، آية : 48.‏


أي أن الله لا يغفر الإشراك به ويعفو عما دون الإشراك من الذنوب لمن يشاء من عباده.‏


قال سبحانه وتعالى : ‏{‏ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ‏} سورة النساء ، آية : 116‏


أي أن من يشرك بعبادة الله تعالى شيئا فقد تاه عن طريق الحق وبعد عن سبيل النجاة لأنه سفه ‏نفسه وأفسد عقله وذلك لأن الشرك ظلم وافتراء خطير .‏


قال الله تعالى : ‏{‏ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ‏} سورة لقمان ، آية : 13‏


أي واذكر إذ قال لقمان لابنه وهو يعظه : يا بني لا تشرك بالله أحدا في عبادته وطاعته وإن ‏الشرك بالله لظلم عظيم لأن المشرك يسوي بين المستحق للعبادة وغير المستحق ولذلك حرمه الله ‏تحريما شديدا وجعله أكبر الكبائر.‏


‏ قال تعالى :‏{ ‏ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ ‏تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون ‏} سورة الأعراف ، آية : 33‏


أي قل أيها الرسول : إنما حرم ربي الأمور العظيمة في القبح كالزنى سواء منها ما يرتكب سرا ‏وما يرتكب جهارا والمعصية أيا كان نوعها والظلم الذي ليس له وجه من الحق وحرم سبحانه أن ‏تشركوا به دون حجة صحيحة أو دليل قاطع وأن تفتروا عليه سبحانه بالكذب في التحليل والتحريم ‏وغيرهما.‏"اهـ22


الاجهر 29-12-2007 09:16 PM

حجة الله البالغة على المشركين



"بين الله تعالى سفاهة المشركين وفضحهم بإظهار فساد معتقداتهم الباطلة. قال تعالى : ‏{‏ أَيُشْرِكُونَ ‏مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ.وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ‏} سورة الأعراف ، آية : 191‏


أي هل يصح أن يشركوا مع الله أصناما لا تقدر أن تخلق شيئا من الأشياء ‏وهم مخلوقون لله تعالى ولا تستطيع أن تعين غيرها وتنصره فضلا عن أن تنصر نفسها.وقال ‏سبحانه وتعالى :‏{ ‏ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ‏السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ‏} سورة الأحقاف ، آية : 4‏


أي قل للذين يدعون غير الله: أخبروني عن حال ما تدعون من دون الله، أعلموني: أي شيء خلقوا ‏من الأرض أم لهم مشاركة في السموات ، ائتوني بكتاب من عند الله أو أثر من علم الأولين تستندون ‏إليه في دعواكم إن كنتم صادقين؟


ثم بين سبحانه عاقبة شركهم وإفكهم المبين يوم يجمعون للحساب.‏ قال الله تعالى :‏{ ‏ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ‏} سورة الأنعام ، آية : 22‏


أي واذكر لهم ما سيحصل يوم نجمع الخلق كلهم للحساب ثم نقول : توبيخا وتقريعا للذين عبدوا مع ‏الله غيره : أين الذين جعلتموهم شركاء لله لينفعوكم ويدفعوا عنكم عذاب الخزي والخلود في الشقاء ‏الأبدي.‏ فالشرك والعياذ بالله تعالى عاقبته أليمة في الدنيا والآخرة .‏


‏ قال الله تعالى:‏ {‏ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي ‏مَكَانٍ سَحِيقٍ ‏} سورة الحج ، آية : 31‏


أي أن من يشرك بالله تعالى فقد سقط في هوة الخسران الشديد وتنازعته الضلالات وعرض نفسه ‏لأقسى صورة من صور الهلاك وكان حاله حينئذ كحال الذي سقط من السماء فتمزق قطعا تخاطفتها ‏الطيور فلم يبق له أثر أو عصفت به الريح العاتية فشتت أجزاءه وهوت بكل جزء منه في مكان بعيد ‏‏.‏"اهـ34

كيف دخل الشرك جزيرة العرب؟



"إن العجب العجاب من هؤلاء الكفار المشركين أنهم رضوا بالألوهية للحجر ولم يرضوا بالنبوة ‏للبشر وقد كانت جزيرة العرب تعيش في ظل بقايا الحنيفية السمحة ملة سيدنا إبراهيم [ ] خليل الرحمن ‏ومن مظاهر ذلك تعظيم البيت الحرام وتقديسه واحترام شعائره والذود عنه والقيام بخدمته إلى أن دخل ‏الشرك وعبادة الأصنام، وكان أول من أدخل فيهم الشرك وحملهم على عبادة الأصنام عمرو بن لحى ‏بن فمعة جد خزاعة.‏


فقد روى ابن إسحاق عن محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع ‏أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لاكثم بن جون ‏الخزاعي:‏ ‏" يا أكثم رأيت عمرو بن لحى بن فمعة بن خندف يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل ‏منك به ولا بك منه " فقال أكثم : عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ قال : لا إنك مؤمن وهو كافر ‏، إنه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة ‏وحمى الحامي "‏ رواه البخاري ومسلم بألفاظ متقاربة


وروى ابن هشام كيفية إدخال عمرو بن لحى هذا عبادة الأصنام في العرب ، فقال : خرج عمرو ‏بن لحى من مكة إلى الشام في بعض أموره ، فلما قدم " مآب" من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق ‏‎–‎‏ ‏وهم ولد عملاق ، ويقال عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ‏‎–‎‏ رآهم يعبدون الأصنام ، فقال لهم : ما هذه ‏الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له : هذه أصنام نعبدها نستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا ‏، فقال لهم : أفلا تعطونني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه ، فأعطوه صنما يقال له " ‏هبل " فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه .‏


وهكذا انتشرت عبادة الأصنام في الجزيرة العربية وشاع في أهلها الشرك والجحود فانسلخوا بذلك ‏عما كانوا عليه من عقيدة التوحيد واستبدلوا بدين ابراهيم [] وإسماعيل [ ] غيره ووقعوا في ما وقعت فيه ‏الأمم الأخرى من الضلالات والقبائح في المعتقدات والأعمال وذلك إلى أن بعث الله تعالى رسوله ‏الخاتم صلوات الله وسلامه عليه بهذا الكتاب المعجز الخالد ليحرر العقول ويطهر القلوب من شوائب ‏الشرك وأدران الوثنية ويثبت جذور التوحيد وأصول الإيمان في أعماق النفوس وبواطن السرائر بأدلة ‏واضحة وآيات بينات إلى أن يأتي أمر الله تعالى ولذلك حذر من الشرك وارتكاب الموبقات.‏


فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات ‏، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال : الإشراك بالله والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ‏وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" رواه البخاري ‏ومسلم ‏." اهـ 1/35

الاجهر 29-12-2007 09:18 PM

الموحدون هم أولياء الرحمن



"أوضح صلوات الله وسلامه عليه في حجة الوداع صفات أولياء الله تعالى وأنهم يؤدون الفرائض ‏والأركان ويجتنبون الكبائر التي أعظمها الإشراك بالله تعالى .‏


فعن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة ‏الوداع: " إن أولياء الله المصلون ، ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبهن الله عليه ويصوم رمضان ‏ويحتسب صومه ويؤتي الزكاة محتسبا طيبة بها نفسه ، ويجتنب الكبائر التي نهى عنها ، فقال رجل ‏من أصحابه : يارسول الله وكم الكبائر؟ قال: تسع أعظمهن: الإشراك بالله، وقتل المؤمن بغير حق، ‏والفرار من الزحف ، وقذف المحصنة والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، وعقوق الوالدين ‏المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا ، لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر : ‏ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا رافق محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في بحبوحة جنة أبوابها ‏مصاريع الذهب "رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن ‏


فالشرك بالله تعالى الذي توعد الله صاحبه بالخلود في النار والحكم عليه بالكفران والجحود هو من ‏يجعل لله ندا أو شريكا في صفاته وأفعاله أو ينسب ‏إليه سبحانه ما لا يليق به أو يكذب بآياته ورسله .‏



الرياء من الشرك


وأما الشرك الخفي : فهو الرياء ، والتظاهر بالعمل لأجل الخلق وقد حذر منه النبي صلى الله ‏عليه وآله وسلم تحذيرا شديدا ، لأنه أخفى من دبيب النمل ، وقد يجر صاحبه إلى الشرك الأكبر ‏والعياذ بالله تعالى ، إن لم يتب منه ويسمى ، الشرك الأصغر ، أو شرك السرائر .‏


فعن ربيع بن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال : خرج علينا رسول الله ‏صلى الله عليه وآله وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال : ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي ‏من المسيح الدجال ؟ فقلنا بلى يارسول الله ، فقال:" الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلى فيزين ‏صلاته لما يرى من نظر رجل "‏ رواه ابن ماجه والبيهقي


فليحذر المؤمن من مراآت الخلق بعمله لأن ذلك من الشرك الخفي .‏


فعن شداد ابن أوس ‏‏ أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :" من صام يرائي فقد ‏أشرك ومن صلى يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك" رواه البيهقي


وإن المرائي بعمله يفضحه الله تعالى يوم القيامة ويوبخه على رؤوس الأشهاد مبينا له سوء قصده ‏وشركه في عمله الذي كان سببا في الخزي والحرمان من الأجر والثواب .‏


فعن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : "إن أخوف ما أخاف عليكم ‏الشرك الأصغر ، قالوا وما الشرك الأصغر يارسول الله ؟ قال : الرياء ، يقول الله عز وجل إذا جزى ‏الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " رواه أحمد ‏بإسناد جيد ، وابن أبي الدنيا والبيهقي


فالمؤمن الذي قوي إيمانه وصحت عقيدته وكمل توحيده يخلص عمله لله تعالى من الشرك الخفي ‏ويراقب نواياه ويحاسب نفسه عند كل أمر يقوم به ليرفع عمله إلى الله تعالى وتقبل حسناته ويخلص ‏من شوائب الشرك وموبقات الرياء.‏


ولما كان الشرك من أدق الأمور وأجلها خطرا فلابد أن يقف المؤمن على الأشياء التي توقع في ‏مزالق الشرك ليكون على بينة من دينه وبصيرة من أمر ربه عز وجل.‏" اهـ 1/36

بعض مزالق الشرك


"إن الشرك بالله تعالى محبط للأعمال كلها وموقع في غضب الله تعالى وانتقامه وموجب للعذاب ‏الأكبر والمصير المؤلم لذلك فإن المؤمن الصادق في توحيده لا يرى في الوجود فاعلا مؤثرا حقيقيا ‏إلا الله تعالى بل يرى الأسباب كلها مقهورة بأمر مسببها جل جلاله فلا يتحرك ولا يسكن شيء في ‏الوجود إلا بأمره ولا يصل إليه خير ولا يدفع عنه ضر إلا بتقديره تعالى وحده فالطعام لا يشبع إلا ‏بإذنه جل شأنه والماء لا يروى إلا بسره تعالى والدواء لا يشفي والنار لا تحرق والسكين لا تقطع إلا ‏بتقديره عز وجل وهكذا يشهد الله تعالى في كل شيء مع التنزيه الكامل والتقديس اللائق بكماله العلي.‏


أمور حذر منها الشرع


وإليك بعض الأمور التي حذر منها الشرع الشريف وبينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنها ‏محل الشرك والضلال وذلك مثل الحلف بملة غير الإسلام ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه ‏قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال " ‏‏ رواه البخاري ومسلم ‏


أي أقسم بدين غير الإسلام فظاهره أن يكفر بذلك وهو كذلك إن قصد الرضى بما قاله معتقدا ‏بطلان دين الإسلام وإلا بأن قصد إبعاد نفسه عن الفعل أو أطلق ، فلا يكفر لكنه ارتكب إثما كبيرا ‏يجره إلى الشرك إن لم يتب ‏إلى الله تعالى توبة نصوحا .‏


فعن بريدة ‏‏ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:‏ ‏" من حلف قال إني برىء من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى ‏الإسلام سالما " ‏رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم


وكذلك من يقول بأنه يهودي أو نصراني : فقد روى ابن ماجه من حديث أنس ‏‏ قال: سمع ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقول أنا إذا يهودي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ‏وسلم " وجبت "‏


قال السندي في حاشيته على البخاري كأن يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني فيرضى ‏لنفسه هذه الملة التي جاء الإسلام فنسخها وبدلها بالملة السمحاء الحنيفية ، وكذلك الحلف بغير الله ‏تعالى.‏
فقد روى ابن ماجه من حديث بريدة قال : سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يحلف بأبيه ‏فقال : " لا تحلفوا بآبائكم ، من حلف بالله فليصدق ومن حلف له بالله فليرض ومن لم يرض بالله فليس ‏من الله "‏


وعن بريدة ‏‏ أنه سمع رجلا يقول: لا والكعبة فقال ابن عمر لا يحلف بغير الله فإني سمعت ‏رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك " ‏رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه


وفي رواية للحاكم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : " كل يمين يحلف بها دون ‏الله شرك "‏


أي من أقسم بغير الله معظما له كتعظيم الله تعالى فقد جعل لله شريكا وقد خرج من الإسلام وقد ‏جحد نعمة الله وأنكر فضله.‏


قال المناوي : أي فعل فعل أهل الشرك وتشبه بهم إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله ‏، فقد أشرك غير الله في تعظيمه وقال الحفني : أي فقد فعل مثل فعل المشركين لأنهم كانوا يحلفون ‏بأسماء آلهتهم ، فلا يجوز الحلف بغير الله تعالى.‏


ولكن عند الإمام أحمد بن حنبل وأكثر أصحابه يجوز الحلف بنينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ‏فقد جاء في الموسوعة الفقهية بدولة الكويت (1) " لاخلاف بين الفقهاء في أن الحلف بغير الله تعالى لا ‏ تجب بالحنث فيه كفارة ، إلا ما روي عن أكثر الحنابلة من وجوب الكفارة على من حنث في ‏الحلف برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أحد شطري الشهادتين اللتين يصير بهما الكافر ‏مسلما ، وعن بعضهم : أن الحلف بسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تجب بالحنث فيه الكفارة ‏أيضا. ‏‏(1) الجزء السابع ص 265‏


وقد جاء في فتح الباري قال العلماء : السر في النهي عن الحلف بغير الله تعالى أن الحلف بالشيء ‏يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.‏


فإن اعتقد في المحلوف به من التعظيم ما يعتقده في الله كان بذلك الاعتقاد كافـرا وعليه يتنزل ‏الحديث المذكور. وأما إذا حلف بغير الله غير معتقد في ‏المحلوف به ذلك فلا يكفر بذلك ويحرم الحلف به ولا تنعقد يمينه.‏


قال الماوردي : لا يجوز لأحد أن يحلف أحدا بغير الله لا بطلاق ولا عتاق ولا نذر ، وإذا حلف ‏الحاكم أحدا بشيء من ذلك وجب عزله لجهله.‏" اهـ 1/38


الاجهر 29-12-2007 09:21 PM

إسناد المطر إلى الأنواء وسب الدهر


"وكذلك القول مطرنا بنوء كذا ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن عتبة بن زيد بن خالد الجهني قال : ‏صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر السماء كانت من الليل ‏فلما انصرف أقبل على الناس فقال : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : ‏قال: أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر ‏بالكواكب وأما من قال : مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ".‏ رواه مسلم


والأنواء هي الكواكب وأوضاع أبراج السماء ونجومها وتغيرها كل شهر وموسم وكان العرب ‏وغيرهم ينسبون لها نزول الأمطار وخروج الزرع، وما هي إلا قرائن وعلامات لحساب أوان احتمال ‏المطر والله المنزل له .‏


قال النووي : النوء من ناء إذا سقط وغاب.‏


وقيل : نهض وطلع وعرف ذلك بثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها ، ‏وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة منها نجم في المغرب ‏مع طلوع الفجر ، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعة ، وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك ‏مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منها .‏


قال الأصمعي : إلى الطالع منها.‏


فقوله صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الله تعالى ـ " مؤمن بي " لأنه نسب الفعل إلى فاعله الذي ‏
لايقدر عليه غيره لأنه قال : مطرنا بفضل الله ورحمته وقوله : كافر بي " إذا اعتقد أن للنوء تأثيرا ‏في نزول المطر من دون الله تعالى فهذا كفر لأنه شرك في الربوبية والمشرك كافر وإن لم يعتقد لها ‏تأثيرا فلا يكفر.‏



ســـــب الدهـــــر


وليحذر المؤمن أيضا من سب الدهر .‏


فعن أبي هريرة ‏‏ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى : " يسب بنو ‏آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار " ‏


وفي رواية : أقلب ليله ونهاره وإذا شئت قبضتهما " رواه البخاري ومسلم وغيرهما ‏


وفي رواه لمسلم " لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر " ‏


قال الحافظ : معنى الحديث أن العرب كانت إذا أنزلت بأحدهم نازلة وأصابته مصيبة أو مكروه ‏يسب الدهر اعتقادا منهم أن الذي أصابه فعل الدهر، فكان هذا كاللعن للفاعل ولا فاعل لكل شيء إلا ‏الله تعالى.‏


فمن سب الدهر قاصدا من يصرف حوادث الدهر فقد أشرك لأنه لا يملك تقلبات الدهر إلا الله ‏تعالى ، ومن سب الله تعالى فقد كفر ، وإن لم يكن قاصدا ذلك بل هو متسخط على أحوال الأيام ‏والليالي فقد أخطأ خطأ كبيرا يجب أن يقلع عنه لأن ذلك يتنافى والرضا بالقضاء والقدر والتسليم ‏لشؤون الله تعالى في خلقه .‏" اهـ 1/38 ‏


وصل الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه و صلى وسلم على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون صلاةً وتسليماً دائمين متلازمين مع البركات

والحمد لله رب العالمين

الاجهر 29-12-2007 09:36 PM

الاخ عبدالطيف
اشكر مرورك

الاجهر 29-12-2007 09:37 PM

الاخت طيف المشاعر اشكر مروركم وتقبل الله دعواتكم

سعد البويدي 30-12-2007 08:01 PM

اخوي الاجهر

الله يعطيك العافيه

وجزاك الف خير


ودمت بخير

161970 31-12-2007 04:18 AM

هذه القصة واهية وسندها غريب من حديث دراج عن أبي الهيثم.
 
إقتباس:

اقتباس من مشاركة الاجهر (المشاركة 282863)
معنى الإيمان والإسلام شرعا

فينبغي للمؤمن أن يكثر من ذكر شهادة التوحيد التي هي كلمة التقوى وأن يدعو بها ربه صادقا ‏مخلصا ملتزما بما تقتضيه معانيها وهي لا إله إلا الله لما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ‏عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " قال موسى : يارب علمني شيئا أذكرك وأدعوك به؟ ‏قال : قل يا موسى لا إله إلا الله، قال : يارب كل عبادك يقولون هذا؟ قال : يا موسى لو أن السموات ‏السبع وعامرهن ‏‎–‎‏ غيري ‏‎–‎‏ والأراضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله "‏ رواه ابن حبان والحاكم وصححه



قصة سؤال موسى عليه السلام ربه شيئاً يذكره به
الشيخ / علي حشيش
الحلقة الرابعة والستون


نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الخطباء والوعاظ والقُصَّاص.

أولاً: متن القصة:


رُوِي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال موسى عليه السلام: يا رب علمني شيئًا أذكرك به وأدعوك به؟ قال: قل يا موسى: لا إله إلا الله. قال: كل عبادك يقول هذا. قال تعالى: قل لا إله إلا الله، قال موسى: لا إله إلا أنت إنما أريد شيئًا تخصني به، قال تعالى: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله".

ثانيًا: التخريج:


هذه القصة أخرجها الإمام النسائي في "السنن الكبرى" (6-209) (ح10670)، وأبو يعلى في "المسند" (2-528) ح(1393)، وابن حبان ح(2324- موارد)، والحاكم في "المستدرك" (1-528)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص164)، والطبراني في الدعاء ح(148)، وأبو نعيم في "الحلية" (8-327) كلهم من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به مرفوعًا.

ثالثًا: التحقيق:


هذه القصة واهية وسندها غريب من حديث دراج عن أبي الهيثم.
أ- فقد أوردها الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (3-180) وقال:
1- دراج بن سمعان يقال اسمه عبد الرحمن، ودراج لقب، أبو السمح القرشي السهمي مولاهم المصري القاصُّّ.
2- قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "حديثه منكر".
3- وقال فضلك الرازي: "ليس بثقة ولا كرامة".
4- وقال الدارقطني: "ضعيف". وقال في موضع آخر: "متروك".
5- وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال في موضع آخر: "منكر الحديث".
ب- وأوردها الإمام ابن عدي في "الكامل" (3-112) (25-647) وقال:
1- سمعت ابن حماد يقول: دراج أبو السمح منكر الحديث. قاله أحمد بن شعيب النسائي.
2- حدثنا ابن أبي عصمة، قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "أحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف".
3- ثم ساق له ابن عدي أحاديث وقال: "عامة هذه الأحاديث مما لا يتابع دراج عليه".
قلت: وأحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد غير مستقيمة. قاله الآجري عن أبي داود. كذا في "التهذيب" (3-181)، وهذه القصة منها، ولقد بيّن الإمام الذهبي في "الميزان" (2-24-2667) أنه كان قصاصًا، قال ابن يونس: كان يقص بمصر، مات سنة ست وعشرين ومائة، ثم أقرّ الإمام الذهبي أقوال الأئمة التي أوردناها آنفًا في دراج بأنه "منكر الحديث" خاصة في روايته عن أبي الهيثم عن أبي سعيد، وبين أن لابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج نسخة عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعًا ثم أورد أحاديث منكرة منها. وبهذا السند جاءت القصة فهي واهية منكرة.
ج- ولقد أورد هذه القصة الشيخ الألباني رحمه الله في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1-460) (ح923) وبين علتها وضعفها.

رابعًا: دلائل نكارة المتن:


لقد بينا من التحقيق أن الحديث الذي جاءت به القصة منكر ودلائل النكارة ظاهرة على المتن.
1- من قوله: "عامرهن غيري" حيث أثبت حلول الله في السماء وهذا لا يقوله أحد من أهل السنة أن الله من عمار السماء ولا يتوهم الحلول من قوله تعالى: ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) {الملك: 16}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (3-52): "وكذلك قوله تعالى: ( أأمنتم من في السماء ).
من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السماوات فهو جاهل ضال بالاتفاق.
ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله: إنه (في السماء) أنه في العلو، وأنه فوق كل شيء.
وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك: كان المراد أنه عليها، كما قال: ( ولأصلبنكم في جذوع النخل)، وكما قال: ( فسيروا في الأرض ) وكما قال: (فسيحوا في الأرض). أه.
قلت: وهذا البيان نقله الدكتور محمد خليل هراس في "شرح العقيدة الواسطية" طبعة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ص(64، 83) حيث قال: "ولا يجوز أن يفهم من قوله في السماء أن السماء ظرف حاوٍ له سبحانه بل إن أريد بالسماء هذه المعروفة (ففي) بمعنى (على) كما في قوله تعالى: (ولأصلبنكم في جذوع النخل) {طه: 71}، وإن أريد بها جهة العلو (ففي) على حقيقتها فإنه سبحانه في أعلى العلو".
2- ومن دلائل نكارة رواية دراج عن أبي الهيثم، مراجعة موسى ربه مرتين، وردُّه الذكر بكلمة التوحيد مرتين، بدعوى أنه يريد شيئًا يخصه به غير كلمة التوحيد، وكأن موسى عليه السلام لا يعرف مقدار فضل هذه الكلمة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها أفضل جميع شعب الإيمان كما في صحيح مسلم (ح58) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
وكذا البخاري واللفظ لمسلم كما هو مبين، وحمى الله موسى عليه السلام من هذه القصص المنكرة، فالمرسلون جميعًا أعلم الناس بفضل لا إله إلا الله، قال تعالى: ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) {الأنبياء: 25}.
بل موسى عليه السلام في بدء الوحي قال له رب العزة: (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى (13) إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) {طه: 13، 14}.
وبدء الوحي بهذا في غاية التناسب لأن موسى عليه السلام ذاهب إلى فرعون الذي قال عنه رب العزة: (وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري) {القصص: 38}.
فمن كان هذا شأنه فهو عالم بفضلها ومعناها، وعامل بمقتضاها.

خامسًا: بدائل صحيحة


هناك العديد من الأحاديث والقصص الصحيحة التي تبين فضل لا إله إلا الله بعيدة عن هذه المنكرات مؤدية هذا المعنى في غاية الوضوح، وهو أنَّ اسم الله لا يثقل معه شيء، فعلى سبيل المثال لا الحصر حديث البطاقة الذي أخرجه الترمذي في "السنن" (ح2639)، وابن ماجه في "السنن" ح(4300)، والحاكم في "المستدرك" (1-6، 529)، وأحمد في "المسند" (2-213) من طريق الليث بن سعد عن عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئًا، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر، فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: إنك لا تُظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيء".
http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=177192
مع تحيات
النومس العنزي


الساعة الآن +4: 10:32 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
هذا المنتدى يعمل على نسخة في بي بلص